المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامسإرضاع الكبير للحاجة وأثره في انتشار المحرمية - النوازل في الرضاع

[عبد الله بن يوسف بن عبد الله الأحمد]

فهرس الكتاب

- ‌ أهمية الموضوع:

- ‌ أسباب اختيار الموضوع:

- ‌ أهداف البحث:

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ منهج البحث:

- ‌ خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولالمراد بالنوازل في الرضاع

- ‌المطلب الأولتعريف النازلة

- ‌المطلب الثانيتعريف الرضاع

- ‌ أركان الرضاع:

- ‌المبحث الثانيأهمية الاجتهاد في بيان أحكام النوازل

- ‌المبحث الثالثالضوابط الفقهية في باب الرضاع

- ‌القاعدة الأولى: اليقين لا يزول بالشك

- ‌القاعدة الثانية: يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير

- ‌ ضوابط باب الرضاع الفقهية فهي كثيرة

- ‌الضابط الأول: الأصل في الإرضاع التحريم

- ‌الضابط الثاني: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

- ‌الضابط الثالث: الرضاع الطارئ على النكاح كالسابق

- ‌الضابط الرابع: كل وطء يلحق به الولد، ويدرأ الحد؛ ينشر لبنه الحرمة

- ‌الضابط الخامس: الإرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم

- ‌الضابط السادس: لا رضاع إلا ما كان في الحولين

- ‌الضابط السابع: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء

- ‌الضابط الثامن: إنما الرضاعة من المجاعة

- ‌الضابط التاسع: لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الرضعة ولا الرضعتان

- ‌الضابط العاشر: لا يحرَّم بالشك في الرضاع شيء

- ‌المبحث الرابعالمقاصد الشرعية لأحكام الرضاع في الفقه الإسلامي

- ‌الفصل الأول: الوسائل الحديثة المتعلقة بالرضاع

- ‌المبحث الأولمدرات الحليب

- ‌المطلب الأولحقيقة مدرات الحليب

- ‌المطلب الثانيأنواع مدرات الحليب

- ‌النوع الأول: المدرات الطبعية

- ‌النوع الثاني: المدرات الصناعية

- ‌المطلب الثالثأحكام مدرات الحليب

- ‌الفرع الأولحكم تصنيع مدرات الحليب

- ‌الفرع الثانيحكم تعاطي مدرات الحليب

- ‌المطلب الرابعأثر استخدام مدرات الحليب في انتشار المحرمية

- ‌المسألة الأولى: رضاع البكر

- ‌المسألة الثانية: رضاع البكر إذا تزوجت

- ‌المسألة الثالثة: إذا نزل للرجل حليب، فأرضع به صبياً

- ‌المسألة الرابعة: إدرار الآيسة

- ‌المسألة الخامسة: رضاع المطلقة

- ‌المسألة السادسة: رضاع المتوفى عنها زوجها

- ‌المسألة السابعة: تناول ما يدر اللبن لمن لزمها الإرضاع

- ‌المسألة الثامنة: إذا خرج من الثدي ماء أصفر

- ‌المسألة التاسعة: رضاع الخنثى المشكل

- ‌القول الأول: لا يتعلق به تحريم

- ‌القول الثاني: لا يخلو من حالين:

- ‌القول الثالث: لبن الخنثى لا يقتضي أنوثته

- ‌القول الرابع: لا ينشر الحرمة مطلقًا

- ‌القول الخامس: يتعلق به التحريم

- ‌المبحث الثانيموانع درِّ الحليب

- ‌المطلب الأولحقيقة موانع درِّ الحليب

- ‌المطلب الثانيأنواع موانع درِّ الحليب

- ‌النوع الأول: الموانع الطبعية

- ‌النوع الثاني: الموانع الصناعية

- ‌المطلب الثالثأحكام موانع درِّ الحليب

- ‌الفرع الأولحكم تصنيع موانع درِّ الحليب

- ‌الفرع الثانيحكم تعاطي موانع درِّ الحليب

- ‌بيان الحكم الشرعي لتعاطي تلك الموانع يتطلب دراسة المسائل الآتية:

- ‌المسألة الأولى: حكم رضاع الصبي على أمه

- ‌القول الأول: واجب مطلقًا؛ كما لو كانت مطلَّقة، أو منعها زوجُها غيرُ أبي الرضيع

- ‌القول الثاني: واجب؛ إلا أن بتراضي الوالدين كليهما على الفطام، وإذا اختلفا؛ لم يفطماه قبل الحولين

- ‌القول الثالث: هي أحق به

- ‌القول الرابع: يجب ديانةً لا قضاءً

- ‌القول الخامس: يلزمها رضاع ابنها أحبت أو كرهت بلا أجر

- ‌القول السادس: يجب أن ترضعه اللبأ بأجرة وبدونها

- ‌القول السابع: يجب عليها أن ترضع ولدها اللبأ ولا أجرة لها

- ‌القول الثامن: يلزم الحرة

- ‌أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على وجوب الإرضاع على كل من أنجب الله لها ولدًا ودرَّ في ضرعها لبنًا:

- ‌ثانيًا: الاستدلال على عدم ثبوت الأجرة إزاء الرضاع الواجب على الأم:

- ‌أدلة القول الرابع: استدل أصحاب القول الرابع بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على وجوب الرضاع على الأم ديانة:

- ‌ثانيًا: الاستدلال على عدم جواز استئجار الأم ما دامت زوجة أو معتدة من نكاح:

- ‌ثالثًا: الاستدلال على صحة استئجار أب المولود أمَّ المولود بعد انقضاء العدة، أو في عدتها من طلاق بائن:

- ‌أدلة القول الخامس: استدل أصحاب القول الخامس بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على أن الشريفة لا تجبر على الرضاع إذا لم تجر عادة مثلها بذلك:

- ‌ثانيًا: الاستدلال على أن المطلقة لا تجبر على الرضاع إلا أن تشاء هي بأجرة المثل مع يسر الزوج:

- ‌ثالثًا: الاستدلال على أن الشريفة والمطلقة تجبران على الرضاع إن لم يقبل المولود غيرها:

- ‌أدلة القول السادس: استدل أصحاب القول السادس بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على وجوب إرضاع الأم صبيها من اللبأ بدون أجرة

- ‌ثانيًا: الاستدلال على أن للأم طلبَ الأجرة من زوجها إذا أرضعت صبيها منه اللبأَ:

- ‌ثالثًا: الاستدلال على أن الأم لا تجبر على إرضاع ابنها إذا امتنعت وإن كانت في نكاح أبيه إن وجدت أجنبية:

- ‌رابعًا: الاستدلال على أنه ليس للأب منع أم الرضيع إن رغبت في إرضاعه بأجرة مثل:

- ‌أدلة القول السابع: استدل أصحاب القول السابع بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على وجوب إرضاع الأم ولدها من اللبأ بلا أجرة:

- ‌ثانيًا: الاستدلال على أن لأبي الرضيع منع أم الرضيع من الإرضاع إن كانت في عصمته:

- ‌ثالثًا: الاستدلال على أن المرضع تزاد في نفقتها:

- ‌أدلة القول الثامن: استدل أصحاب القول الثامن بما يأتي:

- ‌أولًا: الاستدلال على لزوم الرضاع على الحرة إذا خيف على ولدها التلف:

- ‌ثانيًا: الاستدلال على عدم لزوم الرضاع على الحرة إذا لم يُخف التلف على ولدها:

- ‌ثالثًا: الاستدلال على أن الأم أحق برضاع ولدها بأجرة مثلها حتى مع مرضعة متبرعة أو مع زوج ثان راضٍ

- ‌رابعًا: الاستدلال على لزوم زيادة النفقة على الأب لمن أرضعت ولدها وهي في حبال أبيه فاحتاجت لزيادة نفقة:

- ‌خامسًا: الاستدلال على أن للأب انتزاع الرضيع من أمه إذا طلبت أكثر من أجرة مثلها ووجد الأب من يرضعه بأجرة مثله أو متبرعةً مع وجوب سقياه اللبأ من أمه:

- ‌سادسًا: الدليل على سقوط حق الأم في الرضاع إن منعها زوجها غير أبي الطفل من رضاعه:

- ‌سابعًا: الاستدلال على لزوم الرضاع على أمَّ ولد لولدها مطلقًا:

- ‌ثامنًا: الاستدلال على سقوط حق أم الولد في رضاع ولدها متى باعها سيُّدها أو وهبَها أو زوجها:

- ‌المسألة الثانية: حكم تناول ما يفسد اللبن

- ‌المبحث الثالثبنوك الحليب

- ‌المطلب الأولحقيقة بنوك الحليب

- ‌المطلب الثانينشأة بنوك الحليب وتاريخ ظهورها

- ‌المطلب الثالثالفرق بين بنوك الحليب وغيرها

- ‌المطلب الرابعآلية العمل في بنوك الحليب

- ‌المطلب الخامسحكم بنوك الحليب

- ‌الفرع الأولحكم إنشاء بنوك الحليب

- ‌الفرع الثانيحكم التعامل مع بنوك الحليب

- ‌يستلزم بيان حكم التعامل مع بنوك الحليب الوقوف على المسائل الآتية، وهي:

- ‌المسألة الأولى: حكم بيع حليب الآدميات

- ‌القول الأول: لا يجوز بيعه

- ‌القول الثاني: يجوز بيع لبن الأمة دون لبن الحرة

- ‌القول الثالث: يجوز بيعه

- ‌القول الرابع: يكره، ويصح

- ‌المسألة الثانية: حكم بيع لبن الرجل

- ‌المسألة الثالثة: طهارة حليب الآدمي

- ‌المسألة الرابعة: استعاطة الرجل بلبن المرأة

- ‌المسألة الخامسة: حليب الفاجرة وغير المسلمة

- ‌القول الأول: لا بأس بأن يستأجر المسلم الظئر الكافرة، أو الفاجرة

- ‌القول الثاني: يكره لبن المجوسية والكتابية والفاجرة من غير تحريم

- ‌القول الثالث: يكره الارتضاع من عموم المشركات وأهل الذمة والفاجرات

- ‌القول الرابع: لا يجوز استرضاع كافرةٍ غير الكتابية

- ‌القول الخامس: لا يجوز مطلقًا في غير المسلمة

- ‌المسألة السادسة: رضاع الحمقاء أو سيئة الخلق أو الزنجية

- ‌المسألة السابعة: رضاع العمياء والجذماء والبرصاء

- ‌المسألة الثامنة: رضاع المجنونة والسكْرى

- ‌المسألة التاسعة: إرضاع المسلمةِ الكافرةَ

- ‌المسألة العاشرة: الرضاع في دار الحرب

- ‌المطلب السادسأثر بنوك الحليب في انتشار المحرمية

- ‌ولبيان أثر بنوك الحليب في انتشار المحرمية، أنتقل إلى دراسة المسائل الآتية:

- ‌المسألة الأولى: اختلاط الحليب بالدواء

- ‌المسألة الثانية: اختلاط حليب الآدمية بغيرها من الآدميات

- ‌القول الأول: إذا اختلط لبن امرأتين تعلق التحريم بأكثرهما وأغلبهما

- ‌القول الثاني: إذا اختلط لبن امرأتين تعلق بهما التحريم مطلقاً

- ‌المسألة الثالثة: رضاع أهل الأرض

- ‌المسألة الرابعة: قطرة الحليب

- ‌المسألة الخامسة: الرضاع بعد الفطام

- ‌المسألة السادسة: تعدد الرضعات في أحد الطرفين

- ‌القول الأول: الاعتبار بخروج اللبن من المرض

- ‌القول الثاني: الاعتبار بوصول اللبن للرضيع

- ‌المبحث الرابعحقن الحليب

- ‌المطلب الأولحقيقة حقن الحليب

- ‌المطلب الثانيأنواع حقن الحليب

- ‌المطلب الثالثحكم استخدام حقن الحليب

- ‌المطلب الرابعأثر استخدام حقن الحليب في انتشار المحرمية

- ‌المسألة الأولى: ضابط الرضاع المحرم من حيث طريقة وصول الحليب إلى الرضيع

- ‌القول الأول: يعتبر وصول الحليب إلى المعدة

- ‌القول الثاني: لا يشترط التقام الثدي لثبوت المحرمية في الارتضاع

- ‌القول الثالث: يشترط امتصاص الراضع من ثدي المرضعة بفيه ليكون الرضاع محرمًا

- ‌المسألة الثانية: صب الحليب في جراحة البطن

- ‌المسألة الثالثة: حقن الحليب من طريق الدبر

- ‌المسألة الرابعة: اشتراط وصول اللبن على صفة واحدة

- ‌المبحث الخامسحليب الأنابيب

- ‌المطلب الأولحقيقة حليب الأنابيب

- ‌المطلب الثانيأنواع أنابيب الحليب

- ‌تنقسم أنابيب الحليب من حيث طريقة إيصال الحليب إلى نوعين:

- ‌النوع الأول: التسريب المستمر، أو التغذية بالتقتير

- ‌الآخر: التغذية بالتزقيم

- ‌كما تنقسم أنابيب حليب الطفل من حيث نوعُ الأنبوب وغذاؤُه، إلى قسمين:

- ‌النوع الأول: أنبوب المعدة، أو التغذية الأنبوبية

- ‌النوع الآخر: أنبوب المكملات الغذائية

- ‌المطلب الثالثحكم استخدام حليب الأنابيب

- ‌المطلب الرابعأثر استخدام حليب الأنابيب في انتشار المحرمية

- ‌المسألة الأولى: أثر السعوط(2)والوجور(3)في الرضاع

- ‌المسألة الثانية: أنبوب الأذن

- ‌المسألة الثالثة: أنبوب الإحليل

- ‌المسألة الرابعة: نفاذ الحليب من العين

- ‌المسألة الخامسة: ارتجاع الحليب

- ‌المسألة السادسة: ارتضاع الطفل قبل أن ينفصل من والدته تمام الانفصال

- ‌المسألة السابعة: إرضاع الميت

- ‌المبحث السادستحويل الحليب إلى أشكال أخرى

- ‌المطلب الأولأنواع الأشكال التي يحوَّل إليها الحليب

- ‌الفرع الأولتحويل الحليب إلى مسحوق مجفف

- ‌الفرع الثانيتجبين الحليب

- ‌الفرع الثالثتحويل الحليب أقطًا

- ‌المطلب الثانيحكم تحويل الحليب إلى أشكال أخرى

- ‌المطلب الثالثأثر الأشكال التي يحوَّل إليها الحليب في انتشار المحرمية

- ‌المسألة الأولى: اختلاط الحليب بالماء

- ‌المسألة الثانية: اختلاط الحليب بالطعام

- ‌المسألة الثالثة: ضابط الغلبة

- ‌المسألة الرابعة: جعل لبن الآدمية جبنًا

- ‌القول الأول: إذا جبن لبن امرأة

- ‌القول الثاني: لا يحرم الحليب إذا جبن

- ‌المسألة الخامسة: جعل اللبن أقطًا أو روبًا أو زبدًا أو مخيضًا أو مصلًا

- ‌المسألة السادسة: استهلاك الحليب

- ‌المسألة السابعة: تغير الحليب

- ‌المبحث السابعآلات امتصاص الحليب من الثدي

- ‌المطلب الأولأنواع آلات امتصاص الحليب

- ‌يوجد من آلات امتصاص الحليب نوعان رئيسان:

- ‌أ - النوع الأول: مضخة الثدي، وهي صنفان:

- ‌ب - مضخة الثدي الآلية

- ‌المطلب الثانيأحكام آلات امتصاص الحليب

- ‌الفرع الأولحكم تصنيع آلات امتصاص الحليب

- ‌الفرع الثانيحكم استخدام آلات امتصاص الحليب

- ‌المطلب الثالثأثر آلات امتصاص الحليب في انتشار المحرمية

- ‌المبحث الثامنالحليب الصناعي

- ‌المطلب الأولحقيقة الحليب الصناعي

- ‌المطلب الثانيأنواع الحليب الصناعي

- ‌المطلب الثالثأحكام الحليب الصناعي

- ‌الفرع الأولحكم تصنيع الحليب الصناعي

- ‌الفرع الثانيحكم استخدام الحليب الصناعي

- ‌المسألة الأولى: تعلق التحريم بحليب البهائم

- ‌القول الأول: لا يتعلق بلبن البهيمة تحريم

- ‌القول الثاني: إذا ارتضع اثنان من لبن بهيمة صارا أخوين

- ‌المسألة الثانية: خلط حليب الآدمية بالحليب الحيواني

- ‌القول الأول: إذا غلب حليب المرأة؛ تعلق به التحريم، وكذا إذا استويا

- ‌القول الثاني: إذا غلب حليب المرأة تعلق به التحريم، ولم ينصوا على حالة الاستواء

- ‌المسألة الثالثة: بول الغلام الرضيع الذي لم يأكل الطعام إذا تغذى على الحليب الصناعي

- ‌المسألة الرابعة: إرضاع الطفل الحليبَ الحيواني

- ‌المسألة الخامسة: حكم تعاطي الحليب الصناعي

- ‌المبحث التاسع: قارورة الرضاعة

- ‌المطلب الأول: حقيقة قارورة الرضاعة

- ‌المطلب الثانيأثر قارورة الرضاعة في انتشار المحرمية

- ‌المبحث العاشرالاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة

- ‌المطلب الأولحكم الاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة

- ‌المطلب الثانيأثر الاعتماد على قول الأطباء في استخدام الوسائل الحديثة

- ‌المبحث الحادي عشررضاع المستأجر رحمها

- ‌المطلب الأولحقيقة رضاع المستأجر رحمها

- ‌المطلب الثانيحكم رضاع المستأجر رحمها

- ‌المطلب الثالثأثر رضاع المستأجر رحمها في انتشار المحرمية

- ‌المسألة الأولى: ضابط الأمومة الشرعي

- ‌المسألة الثانية: حمل المرضعة ممن لا يلحق نسب ولدها به

- ‌المسألة الثالثة: ما يثبت به أبوة زوج المرضعة لمن أرضعته

- ‌المسألة الرابعة: اللبن الذي ثاب أصله من وطء بشبهة لمن تزوجت

- ‌المسألة الخامسة: اللبن الثائب مِن زِنا

- ‌المسألة السادسة: رضاع المتزوجة ذات اللبن إذا زنت

- ‌المسألة السابعة: لبن الملاعَنة

- ‌المبحث الثاني عشرالحليب المعالج بالأشعة

- ‌المطلب الأولحقيقة الحليب المعالج بالأشعة

- ‌المطلب الثانيحكم معالجة الحليب بالأشعة

- ‌المطلب الثالثأثر الحليب المعالج بالأشعة في انتشار المحرمية

- ‌المبحث الثالث عشرمسؤولية الطبيب في استخدام الوسائل الحديثة المتعلقة بالرضاع

- ‌الفصل الثاني: الأحكام المتعلقة بالمرتضَع

- ‌المبحث الأولالاتجار بالحليب

- ‌المطلب الأولوسائل الاتجار بالحليب

- ‌المطلب الثانيحكم الاتجار بالحليب

- ‌المبحث الثانيما يلحق بالحليب

- ‌المطلب الأولما يقوم مقام الحليب في انتشار المحرمية

- ‌المطلب الثانيما لا يقوم مقام الحليب في انتشار المحرمية

- ‌الفصل الثالثالأحكام المتعلقة بالمرتضِع والمرضِع

- ‌المبحث الأولالعلاقة بين طفلين رضعا من حليب مشترك

- ‌المسألة الأولى: العدد المجزئ في الرضاع المحرِّم

- ‌القول الأول: قليل الرضاع وكثيره سواء في الحكم

- ‌القول الثاني: لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات

- ‌القول الثالث: تثبت الحرمة بثلاث رضعات، فلا يحرم أقل من ثلاث

- ‌القول الرابع: لا يحرم دون عشر رضعات

- ‌القول الخامس: لا يحرم إلا سبع رضعات

- ‌القول السادس: الفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن

- ‌المسألة الثانية: ضابط الرضعة والرضعات

- ‌المسألة الثالثة: شرطية الموالاة في مدة الرضاع

- ‌المسألة الرابعة: إلغاء المدد في مقابل المتابعة

- ‌المسألة الخامسة: الشك في عدد الرضعات

- ‌المسألة السادسة: الشك في وصول اللبن إلى الجوف

- ‌المسألة السابعة: اشتراط وصول اللبن على صفة واحدة عند من يقيد ثبوت التحريم بعدد

- ‌المسألة الثامنة: اتحاد الفحل أوالقريب واختلاف المراضع

- ‌المبحث الثانيعلاقة الرجل مع المحرمات عليه بالرضاع

- ‌المطلب الأولحدود علاقة الرجل مع المحرمات عليه بالرضاع

- ‌المطلب الثانيالفرق في علاقة الرجل بين المحرمات

- ‌المطلب الثالثممارسة الرجل للأعراف المجتمعية على المحرمات عليه بالرضاع

- ‌المبحث الثالثتعارض حق المرتضع مع حق غيره لدى المرضع

- ‌المطلب الأولتعارض حق الخالق مع حق المرتضع لدى المرضع

- ‌المسألة الأولى: حليب المرأة الميتة

- ‌المسألة الثانية: رجم الزانية المرضع

- ‌المسألة الثالثة: صيام المرضع في رمضان

- ‌المطلب الثانيتعارض حق الآدميين مع حق المرتضع لدى المرضع

- ‌المبحث الرابعالإذن والرضى في الرضاعة

- ‌المطلب الأولإذن المرتضع - إذا كان كبيرًا

- ‌الفرع الأولحكم إذن المرتضع

- ‌الفرع الثانيأثر إذن المرتضع في انتشار المحرمية

- ‌المطلب الثانيإذن أولياء المرتضع

- ‌الفرع الأولحكم إذن أولياء المرتضع

- ‌الفرع الثانيأثر إذن أولياء المرتضع في انتشار المحرمية

- ‌المبحث الخامسإرضاع الكبير للحاجة وأثره في انتشار المحرمية

- ‌المطلب الأولإرضاع السائق

- ‌المطلب الثانيإرضاع الخادمة

- ‌المطلب الثالثإرضاع اللقيط

- ‌المبحث السادسإرضاع المصابة بالإيدز

- ‌المطلب الأولحكم إرضاع المصابة بالإيدز

- ‌المطلب الثانيأثر رضاع المصابة بالإيدز في انتشار المحرمية

- ‌الفصل الرابع: الأحكام المتعلقة بوسائل الإثبات والتقاضي

- ‌المبحث الأولأثر وسائل الإثبات على الرضاع في الزمن المعاصر

- ‌المطلب الأولوسائل الإثبات التقليدية

- ‌دلت الشريعة الإسلامية على وسائل إثبات الرضاعة، وهي:

- ‌الوسيلة الأولى: الشهادة

- ‌المسألة الأولى: النظر إلى الثدي لتحمل الشهادة

- ‌المسألة الثانية: أثر ثبوت الشهادة بين زوجين

- ‌المسألة الثالثة: في وصول اللبن إلى الجوف

- ‌المسألة الرابعة: صيغة الشهادة

- ‌المسألة الخامسة: وقوع الفرقة

- ‌المسألة السادسة: شهادة أم أحد الزوجين أو أبوه

- ‌المسألة السابعة: شهادة البنت أوبنت الزوجة

- ‌المسألة الثامنة: شهادة الحواشي

- ‌الوسيلة الثانية: الإقرار

- ‌المسألة الأولى: عدد المقرِّين

- ‌المسألة الثانية: ذكر عدد الرضعات وأوقاتها

- ‌المسألة الثالثة: في وصول اللبن إلى الجوف

- ‌المسألة الرابعة: صيغة الإقرار

- ‌المسألة الخامسة: اشتراط لبن يعرف للمرضع مثله

- ‌المسألة السادسة: شرط تصديق الطرف الرَّضاعيِّ الآخر لثبوت الإقرار بالرضاع

- ‌المسألة السابعة: تسمية المرضع

- ‌المطلب الثانيوسائل الإثبات الحديثة

- ‌المبحث الثانيأثر الرضاع على وسائل الإثبات والتقاضي

- ‌المطلب الأولالشهادة للقريب من الرضاع

- ‌المطلب الثانيحكم الحاكم لقريبه من الرضاع

- ‌المبحث الثالثالإشهاد على الرضاع

- ‌المطلب الأولإشهاد المرضع على من أرضعته في الزمن المعاصر

- ‌الفرع الأولحكم إشهاد المرضع على من أرضعته

- ‌الفرع الثانيما يجزئ لإشهاد المرضع على من أرضعته

- ‌المطلب الثانيأثر التقادم على وسائل الإثبات

- ‌المطلب الثالثالرجوع عن الإقرار بشهادة الرضاع

- ‌المطلب الرابعتعارض البينات

- ‌المطلب الخامستوثيق حالات الرضاع في السجلات الرسمية لدى المحاكم

- ‌الخاتمة

- ‌أولًا: النتائج

- ‌ثانيًا: التوصيات

- ‌فهرس المراجع والمصادر

الفصل: ‌المبحث الخامسإرضاع الكبير للحاجة وأثره في انتشار المحرمية

‌المبحث الخامس

إرضاع الكبير للحاجة وأثره في انتشار المحرمية

اختلف أهل العلم والاجتهاد من قديم الزمان في مدة الرضاع الذي يخلِّف أثره وينشر المحرمية، وحيث كان الخلاف من الأهمية بمكان؛ بحيث يتصدر أمهات المسائل في باب الرضاع؛ فسأتوسع في بسط الخلاف، بعد تحرير محل النزاع؛ على ما يأتي:

- تحرير محل النزاع:

نُقل اتفاق فقهاء الإسلام على أن الرضاع يحرم في الحولين - إذا لم يفطم ويستغنِ عن الطعام -

(1)

، كما اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على اشتراط صغر الرضيع لثبوت التحريم بلبن الآدمية، واختلفوا في حد الصغر

(2)

.

(1)

ينظر: ابن القطان الفاسي: الإقناع (3/ 1186)، والقيد الذي بين الشريطتين أضفته لتحقق معنى الاتفاق على واقع الفقهاء.

(2)

لكن قول الله تعالى قال: {اليَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة: 3]؛ يبطل زعم من زعم بأن اكتمال دين الله - الذي لا يجوز غيره - كان بتمام المذاهب الأربعة؛ حيث طفق أتباع المذاهب يتخبطون في اعتماد أقوال متأخري فقهاء المذاهب الأربعة، ضاربين صفحًا عما صح عن الخلفاء الراشدين، وفقهاء الصحابة والتابعين؛ فوسعوا دائرة الخلاف من حيث لا يشعرون، وضربوا في مفازة التعصب حين أخذوا بعصا التمذهب مخلفين وراءهم نور الوحي، وفقه من سلف.

قال أبو العباس ابن تيمية ت 728 هـ: "ولا يلزم ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشريعة؛ شيء من الأقوال المحدثة"، وقال:"لو قضى أو أفتى بقول سائغ يخرج عن أقوال الأئمة الأربعة مما ثبت فيه النزاع بين علماء المسلمين، ولم يخالف كتابًا ولا سنة ولا معنى ذلك؛ بل كان القاضي به والمفتي به يستدل عليه بالأدلة الشرعية؛ كالاستدلال بالكتاب والسنة؛ فإن هذا يسوغ له أن يحكم به ويفتي به، ولا يجوز باتفاق الأئمة الأربعة نقض حكمه إذا حكم، ولا منعه من الحكم به ولا من الفتيا به ولا منع أحد من تقليده. ومن قال: إنه يسوغ المنع من ذلك، فقد خالف إجماع الأئمة الأربعة؛ بل خالف إجماع المسلمين مع مخالفته لله ورسوله؛ فإن الله تعالى يقول في كتابه: {يَا أيُهَا الذِينَ آمنُوا أطِيعُوا الله وَأطِيعُوا الرَسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [سورة النساء: 59]؛ فأمر الله المؤمنين بالرد فيما تنازعوا فيه إلى الله والرسول - وهو: الرد إلى الكتاب والسنة -. فمن قال: إنه ليس لأحد أن يرد ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة؛ بل على المسلمين اتباع قولنا دون القول الآخر؛ من غير أن يقيم دليلًا شرعيا - كالاستدلال بالكتاب والسنة - على صحة قوله فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وتجب استتابة مثل هذا، وعقوبته كما يعاقب أمثاله. فإذا كانت المسألة مما تنازع فيه علماء المسلمين، وتمسك بأحد القولين؛ لم يحتج على قوله بالأدلة الشرعية - كالكتاب والسنة -، وليس مع صاحب القول الآخر من الأدلة الشرعية ما يبطل به قوله؛ لم يكن لهذا الذي ليس معه حجة تدل على صحة قوله = أن يمنع ذلك الذي يحتج بالأدلة الشرعية بإجماع المسلمين؛ بل جوز أن يمنع المسلمون من القول الموافق للكتاب والسنة وأوجب على الناس اتباع القول الذي يناقضه بلا حجة شرعية توجب عليهم اتباع هذا القول وتحرم عليهم اتباع ذلك القول؛ فإنه قد انسلخ من الدين تجب استتابته وعقوبته، وغايته أن يكون جاهلًا فيعذر بالجهل أولًا". ينظر: ابن قاسم: مجموع فتاوي شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية (33/ 41، 133 - 135).

ص: 452

وحيث كان الإسلام نورًا يشع على المسلمين كلهم، وحقًّا لكل من اجتهد فيه عالمًا، غير مقصور على طائفة أو متمثلًا في مؤسسة

(1)

؛ فهذه أقوال فقهاء المسلمين في المسألة ابتداءً بالخلفاء الراشدين وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم -، وسائر فقهاء الصحابة والتابعين ومن تتلمذ عليهم وسار على نهجهم من العلماء المحققين؛ مرورًا بالأئمة الأربعة:

القول الأول: مدة الرضاع ثلاثون شهرًا؛ فلا يحرم من الرضاع إلا ما كان في عامين وستة أشهر، فما كان بعد ذلك فإنه لا يحرم.

وبه قال أبوحنيفة

(2)

، وهو قول لبعض الحنفية وعليه الفتوى عندهم

(3)

.

القول الثاني: مدة الرضاع سنتان، فإذا مضى الحولان لم يتعلق بالرضاع أثر في التحريم.

وهو مروي عن عمر

(4)

، وعلي

(5)

، وابن عمر

(6)

، وابن مسعود

(7)

، وابن عباس

(8)

، وأبي هريرة

(9)

، وصححه عنهم دون عليٍّ ابنُ القيم

(10)

، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة

(11)

، وعروةُ بن الزبير

(12)

رضي الله عنهم أجمعين -.

(1)

في التجربة الغربية انتهى اعتبار الثقافةِ الكنسيةِ الدينَ إرثًا خاصًّا لها وللقائمين عليها إلى ظاهرة الإلحاد الواسعة هناك، ومن تبعات السياق الكنسي الغربي ما يمارسه الخطاب الليبرالي اليوم في استخدام بعض التعبيرات؛ مثل:"رجال الدين"، " المؤسسة الدينية". ينظر: رشود التميمي: تأملات في البواعث النفسية للإلحاد (ص 27 - 28).

(2)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255، 263). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 394). الميداني: المصدر السابق، (4/ 76). ابن حزم المصدر السابق، (10/ 23).

(3)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 395). الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

(4)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(5)

ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(6)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 464)، برقم (1325)؛ من طريق نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير ا. هـ ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 203 - 204)؛ من طريق المثنى، عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا أرى رضاعًا بعد الحولين يحرم شيئًا ا. هـ، ومن طريق ابن حميد، عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن عمر؛ أنه قال: لا رضاع بعد الحولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 22)؛ معلقًا على مالك، عن عبد الله بن دينار؛ أنه سمع ابن عمر - وقد سأله رجل عن رضاع الكبير -، فقال له ابن عمر: قال عمر بن الخطاب: إنما الرضاعة رضاعة الصغير ا. هـ، ومعلقًا على مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يقول: لا رضاعة إلا ما أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير. وينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(7)

ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204)؛ من طريق أبي السائب، عن حفص، عن الشيباني، عن أبي الضحى، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله؛ أنه قال: ما كان من رضاع بعد سنتين، أو في الحولين بعد الفطام؛ فلا رضاع ا. هـ، ومن طريق ابن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم؛ أنه كان يحدث عن عبد الله: لا رضاع بعد فصال أو بعد حولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24)؛ من طريق الحجاج بن المنهال، أنا أبو عوانة، عن المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود؛ قال: لا رضاع بعد حولين ا. هـ، ويأتي تخريجه عند الأدلة. القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(8)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 464)، برقم (1323)؛ من طريق ثور بن زيد الدِّيلي، عن ابن عباس؛ أنه كان يقول: ما كان في الحولين - وإن كان مصة واحدة - فهو يحرم ا. هـ ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 203 - 204)؛ من طريق المثنى، عن آدم، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن عباس؛ أنه قال: لا أرى رضاعًا بعد الحولين يحرم شيئًا ا. هـ، ومن طريق ابن حميد، عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن عباس؛ أنه قال: لا رضاع بعد الحولين ا. هـ، ومن طريق هلال بن العلاء الرَّقِّي، عن أبيه، عن عبيد الله، عن زيد، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس؛ أنه يقول: لا رضاع إلا في هذين الحولين ا. هـ ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24)؛ معلقًا على أبي عبيد، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس؛ قال: لا رضاع إلا في الحولين ا. هـ القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

وأعل سند مالك: بأن ثورًا لم يسمع من ابن عباس. وأجيب: بأن بينهما عكرمة، وأن الأثر محفوظ عن ابن عباس من حديث عكرمة وغيره.

(9)

ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(10)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(11)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 22)؛ معلقًا على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير؛ أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاش عائشة وحدها؛ كن يرين رضاع سالم مولى أبي حذيفة خاصة له ا. هـ ثم نفى أبو محمد ابن حزم أن يرد عنهن في الصغر حد. وينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(12)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 465)، برقم (1329)؛ من طريق إبراهيم بن عقبة، عن عروة؛ به. البيهقي: السنن الكبير (16/ 38)؛ من طريق مالك، عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير؛ عن الرضاعة؟ فقالا جميعًا: كل ما كان في الحولين - وإن كانت قطرة واحدة - فهي تحرم، وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله ا. هـ

ص: 453

وإليه ذهب سعيد بن المسيب

(1)

، والزهري

(2)

، وقتادة

(3)

، والشعبي

(4)

، وعلقمة

(5)

، وابن شبرمة

(6)

، وسفيان الثوري

(7)

، والأوزاعي

(8)

، وإسحاق

(9)

، وأبو عبيد

(10)

، وأبوثور

(11)

، وابن المنذر

(12)

، وظاهر اختيار البخاري

(13)

؛ قال أبو عيسى الترمذي في جامعه ت 279 هـ: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم؛ أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين؛ فإنه لا يحرم شيئًا ا. هـ

(14)

(1)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 465). البيهقي: المصدر السابق، (16/ 38). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(2)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162).

(3)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162).

(4)

ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204). ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24). البيهقي: المصدر السابق، (16/ 38). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(5)

ينظر: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 297). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204).

(6)

ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(7)

ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(8)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(9)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(10)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(11)

القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(12)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(13)

ينظر: البخاري: المصدر السابق، (7/ 26).

(14)

الترمذي: المصدر السابق، (2/ 446).

ص: 454

وهو رواية لأبي حنيفة

(1)

، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن

(2)

، واختاره الطحاوي

(3)

، وصححه بعض الحنفية مذهبًا وفتيًا به عندهم

(4)

، ومالك في رواية

(5)

، وهو المشهور عنه

(6)

، والوارد في موطئه برواية محمد بن عبد الحكم وغيره

(7)

، وهو مذهب الشافعية

(8)

، واختاره الطبري

(9)

، ومذهب الحنابلة

(10)

ولو كان قد فطم قبله عندهم

(11)

، والظاهرية من داودَ وأصحابه

(12)

، وحكاه ابن عبد البر أنه قول الجمهور، وحكاه أبو محمد ابن قدامة أنه قول أكثر أهل العلم

(13)

.

القول الثالث: سقوط اعتبار المدد في نفي التحريم، فرضاع الكبير - ولو شيخًا - محرم كما يحرم رضاع الصغير، ولا فرق.

وهو مروي عن عائشة

(14)

، وأبي موسى في مذهبه الأول

(15)

، وعروة بن الزبير

(16)

، وهو قول عطاء بن أبي رباح

(17)

، والليث بن سعد

(18)

، وداود

(19)

، وابن حزم

(20)

.

(1)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 578).

(2)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255، 263). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 393). الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

(3)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 255، 263). الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

(4)

الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

(5)

رواها عنه وهب عن مالك، ثم رجع إلى قوله المذكور تباعًا؛ لأنه هو المأثور عنه في موطئه الذي قرئ عليه إلى أن مات. ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319).

(6)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 578)؛ بزيادة: وما قاربهما - أي: الحولين -.

(7)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 465). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162).

(8)

ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 72، 80، 83). النووي: المصدر السابق، (9/ 7).

(9)

ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 207).

(10)

ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82).

(11)

ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82).

(12)

ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24).

(13)

ينظر: ابن عبد البر: الاستذكار ضمن موسوعة شروح الموطأ (16/ 36). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(14)

ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24 - 25)؛ معلقًا على مالك، عن ابن شهاب؛ أنه سئل عن رضاع الكبير، فقال: أخبرني عروة بن الزبير بحديث أمْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلةَ بنت سهيل بأن ترضع سالمًا مولى أبي حذيفة خمس رضعات - وهو كبير -، ففعلت، فكانت تراه ابنًا لها، قال عروة: فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم، وبنات أخيها؛ يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. وينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 163). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227).

(15)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 24). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 163). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228).

(16)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).

(17)

ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 458). ابن حزم المصدر السابق، (10/ 25) ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).

(18)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 25). القرطبي: المصدر السابق، (3/ 163). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).

(19)

ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228).

(20)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).

ص: 455

القول الرابع: مدة الرضاع حولان، أو بزيادة الشهرين؛ إلا أن يستغني، ولو فيهما.

وبه قال المالكية.

(1)

القول الخامس: مدة الرضاع حولان؛ إلا: ما قارب الحولين - يعني: مما جاء بعدهما، فيدخل في حكمها -، أو أخذ به في الحجابة بعد الحولين.

وبه قال بعض المالكية؛ كابن ناجي، وعزى الفتيا به الحطاب عن شيخه أبي محمد عبد الله الشبيبي، ومال إليه ابن المواز.

(2)

القول السادس: لا يحرم الرضاع بعد الحولين إلا بنحو الشهرين.

وهو قول مالك في رواية ابن القاسم.

(3)

القول السابع: يحرم بعد الحولين بأيام يسيرة.

وهو قول محكي عن مالك.

(4)

(1)

ينظر: الحطاب: المصدر السابق، (4/ 576).

(2)

ينظر: الحطاب: المصدر السابق، (4/ 576).

(3)

ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). القرافي: المصدر السابق، (4/ 272). ابن حزم المصدر السابق، (10/ 23).

(4)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

ص: 456

القول الثامن: يحرم بعد الحولين بمثل نقصان الشهور.

وهو قول محكي عن مالك

(1)

، وبه قال سحنون

(2)

.

القول التاسع: يحرم بعد الحولين بأيام يسيرة؛ كالشهر، ونحوه.

وهو قول مروي عن مالك

(3)

.

القول العاشر: يحرم بعد الحولين بثلاثة أشهر؛ فهو من الحولين، وما كان بعد ذلك فهو عبث.

وهو قول مروي عن مالك

(4)

.

القول الحادي عشر: مدة الرضاع ثلاث سنين.

وبه قال زفر بن الهذيل

(5)

، والحسن بن صالح، وابن أبي ذئب، وجماعة من أهل الكوفة

(6)

.

القول الثاني عشر: تثبتت الحرمة بالرضاع إلى الفطام، ولو بعد الحولين، أو قبلهما؛ بحيث يناط الحكم بالفطام، سواء كان قبل الحولين أو بعده، كما تثبت الحرمة بالرضاع ولو كان المرتضع كبيرا للحاجة؛ نحو كونه محرمًا.

وهو مفهوم قول ابن مسعود وابن عباس

(7)

، واختاره تقي الدين ابن تيمية

(8)

، وتلميذه ابن القيم

(9)

، وعزى ابن عبد البر من فرق بين معنى الحولين ومعنى الفصال إلى التعسف

(10)

.

(1)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(2)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(3)

ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(4)

ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(5)

ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227). ابن حزم المصدر السابق، (10/ 23).

(6)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 578).

(7)

ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 464) ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204). وعند أدلة أصحاب هذا القول تتمة التخريج.

(8)

ينظر: ابن مفلح: المصدر السابق، (9/ 280). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 228 - 229). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 593).

(9)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 593)، ولم يتطرق إلى قضية الفطام حدًّا للرضاع المحرم فيما اطلعت عليه.

(10)

ينظر: ابن عبد البر: المصدر السابق، (16/ 36).

ص: 457

القول الثالث عشر: لا يلزم من الرضاع إلا ما كان في المهد.

ونسب إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

، وسعيد بن المسيب

(2)

.

القول الرابع عشر: لا يحرم من الرضاع إلا ما كان قبل الفطام، وأما بعد الفطام؛ فلا.

وهو مروي عن أم سلمة

(3)

، وعلي

(4)

، وابن عباس

(5)

رضي الله عنهم، وصحح القول إليهم ابنُ القيم؛ دون علي، فنفى صحته عنه

(6)

، وهو قول الحسن، والزهري، وقتادة، وعكرمة

(7)

، والأوزاعي

(8)

.

القول الخامس عشر: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء.

وهو مروي عن أبي هريرة.

(9)

(1)

ينظر: ينظر: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 296)؛ مسندًا إلى أم سلمة، ويأتي تخريجه عند الأدلة. ابن حزم المصدر السابق، (10/ 22)؛ من طريق أبي داود، عن أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس - هو ابن يزيد -، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير؛ قال: أبى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخل عليهن بالرضاعة أحد حتى رضع في المهد ا. هـ

(2)

ينظر: مالك: المصدر السابق، (ص 465). ابن حزم المصدر السابق، (10/ 22).

(3)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 22)؛ معلقًا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب؛ أن أم سلمة أم المؤمنين سئلت: هل يحرم الرضاع بعد الفطام؟ قالت: لا رضاع بعد فطام ا. هـ

(4)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23)؛ معلقًا على عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال - هو ابن سبرة -، عن علي بن أبي طالب؛ قال: لا رضاع بعد الفصال ا. هـ، ويأتي تخريجه عند الأدلة. ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(5)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23)؛ معلقًا على عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عمن سمع من ابن عباس؛ يقول: لا رضاع بعد الفطام.

(6)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(7)

ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 465). ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(8)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23)؛ حيث نسب إلى الأوزاعي - موضحًا قوله -: إن فطم وله عام واحد، واستمر فطامه، ثم رضع في الحولين؛ لم يحرم هذا الرضاع الثاني شيئًا، وقال: فإن تمادى رضاعه ولم يفطم قبل الحولين؛ فإنه ما كان في الحولين فإنه يحرم، وما كان بعدهما فإنه لا يحرم وإن تمادى الرضاع. وبهذا يتبين الفرق بين وجهة أصحاب هذا القول، وبين ما قال به ابن تيمية الحفيد. ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(9)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23)؛ من طريق سعيد بن منصور، أنا سفيان - هو ابن عيينة -، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج بن الحجاج الأسلمي، عن أبي هريرة؛ قال: لا رضاع إلى ما فتق الأمعاء.

ص: 458

القول السادس عشر: الرضاع المحرم ما كان في الصغر

روي هذا عن ابن عمر

(1)

، وابن المسيب، وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا عائشة

(2)

ولم يوقته هؤلاء بوقت.

(3)

القول السابع عشر: مدة الرضاع المحرم سبع سنين.

وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز؛ حكاه عنه يزيد بن هارون.

(4)

القول الثامن عشر: مدته حولان واثنا عشر يومًا.

وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز؛ حكاه عنه ربيعة.

(5)

- الأدلة: استدل بعض أصحاب الأقوال بأدلة، وهي:

أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:

1 -

قول الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [سورة الأحقاف: 15].

وجه الاستدلال: إن الله سبحانه ذكر شيئين؛ هما: الحمل، والفصال؛ فكانت لكل واحد منهما بكمالها؛ كالأجل المضروب للدينين - كما لو قال: أجلت الدين الذي لي على فلان، والدين الذي لي على فلان؛ سنة؛ يفهم منه: أن السنة بكمالها لكلٍّ -، إلا أنه قام المنقص في أحدهما - أي: مدة الحمل -، فبقي الثاني - وهو: الفصال الذي يعني الرضاع - على ظاهره

(6)

، فكانت مدة الحمل تستمر إلى ثلاثين شهرًا، وكذا الرضاع؛ كل له المدة التامة على حدة.

(1)

مالك: المصدر السابق، (ص 464)، برقم (1325)؛ من طريق نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر، ولا رضاعة لكبير ا. هـ، وقد تقدم عند سوق قوله مع أصحاب القول الثاني.

(2)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(3)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 577).

(4)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 578).

(5)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 578).

(6)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 393). الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

ص: 459

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا تأويل غريب

(1)

؛ فالنقص في الأول - أي: مدة الحمل - قام بقول عائشة: لا يبقى الولد أكثر من سنتين

(2)

، ومثله لا يعرف إلا سماعاً؛ لأن المقدرات لا يهتدي العقل إليها، فهو في حكم المرفوع.

وكانت الآية مخصصة بخبر الواحد باعتبارها قابلة للتأويل بمعنًى آخر - كتوزيع صاحبي أبي حنيفة وغيرهما الأجل على أقل مدة الحمل، وهو: ستة أشهر -؛ فلم تكن قطعية الدلالة على المعنى الأول، فجاز تخصيصها بخبر الواحد.

(3)

ويمكن أن يجاب: بعدم التسليم بأن مدة الحمل لا تعرف سماعًا، وأن مواطن الاهتداء إلى الأشياء محصورة بالسماع والعقل، بل إن للعادة والحس في تقدير مدة الحمل مدخلًا.

ب - إن هذا الدليل يستلزم كون لفظ ثلاثين مستعملًا في إطلاق واحد في مدلول ثلاثين وفي أربعة وعشرين، وهو الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد.

(1)

ابن حجر: المصدر السابق، (11/ 383).

(2)

ينظر: سعيد بن منصور: المصدر السابق، (2/ 94)، برقم (2077)؛ من طريق داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن جميلة بنت سعد، عن عائشة؛ قالت: ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين، ولا قدر ما يتحول ظل عود هذا المغزل ا. هـ ومن طريقه: السنن الكبير (15/ 581، 582)، برقم (15644، 15645)؛ من طريق أبي نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، عن أبي منصور العباس بن الفضل النضروي، عن أحمد بن نجدة، عن سعيد بن منصور؛ به، ومن طريق أبي بكر أحمد بن الحارث الفقيه، عن علي بن عمر الحافظ، عن محمد بن مخلد؛ بسنده عند الدارقطني، ولفظِه. الدارقطني: المصدر السابق، (4/ 499، 500)، برقم (3874، 3875، 3877)؛ من طريق عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، عن داود بن عمرو، عن داود العطار، عن ابن جريج؛ بسنده عند سعيد بن منصور، ولفظه: ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عود المغزل ا. هـ، ومن طريقدعلج بن أحمد ، نا الحسن بن سفيان ، نا حبان ، ثنا ابن المبارك ، أنا داود بن عبد الرحمن؛ بسنده عند سعيد بن منصور، ولفظه نحوه، ثم أردف: وجميلة بنت سعد أخت عبيد بن سعد ا. هـ، ومن طريق محمد بن مخلد، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر بن خالد، عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم، عن عائشة؛ به موقوفًا، بنحوه. البيهقي: السنن الصغير (3/ 168)، برقم (2825)؛ من طريق أبي عبد الله الحافظ إجازةً عن أبي الوليد الفقيه عن بشر بن فطن، ومن طريق أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن عمر الحافظ، عن محمد بن مخلد، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر بن خالد؛ عن داود بن رشيد؛ بسنده عند الدارقطني، بنحو لفظه.

(3)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 396).

ص: 460

وأجيب عنه: بأن الحمل والفصال في الآية؛ مبتدآن، وثلاثون خبر عن أحدهما - أي: المبتدأ الثاني -، وخبر الآخر محذوف؛ فأحد الخبرين مستعمل في حقيقته والآخر في مجازه، فلا جمع في لفظ واحد.

(1)

ونوقش الجواب: بأنه جاء إطلاق الأشهر في قول الحق جل ذكره: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [سورة البقرة: 197]؛ على شهرين وبعض الثالث

(2)

.

وبأننا لا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بشيء من قولكم هذا قبلكم، ولا معكم؛ إلا من قلدكم اتباعًا لهواه، ونعوذ بالله من الفتنة.

(3)

ج - إن أسماء العدد لا يتجوز بشيء منها في الآخر؛ لأنها بمنزلة الأعلام على مسمياتها.

(4)

وأجيب: بأن الشهر ليس من أسماء العدد.

(5)

د - إن هذا تحكم يخالف ظاهر الكتاب وقول الصحابة؛ فقد روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم: أن المراد بالحمل حمل البطن، وبه استدل علي أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وقد دل على هذا قول الله تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [سورة لقمان: 14]؛ فلو حمل على ما قاله أبو حنيفة، لكان مخالفا لهذه الآية.

(6)

2 -

لما كانت أقل مدة الحمل ستة أشهر؛ اعتبرنا ذلك في نقله من غذاء اللبن بعد الحولين إلى غذاء الطعام؛ فجعلنا ستة أشهر؛ لأن أولى المقادير باعتبار المدة التي ينتقل بها الصبي من حال كونه نطفة إلى غذاء اللبن هي ستة أشهر.

(7)

(1)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 396).

(2)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 396).

(3)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 24).

(4)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 396).

(5)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 396).

(6)

ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (21/ 138). السيوطي: الدر المنثور (13/ 323 - 325). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 320). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 229 - 230).

(7)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق (5/ 267).

ص: 461

3 -

إن قول الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [سورة الأحقاف: 15] مشتمل على ذكر المدتين للحمل والرضاع، ثم لما قال:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [سورة لقمان: 14]؛ حصلت مدة الحمل ستة أشهر، فصار كقوله: حمله ستة أشهر، وفصاله في عامين.

ثم لما ثبت عندنا أنه لا تجاوز زيادة مدة الحمل أكثر المدة، وهي الحولان؛ وجب ألا يجاوز بالزيادة على المدة المذكورة للرضاع أكثر من المدة التي تضمنتها الآية للحمل، وهي ستة أشهر.

(1)

ويمكن أن يناقش أصحاب هذا القول بما يلي: أ- اضطراب بعضهم فيه؛ كالحنفية؛ حيث تباينت حكايتهم له مذهبًا عندهم أو لا، وهو أمارة ضعف القول.

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:

1 -

قول الله تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: 233]؛ فجعل الله تعالى تمام الرضاع حولين كاملين؛ ما دل على أنه لا حكم للرضاعة بعدهما، ولا تعلق للتحريم به، وهذه هي مدة المجاعة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصر الرضاعة المحرمة عليها

(2)

، وحيث إن الله جل ذكره حد في ذلك حدًّا، كان غير جائز أن يكون ما وراء حده موافقًا في الحكم ما دونه؛ لأن ذلك لو كان كذلك لم يكن للحد معنًى معقول، وما جعل الله تعالى له غاية بالحكم بعد مضي الغاية فيه غيره قبل مضيها؛ كما قال الله سبحانه:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [سورة النساء: 101]، فكان لهم أن يقصروا مسافرين، وكان في شرط القصر لهم بحال موصوفة؛ دليلٌ على أن حكمهم في غير تلك الصفة غير القصر، وقال تعالى:

(1)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 27).

(2)

ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 320). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 82 - 83). والحديث الذي قيد فيه الرضاع المحرم بمدة المجاعة التي يكفي الحليب في سدها هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه، وقد تقدم تخريجه في الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد، وهو يعني أن الصبي الرضيع الذي تنتقل الحرمة إليه هو الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن. ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 588 - 589).

ص: 462

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة: 228]، فكن إذا مضت الثلاثة الأقراء؛ فحكمهن

بعد مضيها غير حكمهن فيها.

(1)

ونوقش بما يأتي: أ- لقد كان في الآية كفاية في عدم اعتبار الحولين؛ لأنه تعالى قال: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُوْدِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوْفِ} [سورة البقرة: 233]؛ فأمر تعالى الوالدات بإرضاع المولود عامين، وليس في هذا نفي تحريم الرضاعة بعد ذلك، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين. وكان قول الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: 23]، ولم يقل تعالى في حولين، ولا في وقت دون وقت؛ زائدًا على الآيات الأخر، وعمومًا: لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص له لا بظن، ولا بمحتمل لا بيان فيه، وكانت الآثار في نفي التخصيص بالحولين قد جاءت مجيء التواتر.

(2)

وأجيب عنه: بأن ما جاء في إثبات التحريم من الرضاع بعد الحولين خاص لسالم، كما قال بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث جاء في الحديث أنهن قلن: ما نرى هذا إلا خاصًّا لسالم، وما ندري لعله رخصة لسالم ا. هـ

(3)

ونوقش الجواب: بأنه ظنٌّ ممن ظن ذلك منهن رضي الله عنهن بلا شك؛ لأنهن قلن: "لا ندري. . . "، والظن لا يعارض بالسنن كما قال تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة يونس: 36].

(4)

وبأنه شتان بين احتجاج أم سلمة رضي الله عنها باختيارها، وبين احتجاج عائشة رضي الله عنها بالسنة الثابتة، وقولها لها: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ وسكوت أم سلمة ينبئ برجوعها إلى الحق عن احتياطها.

(5)

(1)

ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 80). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 207).

(2)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 28 - 29).

(3)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(4)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(5)

تقدم تخريجه في المبحث الأول من الفصل الثالث. ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

ص: 463

2 -

ما روي في الأخبار المرفوعة والموقوفة عن عدد من الصحابة؛ كابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس:"لا رضاع إلا ما كان في الحولين"

(1)

، وهذا ناف لرضاع الكبير، وأنه لا حرمة له.

(2)

3 -

إن أدنى مدة الحمل ستة أشهر، فبقي للفصال حولان.

(3)

4 -

جعل الله تعالى في كتابه أجرَ المرضع على الأب، والأجر على الرضاع لا يكون إلا على ما له مدة معلومة.

(4)

5 -

قول الله عز وجل: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [سورة الأحقاف: 15]، وقوله عز وجل:{وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: 233]، وقوله:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [سورة لقمان: 14]؛ فقد قطع الله تعالى أن فصال الرضيع في عامين، وأن رضاعه حولان كاملان؛ لمن أراد أن يتم الرضاعة؛ فلا رضاع بعد الحولين أصلًا؛ لأن الرضاعة قد تمت، وإذا انقطع الرضاع انقطع حكمه من التحريم، وغير ذلك.

(5)

ونوقش بما يأتي: أ- صدق الله تعالى، وعلينا الوقوف عند ما حد عز وجل، ولو لم يأت نص غير هذا لكان في هذه النصوص متعلق، لكن قد جاء في ذلك ما رويناه عن عائشة أم المؤمنين؛ قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إني أرى وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو خليفه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضيعيه". فقالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"قد علمت أنه رجل كبير".

(6)

(1)

تقدم تخريجه عند الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.

(2)

ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (3/ 162). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 83). ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 203 - 205)، وتقدم تخريج ذلك عند نسبة القول إليهم في صدر المسألة.

(3)

الميداني: المصدر السابق، (4/ 76).

(4)

ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 72).

(5)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 27).

(6)

تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 27 - 28).

ص: 464

6 -

ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل

(1)

، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظرن من إخوانكن

(2)

؛ فإنما الرضاعة من المجاعة" متفق عليه

(3)

؛ فمعنى قوله: "انظرن من إخوانكن": تأملن ما وقع من ذلك؛ هل هو رضاع صحيح بشرطه؛ من وقوعه في زمن الرضاعة، ومقدار الارتضاع؛ فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط

(4)

؛ الأمر الذي دل على أن للرضاع المحرِّم زمنًا معينًا.

7 -

ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع، إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام". أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

(5)

8 -

ما روى عبدالله بن دينار، قال: جاء رجل إلى ابن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: كانت لي وليدة، فكنت أطؤها، فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها، فدخلت عليها، فقالت: دونك؛ فقد والله أرضعتها. فقال عمر بن الخطاب: أوجعها، وائت جاريتك؛ فإنما الرضاع رضاع الصغير.

(6)

(1)

قال ابن حجر: لم أقف على اسمه وأظنه ابنًا لأبي القعيس، وغلط من قال: هو عبد الله بن يزيد رضيع عائشة ا. هـ ابن حجر: فتح الباري (11/ 385).

(2)

هذا في رواية الكشميهني؛ قال ابن حجر: وهي أوجه ا. هـ، وفي رواية غيره لصحيح البخاري:"انظرن ما إخوانكن". ينظر: ابن حجر: المصدر السابق، (11/ 385).

(3)

تقدم تخريجه في الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد. ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 320). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 229). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 83).

(4)

ابن حجر: المصدر السابق، (11/ 385).

(5)

تقدم تخريجه تقدم تخريجه عند الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد. ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 320). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 229). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 83).

(6)

ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 81)؛ من طريق مالك، عن أنس، عن عبد الله بن دينار؛ به. ومن طريقه: البيهقي: المصدر السابق، (16/ 34)، برقم (15755).

ص: 465

9 -

عن ابن عمر أنه كان يقول: لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر.

(1)

10 -

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: رضاعة الكبير ما أراها إلا تحرم، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: انظر ما يفتي به الرجل. فقال أبو موسى: فما تقول أنت؟ فقال: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين. فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم.

(2)

أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:

1 -

قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخْوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [سورة النساء: 23]؛ فاسم الرضاعة تناوله بعد الحولين من جهة اللغة، فوجب أن يدخل في العموم.

(3)

2 -

قول الله تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: 233]، وقوله في سياق الآية:{فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة: 233]، فدلت هذه الآية على وقوع الرضاع بعد الحولين من وجوه أربعة:

أحدها: قوله: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا} [سورة البقرة: 233] ، والفاء للتعقيب؛ فجعل إرادة الفصال بعد الحولين، وهذا يقتضي أن يكون حكم الرضاع باقيًا بعد الحولين حتى يريدا الفصال، ثم يفطمانه.

الوجه الثاني: إنه ذكر فصالًا منكَّرًا، ولو كان متعلقًا بمضي الحولين؛ لعاد إليه بلفظ التعريف، فيقول: الفصال، فلما ذُكر بلفظ النكرة؛ دل على أنه لم يتناول الحولين.

وذلك أن اللفظ إذا أعيد منكراً كان غير الأول، وإذا أعيد معرفًا كان عين الأول، ومنه قول الحق:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [سورة الشرح: 5 - 6]؛ فقوبل عسر واحد لتعريف العسرين في الآية بيسرين لتنكيرهما.

(1)

ينظر: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 465)، برقم (13905)؛ من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر؛ به. الشافعي: المصدر السابق، (6/ 81)؛ من طريق مالك؛ بسنده عند عبد الرزاق. ومن طريقه: البيهقي: المصدر السابق، (16/ 35)، برقم (15758).

(2)

تقدم تخريجه عند الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 81 - 83).

(3)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 263).

ص: 466

الوجه الثالث: إنه علقه بإرادتهما ومشورتهما، ولو كان مقصورًا على الحولين لما كان للإرادة والمشاورة فيه مدخل.

الوجه الرابع: قوله الله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [سورة البقرة: 233]، فحيث أجاز لهما الاسترضاع بعد الحولين؛ دل على أن الاسم يتناوله.

(1)

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذه الآية تدل على أن حكم الرضاع مقصور على الحولين؛ لأنه قال: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سورة البقرة: 233]، فأخبر أن الحولين تمامُ الرضاع.

(2)

وأجيب عنه: بأنه قد يجوز إطلاق لفظ التمام عليه، والمراد به: مقاربة التمام، كما قدأطلق في الشريعة أن من وقف بعرفة فقد تم حجه، والمراد به مقاربة التمام؛ لأن عليه بعدُ طوافَ الزيارة، وهو فرض من فروض الحج، وكما قال الله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [سورة الطلاق: 2]، والمعنى: مقاربة البلوغ.

(3)

كما أجيب: بأنه جائز أن يكون تقدير الحولين لما يلزم الأب من نفقة الرضاع أكثر من حولين متى أراد نقله إلى غذاء الطعام، فيكون تقدير الحولين مستعملًا في هذا الوجه، دون ما يتعلق به حكم التحريم من الرضاع.

(4)

3 -

حديث سالم مولى أبي حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسهلة بنت سهيل بن عمرو، وهي امرأة أبي حذيفة:"أرضعيه خمس رضعات، ثم يدخل عليك"، وفي رواية:"أرضعي سالماً ليذهب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهة"

(5)

، بذلك كانت عائشة تأخذ؛ تأمر بنات أخواتها، وبنات إخوتها؛ يرضعن من أحبت عائشة أن يراها، ويدخل عليها، وإن كان كبيرًا خمس رضعات؛ فصح أن عائشة رضي الله عنها كان يدخل عليها الكبير إذا أرضعته في حال كبره أخت من أخواتها الرضاع المحرم، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل

(1)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 264 - 265).

(2)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 265).

(3)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 265 - 266).

(4)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 266).

(5)

تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 268 - 269).

ص: 467

ونقطع بأنه تعالى لم يكن ليبيح سر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ينتهكه من لا يحل له، مع قوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [سورة المائدة: 67]، فنحن نوقن ونبت بأن رضاع الكبير يقع به التحريم

(1)

.

ونوقش بما يأتي: أ- إن سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم قلن: لعل هذه الرخصة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم وحده

(2)

، كما خص أبا بردة بن نيار بالجذعة، وأنها لا تجزئ عن أحد بعده

(3)

، ولا يكون الإجزاء إلا من واجب؛ لأنه لو لم يكن واجباً لأجزأه الترك، وكانت الجذعة زيادة على الإجزاء، وإذا كان هذا لسالم خاصة، فالخاص لا يكون إلا مُخْرِجًا من حكم العام، وإذا كان مخرجًا من حكم العام فالخاص غير العام، وعند هذا يتعين حمل خبر أبي حذيفة على أنه خاص له دون الناس، كما قال سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ ليس هو عن مجاعة، ولا فاتقًا للأمعاء.

(4)

وأجيبه عنه: بأنه ليس في امتناع سائرهن من أن يدخل عليهن بهذه الرضاعة شيء ينكر؛ لأن مباحًا لهن أن لا يدخل عليهن من يحل له الدخول عليهن.

(5)

ب - إنما ذكر فيه ذهاب ما في وجه أبي حذيفة من الكراهة، ولم يذكر فيها التحريم؛ لأنها رأت في وجه أبي حذيفة كراهة من دخول سالم عليها.

(6)

(1)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).

(2)

تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 77 - 79). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 228). ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 586). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 84).

(3)

ينظر: البخاري: المصدر السابق، (كتاب في العيد والتجمل فيه - باب الأكل يوم النحر - 2/ 51)، برقم (965)؛ من طريق عثمان، عن جرير، عن منصور، عن الشعبي، عن البراء بن عازب؛ به، ومن طرق أخرى. مسلم: المصدر السابق، (كتاب الأضاحي - باب من ذبح أضحيته قبل الصلاة لم تجزه - 5/ 291)، برقم (2015)؛ من طريق يحيى بن يحيى، عن خالد بن عبد الله، عن مطرف، عن عامر، عن البراء؛ به.

(4)

ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 79 - 80). ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 319 - 320). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 229).

(5)

ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).

(6)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 269).

ص: 468

ج - ما وري عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، قالت: فكأنه تغير لونه، فقلت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة. فقال: "انظرن ما إخوانكن؛ إنما الرضاعة من المجاعة"

(1)

.

د - ما روى عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة كانت تأمر بنت عبدالرحمن بن أبي بكر أن ترضع الصبيان، حتى يدخلوا عليها إذا صاروا رجالًا.

(2)

هـ - إن هذا منسوخ بنسخ التبني

(3)

؛ لأن القصة جرت عقيب نزول الآية، والآية نزلت في أوائل الهجرة، والحكم الثاني رواه أحداث الصحابة وجماعة تأخر إسلامهم؛ نحو أبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهم وغيرهما، وهذا ظاهر في النسخ لا خفاء به.

(4)

وأجيب عنه: بأن النسخ دعوى لا حجة عليها؛ بسبب عدم إمكان إثبات التاريخ المعلوم التأخر بينه وبين تلك الأحاديث، ولو قلبت دعوى النسخ على مدَّعيها كانت نظير دعواهم.

وبأن أبا هريرة وابن عباس رضي الله عنهم -لم يصرحا بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، بل لم يسمع منه ابن عباس إلا دون العشرين حديثًا، وسائرها عن الصحابة رضي الله عنهم

(5)

.

وبأن عائشة نفسها روت هذا وهذا، فلو كان دليل أحد الوجهتين ناسخًا؛ لأخذت به عائشة، وتركت المنسوخ

(6)

، لكنها أخذت بالعام والخاص فيمن شمله معنى التخصيص عندها.

وبأن هذا باطل بيقين؛ لأنه لا يحل لأحد أن يقول في نص ثابت: هذا منسوخ؛ إلا بنص ثابت مبين غير محتمل، فكيف وقول سهلة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أرضعه وهو رجل كبير؟ بيان جلي؛ لأنه بعد نزول الآيات المذكورات، وباليقين؛ ندري

(1)

متفق عليه، وقد تقدم تخريجه في الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.

(2)

ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 296 - 270). ولم أجده مسندًا.

(3)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(4)

الحازمي: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (1/ 187).

(5)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 586، 588).

(6)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 586 - 587).

ص: 469

أنه لو كان خاصة لسالم، أو في التبني الذي نسخ لبينه عليه الصلاة والسلام كما بين لأبي بردة في الجذعة إذ قال له:"تجزئك ولا تجزئ أحدًا بعدك".

(1)

وبأن مآل دعوى النسخ بلا دليل أو قرينة ظاهرة نقض كثير من الأحكام الشرعية التي خص سببها، فإذا خص العام في موضع ما أو حادثة معينة كان الاعتبار بعموم اللفظ لا خصوص السبب.

وـ كيف يحل للكبير أن يرضع ثدي امرأة أجنبية؟

(2)

وأجيب عنه: بأن هذا اعتراض مجرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بذلك.

(3)

وبأن امتصاص الكبير من ثدي الأجنبية ممنوع، لكن لو وقع ترتب عليه حكم التحريم

(4)

.

ز - أما حديث الستر المصون، والحرمة العظيمة، والحمى المنيع؛ فرضي الله عن أم المؤمنين، فإنها وإن رأت أن هذا الرضاع يثبت المحرمية، فسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخالفنها في ذلك، ولا يرين دخول هذا الستر المصون، والحمى الرفيع بهذه الرضاعة، فهي مسألة اجتهاد، وأحد الحزبين مأجور أجرًا واحدًا، والآخر مأجور أجرين، وأسعدهما بالأجرين من أصاب حكم الله تعالى ورسوله في هذه الواقعة، فكل من المدخل للستر المصون بهذه الرضاعة، والمانع من الدخول فائز بالأجر، مجتهد في مرضاة الله وطاعة رسوله، وتنفيذ حكمه، ولهما أسوة بالنبيين الكريمين داود وسليمان اللذين أثنى الله عليهما بالحكمة والحكم، وخص بفهم الحكومة أحدهما.

(5)

كما يمكن أن يناقش بما يأتي: ح- إن لكل صحابي فقيه بابًا يكثر فيه اجتهاده الذي يخالف فيه عامة الصحابة رضي الله عنهم، أو يضطرب فيه النقل عنه، وآثار عائشة ناضحة

(1)

متفق عليه، وقد تقدم قريبًا. ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(2)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(3)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 29).

(4)

ينظر: ابن حجر: المصدر السابق، (11/ 386).

(5)

ابن القيم: المصدر السابق (5/ 590).

ص: 470

بالاضطراب في باب الرضاع، وحسبك بهذه المسألة التي روي فيها عن عائشة أكثر من قول كما تقدم.

4 -

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الرضاعة من المجاعة" متفق عليه

(1)

، وقوله:"الرضاعة ما أنبتَ اللحم وأنشز العظم"

(2)

؛ فمتى كان للّبن تأثير في سد الجوعة، وإنشاز العظم، وإنبات اللحم؛ بعد الحولين؛ وجب أن يتعلق به حكم التحريم بعموم اللفظ

(3)

؛ لأن للكبير من الرضاعة في طرد المجاعة نحو ما للصغير، فهو عموم لكل رضاع إذا بلغ خمس رضعات كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

ونوقش بما يأتي: أ- إن سياق الحديث حين رأى معها الرجل الكبير يبين المراد، وأنه إنما يحرِّم رضاعة من يجوع إلى لبن المرأة، والسياق ينزِّل اللفظ منزلة الصريح؛ فتغيُّر وجهه الكريم صلى الله عليه وسلم وكراهته لذلك الرجل، وقوله:"انظرن من إخوانكن"؛ إنما هو للتحفظ في الرضاعة، وأنها لا تحرِّمُ كلَّ وقت.

(5)

ب - قولكم: إن الرضاعة تطرد الجوع عن الكبير كما تطرد الجوع عن الصغير؛ كلام باطل، فإنه لا يعهد ذو لحية قط يشبعه رضاع المرأة ويطرد عنه الجوع، بخلاف الصغير فإنه ليس له ما يقوم مقام اللبن، فهو يطرد عنه الجوع، فالكبير ليس ذا مجاعة إلى اللبن أصلًا، والذي يوضح هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد حقيقة المجاعة، وإنما أراد مظنتها وزمنها، ولا شك أنه الصغر، فإن أبيتم إلا الظاهرية، وأنه أراد حقيقتها؛ لزمكم أن لا يحرم رضاع الكبير إلا إذا ارتضع وهو جائع، فلو ارتضع وهو شبعان لم يؤثر شيئًا.

(6)

5 -

إن ما فوق الحولين يسمى رضاعًا من طريق اللغة؛ فوجب دخوله في حكم الآية.

(7)

(1)

تقدم تخريجه في الضابط الثامن من المبحث الثالث في التمهيد.

(2)

تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.

(3)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 264).

(4)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 30).

(5)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 589).

(6)

ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 589 - 590).

(7)

الجصاص: المصدر السابق، (5/ 266).

ص: 471

أدلة القول الخامس: استدل أصحاب القول الخامس إلى جانب ما تقدم من أدلة ثبوت المحرمية في الحولين على ثبوت المحرمية لما بعد الحولين في الحجابة بما يأتي:

1 -

إن متقدمي شيوخنا فعلوه في أهليهم.

(1)

أدلة القول السادس: استدل أصحاب القول السادس بما يأتي:

1 -

ظاهر الآية المتقدمة.

(2)

2 -

إنه مقتضى الحاجة غالبًا.

(3)

3 -

ما روى الترمذي مرفوعًا وصححه: "لا يُحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام"

(4)

، فإذا انفصل قبل ذلك واستغنى بالطعام؛ لم يحرم رضاعه إلا بعد ذلك باليسير.

(5)

4 -

إن الشهرين في حكم الحولين.

(6)

ونوقش أصحاب هذا القول بما يأتي: أ- ما نعلم أحدًا من أهل العلم قال بشيء من قولكم هذا قبلكم، ولا معكم؛ إلا من قلدكم اتباعًا لهواه، إذ كان فساد القول غير خاف؛ إلا على قول من يقول في النهار: إنه ليل؛ مكابرةً ونصرة للباطل.

(7)

5 -

لما قال الله تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [سورة البقرة: 233]؛ دل ذلك على أن هاهنا حولين ناقصين، فكان الاعتبار بعدد بالشمس.

ونوقش بما يأتي: أ- جمع هذا القول مخالفة الله عز وجل، ومكابرة الحس؛ أما مخالفة الله عز وجل، فإنه سبحانه يقول:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [سورة التوبة: 36]؛ فنص تعالى على أن

(1)

ينظر: الحطاب: المصدر السابق، (4/ 576).

(2)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(3)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(4)

تقدم تخريجه تقدم تخريجه عند الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد. ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(5)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(6)

ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 272).

(7)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 24، 25).

ص: 472

عدة الشهور عنده هي التي منها أربعة حرم، وأنه في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، وأن ذلك هو الدين القيم، ولا يمكن أن تكون الأشهر الحرم إلا في الأشهر العربية القمرية، فمن خالف ذلك فقد خالف الدين القيم، ونسب إلى الله تعالى الكذب من أنه أمَر أن يراعى عدد الحولين بالعجمية. وأما مكابرة العيان، فإنه ليس بين الحولين الأعجميين المعدودين بالشمس وقطعهما للفلك وبين الحولين العربيين المعدودين بالقمر إلا اثنان وعشرون يومًا، فالزيادة على ذلك إلى تمام شهرين لا ندري من أين أتت، والقطع بالتحريم والتحليل في دين الله عز وجل بمثل هذا لا يحل.

(1)

أدلة القول الثاني عشر: استدل أصحاب القول الثاني عشر بما يأتي:

أولًا: الدليل على كون الفطام قاطعًا للتحريم في الحولين في غير الحاجة:

1 -

قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع بعد فصال"

(2)

،

(1)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 24).

(2)

ينظر: أبو داود الطيالسي: المصدر السابق، (ص 330)، برقم (1876)؛ من طريق اليمان أبي حذيفة، عن أبي عبس، عن جابر؛ به مرفوعًا، ومن طريق خارجة بن مصعب، عن حرام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر؛ به مرفوعًا. عبد الرزاق: المصدر السابق، (6/ 416، 7/ 464، 8/ 465)، برقم (11450، 11451، 13897، 13899، 15919)؛ من طريق معمر، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي؛ به مرفوعًا، بلفظ:"لا رضاع بعد الفصال"، ثم أردف: فقال له الثوري: يا أبا عروة! إنما هو عن علي موقوف، فأبى عليه معمر إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ، ومن طريق الثوري، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي؛ به مرفوعًا، باللفظ الآنف، ومن طريق معمر، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن، ومحمد ابني جابر؛ عن أبيهما جابر بن عبد الله؛ به مرفوعًا، بلفظ:"لا رضاع بعد الفطام"، ومن طريق معمر، عن حرام بن عثمان الأنصاري، عن عبد الله، ومحمد ابني جابر؛ عن أبيهما جابر بن عبد الله؛ به مرفوعًا، بلفظ:"لا رضاعة بعد الفطام". ابن أبي أسامة: مسند الحارث (1/ 439)، برقم (357)؛ من طريق إسماعيل بن أبي إسماعيل، عن إسماعيل بن عياش، عن حرام بن عثمان، عن أبي عتيق، عن جابر بن عبد الله الأنصاري؛ به مرفوعًا، ولفظه:"لا رضاع بعد فطام". أبو بكر النيسابوري: الزيادات على كتاب المزني (ص 551)، برقم (568)؛ من طريق أبي القاسم، عن أبي بكر، عن بحر بن نصر، عن أيوب بن سويد، عن سفيان الثوري، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب؛ قال أيوب بن سويد: أحسبه عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ قال: لا رضاع بعد فطام ا. هـ الطبراني: المعجم الكبير (4/ 455)، برقم (8421)؛ من طريق عمر بن حفص السدوسي، عن عاصم بن علي، عن المسعودي، عن أبي حصين، عن أبي عطية، عن ابن مسعود؛ به مرفوعًا، بلفظ ابن أبي أسامة. المعجم الأوسط، (6/ 337، 7/ 222)، برقم (6564، 7331)؛ من طريق محمد بن هارون الصوفي المصري، عن محمد بن عبيد التبان المديني، عن أبيه، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبان بن تغلب، عن إبراهيم، عن علقمة، عن علي بن أبي طالب؛ به مرفوعًا، بلفظ ابن أبي أسامة، ثم أردف: لم يرو هذا الحديث عن علقمة إلا إبراهيم، ولا رواه عن إبراهيم إلا أبان بن تغلب، ولا رواه عن أبان إلا موسى بن عقبة، ولا عن موسى إلا محمد بن جعفر، تفرد به محمد بن عبيد التبان، عن أبيه، ولا كتبناه إلا عن هذا الشيخ ا. هـ، ومن طريق محمد بن العباس، عن عبد الرحمن بن يونس، عن مطرف بن مازن، عن معمر، عن عبد الكريم، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب؛ به مرفوعًا، بلفظ:"لا رضاع بعد الفطام"، ثم أردف بعد تتمة الحديث: هكذا روى هذا الحديث مطرف بن مازن عن معمر عن عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق، ورواه عبد الرازق عن معمر عن جويبر، عن الضحاك ا. هـ المعجم الصغير (ص 466)، برقم (952)؛ من طريق محمد بن سليمان الصوفي البغدادي بمصر سنة ثمانين ومائتين، عن محمد بن عبيد بن ميمون التبان المديني سنة إحدى وأربعين ومائتين، عن أبيه، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن موسى بن عقبة، عن أبان بن تغلب، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن علي؛ به مرفوعًا، ثم أردف: لم يروه عن أبان إلا موسى بن عقبة، ولا عن موسى إلا محمد بن جعفر، ولا عن محمد إلا عبيد التبان؛ تفرد به محمد بن سليمان، عن محمد بن عبيد ا. هـ وعلق الألباني على محمد بن عبيد بقوله: هو ثقة، لكن أبوه عبيد مجهول كما قال أبو حاتم، وأما ابن حبان فذكره فى الثقات، وهو عمدة الهيثمي فى قوله: رواه الطبراني فى الصغير، ورجاله ثقات ا. هـ. ومن طريقه: الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد (3/ 228)، برقم (823)؛ من طريق محمد بن عبد الله بن شهريار الأصبهاني، عنه؛ به. ومن طريقه: ابن عساكر (51/ 163)؛ من طريق أبي بكر الخطيب، عن أبي سعد أحمد بن محمد ابن أحمد الماليني، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد، عن محمد بن أحمد ابن الهيثم التميمي بدمشق، عن محمد بن سليمان بن هارون، عن محمد بن عبيد بن ميمون المدني، عن أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة، عن أبان بن تغلب، عن إبراهيم، عن علقمة، عن علي؛ به مرفوعًا، بلفظ ابن أبي أسامة ا. هـ الدارقطني: المصدر السابق، (5/ 309)، برقم (4368)؛ =

ص: 473

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= من محمد بن الحسين الحراني، عن أحمد بن يحيى بن زهير ، عن عبد الرحمن بن سعيد أبي أمية، عن عبد الرحمن بن القطامي، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة؛ به مرفوعًا، بلفظ:"لا رضاع بعد الفطام"، ثم أردف: ابن القطامي ضعيف ا. هـ ابن عدي: المصدر السابق، (2/ 30، 318، 3/ 305، 4/ 340، 5/ 357)؛ من طريق أحمد بن علي المدائني، عن بحر بن نصر؛ بسنده عند أبي بكر النيسابوري ولم يُذكر شك أيوب، ومن طريق الحسن بن سفيان، عن حسين بن مهدي، عن عبد الرزاق؛ بسنده أعلاه، ومن طريق القاسم بن مهدي، عن زهير بن عباد، عن حفص بن ميسرة أبي عمر الصغاني، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن، ومحمد ابني جابر؛ عن أبيهما جابر؛ به مرفوعًا، ولفظه:"لا رضاع بعد فطام"، ومن طريق حمد بن يحيى بن زهير، عن عبد الرحمن بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القطامي، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة؛ به مرفوعًا، بلفظه الآنف، ومن طريق إبراهيم بن الحارث الفارسي، عن علي بن حرب، عن أبي مسعود اليمني، وعبد الرحمن التيمي؛ عن أبي سعد سعيد بن المَرْزُبان البقال، عن يزيد الفقير، عن جابر؛ به مرفوعًا، بلفظ أبي داود الطيالسي. أبو طاهر المخلص: المصدر السابق، (1/ 242)، برقم (337)؛ من طريق يحيى، عن سلمة بن شبيب، عن عبد الحميد بن عبدالرحمن أبي يحيى الحماني، عن أبي سعد المرزُبال؛ بسنده عند ابن عدي، ولفظِه. ابن بشران: الأمالي (ص 414)، برقم (968)؛ من طريق حمزة بن محمد بن العباس، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن أبي السري، عن عبد الرزاق؛ بسنده عند ابن عدي، ولفظِ الطيالسي. البيهقي: المصدر السابق، (كتاب الخلع والطلاق - باب الطلاق قبل النكاح - 15/ 201، كتاب الرضاع - باب رضاع الكبير - 16/ 33 - 34)، برقم (14990، 14991، 15754)؛ من طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني، عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، عن إبراهيم بن شريك، عن أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش، عن حرام بن عثمان، عن ابني جابر عبد الرحمن ومحمد عن أبيهما، وأبي عتيق؛ عن جابر؛ به مرفوعًا، بلفظ الطيالسي، ومن طريق أبي بكر بن فورك، عن عبد الله بن جعفر، عن يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي، عن اليمان، وخارجة؛ بسنديهما عند أبي داود الطيالسي، ولفظه، ومن طريق علي بن أحمد بن عبدان، عن أحمد بن عبيد الصفار، عن أبي إسماعيل الترمذي، عن ابن أبي السري، عن عبد الرزاق؛ بسنده عند ابن عدي مرفوعًا، ولفظِ الطيالسي، ثم أردف: قال عبد الرزاق: قال سفيان لمعمر: إن جويبرًا حدثنا بهذا الحديث ولم يرفعه. قال معمر: وحدثنا به مرارًا ورفعه ا. هـ ابن عساكر: المصدر السابق، (26/ 356)؛ من طريق أبي شاكر عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي شاكر، عن أبي غالب بن البنا، عن أبي الحسين بن النرسي، عن موسى بن عيسى بن عبد الله السراج، عن عبد الله بن سليمان، عن أحمد بن صالح، عن يحيى بن رقيش؛ أنه سمع شيوخًا من بني عمرو بن عوف، وعن خاله عبد الله بن أبي أحمد؛ عن علي بن أبي طالب؛ به مرفوعًا، بلفظ الطيالسي.

وقد تبين مما تقدم أن هذا الحديث يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الصحابة، وهم:

الأول: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام ت بعد 70 هـ في المدينة، وعنه:

أ - أبو عبس، وعنه: اليمان أبو حذيفة، وعنه: أبو داود الطيالسي البصري ت 204 هـ.

ب - أبو عتيق، وعنه: حرام بن عثمان الأنصاري، وعنه ثلاثة:

أحدهما: خارجة بن مصعب، وعنه: أبو داود الطيالسي.

ثانيهما: إسماعيل بن عيَّاش، وعنه: إسماعيل بن أبي إسماعيل، وعنه: ابن أبي أسامة فيما يسمى بمسند الحارث.

ثالثهما: أبو بكر بن عياش، وعنه: أحمد بن يونس، وعنه: إبراهيم بن شريك، وعنه: أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، وعنه: أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني، وعنه: البيهقي.

ج - عبد الرحمن ومحمد ابنا جابر، وعنه: حرام بن عثمان، وعنه ثلاثة:

أولهما: معمر، وعنه: عبد الرزاق.

ثانيهما: حفص بن ميسرة أبي عمر الصغاني، وعنه: زهير بن عباد، وعنه: القاسم بن مهدي، وعنه: ابن عدي.

ثالثهما: أبو بكر بن عياش، وعنه: أحمد بن يونس، وعنه: إبراهيم بن شريك، وعنه: أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، وعنه: أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني، وعنه: البيهقي. =

ص: 474

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= د - عبد الله ومحمد ابنا جابر، وعنه: حرام بن عثمان، وعنه: معمر، وعنه: عبد الرزاق.

هـ - يزيد الفقير، وعنه: أبو سعد سعيد بن المَرْزُبان البقال، وعنه اثنان:

أحدهما: عبد الرحمن التيمي، وعنه: أبو مسعود اليمني إبراهيم بن الحارث الفارسي، وعنه: ابن عدي.

الآخر: عبد الحميد بن عبدالرحمن أبي يحيى الحماني وعنه: سلمة بن شبيب، وعنه: يحيى، وعنه: أبو طاهر المخلِّص.

الثاني: علي، وعنه:

أ - النزال بن سبرة، وعنه: الضحاك بن مزاحم، وعنه اثنان:

الأول: جويبر، وعنه اثنان:

أحدهما: معمر، وعنه: عبد الرزاق، وعنه اثنان:

أولهما: حسين بن مهدي، وعنه: الحسن بن سفيان، وعنه: ابن عدي.

ثانيهما: محمد بن أبي السري، وعنه: محمد بن إبراهيم، وعنه: حمزة بن محمد بن العباس، وعنه: ابن. . . . بشران.

الآخر: سفيان الثوري، وعنه اثنان:

أولهما: عبد الرزاق.

ثانيهما: أيوب بن سويد، وعنه: بحر بن نصر، وعنه:

أ - أبو بكر، وعنه: أبو القاسم، وعنه: أبو بكر النيسابوري.

ب - أحمد بن علي المدائني، وعنه: ابن عدي.

الثاني: عبد الكريم ابن أبي المخارق، وعنه: معمر مطرف بن مازن، وعنه: عبد الرحمن بن يونس، وعنه: محمد بن العباس، وعنه: الطبراني.

ب - علقمة بن قيس، وعنه: إبراهيم النخعي، وعنه: أبان بن تغلب، وعنه: موسى بن عقبة، وعنه: محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعنه: عبيد التبان بن ميمون المديني، وعنه: محمد ابنه ت 241 هـ، وعنه اثنان:

أولهما: محمد بن هارون الصوفي المصري، وعنه: الطبراني.

ثانيهما: محمد بن سليمان الصوفي البغدادي في مصر سنة 280 هـ، وعنه: الطبراني، ويحتمل أنهما راو واحد.

ج - شيوخ من بني عمرو بن عوف وعبد الله بن أبي أحمد، وعنهما: ابن أخت عبد الله: يحيى بن رقيش، وعنه: أحمد بن صالح، وعنه: عبد الله بن سليمان، وعنه: موسى بن عيسى بن عبد الله السراج، وعنه: أبو الحسين بن النرسي، وعنه: أبو غالب بن البنا، وعنه: سعيد بن عبد الرحمن بن أبي شاكر، وعنه: أبو شاكر عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، وعنه: ابن عساكر.

الثالث: ابن مسعود، وعنه: أبو عطية، وعنه: أبو حصين، وعنه: المسعودي، وعنه: عاصم بن علي، وعنه: عمر بن حفص السدوسي، وعنه الطبراني.

الرابع: أبو المهزم، وعنه: عبد الرحمن بن القطامي، وعنه: عبد الرحمن بن سعيد أبي أمية، وعنه:

أ - أحمد بن يحيى بن زهير، وعنه: محمد بن الحسين الحراني، وعنه: الدارقطني.

ب - حمد بن يحيى بن زهير، وعنه: ابن عدي.

وأعل بما يأتي:

أولًا: أبو مسعود أيوب بن سويد الرملي؛ ضعيف، متكلَّم فيه.

ثانيًا: أبو القاسم جويبر بن سعيد الأزدي؛ ضعيف، ليسى بشيء.

ثالثًا: أبو عبد الله حرام بن عثمان الأنصاري السلمي؛ متكلَّم فيه.

رابعًا: عبد الرحمن بن القطامي؛ كذاب.

خامسًا: عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وهو ثقة، ولكنه اختلط.

سادسًا: مطرف بن مازن، وهو ضعيف.

سابعًا: أبو مسعود اليمني؛ لا يُعرف.

ثامنًا: اضطراب متنه؛ فمرة يروى بالفطام، ومرة بالفصال. =

ص: 475

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ويجاب: بأن ذلك ليس من الاضطراب الذي يؤثر في دلالة المتن، بل هو من باب المترادفات التي لا تعدو أن تكون من باب رواية الحديث بالمعنى، وهي جائزة في قول الجمهور.

تاسعًا: الاضطراب في طرق الحديث من حيث روايتها مرفوعة تارة، وموقوفة تارة أخرى، وتصريح الراوي بالشك تارة. ولذلك جاء ذكر البيهقي في سننه أن سفيانَ قال لمعمر: إن جويبرًا حدثنا بهذا الحديث ولم يرفعه، فقال معمر: وحدثنا به مرارًا ورفعه ا. هـ

عاشرًا: تفرد محمد بن سليمان عن محمد بن عبيد التبان، عن أبيه؛ برفعه، في إحدى الطرق إلى علي، وعبيد مجهول كما قال أبو حاتم، وأما ابن حبان فذكره فى الثقات على قاعدته في كون الأصل في كل مسلم أنه ثقة فيما يرويه؛ قال الألباني إزاء توثيق ابن حبان لعبيد بعدما قرر جهالته: هو عمدة الهيثمي فى قوله: رواه الطبراني فى الصغير، ورجاله ثقات ا. هـ

وقال ابن حبان: سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال مولى حذيفة بن اليمان وكان أعور من أهل الكوفة يروي عن أنس بن مالك وأبي وائل كثير الوهم فاحش الخطأ ضعفه يحيى بن معين، عن محمد بن عبد الرحمن، عن ابن قهزاد، عن أبي إسحاق الطالقاني؛ يقول: سألت عبد الله بن المبارك عن أبي سعد البقال؟ فقال: كان قريب الإسناد؛ قال أبو حاتم: يزيد بن المبارك؛ قريب الإسناد؛ أي: إنا كتبنا عنه بقرب إسناده، ولولا ذاك لم نكتب عنه شيئًا، وهو الذي روى عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق لمن لا يملك، ولا صمت يوم إلى الليل، ولا وصال في صيام، ولا رضاع بعد فطام، ولا يتم بعد حلم، ولا رهبانية فينا"؛ حدثناه أحمد بن الحسين الحوراني بالموصل، عن محمد بن جامع بن أبي كامل، عن عبد الحميد الجماني، عن أبي سعد، عن يزيد الفقير ا. هـ

خامسًا: أبي سعد سعيد بن المَرْزُبان البقال الأعور العبسي مولى حذيفة بن اليمان؛ ضعيف منكر الحديث، ليس بشيء.

قال الحويني في حديث يزيد الفقير عن جابر مرفوعًا: سنده ضعيف جدًّا ا. هـ، وفي حديث أبي عتيق عن جابر مرفوعًا: هذا إسنادٌ ساقطٌ للغاية؛ إسماعيل بنُ أبي إسماعيل منكرُ الحديث، ورواية إسماعيل بن عيَّاش عن المدنيين منكرة وهذه منها، وحرام بنُ عثمان تالفٌ ا. هـ

وله من شواهد في الموقوفات عن عمر بن الخطاب: ما روى: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 295)، برقم (17337)؛ من طريق وكيع، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن؛ قال: قال عمر: لا رضاع بعد الفصال ا. هـ الكندي: كتاب الولاة وكتاب القضاة (ص 231)؛ من طريق محمد بن يوسف، عن ابن قديد، عن عبيد الله، عن أبيه، عن ابن لهيعة، عن ابن حبيب، عن ابن حجيرة الأكبر عند هذا المنبر، عن عمر بن الخطاب؛ به موقوفًا.

وعن علي: ما روى: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 464)، برقم (13898)؛ من طريق الثوري، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال، عن علي؛ بلفظ: لا رضاع بعد الفصال ا. هـ، باللفظ الآنف، ثم أردف: وسمعته يقول لمعمر: إنه لم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. قال معمر: بلى ا. هـ سعيد بن منصور: المصدر السابق، (1/ 291)، برقم (1030)؛ من طريق هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة الهلالي، عن علي، بلفظ: لا وصال ولا رضاع بعد فطام ا. هـ ما روى: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 295)، برقم (17338)؛ من طريق وكيع، عن أبي جناب، عن إسماعيل بن رجاء، عن النزال بن سبرة، عن علي؛ به موقوفًا، بلفظ: لا رضاع بعد الفصال ا. هـ البيهقي: المصدر السابق، (16/ 33)، برقم (15753)؛ من طريق أبي محمد عبد الله بن يوسف، عن أبي سعيد بن الأعرابي، عن الزعفراني، عن عبد الله بن بكر، عن سعيد، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، ومسروق بن الأجدع؛ عن علي؛ به موقوفًا، بلفظ الطيالسي، ثم أردف: هذا موقوف، وقد روي مرفوعًا ا. هـ الخطيب البغدادي: المصدر السابق، 8/ 180)؛ من طريق محمد بن علي المقرئ، عن أبي مسلم بن مهران، عن عبد المؤمن بن خلف النسفي، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن حديث معمر عن جويبر عن الضحاك عن النزال عن علي لا رضاع بعد فطام؟ فقال: جويبر لا يشتغل به، والحديث عن علي غير مرفوع ا. هـ قال ابن القيسراني: رواه جوير بن سعيد الأزدي الخراساني عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي، وهذا الحديث رواه عن عبد الرزاق حسين بن فهم؛ هكذا رواه جماعة؛ فمنهم من قال: عن معمر عن جويبر، ومنهم من قال: عن الثوري عن جويبر، ومنهم من أوقفه، ومنهم من رفعه ا. هـ

وعن عائشة: ما روى: سعيد بن منصور: المصدر السابق، (1/ 276)، برقم (968)؛ من طريق عبد العزيز بن محمد، عن إبراهيم بن عقبة، أنه سأل عروة بن الزبير عن الرضاعة بعد الفطام، فقال: إنما ذلك طعام أكله ليس بشيء ا. هـ

وعن ابن مسعود: ما روى: ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204)؛ من طريق أبي السائب، عن حفص، عن الشيباني، عن أبي الضحى، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله؛ قال: ما كان من رضاع بعد سنتين، أو في الحولين بعد الفطام؛ فلا رضاع، ومن طريق ابن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله؛ قال: لا رضاع بعد فصال، أو بعد حولين ا. هـ أبو يوسف: المصدر السابق، (ص 268)، برقم (618)؛ من طريق أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، بلفظ: لا رضاع بعد فطام ا. هـ وأعل بالانقطاع بين إبراهيم وابن مسعود.

وعن ابن عمر: ما روى: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 464)، برقم (13900)؛ من طريق معمر، عن الزهري؛ أن ابن عمر، أو ابن عباس؛ قال: لا رضاع بعد الفصال؛ الحولين ا. هـ =

ص: 476

وقوله عليه السلام الرضاعة من المجاعة"

(1)

، وذلك أن الصبي إذا فطم - وهو المراد بالفصال - استغنى في العادة بأكل بني آدم؛ فلم يعد الحليب يغني غناءه كالكبير، وإذا كان ذلك كذلك؛ لم تصدق عليه الأوصاف الشرعية لحليب الآدمية المحرم؛ كفتق الأمعاء، وسد الجوعة، ونبات اللحم، ونشوز العظم.

2 -

ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ما كان من رضاع بعد سنتين، أو في الحولين بعد الفطام؛ فلا رضاع ا. هـ، وقال: لا رضاع بعد فصال أو بعد حولين ا. هـ

(2)

.

3 -

ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا رضاع بعد فصال السنتين ا. هـ

(3)

؛ يعني: أنه لا يحرم شيء من الرضاع بعد الفطام الكائن في الحولين.

4 -

ما روي عن عروة بن الزبير أنه قال حين سئل عن الرضاعة بعد الفطام؛ قال: إنما ذلك طعام أكله ليس بشيء ا. هـ

(4)

ثانيًا: الدليل على ثبوت الحرمة بالرضاع للكبير عند الحاجة:

1 -

قصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم مع زوجة أبي حذيفة رضي الله عنهما

(5)

، وقد فسرها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنها رخصة له دون الناس

(6)

، وهذا ما يعني أن الأصل عدم التحريم بالرضاع للكبير من سائر الناس؛ إلا من كانت له حاجة، كما كانت لسهلة حاجة.

أدلة القول الثالث عشر: لم أعثر لأصحاب هذا القول دليل خاص، لكن يمكن أن يستدل لهم بما يأتي:

= وعن ابن عباس: ما روى: عبد الرزاق: المصدر السابق، (7/ 464)، برقم (13901، 13902)؛ من طريق معمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس؛ قال لا رضاع بعد فصال سنتين ا. هـ، ومن طريق الثوري، عن عمرو بن دينار، عمن سمع ابن عباس يقول: لا رضاع بعد الفطام ا. هـ، والملحوظ أن سفيانًا الثوري خالف ابنَ عيينة ومعمرًا؛ فرواه عن عمرو بن دينار، عمّن سمع ابن عباس؛ به.

وقد بوب ابن ماجه (3/ 125): لا رضاع بعد فصال ا. هـ

وقد ضعف حديث جابر المرفوع من طريق حرام عن ابني جابر وطريق يزيد الفقير: عبد الحق الإشبيلي، والظاهر أنه منكر مرفوعًا صحيح موقوفًا.

ينظر: ابن حبان: المجروحين من المحدثين (1/ 398 - 399). ابن عدي: المصدر السابق، (2/ 25 - 26، 317، 3/ 301، 4/ 336 - 337، 5/ 355). ابن القيسراني: المصدر السابق، (2/ 1218، 5/ 2653 - 2654، 2697). ابن القطان الفاسي: بيان الوهم والإيهام (2/ 100، 3/ 237 - 238، 5/ 763). الهيثمي: المصدر السابق، (4/ 262). الألباني: المصدر السابق، (5/ 81). أبو إسحاق الحويني: المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 532 - 533).

(1)

تقدم تخريجه عند الضابط الثامن من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.

(2)

ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 204)، وتقدم تخريجه عند الكلام على الدليل الآنف.

(3)

ابن جرير: المصدر السابق، (4/ 205)، وتقدم تخريجه عند الكلام على الدليل الأول لأصحاب هذا القول.

(4)

ينظر: سعيد بن منصور: (1/ 276)، برقم (968)؛ من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة؛ أنه سأل عروة بن الزبير؛ به.

(5)

ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 229 - 230).

(6)

تقدم تخريجه في الفرع الثاني من المطلب الثالث للمبحث الثاني من مباحث الفصل الأول، وفي المبحث الأول من مباحث الفصل الثالث.

ص: 477

1 -

ما روي عن أم سلمة؛ قالت: لا رضاع إلا ما كان في المهد قبل الفطام ا. هـ

(1)

ونوقش بما يأتي: أ- من حد ذلك بما كان في المهد، فكلام لا تقوم بصحته حجة؛ لا من قرآن، ولا من سنة، ولا من إجماع، ولا من قياس، ولا من رواية ضعيفة؛ فسقط هذا القول كما قد سقط قول من حد ذلك بما كان في الصغر؛ فإن الصغر يتمادى إلى بلوغ الحلم؛ لأنه قبل ذلك لا تلزمه الحدود، ولا الفرائض، وهذا حد لا يوجبه قرآن ولا سنة.

(2)

أدلة القول الرابع عشر: استدل أصحاب القول الرابع عشر بما يأتي:

1 -

ما روي أن رجلًا مص من ثدي امرأته، فدخل اللبن في حلقه، فسأل أبا موسى الأشعري عن ذلك؟ فقال له أبو موسى: حرمت عليك امرأتك، ثم سأل ابن مسعود عن ذلك، قال أبو عطية - ونحن عنده -: فقام ابن مسعود وقمنا معه حتى أتى أبا موسى الأشعري فقال: أرضيعًا ترى هذا؟ إنما الرضاع ما أنبت اللحم والعظم؟ فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم

(3)

، فتبين هاهنا أنه إنما يحرم مدة تغذي الرضيع باللبن.

(4)

2 -

قول الله عز وجل: {فإن أرادا فصالًا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما} [سورة البقرة: 233].

(5)

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا الدليل لا حجة لكم فيه في التحريم؛ إذ ليس للتحريم في هذه الآية ذكر، ولا في تراضيهما بالفصال تحريم؛ لأن الولد يرتضع

(6)

بعد ذلك. إنما فيها انقطاع النفقة الواجبة على الأب في الرضاع، وليس بانقطاع حاجة الصبي إلى الرضاع ينقطع التحريم برضاعه - إن رضع -؛ إذ لم يأت بذلك قرآن، ولا سنة.

(7)

3 -

ما روي عن أم سلمة أم المؤمنين؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام".

(8)

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا خبر منقطع؛ لأن فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة أم المؤمنين؛ لأنها كانت أسن من زوجها هشام باثني عشر عامًا، وكان مولد هشام سنة 60 هـ، فمولد فاطمة على هذا سنة 48 هـ، وماتت أم سلمة سنة 59 هـ، وفاطمة صغيرة لم تلقها؛ فكيف أن تحفظ عنها، ولم تسمع من خالة أبيها عائشة أم المؤمنين شيئًا - وهي في حجرها - إنما أبعد سماعها من جدتها أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين -.

(9)

وأجيب: بأن ردكم لحديث أم سلمة تعسف بارد، فلا يلزم انقطاع الحديث من أجل أن فاطمة بنت المنذر لقيت أم سلمة صغيرة، فقد يعقل الصغير جدًّا أشياء ويحفظها، وقد عقل محمود بن الربيع المجة وهو ابن سبع سنين، ويعقل أصغر منه.

(10)

4 -

ما روي عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا رضاع بعد الفصال".

(11)

5 -

ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ولا رضاع بعد الفطام"، وذكر كلامًا كثيرًا.

(12)

ونوقش الدليلان الآنفان بما يأتي: أ- إن هذين الخبرين لا يجوز التشاغل بهما؛ لأن جويبرًا ساقط، والضحاك ضعيف، وحرام بن عثمان هالك بمرة؛ فسقط كل ما تعلقوا به، وبالله تعالى التوفيق.

(13)

- الترجيح: تبين مما تقدم أن أصحاب الحولين، والقائلين برضاع الكبير؛ طرفان، وسائر الأقوال متقاربة

(14)

، والراجح هو اعتبار الحولين ما لم يكن ثم فطام أو استغناء بالطعام،

(1)

ينظر: ابن أبي شيبة: المصدر السابق، (9/ 296)، برقم (17339)؛ من طريق عبدة، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن جده، أنه سأل أم سلمة عن الرضاع؛ به موقوفًا.

(2)

ينظر: ابن حزم المصدر السابق، (10/ 24 - 25).

(3)

تقدم تخريجه عند الضابط السابع من المبحث الثالث في التمهيد.

(4)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 23).

(5)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(6)

في الأصل: يرتضع الولد.

(7)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(8)

تقدم تخريجه عند الضابط السابع من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد. ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(9)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(10)

ينظر: ابن القيم: زاد المعاد (5/ 590).

(11)

تقدم تخريجه قريبًا. ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(12)

تقدم تخريجه قريبًا. ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(13)

ينظر: ابن حزم: المصر السابق، (10/ 26).

(14)

ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (5/ 579).

ص: 478

واعتبار ما بعد الحولين محلًّا للتحريم أيضًا إذا لم يستغن بالطعام عن الحليب، والترخيص لرضاع الكبير عند الحاجة العرفية، وذلك لما تقدم من النصوص الشرعية، وللاعتبارات الآتية:

أولًا: إن هذا القول هو الذي تتظافر به الأدلة وتجتمع، وهذا ما يجب المصير إليه مع القدرة؛ من دون تكلف مناقشات غير مستقيمة، أو دعاوي لا دليل يثبتها؛ كالنسخ.

ثانيًا: إن شريعة الله تعالى في أحكامه جارية بالنزول عن الشرائط المتقررة عند الحاجة الملحة، أو المصلحة الراجحة، وذلك في أحوال فردية وجزئيات لا ينتظم منها كلي ينقض الأصل؛ فأنت ترى أن الله سبحانه افترض مسح الرأس فيما افترضه من فرائض الوضوء، ولصاحب العمامة أن يمسح عليها دون رأسه رخصةً له، ويصح منه وضوؤه، وترى أن الله تعالى كتب الصلاة في ميقات معلوم، وللمقيم عند الحاجة جمع إحدى الظهرين أو العشائين في وقت الأخرى رخصةً له، وتصح منه الصلاة مع عدم توافر الشرط، وهو دخول الوقت، وترى أن تمام الحول شرطًا لوجوب أداء زكاة الأثمان، وللمزكي تقديم أدائها عن ميقاتها رخصةً لمن احتاجها من المساكين وغيرهم؛ رفقًا بهم وتخفيفًا عليهم، وتصح من مزكيها مع عدم حلول شرط، وهو دوران الحول، وترى البلوغ شرط إجزاء للحج، ومع ذلك صحح الشارع من الصبي الأجر حين حج به والداه.

وهكذا فلتكن رضاعة الكبير عند الحاجة التي يختل مع ثبوت التحريم إزاءها شرطُ الحولين؛ رخصةً للمحتاج.

ثالثًا: إن عدم التعامل مع حديث سهلة بمرونة يضفي على النظر شيئًا من الظاهرية والقصور، بحيث لا يراعى في أثناء ذلك درء ما يظهر من التعارض بين النصوص الصريحة، ولا تقر بمبدأ جريان الأحكام الشرعية على الشمول الذي يجعلها متسعة لأحوال المسلمين وظروفهم؛ وفق الدليل الصحيح.

رابعًا: إن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات، أو تجمع بين المتناقضات؛ فبأي حق يفرق بين سالم ومن من وقع موقعه في الحاجة.

خامسًا: غذاء بدن الرضيع الذي يقع به نشوز العظم ونبات اللحم يتحصَّل منه المعنى الذي نصبه الشارع سببًا للتحريم، فإذا فطم الصبي لم يعد الحليب يغنيه ويسد جوعته ولو كان ذلك قبل مضي الحولين، وإذا استغنى الرضيع بالطعام عن الحليب بحيث لا يبقى مع الأخير وصف

ص: 479

سد الجوعة حال الاقتصار عليه؛ لم يكن في الحليب ما ينشز معه عظم الطفل، أو ينبت لحمه. كما أن تمام الحولين لما كان مظنة الافتقار إلى الطعام وعدم الاستغناء بحليب الأم

(1)

؛ لم يجعل الشارع ما بعدهما مفيدًا لآثار الرضاعة المحرمة.

- ثمرة الخلاف: ترتب على هذا الخلاف في هذه المسألة ثمرة في فروع؛ منها:

1 -

إذا مصَّ رجل - احتُرِز به عما إذا كان الزوج صغيرًا - ثدي زوجته، فشرب من لبنها؛ لم تحرم عليه

(2)

، وهو مقتضى قول الجماهير في الجملة، خلافًا لقول الظاهرية المنسوب إلى بعض الصحابة والتابعين.

2 -

ارتضع صبي في الحولين أربع رضعات، وتم الحولان في خلال الرضعة الخامسة؛ ففي وجه عند الشافعية: لا يثبت التحريم؛ لأنها لم تتم في الحولين

(3)

، والوجه الثاني عند الشافعية وهو الأصح عندهم: ثبوته؛ لأن ما يصل إلى الجوف في كل رضعة غير مقدر

(4)

، وهذا ما صرح به الحنابلة أيضًا

(5)

، غير أن القاضي من الحنابلة

(6)

قال: لا يثبت التحريم. وعقب على ذلك ابن قدامة بقوله: لا يصح هذا؛ باعتبار أن ما وجد من الرضعة في الحولين لبن كاف في التحريم؛ بدليل ما لو انفصل مما بعده ا. هـ

(7)

3 -

إذا ارتضع الصبي بعد الحولين بلحظة؛ لم تثبت الحرمة فيما صرح به الحنابلة

(8)

؛ لأن شرطه - وهو: كونه في الحولين - لم يوجد.

(9)

- سبب الخلاف: يعود الخلاف في هذه المسألة إلى الخلاف في مسائل منها:

(1)

ينظر: المناوي: كشف المناهج والتناقيح (3/ 88).

(2)

ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 421).

(3)

ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 12).

(4)

ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 12).

(5)

ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 227 - 228). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 84).

(6)

ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 230). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 227).

(7)

ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (24/ 227 - 228). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 84).

(8)

ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 227، 230). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 227). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 84).

(9)

ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 84).

ص: 480

1 -

القاعدة الفقهية: من وجبت عليه عبادة، فأتى بما لو اقتصر على دونه لأجزأه؛ هل يوصف الكل بالوجوب؟ أو قدر الإجزاء منه؟

(1)

فمن وصف الكل بالوجوب؛ اقتضى ذلك منه أن يثبت التحريم بالقدر الزائد على الحولين من الرضعات.

ومن اقتصر وصفه الوجوبي على القدر المجزئ - وهو ظاهر اختيار ابن رجب الحنبلي

(2)

-؛ لم يثبت التحريم مما يزيد على المدة التي يجب إرضاع المولود فيها.

ولإتمام الإفادة من المسألة الآنفة أشير إلى مسائل توضح بعض المصطلحات فيما تقدم من الأقوال والمراد منها، وهي:

أولًا: يعتبر الحولان بالأهلة.

(3)

ثانيًا: إن انكسر الشهر الأول؛ اعتبر ثلاثة وعشرون شهرًا بعده بالأهلة - على القول المترجح بأن مدة الرضاع المثبت للتحريم حولان -، ويكمل المنكسر ثلاثين من الشهر الخامس والعشرين

(4)

؛ فيما صرح به الشافعية، وفيه نظر.

ثالثًا: تحسب ابتداء مدة الرضاع المحرِّم من وقت انفصال الولد بتمامه، وقيل: ابتداء الحولين في الرضاع عند ابتداء خروجه؛ فلو خرج نصف الولد، ثم بعد مدة خرج باقيه؛ كان ابتداء الحولين مع ابتداء الخروج.

(5)

(1)

ابن رجب: تقرير القواعد (ص 42).

(2)

ينظر: ابن رجب: المصدر السابق، (ص 44).

(3)

ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 7).

(4)

ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 7).

(5)

ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 7).

ص: 481