الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو قول للشافعية
(1)
والراجح هو القول الأول؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحق المولود بمن ولد ووالدته فراش له، فقال:"الولد للفراش" متفق عليه
(2)
.
المسألة السابعة: لبن الملاعَنة
.
صورة المسألة: إذا لاعن رجل امرأته، ونفى ولده به، وكان له منها لبن؛ فهل تعتبر لذلك اللبن إذا أرضع منه حرمة تتعلق بالأبوين أو بأحدهما؟
- تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء على أن الطفل المرتضع محرَّمٌ على المرضعة ومنسوب إليها، وكذلك يحرم جميع أولادها وأقاربها الذين يحرمون على أولادها على هذا المرتضع؛ كما في الرضاعة باللبن المباح، وإن كان المرتضع جارية - أي: أنثى - حرمت على الملاعن بغير خلاف أيضًا؛ لأنها ربيبته؛ فإنها بنت امرأته من الرضاع
(3)
، واختلفوا في انتشار تحريم لبن الملاعنة إلى أقارب الأب، على ما يأتي:
القول الأول: لبن الملاعنة يحرم الرجل - الملاعِن - والمرأة.
وبه قال المالكية
(4)
، وأبو بكرٍ عبدُ العزيز من الحنابلة
(5)
، وظاهر كلام الخرقي
(6)
.
القول الثاني: لا تثبت به حرمة، ولا يكون الملاعِن أبًا للمرضَع؛ فإن رجع المرضع بنسبه إلى ولده وضرب الحد؛ رجع إليه أن يكون أبا المرضع من الرضاعة.
وهو مذهب الشافعية
(7)
.
(1)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(2)
تقدم تخريجه في المسألة الأولى من هذا المطلب.
(3)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 218).
(4)
القرافي: المصدر السابق، (4/ 280).
(5)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 218). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 81).
(6)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220).
(7)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 87). النووي: المصدر السابق، (9/ 16).
القول الثالث: لا ينشر لبن النافي للولد باللعان الحرمة بينه وبين الرضيع، وإن كان المرتضع جارية حرمت على الملاعن، وكذلك يحرم بناتها وبنات المرتضع.
وهو مذهب الحنابلة
(1)
.
القول الرابع: لا يثبت حكم الرضاع في حق الملاعن بحال.
وهو احتمال عند الحنابلة
(2)
؛ صوبه المردواي
(3)
.
- الأدلة: استدل بعض أصحاب الأقوال بأدلة، وهي:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 -
قبول الولد بينهما الاستلحاق.
(4)
2 -
إنه معنى ينشر الحرمة.
(5)
3 -
إنه رضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة، فكذلك الواطئ.
(6)
أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
أولًا: دليل كون لبن النافي للولد باللعان ينشر الحرمة بين الرضيع وأمه:
5 -
إنه رضع من لبنها حقيقة.
(7)
ثانيًا: الدليل على أن لبن النافي للولد باللعان لا ينشر الحرمة بينه وبين الرضيع بطريق الأبوة الرضاعية دون البنوة الربيبية:
1 -
إن التحريم بينهما - الرجل والمرتضِع - فرع لحرمة الأبوة؛ فلما لم تثبت حرمة الأبوة، لم يثبت ما هو فرع لها.
(8)
(1)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 81).
(2)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 220). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220).
(3)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220).
(4)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 281).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
(6)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
(7)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 81).
(8)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 321).
2 -
إن من شرط ثبوت حرمة الرضاع بين المرتضع والرجل الذي ثاب اللبن بوطئه؛ أن ينسب الحمل إلى الواطئ، فأما ولد الزنا ونحوه؛ فلا.
(1)
ثالثًا: الدليل على كون حرمة الجارية المرتضعة وبناتها وبنات المرتضع على الرجل الملاعن من باب تحريم مصاهرة:
1 -
إنها بنت امرأته؛ من الرضاع، فهي ربيبته.
2 -
إنه ولد موطوءته، والوطء الحرام كالحلال في تحريم الربيبة.
(2)
أدلة القول الرابع: استدل أصحاب القول الرابع بما يأتي:
1 -
إنه ليس بلبنه حقيقة ولا حكمًا.
(3)
- الترجيح: يلحظ متأمل الأقوال ما بينها من التداخل؛ لأن بعضهم يضيف قيدًا لم يصرح الآخر بموقفه منه، ونحو هذا من الأسباب التي تقتضي الأمانة العلمية إزاءها الاقتصار ما توقف عنده رأي صاحب القول.
وأولى الأقوال بالترجيح هو ما ذهب إليه الحنابلة في القول الثالث؛ فلا تنتشر الحرمة الرضاعية بين رضيع الملاعَنة وبين أقارب من لاعن منها؛ لأن القرابة الرضاعية فرع عن القرابة النسبية، وقد انتفت بالملاعنة، ولا يحرم من بالرضاعة شيء لا يحرُم بالنسب.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر في الفروع الآتية:
1 -
إذا استُؤجر رحم امرأة متزوجة، فثاب لها لبن إبان زرع البويضة الملقحة من رجل أجنبي بعد حملها ووضعها، ثم لاعن منها زوجها؛ لم يثبت التحريم الرضاعي إلى أقاربه إن أرضعت رضيعًا أجنبيًّا في القول المترجح عند الجمهور، خلافًا للمالكية وبعض الحنابلة، ويثبت التحريم الرضاعي من جهة الأم أصولًا وفروعًا وحواشي عند الجميع.
(1)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 81).
(2)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 81).
(3)
ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 220). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 220).
ويتبين مما تقدم الآتي:
أولًا: إذا وضعت المستأجر رحمها من البويضة الملقحة المزروعة في رحمها؛ فهي الأم النسبية لمن وضعته، وهي الأمُّ الرضاعية أيضًا لكل من ترضعه، ولا أب نسبي ولا رضاعيٌّ لجميعهم؛ إلا أن تكون ذات زوج؛ فهو الأب النسبي لمن تضعه، والأب الرَّضاعيُّ لمن ترضعه.
ثانيًا: إذا استُؤجر رحم امرأة متزوجة، فثاب لها لبن إبان زرع البويضة الملقحة من رجل أجنبي بعد حملها وضعها، ثم لاعن منها زوجها؛ لم يثبت التحريم الرضاعي إلى أقاربه إن أرضعت رضيعًا أجنبيًّا في القول المترجح عند الجمهور، خلافًا للمالكية وبعض الحنابلة، ويثبت التحريم الرضاعي من جهة الأم أصولًا وفروعًا وحواشي عند الجميع.