الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: الشك في وصول اللبن إلى الجوف
.
صورة المسألة: إذا وقع الشك في في رضاعة صبي؛ هل وصل الحليب إلى جوفه، أم لا؛ فل ثمة تحريم؟ اختلف الفقهاء في ذلك على ما يأتي:
القول الأول: لا تثبت الحرمة بالشك.
وبه قال عامة الفقهاء
(1)
.
القول الثاني: يثبت التحريم بمحض الالتقام، ولو لم يقطع بوصوله إلى الجوف.
وبه قال بعض المالكية
(2)
.
- الأدلة: استدل بعض أصحاب الأقوال بأدلة، وهي كما يأتي:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1 -
عدم وقوع النزاع في هذه المسألة.
(3)
2 -
إن الأصل عدمه، فلا نزول عن اليقين بالشك.
(4)
3 -
كما لو شك في وجود الطلاق وعدده.
(5)
الترجيح: الراجح أن الحرمة لا تثبت مع الشك في وصول اللبن إلى الجوف؛ لأن الأصل عدم الرضاع، ولا ينتقل عن هذا الأصل بغير يقين، وأما إثبات بعض المالكية الحرمة بمحض الالتقام - ولو لم يوجد سبب ثوبان الحليب - فهذا عائد إلى توسعهم في الذرائع سدًّا ومنعًا، وعند تأمل مبدأ اعتبار الذرائع نجده يعود إلى أصل اعتبار المآلات، وهو من الأصول الفكرية المؤثرة في تكوين الفكر القواعدي عند المالكية بعد اعتبار المقاصد؛ حتى رجع ذلك عندهم على كثير من الأحكام بالإشكال، وقد كان هذا منهم؛ اعتبارًا بمدرك اجتهاد الإمام في الاعتداد بالاحتياط والالتزام بالأثر، لكن الخلل فيما وقعوا فيه من مزالق التنزيل الذرائعي؛
(1)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 401 - 402). القرافي: الذخيرة (4/ 276). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 577). الشافعي: المصدر السابق، (6/ 95). النووي: المصدر السابق، (9/ 6، 9).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 275).
(3)
ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 272).
(4)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312).
كالمبالغة، والغلو، والإجراء على التعميم، والتأبيد دون التوقيت، والأصل اعتبار هذا الأصل بضوابطه؛ على وفق تمليه مقاطع الشرع لرعْيِه.
(1)
ولا يعني ما تقدم من الترجيح أنه لا بد من الكشف عن جوف الصبي لمعرفة وصول الحليب من عدمه، بل يكفي في الانتقال عن اليقين الأصلي بعلامات اليقين الناقل وأماراته؛ كالامتصاص من ثدي مرضع مع شبع الرضيع، أو خروج قطرات الحليب من أطراف الفم، ونحو ذلك.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر فيما يأتي:
1 -
إذا تيقنت المرضع من دخول الحلمة في فيّ الرضيع، ولم تتيقن من أن في ثدييها لبناً؛ فلا يثبت التحريم بالشك
(2)
2 -
إنْ وُضِع إزاء حلمة الثدي أنبوب فيه أغذية مكملة للطفل، وقصد من وضعه إلى جوار الحلمة تعويد الرضيع على المص من الثدي، ولم يكن في الثدي حليب أثناء الالتقام؛ لم تثبت المحرمية ولو شك في ذلك
(3)
؛ لأن الذي يثبِت التحريم هو وصول الحليب إلى معدة الصبي بحيث يتحقق المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، وهو الغذاء؛ سواء ارتضع الصبي، أو حلب اللبن
(4)
، وهذا وفق قول عامة أهل الإسلام، وهو الراجح، ويثبت به التحريم مع الشك؛ في قول بعض المالكية.
(1)
ينظر: القرافي: الفروق (3/ 405 - 411). الشاطبي: المصدر السابق، (5/ 184 - 186). د. عبدالله الحسني: أثر الذرائعية والواقعية في المسالك الاجتهادية عند المالكية وتفعيله في القضايا المعاصرة (1/ 451، 2/ 539، 924). د. مصطفى الصمدي: فقه النوازل عند المالكية تاريخًا ومنهجًا (ص 363، وما بعدها).
(2)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 401 - 402). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 577).
(3)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 401 - 402). القرافي: الذخيرة (4/ 275، 276). الحطاب: المصدر السابق، (4/ 577). النووي: المصدر السابق، (9/ 6، 9). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 312). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 272). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 272).
(4)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 6).