الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
إذا نزل لثيِّب - لم يعلم لها حمل - لبنٌ، فحلب، فخرج لبن فأرضعت به مولودًا خمس رضعات؛ كان ابنها - على ما ترجح -، ولا أب له.
(1)
5 -
إذا تعاطت حائلٌ عقارًا مدرًّا للحليب، فعاد ثوبان الحليب إليها، أو تضاعف، أو نشأ؛ فأرضعت به صبيًّا، أو تبرعت به لبنك؛ انتشرت به الحرمة؛ على ما ترجح من قول الجمهور.
- سبب الخلاف: يعود سبب الخلاف في هذه المسألة إلى ما يأتي:
1 -
القياسالخفي؛ هل يقاس لبن البكر الثائب بلا حمل أو وطء على اللبن الثائب عن حمل؟ أو هو أقرب في معناه إلى لبن البهيمة واللبن الثائب من رجل فيقاس عليهما؟
من قال بالأول - وهم الجمهور - أثبتوا التحريم بلبن البكر، ومن رأى القياس الثاني - وهم نفر من الشافعية والحنابلة -؛ لم ير في لبن البكر ما يحرِّم.
المسألة الثانية: رضاع البكر إذا تزوجت
.
صورة المسألة: بكر نزل لها لبنٌ، فنكحت ولها لبن؛ فهل يكون الزوج أبًا للرضيع إلى جانب أمومة المرضعة؟ اختلف في ذلك الفقهاء على ما يأتي:
القول الأول: هو هنا للمرأة وحدها ولا أب للرضيع.
وبه قال الحنفية بقيد عدم الدخول
(2)
، وبعض الشافعية؛ إلا أن تحمل من زوجها ولا يكون للرضيع أب حتى ينفصل المولود
(3)
.
القول الثاني: يكون الزوج أبًا إزاء كون المرضع أمًّا.
وبه قال المالكية
(4)
، وهو ظاهر مذهب الشافعي
(5)
، وقول للشافعية
(6)
، واختاره ابن باز
(7)
.
(1)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 85).
(2)
ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 411، 416).
(3)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(4)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 280).
(5)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 87).
(6)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(7)
ينظر: محمد الشويعر: المصدر السابق، (23/ 232).
القول الثالث: يكون الزوج أبًا إذا حملت منه.
وهو قول للشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
.
- الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1 -
إن نسبته إليه إنما تكون بسبب الولادة منه، وإذا انتفت انتفت النسبة.
(3)
2 -
قياسًا على البكر.
(4)
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1 -
كون اللبن بسبب وطء الزوج.
(5)
2 -
إنه لم يحدث لها زوج غيره.
(6)
3 -
إن اللبن يكون للفحل بثلاثة أسباب: أن يوجده، أو يكثره، أو يباشر منيه الولدَ في البطن، وهو هنا قد أوجده أو كثره بوطئه؛ لأن الوطء يكثر الحليب، وهو من أسباب إدراره.
(7)
كما يمكن أن يستدل لهم بما يأتي:
4 -
إطلاق الله سبحانه الحكم بالتحريم في قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [سورة النساء: 23]، مع قول النبي صلى الله عليه وسلم:"يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب"
(8)
، وقوله في عم عائشة رضي الله عنها من الرضاعة:"ائذني له؛ فإنه عمك"
(9)
.
(1)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(2)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 317 - 321). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 214 - 215، 223).
(3)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 416).
(4)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 416).
(5)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 280).
(6)
بالشافعي: المصدر السابق، (6/ 87).
(7)
القرافي: المصدر السابق، (4/ 280).
(8)
تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.
(9)
تقدم تخريجه في مستهل هذا المطلب.
- الترجيح: يظهر مما تقدم من الأدلة والمناقشات وجاهة القول الثاني؛ لأن الابن الصلبي ينسب بمحض العقد مع الإمكان؛ لأن العقد مظنة حصول موجب الحمل، وليكن كذلك ما قيس عليه في الشريعة، وهو الابن من الرضاع؛ فإن الزوج مظنة حصول ما ينشئه أو يكثره.
والأصل في البكر التي در لها لبن ثم تزوجت أنها توطأ إذا دخل بها زوجها، والوطء يكثر اللبن فيما قرره الفقهاء قديمًا وأشارت إليه الدراسات الطبية حديثًا
(1)
.
وإلى جانبه؛ فإن لزوج المرضعة على من أرضعته وهي في عصمته حقًّا؛ لأن الرضاع أخذ نصيبًا من بدنها ووقتها وعموم منفعتها، فإذِ الشريعة وضعت المرضعة منزلة الأم لمن أرضعت، فلأن يكون زوجُها أبًا من الرضاعة فعلى ذلك القانون جرى.
- ثمرة الخلاف: ترتب على الخلاف في هذه المسألة أثر فيما يأتي:
1 -
لو ولدت الزوجة للزوج فنزل لها لبن فأرضعت به، ثم جف لبنها، ثم در فأرضعته صبية؛ فإن لابن زوج المرضعة التزوج بهذه الصبية، ولو كان صبيًّا حل له نكاح بنات هذا الرجل من غير المرضعة، وهذا عند الحنفية
(2)
ومن رأى رأيهم، ومن لا؛ فلا.
2 -
إن طلق رجل امرأته ولها لبن من ولد كانت ولدته منه، ثم هي تزوجت آخر ولبنها في ضرعها من دون أن تلد؛ لم يزد ولم ينقص، فأرضعت به صبيًّا قبل أن تحمل من الزوج الثاني؛ فلمن يكون هذا الصبي؟
يكون اللبن من الزوج الأول، ومن أرضعت فهو ابنها وابن الزوج الأول، ولا يكون ابن الآخر ولو أصابها أو حملت منه أو زاد اللبن بوطئه، ولو أن لبنها جف ثم لم يثب حتى أصابها
(1)
حيث تشير الدراسات إلى أن النشوة التي تعقب الجماع أو الاستمناء تؤدي إلى ارتفاع الهرمون المؤثر في إفراز الحليب عند المرضع - وهو البرولاكتين في الدم - عما كان عليه قبل الجماع، ويكون أعلى ما يكون إذا طالت مدة الجماع، أو تكرر حصول النشوة أكثر من مرة، وعلى العكس من ذلك إذا لم تصل المرأة إلى النشوة في الجماع؛ فقد وجد أنه يقلل هرمون البرولاكتين في الدم عما قبل الجماع. ينظر:
The Journal of sexual medicine: The Quality of Sexual Experience in Women Correlates with Post-Orgasmic Prolactin Surges: Results from an Experimental Prototype Study (p 1313 - 1319).
(2)
ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 416).
الزوج الآخر؛ لم يتغير الحكم؛ في مذهب الحنفية
(1)
، وبعض المالكية بشرط عدم انقطاعه
(2)
، والشافعي
(3)
، والشافعية
(4)
، والحنابلة إلا أن يزيد اللبن بحمل من الآخر
(5)
، وابن حزم
(6)
.
وينقطع بوطء زوج ثان، وإن دام الحليب؛ كما يسقط حكم الثاني إن طلقها الثاني وطالت المدة؛ في قول بعض المالكية؛ كاللخمي
(7)
.
وتكون أمًّا له، ولا يصير واحد من الزوجين أبًا له إن انقطع اللبن، ويحرم على الرجلين بكونها ربيبته؛ في مذهب الحنابلة
(8)
.
فأما إن حملت من الزوج الآخر؛ فهو ابن للأول دون الثاني حتى تضع وتلد فيكون اللبن من الثاني؛ في مذهب أبي حنيفة
(9)
وأتباعه
(10)
، وبعض المالكية
(11)
، وما نسب إلى الشافعي في قوله الثالث
(12)
.
وهو ابن للثاني؛ إذا عرف أن هذا اللبن الذي أرضعت به الصبي من الزوج الثاني؛ في مذهب أبي يوسف
(13)
.
(1)
الجصاص: المصدر السابق، (5/ 275).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273).
(3)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 87).
(4)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 18). وقيده بعض الشافعية - كالبغوي - بعدم الانقطاع، وجعلوا مدة انقطاح الحليب المبطلة للنسبة إلى الزوج الأول أربع سنوات من حين الطلاق؛ إلا أن الصحيح عندهم عدم تقييده بمدة. ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 18 - 19).
(5)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 326). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 282). المرداوي: الإنصاف (24/ 281). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 108).
(6)
ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).
(7)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273).
(8)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 325). ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 261).
(9)
الجصاص: المصدر السابق، (5/ 275).
(10)
الجصاص: المصدر السابق، (5/ 275). ابن عابدين: المصدر السابق، (4/ 416).
(11)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273).
(12)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 327). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 283).
(13)
ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (5/ 275).
وهو منهما جميعًا، وابنٌ لهما؛ في مذهب محمد بن الحسن
(1)
، وبعض المالكية بقيد عدم الانقطاع
(2)
، والحنابلة بقيد أن يزيد لبن من الحمل الثاني أو يثوب بالحمل بعد انقطاع
(3)
؛ فإن حملت منه ولم تلد أو يزد لبنها فهو للأول
(4)
وتنقطع أبوة الزوج الأول بوطء زوج ثانٍ وإن دام الحليب؛ في قولٍ لبعض المالكية؛ كاللخمي
(5)
، وقال آخرون منهم: تنقطع أبوة الزوج الأول بمحض الحمل.
(6)
ويكون اللبن للأول إذا سئل النساء عن الوقت الذي يثوب فيه اللبن ويبين الحمل؛ فإن قلن: الحمل لو كان من امرأة بكر أو ثيب ولم تلد قط، أو امرأة قد ولدت؛ لم يأت لها لبن في هذا الوقت؛ إنما يأتي لبنها في الثامن من شهورها أو التاسع؛ فاللبن للأول، فإن دام فهو ابن للأول؛ ما بينه وبين أن يبلغ الوقت الذي يكون لها فيه لبن من حملها الآخر؛ في مذهب الشافعي
(7)
.
وفصل آخرون بشكل الأوسع؛ ففي قول للشافعية أن الأمر لا يخلو:
أأن لا يدخل وقت حدوث اللبن للحمل
(8)
؛ فاللبن للأول؛ سواء زاد على ما كان أو لا، وسواء انقطع ثم عاد أو لا.
ب أن يدخل وقت حدوث اللبن للحمل، وهنا لا يخلو:
1 -
إما أن ينقطع اللبن مدة طويلة؛ فاللبن للأول، وللثاني في قول آخر عندهم، ولهما في قول ثالث لهم أيضًا.
2 -
وإما أن لا يكون كذلك؛ بأن لم ينقطع، أو انقطع مدة يسيرة؛ فاللبن للأول، ولهما في قول آخر عندهم، ولهما بقيد زيادة اللبن وإلا فللأول في قول ثالث لهم.
(9)
وقال الحنابلة: لا يخلو: أ- إن لم يزد أو ينقطع فهو ابن الأول، وهو لهما في قول ثانٍ عندهم.
ب ــ إن زاد أو انقطع صار ابنًا لهما، وفي احتمال عندهم أنه إن زاد فلهما أو انقطع فللثاني وحده.
(10)
وقال ابن حزم: إن تمادى اللبن؛ فهو للأول؛ إلا أن يتغير ثم يعتدل، فإنه إذا تغير؛ فقد بطل حكم الأول، وصار للثاني
(11)
.
3 -
إذا نزل لبكر لبن، فتزوجت وحملت ولها لبن، ثم تعاطت ما يدر الحليب من المصنعات الحديث، فكثره أو در بعد جفافه؛ لم يؤثر ذلك في انتشار المحرمية إليها، وإلى زوجها أيضًا على ما ترجح.
- سبب الخلاف: يرجع سبب الخلاف في هذه المسألة إلى المسائل الآتية:
1 -
ما تتحقق به أبوة زوج المرضع؛ فمن أناطه بانفصال الولد من الحمل ولم ير في غيره موجبًا لثيابة اللبن - وهم بعض الشافعية
(12)
-؛ لم ير في الوطء ما يثيب اللبن ولا في عقد النكاح ناسبًا للزوج، ومن رأى في الحمل ما يحقق نسبة اللبن إلى أبي الحمل - وهو مذهب الشافعي
(13)
وبعض أتباعه
(14)
والحنابلة
(15)
-؛ أثبت الحرمة بين الرضيع والزوج إلى جانب المرضع
(1)
الجصاص: المصدر السابق، (5/ 275).
(2)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273، 280).
(3)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 326 - 327). البهوتي: المصدر السابق، (13/ 108).
(4)
ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (13/ 108).
(5)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273).
(6)
ينظر: القرافي: المصدر السابق، (4/ 273).
(7)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 87 - 88). والظاهر أن الفرق بين قول الشافعي وقول أبي يوسف؛ أن الأخير ليس صريحًا في إناطة الحكم بما جرى عليه عرف النساء، بل يحتمل أن يكون الحكم لقول الأطباء، بخلاف مذهب الشافعي.
(8)
وذكروا أن أقل مدة يحدث فيها اللبن للحمل أربعون يومًا. ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(9)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(10)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 326 - 327). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 281 - 283). المرداوي: المصدر السابق، (24/ 281 - 285).
(11)
ابن حزم: المصدر السابق، (10/ 30).
(12)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(13)
ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (6/ 84).
(14)
ينظر: النووي: المصدر السابق، (9/ 19).
(15)
ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (11/ 317، 321). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (24/ 214 - 215، 223).