الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني عشر
الحليب المعالج بالأشعة
المطلب الأول
حقيقة الحليب المعالج بالأشعة
بدأت فكرة تقنية تشعيع الغذاء قد بدأت منذ أكثر من ستين عامًا، ومرت بتجارب بحثية ودراسات مستفيضة لم تحظ بها أي طريقة من طرق حفظ الأغذية، وظلت الدول العربية طيلت الفترة السابقة تتابع باهتمام جميع المستجدات المتعلقة باستخدام هذه التقنية، خاصةً مع تنامي استخدامها على المستوى الدولي؛ حيث أصبحت في الوقت الحالي مستخدمة في أكثر من أربعين بلدًا في العالم.
ويقصد باستخدام تقنية تشعيع الأغذية بصفة عامة: تعريض الغذاء إلى أحد مصادر الطاقة الإشعاعية؛ إما من نظائر مشعة، أو من أجهزة تنتج كميات محكمة من أشعة الإلكترون أو الأشعة السينية التي تعمل على امتصاص الغذاء لجرعة محددة وفعالة؛ بهدف حفظ الغذاء، وتقليل الفاقد، وإطالة فترة صلاحية الغذاء بالقضاء على مسببات الفساد والتلف.
وتتميز طريقة الحفظ بالإشعاع بكونها سريعة وقليلة النفقات، ولا تسبب أي أثر ضار للإنسان؛ كل ذلك بدون رفع درجة حرارة الغذاء، ولهذا السبب يطلق عليها التعقيم البارد، والفعل الحافظ للإشعاع هو تنشيط أو تحطيم خلايا البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى الملوِّثة للغذاء، فعند مرور الإشعاع ونفاذه فإنه يعمل على تهيج ذرات المادة، وينتج عن ذلك عملية تبديل وتحوير تتسبب في تكوين جزيئات كبيرة قاتلة داخل خلايا البكتيريا والكائنات الحية الأخرى؛ مما يتسبب في تحطيمها، ويكون تأثيره على التغيرات الكيميائية قليلًا، ولا تتسبب خاصية الإشعاع في تهيج مكونات الغذاء الأخرى.
وبصفة عامة؛ تنقسم طريقة المعاملة بالإشعاع إلى طريقتين رئيسيتسن:
الأولى: البسترة بالإشعاع؛ لتأخير الفساد.
الثانية: التعقيم، وتتطلب استخدام جرعات مرتفعة للقضاء على كافة الأحياء الدقيقة.
غير أن تقنية معالجة الحليب بالأشعة فوق البنفسجية وغيرها تعد جديدة نسبيًا، وليس من الواضح بعد مدى كفاءتها في التعامل مع الفيروسات والبروتوزونات؛ مثل طفيلي الجيارديا. وفضلاً عن ذلك، فإن التقنية تعتمد على الضوء للوصول إلى جميع أجزاء السائل، وهو أمر سهل مع السوائل الشفافة كالماء، لكنه يصبح معقداً مع السوائل الأخرى كالحليب والعصير.
وللالتفاف حول هذه المشكلة فإنه يجري استخدام جهاز يدعى تيربيولاتور الذي طورته شركة شوربيور السويسرية، ويتألف الجهاز من سلسلة من الأسطوانات تتخللها أخاديد بها مصابيح صغيرة مضاءة بالأشعة فوق البنفسجية موزعة في الوسط بفاصل 1.5 ميليمتر بين الواحد والآخر، لتمرير الحليب من خلالها، وتتسبب الأخاديد بتدفق الحليب في تيار مضطرب، مما يضمن تعرضه بكامله إلى الضوء فوق البنفسجي لدى مروره عبر الأنابيب.
ويعلق الباحثون الآمال على أن تقدم تقنية المعالجة بالضوء فوق النفسجي طريقة بديلة للبسترة لشلّ الجراثيم، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الخصائص المفيدة للمواد الغذائية. كما أن هذه التقنية تستهلك الطاقة بكميات ضئيلة جدًا لا تذكر بالمقارنة مع الطاقة التي تحتاجها المعالجة بالحرارة، ومع ذلك يمكنها النيل من تلك الميكروبات التي لا تتأثر بالبسترة.
ولأن هذه التقنية تحت الاختبار؛ فإن تجارب تعقد بين وقت وآخر لتغذية العجول؛ إما على الحليب المبستر، أو الحليب المعالج بالضوء فوق البنفسجي؛ حتى سن الفطام، ويكون وزن تلك الحيوانات تحت المراقبة خلال تلك الفترة إلى جانب حالتها الصحية العامة.
ويعتبر من المبكر جدًّا الحديث عن نجاح هذه التقنية على أرض الواقع.
(1)
(1)
ينظر: د. علي أحمد: حفظ الأغذية بالتشعيع (ص 4 - 9، 40). د. سعدية محمد عيسى: المصدر السابق، (ص 489 - 490). موقع البيان الصحي بتاريخ 5/ 11/1436 هـ:
http://www.albayan.ae/five-senses/tomorrow-science/2011 - 07 - 22 - 1.1475818