الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحرج عذر في الفطر؛ كالمريض، والمسافر، ولأن خوفَها خوفٌ على آدمي، فأشبه خوفها على نفسها.
وقد تقدمت هذه المسألة بتوسع في المطلب الثالث من مطالب المبحث الأول المنعقد في الفصل الأول، فلتراجع هناك.
وأخلص مما تقدم في هذا المطلب إلى بيان النتائج الآتية:
أولًا: يجوز حلب لبن المرضع بعد موتها، ولبن الميتة كلبن الحية في التحريم، ولو حلب من المرضعة بعد موتها.
ثانيًا: يقع التحريم من حليب الميتة دماغيًّا عند من يعتبر الميِّت دماغيًّا كالميت حقيقةً؛ إذا حلب منها بعد موتها دماغيًّا.
ثالثًا: يُقدَّم حق الرضيع في إرضاعه من المولود لها على حد الرجم الذي وجب عليها لحق الله؛ حتى تفطمه، أو يأتي الكفيل الأمين، كما يقدم حق الرضيع على حق الله تعالى في صيام نهار رمضان بأن تفطر مرضعته إذا خافت عليه.
المطلب الثاني
تعارض حق الآدميين مع حق المرتضع لدى المرضع
ثمة حالات يتعارض فيها حق ولي المرضع والمرتضع مع حق المرتضع، وحينئذ نجد إن الفقهاء ساروا على تقديم حق ولي المرضع والمرتضع، وهو الأب؛ بشرطين:
الأول: أن لا يضر ذلك بالمرتضع.
الآخر: أن لا يكون للمرضعة حق في تربية المرتضع.
(1)
(1)
ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 61). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 398). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 240 - 244). النووي: المصدر السابق، (9/ 88 - 89). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 432 - 433). البهوتي: شرح منهى الإرادات (3/ 243)، كشاف القناع (13/ 166). ابن حزم: مراتب الإجماع (ص 141).
ومن الصور التي ضربوها أمثلةً لتوافر هذين الشرطين ما يأتي:
أـ إذا أجبر الأب أمته على فطام ولدها منه قبل الحولين؛ إن لم يضره الفطام، وذلك؛ لأنه لا حق لها في التربية؛ لأنها ملكه.
(1)
ب - إذا أجبر السيد أمته على فطام ولدها من غيره، وذلك؛ لأنها ملك له، والرضاع يهزلها، ويشغلها عن خدمته.
(2)
ج - إجبار المولى زوجته على الفطام.
(3)
د - إذا تعارض حق المرتضع مع وليه لدى مرضعة لم يثب لبنها عن حملها من هذا المرتضع واشتركا في ولاية رجل؛ قدم حق الولي، وتأتي هذه الصورة إذا تزوج رجل بزوجتين وأرادت إحداهما أن ترضع الأخرى.
(4)
هـ ــ أن يمنع زوج المرضع غير أبي الطفل حق زوجته المرضع من رضاع ابنها؛ لتعذر وصولها إليه.
(5)
وـ إذا باع السيد أم الولد أثناء مدة رضاع ولدها متى باعها أو وهبَها أو زوجها؛ لأن حضانتها سقطت، وعلى هذا سقط حقها من الرضاع.
(6)
وفيما عدا توافر ذينك الشرطين؛ يقدم حق المرتضع على حقوق غيره من الآدميين إذا تعارضت مع رضاعته من محل الحق.
(7)
(1)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 398).
(2)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 398).
(3)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 398).
(4)
ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 271 - 272).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 433). البهوتي: المصدر السابق، (3/ 243).
(6)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (3/ 243).
(7)
ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 57). ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (10/ 191). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 203، 23/ 68). النووي: المصدر السابق، (9/ 88 - 89)، منهاج الطالبين (ص 266). زكريا الأنصاري: فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (2/ 148). الجمل: المصدر السابق، (4/ 514). ابن قدامة: المصدر السابق، (8/ 75، 11/ 257، 430 - 433). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 165 - 169)، شرح منتهى الإرادات (3/ 242 - 243). الحمد: المصدر السابق، (25/ 67). ابن حزم: المحلى (10/ 12، 129، 429، 432).
وذلك لما يأتي:
1 -
قول الحق جل ذكره: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة: 233]، وهو عام في كل والدة.
(1)
2 -
قول الله تعالى: {وَأْتَمِرُوْا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوْفٍ} [سورة الطلاق: 6]، وهو خطاب للأزواج والزوجات في إرضاع الولد حتى لا يلحقه إضرار
(2)
، وإذا كانت هذه الآية في البائنة المستأجرة التي لا نفقة لها ولا كسوة، فهو في الزوجة من باب أولى ووجه أحرى.
3 -
قول الله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلِدِهَا [سورة البقرة: 233]؛ قال مجاهد: لا تأبى أن ترضعه ا. هـ
(3)
، كما لا يحل للأب أن يمنع الأم من ذلك.
(4)
إلى غير ذلك من الأدلة التي تقدم في الفصل الأول بسطها، والإجابة عما يرد عليها من مناقشات، كما في المطلب الثاني للمبحث الثاني من مباحثه، فلتراجع هناك.
ومن الصور النازلة تعارض حق الرضيع مع حق المستأجر أو صاحبة الوظيفة والعمل؛ فالواجب على من لزمها الرضاع
(5)
حينئذ أن تجمع بين الواجبين بأي طريقة تقدر عليها؛ كأن تذهب بالرضيع إلى مقر عملها، فإن شق عليها ذلك، أو تعذر؛ حلبت له ما يُرضع به عند غيابها، ويمكنها أن تستخدم في ذلك الوسائل الحديثة التي لا تضر بالرضيع؛ مثل ما يعرف بمضخة الحليب
(6)
، فإن تعذر الجمع؛ قدمت الأولى، وهو حق الرضيع؛ لأن حفظ نفسه مقدم على حفظ المال.
(1)
ينظر: الزمخشري: المصدر السابق، (ص 135). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 161، 172). القرافي: المصدر السابق، (4/ 270 - 271). السمين الحلبي: المصدر السابق (2/ 462). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 429، 430). الحمد: المصدر السابق، (25/ 67). ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 129 - 130، 432). ابن منظور: المصدر السابق، (5/ 223).
(2)
ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (18/ 169).
(3)
ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 215).
(4)
ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 167).
(5)
تقدمت مسألة حكم الرضاع على المولود لها في المطلب الثاني للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول.
(6)
ينظر في تفصيل هذه النازلة: المبحث السابع من مباحث الفصل الأول.