الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة الأنفال: 27]، وعقد العلاج يقوم على ثقة المريض بطبيبه؛ فإذا لم يبين الطبيب حقيقة مرض مريض ومدى خطورته وأثر العقاقير المستخدمة في مراحل العلاج؛ فقد غشه وخانه، ولم يقدم له النصيحة الواجبة عليه شرعًا
(1)
، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدين النصيحة
(2)
، وأن من علامات المنافق خيانة الأمانة التي اؤتمن عليها
(3)
، ولذلك؛ كان الصحابة يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم
(4)
، ولأن المريض قد يتعجل في الإذن بما يضره حرصًا منه على النتيجة في وقت وجيز
(5)
.
المطلب الثاني
أثر الاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة
(1)
ينظر: قمر أبو لبة: مسؤولية الطبيب بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي (ص 179 - 180، 182، 184). عبد الله الغامدي: مسؤولية الطبيب المهنية (ص 326). د. عادل الصاوي: المصدر السابق، (ص 347 - 350).
(2)
مسلم: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - بابٌ من الإيمان والدين النصيحة لله - 1/ 406)، برقم (47)؛ من طريق محمد بن عباد المكي، عن سفيان، عن سهيل، عن عطاء بن يزيد، عن تميم الداري؛ به مرفوعًا.
(3)
ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - باب علامة المنافق - 1/ 212)، برقم (33)؛ من طريق سليمان أبي الربيع، عن إسماعيل بن جعفر، نافع بن مالك بن أبي عامر أبي سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"، ومن طرق أخرى. مسلم: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - باب ليس من الإيمان أخلاق المنافقين - 1/ 411)، برقم (51)؛ من طريق يحيى بن أيوب واللفظ له -، وقتيبة بن سعيد؛ عن إسماعيل بن جعفر؛ به مرفوعًا.
(4)
ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وقوله تعالى {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} - 1/ 231)؛ من طريق مسدد، عن يحيى، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله؛ قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم ا. هـ، ومن طرق أخرى. مسلم: المصدر السابق، (كتاب الإيمان - بابٌ من الإيمان والدين النصيحة لله - 1/ 407)، برقم (48)؛ من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، وأبي أسامة؛ عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير؛ به.
(5)
ينظر: د. محمد المختار الشنقيطي: المصدر السابق، (ص 386).
تقدم في المطلب الآنف بيان ما على الطبيب من مسؤولية تجاه المريض، فإذا أدى الطبيب ما عليه؛ صار المريض على وعي تام وإدراك لآثار العلاج الذي يتضمن استخدام الوسائل الحديثة في جميع مراحل المرض؛ كالعقاقير المدرة للحليب، وموانع دره، ومن ثم إذا تضرر المعالج بعد إذنه بالدواء
(1)
؛ فلا شيء على الطبيب إذا كان حاذقًا في صنعته، ولم تجن يده
(2)
؛ لما يأتي:
1 -
قول الحق جل ذكره: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [سورة التوبة: 91].
(3)
2 -
إن كل فعل نشأ عن الفعل المباح المأذون فيه؛ فليس بالمضمون.
(4)
3 -
إنما فعل ذلك الطبيب للصلاح بأمر المفعول به.
(5)
4 -
إن التزام الطبيب في علاج المريض هو التزام ببذل عناية، لا بتحقيق نتيجة
(6)
، وأصل مشارطة الطبيب على البرء غير جائزة في باب الإجارة؛ لأن البرء بيد الله تعالى لا بيد أحد، وإنما الطبيب معالجٌ ومقوٍّ للطبيعة بما يقابل الداء، ولا يعرف كمية قوة الدواء من كمية قوة الداء؛ فالبرء لا يقدر عليه إلا الله تعالى
(7)
.
ولا يلقي الكثيرُ من الأطباء بالًا لتبصير المريض بآثار علاجه وتعريفه بمرضه؛ إما لداعي السرعة، أو ضعف ثقافة المريض؛ لكنَّ الذي يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم من دواعي التفريط ليس مسوِّغًا لعدم إعطاء المريض حقه من التبصير، أو مُعْفِيًا من المسؤولية.
(8)
فإذا فرط الطبيب في علاج المريض، أو تعدى؛ ضمن
(9)
؛ لأنه لا يخلو حينئذ من تعدٍّ أو تفريط.
(1)
ينظر: د. محمد المختار الشنقيطي: المصدر السابق، (ص 163 - 165). الجمعية العلمية السعودية للدراسات الطبية الفقهية: الفقه الطبي (ص 76 - 81).
(2)
وزاد الشافعي قيدًا في قوله: إن حسنت نيته إن شاء الله تعالى ا. هـ، ولعله أراد بهذا ما كان من قبيل الديانة فيما بينه وبين الله؛ لأن الأحكام الشرعية وما تفرع منها من الأقضية إنما تبنى على ما كان محسوسًا من الدلالات والقرائن المفصحة عن قصد فاعلها. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (7/ 432). وينظر: القرافي: المصدر السابق، (12/ 257). ابن قدامة: المصدر السابق، (8/ 117). ابن القطان الفاسي: الإقناع في مسائل الإجماع (4/ 1954).
(3)
ينظر: قمر أبو لبة: المصدر السابق، (ص 183).
(4)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (7/ 125). القرافي: المصدر السابق، (12/ 257). ابن قدامة: المصدر السابق، (8/ 117).
(5)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (7/ 432).
(6)
ينظر: قمر أبو لبة: المصدر السابق، (ص 181).
(7)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (8/ 122). ابن حزم: المصدر السابق، (8/ 263).
(8)
ينظر: قمر أبو لبة: المصدر السابق، (ص 179).
(9)
ينظر: سحنون: المصدر السابق، (11/ 137). القرافي: المصدر السابق، (12/ 257). ابن قدامة: المصدر السابق، (8/ 117).