الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَهِدَ جَابِرٌ أَنّهُ هُوَ ابْنُ صَائِدٍ (1)، قُلْتُ: فَإنَّهُ قَدْ مَاتَ. قَالَ: وَإنْ مَاتَ! قُلْتُ: فَإنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، قَالَ: وَإنْ أَسْلَمَ! قُلْتُ: فَإنَّهُ قَدْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ. قَالَ: وَإنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ!
(16) بَابُ خَبَرِ ابْنِ الصَّائِدِ
4329 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
===
هو هذا. (شهد) أي أقسم (جابر أنه) أي الدجال (هو ابن صائد، قلت) قائله أبو سلمة: (فإنّه) أي ابن صائد (قد مات) والدجال ليس بميت، بل يحيى قبل يوم القيامة (قال: وإن مات) والتحقيق أنه لم يمت، بل فُقِدَ يوم الحرة (قلت: فإنّه قد أسلم، قال: وإن أسلم! قلت: فإنّه دخل المدينة، قال: وإن دخل المدينة! ) قال في "فتح الودود": فإنه مبني على تجويز تعدد الصور والمظاهر، كما هو منقول في بعض الأولياء.
(16)
(بَابُ خَبَرِ ابْنِ الصَّائِدِ)(2)
4329 -
(حدّثنا أبو عاصم خشيش بْن أصرم، نا عبد الرزّاق،
(1) في نسخة: "ابن صياد".
(2)
أجاد النووي (9/ 28) الكلام بالاختصار على قصته من أنه صلى الله عليه وسلم كان مترددًا أولًا فيه لوجود بعض الأوصاف فيه، واستدل الإمام البخاريّ بموضعين من "صحيحه"(1354، 3055) بحديث الباب على إسلام الصبي، وفي "الهداية" (1/ 411): ارتدادُ الصبي الّذي يعقل وإسلامُه معتبر عند الإمام ومحمد، وقال أبو يوسف: إسلامُه، لا ارتدادُه، وقال الثاقعي: لا هذا، ولا هذا
…
إلخ مختصرًا، انتهى.
وما حكي عن الشّافعيّ هو الصّحيح عندهم، كما جزم به في "شرح الإقناع"(2/ 247)، وحكى الاختلاف في وقت إسلام سيدنا علي رضي الله عنه، وحكى عن البيهقي: أن الأحكام بالبلوغ نيطت عام الخندق، وكان قبله منوطًا بالتمييز، ويستدل لذلك أيضًا بما تقدّم في "باب في عيادة الذمي، هل يجوز؟ " قصة غلام يهودي، وفي "الأشباه" (ص 336): يصح إسلامُ الصبي وردتُه، ولا يقتل لو إرتد بعد إسلامه صغيرًا
…
إلخ. (ش).
أَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَالِمٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِابْنِ صَائِدٍ في نَفَبٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَهُوَ غُلَامٌ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ:"أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ"؟ قَالَ: فَنَظَرَ إلَيْهِ ابْنُ صَائِدٍ (1) فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ (2) لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "آمنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ"(3)
===
أنا معمر، عن الزّهريُّ، عن سالم، عن ابن عمر: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بابن صائد في نفر من أصحابه، فيهم عمر بْن الخطّاب) رضي الله عنه، (وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بني مغاله) وبنو مغالة قوم من اليهود، والأطم بضم الهمزة والطاء: بناء مرتفع، (وهو) أي ابن صياد (غلام) أي قريب من الاحتلام (4)(فلم يشعر) بمجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتّى ضرب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ظهرَه بيده).
(ثمّ قال: أتشهد أني رسول الله؛ قال) ابن عمر رضي الله عنهما: (فنظر إليه ابن صائد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، ثمّ قال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؛ فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: آمنتُ بالله ورسله)، وإنّما قال ذلك لئلا يتوحش ابنُ الصائد بإنكار رسالته صراحة، فيفوت (5)
(1) في نسخة بدله: "صياد".
(2)
في نسخة: "صائد".
(3)
في نسخة: "ورسوله".
(4)
كما يدلُّ عليه لفظ "الصحيحين"، كما حكاه عنه الحافظ (6/ 172): وكان ابن صياد يومئذ كالمحتلم، انتهى. (ش).
(5)
وأشكل النووي (9/ 282) بأنه عليه السلام لم يقتله، وقد ادعى الرسالة، وأجاب عنه بجوابين: الأوّل: أنه كان صغيرًا، وهو مختار القاضي عياض، والثّاني: أنه كان في زمان المهادنة مع اليهود، وبه جزم الخطابي
…
إلخ. (وانظر أيضًا: "معالم السنن" 4/ 349). (ش).
ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَأْتِيكَ؟ " قَالَ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي قَدْ خَبَّاتُ لَكَ خَبِيئَةً"، وَخَبَّأ لَهُ:{يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ (1) رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسأ فَلَنْ تَعْدُو
===
المقصود، والكلمة حق ترد عليه دعوى رسالته، قاله مولانا محمّد يحيى المرحوم في "التقرير".
(ثمّ قال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما يأتيك) من أخبار الغيب ونحوه؟ (قال: يأتيني صادق وكاذب، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: خُلِّطَ عليك الأمرُ) فيظهر منه أنه ليس من الله سبحانه، (ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنِّي قد خبأتُ لك خبيئة) أي أمرًا مخفيًا في قلبي (2)(وَخَبَّأَ) رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (له) أي لابن صياد في قلبه قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (3) قال: ابن صياد: هو الدخ) فلم يَهْتَدِ إلى حقيقته، ولم ينكشف له تمام الآية.
فإن قلت: كيف اطلع هو أو شيطانُه على بعض ما في الضمير؟ أجيب باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم تكلم به في نفسه، أو ذكر بعض الصّحابة بذلك، فاسترق الشيطان بعضَ ذلك.
قلت: والأظهر أنه جرى ذكرُه في السَّماء، فاسترق الشيطان من هنالك، كسائر الأمور الّتي تُخْبَرُ بها الكهنة، كذا في "فتح الودود".
قلت: والأولى أن يقال: إنّه ثبت في الحديث: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدِّم"، ويلقي الوساوسَ والخطراتِ في القلب، ويطلع على خطرات القلوب، فلو اطلع على بعض ما في قلب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فليس ببعيد.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخسأ) كلمة تُسْتَعْمَلُ لطرد الكلب (فلن تعدُوَ)
(1) زاد في نسخة: "له".
(2)
وقيل: كان مكتوبًا في يده صلى الله عليه وسلم، كذا قال النووي (9/ 283). (ش).
(3)
سورة الدخان: الآية 10.
قَدْرَكَ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنْ يَكُنْ (1) فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ" - يَعْنِي الدَّجَّالَ -، "وَإن لَا (2) يَكُنْ هُوَ، فَلَا خَيْرَ فِي قَتْلِهِ". [خ 3055، م 2930، ت 2249، حم 2/ 148]
4330 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا يَعْقُوبُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ -، عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: "وَاللهِ مَا أَشُكُّ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ابْنُ صَيَّادٍ"[انظر مَا قبله]
4331 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، نَا شُعْبَةُ، عن سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: "رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّ ابْنَ الصَّيَّادِ (3)
===
أي لن تجاوِزَ (قدرَك (4)) أي الحقير (فقال عمر: يا رسول الله! ائذن لي فأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يكن) أي ابن الصائد دجالًا (فلن تسلَّطَ عليه، يعني الدجال) أي على قتله، (وإن لا يكن) هو الدجال (فلا خيرَ في قتله)؛ لأن اليهود في مهادنة ومصالحة.
4330 -
(حدّثنا قتيبة بْن سعيد، نا يعقوب - يعني ابنَ عبد الرّحمن -، عن موسى بْن عقبة، عن نافع قال: كان ابن عمر) رضي الله عنهما (يقول: والله ما أشك أن المسيحَ الدجالَ ابنُ صيادٍ (5)).
4331 -
(حدّثنا ابن معاذ، نا أبي) معاذ، إنا شعبة، عن سعد بْن إبراهيم، عن محمّد بْن المنكدر قال: رأيت جابرَ بنَ عبدِ الله يحلف بالله أن ابنَ الصياد
(1) زاد في نسخة: "هو".
(2)
في نسخة بدله: "وإن لم يكن".
(3)
في نسخة: "صائد".
(4)
كما هو عادة الكهان، يسترقون شيئًا قليلًا، كذا قال النووي (9/ 282). (ش).
(5)
هو عبد الله بْن صياد، وذكر شيئًا من ترجمته الحافظ في "التهذيب"(7/ 419) في ابنه عمارة، وبسطها في "الإصابة"(3/ 133) التّرجمة (6611). (ش).
الدَّجَّالُ. فَقُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللهِ؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ بِاللهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. [خ 7355، م 2929]
4332 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا عُبَيْدُ اللهِ - يَعْنِي ابْنَ مُوسَى-، قَالَ: نَا شَيْبَانُ، عن الأَعْمَشِ، عن سَالِمٍ، عن جَابِرٍ قَالَ:"فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ (1) يَوْمَ الْحَرَّةِ".
4333 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ -، عن الْعَلاءِ، عن أَبِيهِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ دَجَّالُونَ (2)، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ تَعَالَى". [م 157، حم 2/ 457]
===
الدجالُ، فقلت: تحلف بالله؟ ) بتقدير الاستفهام، أي والحال أن الأمر مشتبه (فقال) جابر:(إنِّي سمعت عمر) رضي الله عنه (يحلف بالله تعالى على ذلك) أي على أن ابن الصياد هو الدجال (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم).
4332 -
(حدّثنا أحمد بْن إبراهيم، نا عبيد الله - يعني ابن موسى - قال: نا شيبان) بْن عبد الرّحمن التميمي النحوي، (عن الأعمش، عن سالم، عن جابر قال: فقدنا ابنَ صياد يوم الحرة) موضع بقرب المدينة، وقع فيه قتالُ عسكرِ يزيدَ بأهل المدينة.
4333 -
(حدّثنا عبد الله بْن مسلمة، نا عبد العزيز - يعني ابنَ محمّد -، عن العلّاء) بْن عبد الرّحمن، (عن أبيه) عبد الرّحمن بْن يعقوب، (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم السّاعة حتّى يخرج ثلاثون دجالون، كلهم يزعم) أي: يقول ويدعي (أنه رسول الله تعالى) وقد خرج كثيرون منهم، ولعلّهم زادوا على الثلاثين، وفي هذا الزّمان خرج المسيح القادياني الّذي تقدّم ذكرُه.
(1) في نسخة: "صائد".
(2)
في نسخة: "دجالًا".
4334 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، نَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو -، عن أَبِي سَلَمَةَ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَة حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثونَ كَذَّابًا (1) دَجَّالًا، كُلّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ". [حم 2/ 450]
4335 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عن جَرِيرٍ، عن مُغِيرَةَ، عن إبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتُرَى هَذَا مِنْهُمْ؟ - يَعْنِي الْمُخْتَارَ-، قَالَ (2) عَبِيدَةُ: أَمَا إنَّهُ مِنَ الرُّؤُوسِ. [ت 3048، جه 4006]
===
4334 -
(حدّثنا عبيد الله بْن معاذ، نا أبي) معاذ، (نا محمّد - يعني بْن عمرو-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم السّاعة حتّى يخرج ثلاثون كذابًا دجالًا، كلهم يكذب على الله وعلى رسوله).
4335 -
(حدّثنا عبد الله بْن الجراح، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قال عبيدة السلماني، بهذا الخبر، قال: فذكر نحوه، فقلت) قائله إبراهيم (له) أي لعبيدة: (أترى هذا منهم؟ يعني المختار) أي ابن (3) أبي عبيد الثقفي، فإنّه كان في آخر أمره يدعي النبوة.
(قال عبيدة: أما إنّه) أي المختار بْن أبي عبيد (من الرؤوس) أي من أعاليهم.
قلت: واعلم أن قصة ابن صياد وقصةَ الدجال في غاية الإشكال والاشتباه؛ فإن ابن صياد وُلدَ بالمدينة في اليهود، ونشأ فيها وتربى، حتّى لقيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وتكلم معه، فالكلام الّذي خاطب به النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدلُّ على خبثِه وسوءِ
(1) في نسخة بدله: "دجالًا كذَّابًا"، وفي نسخة:"دجالون".
(2)
في نسخة. "فقال".
(3)
بسط في ترجمته الحافظ في "الإصابة"(8547)، و"اللسان"(8325)، و "المختصر في رجال جامع الأصول" و"الإكمال" لصاحب المشكاة. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فطرته، ثمّ بعد ذلك أسلم، وبقي في المدينة، ووقعت قصته مع ابن عمر رضي الله عنهما بأنه وقع بينهما التخاطبُ، فضربه ابن عمر بعصاه، فانتفخ هو حتّى ملأ السكة، ثمّ دخل ابن عمر على حفصة، فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تسمع أنه قد قال: "إن أول ما يبعثه على النَّاس غضب يغضبه"، وكذلك قصته مع أبي سعيد الخدري في مصاحَبَتِه إلى مكّة، ومخاطَبَتِه معه حتّى قال أبو سعيد: كدت أن أعذره، ثمّ قال في آخر كلامه: وإني لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن؟ !
ثمّ وقع الاختلاف في موته، قال الخطابي (1): اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره، فروي أنه تاب من ذلك القول، ومات بالمدينة، وانهم لما أرادوا الصلاةَ عليه كشفوا وجهَه حتّى يراه النَّاس، وقيل لهم: اشهدوا.
وروى أبو داود بسند صحيح عن جابر: قال: "فقدنا ابنَ صياد يوم الحرة"، ثمّ بعد ذلك حديث تميم الداري الّذي تقدّم، فيه التصريح بأن الدجال غيرُ ابن صياد، والحديث صحيح، وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبره، وأخبر به الناسَ، ثمّ روى بطرق مختلفة، وهذا لا يمكن معه كونُ ابن صياد هو الدجال.
فقال النووي (2): قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة، وأمره مشتبه، لكنه لا شك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يُوْحَ إليه في أمره بشيء، وإنّما أوحي إليه بصفات الدجال، وكان في ابن صياد قرائن محتملة، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يقطع في أمره بشيء، بل قال لعمر:"لا خيرَ لك في قتله" الحديث.
وأمّا احتجاجاته بأنه مسلم إلى سائر ما ذكر؛ فلا دلالة فيه على دعواه؛ لأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر عن صفاته وقتَ خروجه آخرَ الزّمان، إلى آخر ما قال.
(1)"معالم السنن"(4/ 349، 350).
(2)
شرح صحيح مسلم" (9/ 281).