الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السفر علة كافية في الترخص ولو لم تتوافر حكمة المشقة، ولو توافرت المشقة للحاضر؛ لم يقصر الصلاة؛ لأن علة السفر غير موجودة وإن وجدت حكمة المشقة.
أجيب: بعدم التسليم لكون الحولين علةَ التحريم في باب الرضاع، وكل ما جاء في التقدير بالحولين لا يخلو من أن يكون أمرًا على المولود لها بالرضاع فيهما، أو أن يكون ضعيفًا في سنده
(1)
.
والعلة التي دل عليها الدليل الشرعي الصحيح ثم النظر العقلي الصريح هي سد جوعة الرضيع
(2)
، وذلك ما يورث عظام الرضيع اشتدادًا وقوة، وينبت لحمه
(3)
، ويبقي عليه مهجته؛ لأنه يتعيش عليه فقط.
ولا ترد هذه المسألة على أصل أبي حنيفة
(4)
، ومالك
(5)
، وغيرهما
(6)
؛ ممن يكون عنده قليل الرضاع ككثيره في التحريم، ولا على أصل من يسقط اعتبار المدد في التحريم الرضاعي، وهو ما روي عن طائفة من الصحابة
(7)
، والتابعين
(8)
، ومذهب الظاهرية
(9)
.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:
1 -
لو ارتضع بعد الحولين بساعة؛ لم يحرم في مقتضى مذهب الحنابلة، وبه قال أبو الخطاب
(10)
، وهو مفهوم قول الشافعي وأصحابه.
2 -
لو شرع في الرضعة الخامسة، فحال الحول قبل كمالها؛ لم يثبت التحريم فيما قال به القاضي أبو يعلى الحنبلي
(11)
، خلافًا لغيره من الحنابلة
(12)
، وخلافًا للشافعي وأصحابه في مفهوم قولهم.
3 -
لو توبع رضاع صبي؛ فلم يفصل ثلاثة أحوال أو حولين أو ستة أشهر بعد الحولين أو أقل أو أكثر، فأرضع بعد الحولين؛ لم يحرم الرضاع شيئًا في مذهب الشافعي، وكان بمنزلة الطعام والشراب
(13)
، وهو ظاهر مذهب الحنابلة.
4 -
لو أرضع في الحولين أربع رضعات، وبعد الحولين الخامسة وأكثر؛ لم يحرم، ولا يحرم من الرضاع إلا ما تم خمس رضعات في الحولين، وذلك ما صرح به الشافعي فيما ذهب إليه
(14)
، وهو ظاهر مذهب الحنابلة.
المسألة الخامسة: الشك في عدد الرضعات
.
صورة المسألة: إذا تُيُقِّنَ من وقوع الرضاع وشُكَّ في عدده؛ هل أرضعته خمسًا، أو دونها؟ فهل ثمة تحريم؟
لا ترد هذه المسألة على أصل أبي حنيفة
(15)
، ومالك
(16)
، وغيرهما
(17)
؛ ممن يكون عنده قليل الرضاع ككثيره في التحريم بالرضاع، لكن الفقهاء الذين يشترطون عددًا مجزئًا
(1)
ينظر في تخريج أحاديث الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.
(2)
تقدم قريبًا ما روي مرفوعًا: "إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه.
(3)
وفي ذلك روي من المرفوعات: "إنما الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم"، وينظر في تخريجها: الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.
(4)
ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 399). الميداني: المصدر السابق، (4/ 75).
(5)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 274).
(6)
ينظر: الترمذي: المصدر السابق، (2/ 444). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 571).
(7)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24 - 25) القرطبي: المصدر السابق، (3/ 163). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227، 228). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).
(8)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 25). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 163). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).
(9)
ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).
(10)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
(11)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
(12)
وعللوا لذلك بأن ما وجد من الرضعة في الحولين كاف في التحريم؛ بدليل ما لو انفصل مما بعده؛ فلا ينبغي أن يسقط حكم بإيصال ما لا أثر له به. ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
(13)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 83).
(14)
المصدر السابق.
(15)
ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 399). الميداني: المصدر السابق، (4/ 75).
(16)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 274).
(17)
ينظر: الترمذي: المصدر السابق، (2/ 444). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 571).
لإثبات التحريم قرروا أنه لا يثبت بالشك تحريم، وأن بناء الحكم في ذلك على اليقين، وهو عدم الرضاع
(1)
، وجعل بعضهم الشك في الارتضاع من الشبهات، وقرر أن تركه أولى
(2)
، واستدلوا لذلك بما يأتي:
1 -
إن المحرمية لا تثبت بالشك، وليس ثم يقين على أنها أمّ.
(3)
2 -
إن الأصل عدم الرضاع؛ فلا نزول عن اليقين بالشك.
(4)
3 -
كما لو شك في وجود الطلاق وعدده.
(5)
كما استدل من جعل الشك من الشبهات التي تركها أولى بما يأتي:
1 -
ما روي مرفوعًا: "من اتقى الشبهات؛ استبرأ لدينه وعرضه".
(6)
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في فروع، منها:
1 -
لو نكح رجل امرأة شك أن تكون أرضعته خمس رضعات، أو نكح أحدًا من بناتها؛ لم ينفسخ النكاح.
(7)
2 -
إن شكت المرضعة في كمال الرضاع في الحولين، ولا بينة؛ فلا تحريم
(8)
.
(1)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 88). النووي: المصدر السابق، (9/ 9). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 272). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 272). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 102 - 103).
(2)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 103).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 88).
(4)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312).
(6)
ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - باب فضل من استبرأ لدينه - 1/ 226، كتاب البيوع - باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبَّهات، 3/ 155)، برقم (52، 2060)؛ من طريق أبي نعيم، عن زكرياء، عن عامر، عن النعمان بن بشير؛ به مرفوعًا، ولفظه:"فمن اتقى المشبَّهات استبرأ لدينه وعرضه"، ومن طرق أخرى؛ بلفظ:"فمن ترك ما شُبِّه عليه من الإثم؛ كان لما استبان أترَك". مسلم: المصدر السابق، (كتاب البيوع - باب أخذ الحلال البين وترك الشبهات - 4/ 295)، برقم (1637)؛ من طريق محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، عن أبيه، عن زكرياء، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير؛ به مرفوعًا، بلفظ المتن. وينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 103).
(7)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 88).
(8)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 103).