الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
حكم استخدام حليب الأنابيب
حكم استخدام أنابيب الحليب جارٍ على الإباحة؛ كما هي في أصل الأشياء؛ لعموم قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [سورة البقرة: 29]، وما أخبر الله بذلك إلا لأن الأرض وجميع ما فيها لبني آدم منافع سوى ما ورد في الشرع المنع منه لضرره
(1)
، وأنابيب الحليب من خلقه.
المطلب الرابع
أثر استخدام حليب الأنابيب في انتشار المحرمية
ينبغي لبيان أثر استخدام حليب الأنابيب في انتشار المحرمية الإتيان على المسائل الآتية:
المسألة الأولى: أثر السعوط
(2)
والوجور
(3)
في الرضاع
.
صورة المسألة: إذا أرضع الصبي بحليب الآدمية بصبه في أنفه أو فمه، فقد اختلف الفقهاء في أثر هذا السَّعُوط والوَجُور على ثبوت التحريم به، وجملة أقوالهم هي:
القول الأول: السعوط والوجور يحرمان كما يحرم الرضاع.
وبه قال الشعبي
(4)
، والثوري
(5)
، والحنفية
(6)
، والمالكية
(7)
، والشافعية على المذهب
(8)
، وأصح الروايتين عن أحمد
(9)
وعليها أكثر الأصحاب
(10)
، على أنَّ بعض المالكية - كابن
(1)
ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (1/ 453). ابن سعدي: القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة، ضمن مجموع مؤلفات السعدي (7/ 78).
(2)
المراد بالسعوط هنا: صب اللبن في الأنف من إناء أو غيره، فيدخل حلقه. ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 393). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 87). ابن فارس: المصدر السابق، (ص 407). الفيومي: المصدر السابق، (ص 167).
(3)
المراد بالوَجور هنا: صب اللبن في الحلق من غير الثدي، وقيل: وسط الفم، وأما اللدود فهو في أحد جانبيه. ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 393). القرافي: المصدر السابق، (4/ 274). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 87). ابن فارس: المصدر السابق، (ص 947). الفيومي: المصدر السابق، (ص 385).
(المصباح)
(4)
ينظر: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 297). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204). ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10، 24). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 236).
(5)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة (24/ 236).
(6)
الجصاص: المصدر السابق، (5/ 273). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 393، 414).
(7)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 274). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 575).
(8)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 76، 83). النووي: المصدر السابق، (9/ 6).
(9)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 236). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 237 - 238).
(10)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 236 - 237).
حبيب - صرح بأن السعوط يحرِّم ولو لم يُعلم وصوله إلى الجوف
(1)
، في حين إن النووي اشترط وصول الوجور إلى المعدة إذا أوجر في حلقه، ووصول السعوط إلى الدماغ إذا صب في أنفه.
(2)
القول الثاني: الوجور يحرم، دون السعوط؛ فلا يحرم.
وهو ما نسب إلى عطاء
(3)
، ومالك
(4)
، وبه قال بعض المالكية؛ كابن القاسم
(5)
، وهو قول عند الشافعية
(6)
.
القول الثالث: السعوط والوجور لا يثبت بهما التحريم.
وهو إحدى الروايتين عن أحمد
(7)
، واختيار أبي بكر
(8)
، ومذهب داود
(9)
، وابن حزم
(10)
(1)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 274).
(2)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 6). وهم يعدون معنى الجوف إلى الرأس. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 76، 83). لكن التشريح الطبي الحديث أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن ما يدخل إلى الأنف يلتقي مع ما يدخل من الفم عند البلعوم في طريقهما إلى الجهاز الهضمي؛ من دون أن يدخل على الدماغ شيء؛ لأن جدارًا يحول دون الوصول إليه ا. هـ أفدته من حوار شفوي جرى مع الصيدلي زيد العشبان.
(3)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9 - 10)؛ من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج؛ قال: أرسلت إلى عطاء أسأله عن سعوط اللبن للصغير وكحله به؛ أيحرم؟ قال: ما سمعت أنه يحرم. ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237).
(4)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 236).
(5)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 275).
(6)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 6).
(7)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 236). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 87).
(8)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 236).
(9)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9 - 10). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237).
(10)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
- الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1 -
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الرضاعة من المجاعة" متفق عليه
(1)
، وقوله في حديث ابن مسعود:"الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم"
(2)
، وهذا المعنى يحصل بالسعوط والوجور؛ لأن السعوط يحصل إلى الدماغ وينزل إلى الجوف؛ فيغذي ويسد الجوعة، ومدار الحكم على وصول اللبن إلى الجوف، والوجور يصل إلى الجوف فيغذي
(3)
.
2 -
إن هذا يصل به اللبن إلى حيث يصل بالارتضاع ويطرد الجوع، ويحصل به من إنبات اللحم وإنشاز العظم ما يحصل من الارتضاع، فيجب أن يساويه في التحريم، والأنف سبيل الفطر للصائم، فكان سبيلًا للتحريم؛ كالرضاع بالفم.
(4)
ونوقش بما يأتي: أ- إن المعنى الذي ذكرتم لا يوجد في السعوط؛ لأنه لا يرفع به شيء من الجوع.
(5)
وأجيب عنه: بعدم التسليم؛ بل هو يدفع الجوع.
(6)
(1)
تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.
(2)
تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(3)
ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 273). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 414). القرافي: المصدر السابق، (4/ 275). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 87). لكن التشريح الطبي الحديث أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن ما يدخل إلى الأنف يلتقي مع ما يدخل من الفم عند البلعوم في طريقهما إلى الجهاز الهضمي؛ من دون أن يدخل على الدماغ شيء؛ لأن جدارًا يحول دون الوصول إليه ا. هـ أفدته من حوار شفوي جرى مع الصيدلي زيد العشبان.
(4)
ينظر: ابن حجر: المصدر السابق، (11/ 386). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237). ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
(5)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
(6)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
ونوقش الجواب: بأن حظ السعوط من ذلك كحظ الكحل والتقطير في العين باللبن سواء بسواء؛ لأن كل ذلك واصل إلى الحلق ثم إلى الجوف؛ فلم فرقتم بين الكَحل به وبين السعوط به؟ هذا وأنتم تقولون
(1)
: إن من قطر شيئًا من الأدهان في أذنه وهو صائم فإنه يفطر، وكذلك إن احتقن؛ فإن كان ذلك يصل إلى الجوف؛ فهم لَا يحرمون بما يصل إليه من اللبن بالحقن أو الاكتحال شيئًا، وإن كان لا يصل إلى الجوف فلم فطرتم به الصائم؟ وهذا تلاعب لا خفاء به.
(2)
ولم قلتم
(3)
: إن جُعل لبن المرأة في طعام وطبخ، وغاب اللبن أو صب في ماء، فكان الماء هو الغالب، فسقي الصغير ذلك الماء أو أطعم ذلك الطعام؛ لم يقع به التحريم.
وأيضًا فإنهم
(4)
يحرمون بالنقطة تصل إلى جوفه، وهي لا تدفع عندهم شيئًا من المجاعة؛ فظهر خلافهم للخبر الذي موّهوا بأنهم يحتجون به.
(5)
ب - إنكم قلتم
(6)
: لا يحرم الكحل للصبي باللبن، ولا صبُّه في العين أو الأذن، ولا الحقنة به، ولا مداواة الجائفة به، ولا المأمومة به، ولا تقطيره في الإحليل.
وقلتم: لو طبخ طعام بلبن امرأة حتى صار مرقة نضجة، وكان اللبن ظاهرًا فيها غالبًا عليها بلونه وطعمه، فأُطعمه صغير لم يحرم ذلك عليه نكاح التي اللبن منها، ولا نكاح بناتها، وكذلك لو ثرد له خبز في لبن امرأة، فأكله كله؛ لم يقع بذلك تحريم أصلًا، فقولكم: السعوط والوجور يحرمان كتحريم الرضاع؛ تناقض منكم في هذا.
(7)
ج - إن هذا الخبر حجة لنا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام إنما حرم بالرضاعة التي تقابل بها المجاعة، ولم يحرم بغيرها شيئًا؛ فلا يقع تحريم بما قوبلت به المجاعة من أكل أو
(1)
يريد أبا حنيفة وأصحابَه.
(2)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
(3)
يريد مالكًا.
(4)
يريد المالكية.
(5)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 11).
(6)
يريد أبا حنيفة وأصحابَه.
(7)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 10).
شرب أو وجور أو غير ذلك؛ إلا أن يكون رضاعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة: 229].
(1)
3 -
ما روى سالم بن أبي الجعد مولى الأشجعي؛ أن أباه أخبره أنه سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ فقال: إني أردت أن أتزوج امرأة؛ قد سقتني من لبنها وأنا كبير؛ تداويت؟ فقال له علي: لا تنكحها، ونهاه عنها. وكان علي بن أبي طالب يقول: إن سقته امرأته من لبن سريته، أو سقته سريته من لبن امرأته لتحرمها عليه؛ فلا يحرمها ذلك.
(2)
ونوقش بما يأتي: أ- هذا عليهم لا لهم؛ لأن فيه رضاع الكبير والتحريم به، وهم لا يقولون بذلك، وفيه أن رضاع الضرائر لا يحرم عند علي، وهم لا يقولون بهذا.
(3)
أدلة القول الثاني: تقدم الاستدلال على تعلق التحريم باللبن وجورًا أثناء إيراد أدلة القول الأول، واستدلوا على أن السعوط لا ينشر المحرمية بما يأتي:
1 -
إن مرور اللبن في الدماغ كمروره على سطح الجسم؛ لا يحصل غذاء، ولو وصل للجوف وكان مستهلكًا.
(4)
أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1 -
إن هذا ليس برضاع، وإنما حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالرضاع
(5)
، وهو ما مص من الثدي.
(6)
2 -
إنه حصل من غير ارتضاع، فأشبه ما لو دخل من جرح في بدنه.
(7)
(1)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 11).
(2)
ينظر: عبد الرزاق: (7/ 461)، برقم (13888)؛ من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم، عن مجاهد، وسالم؛ به، ومن طريقه معلقًا على عبد الرزاق: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 11).
(3)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 11).
(4)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 275). لكن التشريح الطبي الحديث أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن ما يدخل إلى الأنف يلتقي مع ما يدخل من الفم عند البلعوم في طريقهما إلى الجهاز الهضمي؛ من دون أن يدخل على الدماغ شيء؛ لأن جدارًا يحول دون الوصول إليه ا. هـ أفدته من حوار شفوي جرى مع الصيدلي زيد العشبان.
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237).
(6)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(7)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 313). شمس الدين ابن قدامة (24/ 237).
3 -
إنه لا يسمى إرضاعًا إلا ما وضعته المرأة المرضعة من ثديها في فم الرضيع؛ يقال: أرضعته ترضعه إرضاعًا، ولا يسمى رضاعة، ولا إرضاعًا إلا أخذُ المرضع أو الرضيع بفيه الثديَ وامتصاصُه إياه؛ تقول: رضع يرضع رضاعًا ورضاعة، وأما كل ما عدا ذلك؛ فلا يسمى شيء منه إرضاعًا، ولا رضاعة ولا رضاعًا؛ إنما هو حلب وطعام وسقاء، وشرب وأكل وبلع، وحقنة وسعوط وتقطير، ولم يحرم الله عز وجل بهذا شيئًا.
(1)
ونوقش بما يأتي: أ- إنكم قستم ذلك على الرضاع والإرضاع.
(2)
وأجيب عنه: بأن القياس كله باطل، ولو كان القياس حقًّا لكان هذا منه عين الباطل، وبالضرورة يدري كل ذي فهم أن الرضاع من شاة يشبه الرضاع من امرأة؛ لأنهما جميعًا رضاع، والرضاع من الشاة يشبه الرضاع من المرأة أكثر من الرضاع بالحقنة، ومن الرضاع بالسعوط، وأنتم لا تحرمون بغير النساء؛ فلاح تناقضهم في قياسهم الفاسد، وشرعهم بذلك ما لم يأذن به الله عز وجل.
(3)
ويمكن أن يناقش الجواب: بقول الله تعالى {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: 23]، وغير بني آدم لا يصير لبني آدم أمًّا، ولا أخًا في الجنس، فضلًا عن الرضاعة.
ب - إن قولكم هذا مخالف لما دلت عليه نصوص الشريعة التي تعتبر ما فتق الأمعاء من الألبان محرِّمًا؛ في مثل المرويات الآتية: "إنما الرضاع ما فتق الأمعاء" رواه أصحاب السنن
(4)
، "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه
(5)
، وهذا يوجد في اللبن الواصل إلى الجوف؛ صبًّا في الحلق أو الأنف، أو التقامًا للثدي، أو غير ذلك، ولعل رضاع سالم - كما في صحيح مسلم
(6)
- كان هكذا.
(7)
(1)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(2)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(3)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).
(4)
تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(5)
تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.
(6)
سيأتي تخريجه في المسألة السادسة من هذا المطلب.
(7)
ينظر: المازري: الصدر السابق، (2/ 110). القاضي عياض: المصدر السابق، (4/ 640).
كما يمكن أن يناقش دليلهم بما يأتي: ج- إن هذا تخصيص للحكم الشرعي بالعرف اللغوي، والعرف الشرعي يقدم عليه إذا تعارض معه.
- الترجيح: الراجح ثبوت التحريم من الحليب الذي يوجر به الرضيع أو يسعط، وذلك؛ لعموم النصوص المثبتة للتحريم من لبن الآدمية، ولأن حليب الآدمية إذا وصل إلى الجوف بأي طريق فقد تحقق معنى الغذاء الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم، وهذا المعنى هو الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وكما يصل الحليب بطريق الفم فهو يصل بطريق الأنف؛ لأن الأنف منفذ من منافذ الجهاز الهضمي، وأما الاعتقاد باتصال الأنف بالدماغ؛ فقد ثبت في الطب الحديث أنه لا علاقة بين الأنف والدماغ، وأن جدارًا يحول دون ذلك
(1)
.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:
1 -
لو أرضعت امرأة صبيًّا أربع رضعات، ثم حلب منها لبن، ثم ماتت، فأوجره الصبي بعد موتها؛ كان ابنها، وهو ماصرح به الشافعي
(2)
، ومقتضى قول الجمهور، خلافًا لابن حزم.
2 -
إذا تغذى الرضيع من حليب الآدمية بطريق الأنابيب التي تدخل من طريق الأنف أو الفم؛ ثبت بها التحريم في قول الجمهور، ولم يثبت بها التحريم مطلقًا؛ في قول ابن حزم، ولم يثبت التحريم بما كان من طريق الأنف فيما نسب إلى عطاء ومالك، وبعض المالكية والشافعية.
- سبب الخلاف: يعود سبب الخلاف في هذه المسألة إلى ما يأتي:
1 -
الاحتجاج بالقياس الخفي.
فمن احتج به - وهم الجمهور -؛ عدَّى الحرمة إلى كل لبن آدمية يتوافق مع التقام الثدي في تقوية العظم وإنبات اللحم، ومنه التوجير والتسعيط.
ومن خالف في هذا من الظاهرية؛ لم يعتبر في الحرمة بغير التقام الثدي والمص المباشر.
(3)
(1)
د. عبد المجيد الشاعر: المصدر السابق، (ص 107).
(2)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 89).
(3)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 9).