المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(3) باب الإمام يأمر بالعفو في الدم - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٢

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) أَوَّلُ كتَابِ الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ

- ‌(25) أَوَّلُ كِتَابِ الْحَمَّامِ

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرِّي

- ‌(2) (بَابٌ: في التَّعَرِّي)

- ‌(26) أَوَّلُ كتَابِ اللِّبَاسِ

- ‌(1) بَابٌ: في مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَقْبِيَةِ

- ‌(4) بَابٌ: في لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌(5) (بَابٌ: في لُبْسِ الصَّوفِ وَالشَّعْرِ)

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(8) بَابُ مَنْ كَرِهَهُ

- ‌(9) بَابُ الرُّخْصَةِ في الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ

- ‌(10) بَابٌ: في لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(12) بَابٌ: في لُبْسِ الْحِبَرَةِ

- ‌(13) بَابٌ: في الْبَيَاضِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْمَصْبُوغِ

- ‌(16) بَابٌ: في الْخُضْرَةِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْحُمْرَةِ

- ‌(18) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ

- ‌(19) بَابٌ: في السَّوادِ

- ‌(20) بَابٌ: في الْهُدْبِ

- ‌(21) بَابٌ: في الْعَمَائِمِ

- ‌(22) بَابٌ: في لِبْسَةِ الصَمَّاءِ

- ‌(23) بَابٌ: في حَلِّ الأَزْرَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في التَّقَنُّعِ

- ‌(25) بَابُ مَا جَاءَ في إسْبَالِ الإزَارِ

- ‌(26) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ

- ‌(27) بَابٌ: في قَدْرِ مَوضِعِ الإزَارِ

- ‌(28) بَابٌ في لِبَاسِ النِّسَاءِ

- ‌(29) بَابُ مَا جَاءَ في قَوْلِ الله تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌(30) بَابٌ: في قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌(32) (بَابٌ: في الْعَبْدِ يَنْظُرُ إلى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(33) بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌(34) بَابٌ: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌(35) بَابٌ: كَيْفَ الاخْتِمَارُ

- ‌(36) بَابٌ: في لُبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ

- ‌(37) (بَابُ مَا جَاءَ في الذَّيْلِ)

- ‌(38) بَابٌ: في أُهُبِ الْمَيْتَةِ

- ‌(40) بَابٌ: في جُلُودِ النُّمُورِ

- ‌(41) بَابٌ: في الانْتِعَالِ

- ‌(42) بَابٌ: في الْفُرُشِ

- ‌(43) بَابٌ: في اتِّخَاذِ السُّتُورِ

- ‌(44) بَابٌ: فِي الصَّليبِ في الثَّوبِ

- ‌(45) بَابٌ: في الصُّوَرِ

- ‌(27) أَوَّلُ كِتَابِ التَّرَجُّلِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في إصْلَاحِ الشَّعْرِ

- ‌(3) بَابٌ: في الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(4) بَابٌ: في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌(6) (بَابٌ: في طِيبِ الْمَرْأَةِ لِلْخُرُوجِ)

- ‌(7) بَابٌ: في الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّعْرِ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ

- ‌(10) بَابٌ: في تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُضَفِّرُ شَعْرَهُ

- ‌(12) بَابٌ: في حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌(13) بَابٌ: في الصَّبيِّ لَهُ ذُؤَابةٌ

- ‌(14) بَابُ مَا جَاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌(15) بَابٌ: في أَخْذِ الشَّارِبِ

- ‌(16) بَابٌ: في نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْخِضَابِ

- ‌(18) بَابٌ: في خِضَابِ الصُّفْرَةِ

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في خِضَابِ السَّوَادِ

- ‌(20) بَابُ مَا جَاءَ في الانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ

- ‌(28) أَوَّلُ كِتَابِ الْخَاتَمِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في تَرْكِ الْخَاتَمِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الْحَدِيدِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ في التَّخَتُّمِ في الْيَمِينِ أَوِ الْيَسَارِ

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ في رَبْطِ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(29) (أَوَّلُ كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ)

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(2) بَابٌ: في كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌(3) (بَابُ الرُّخْصَةِ في التَّبَدِّي في الفِتْنَةِ)

- ‌(4) بَابٌ: في النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(5) بَابٌ: في تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ

- ‌(6) بَابُ مَا يُرْجَى في الْقَتْلِ

- ‌(30) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(1) (بَابُ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(2) بَابٌ: في ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(31) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(2) (بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(3) بَابٌ: في أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(4) بَابٌ: في تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(5) (بَابٌ: في تَدَاعِي الأُمَمِ عَلَى الإسْلَامِ)

- ‌(6) بَابٌ: في الْمَعْقِلِ مِنَ الْمَلَاحِمِ

- ‌(7) بَابُ ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ في الْمَلَاحِمِ

- ‌(8) بَابٌ: في النَّهْيِ عن تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالْحَبَشَةِ

- ‌(9) بَابٌ: في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌(10) بَابٌ: في ذِكْرِ الْبَصْرَةِ

- ‌(11) (بَابُ ذِكْرِ الْحَبْشَةِ)

- ‌(12) (بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ)

- ‌(13) بَابُ حَسْرِ الْفُرَاتِ عن كَنْزٍ

- ‌(14) بَابُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌(15) بَابٌ: في خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ

- ‌(16) بَابُ خَبَرِ ابْنِ الصَّائِدِ

- ‌(17) بَابٌ: في الأَمْرِ وَالنَّهْيِ

- ‌(18) بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ

- ‌(32) أَوَّلُ كِتَابِ الْحُدُودِ

- ‌(1) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌(2) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُحَارَبَةِ

- ‌(4) بَابٌ في الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌(6) بَابُ السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ

- ‌(5) (بَابٌ: يُعْفَى عَنِ الْحُدُودِ مَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ)

- ‌(7) بَابٌ: في صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ

- ‌(8) بَابٌ: في التَّلْقِينِ في الْحَدِّ

- ‌(9) بَابٌ في الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ

- ‌(10) بَابٌ في الامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ

- ‌(11) بَابُ مَا يُقَطَعُ فِيهِ السَّارِقُ

- ‌(12) بَابُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ

- ‌(13) بَابُ الْقَطْعِ في الْخُلْسَةِ وَالْخِيَانَةِ

- ‌(14) بابٌ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌(15) بابٌ فِى الْقَطْعِ فِى الْعَارِيَةِ إِذَا جُحِدَتْ

- ‌(16) بابٌ فِى الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌(17) بَابٌ فِى الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ

- ‌(18) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ في الْغَزْوِ، أَيُقْطَعُ

- ‌(19) بَابٌ في قَطْعِ النَّبَّاشِ

- ‌(20) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا

- ‌(21) بَابٌ في السَّارِقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌(22) بَابُ بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إذَا سَرَقَ

- ‌(23) بَابٌ: في الرَّجْمِ

- ‌(24) بَابٌ في الْمَرْأَةِ التِي أَمَرَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌(25) بَابٌ في رَجْمِ الْيَهُودِيينِ

- ‌(26) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ

- ‌(27) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْني بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(29) بَابٌ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(30) بَابٌ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ

- ‌(31) بَابٌ في الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْإمَامُ

- ‌(32) بَابٌ في الأَمَةِ تَزْنن وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌(33) بَابٌ: في إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ

- ‌(34) بَابٌ في حَدِّ الْقَاذِفِ

- ‌(35) بابٌ في الْحَدِّ فِى الْخَمْرِ

- ‌(36) بابٌ: إِذَا تَتَابَعَ فِى شُرْبِ الْخَمْرِ

- ‌(37) بابٌ فِى إِقَامَةِ الْحَدِّ فِى الْمَسْجِدِ

- ‌(38) بابٌ: فِى ضَرْبِ الْوَجْهِ فِى الْحَدِّ

- ‌(39) بابٌ: فِى التَّعْزِيرِ

- ‌(33) أَوَّلُ كِتَابِ الدِّيَّاتِ

- ‌(1) بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ

- ‌(3) بَابُ الإمَامِ يأْمُرُ بِالْعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌(4) بابُ وَليِّ الْعَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌(5) بَابُ مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌(6) بَابٌ فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سُمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَمَاتَ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(7) بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(8) بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(9) بَابٌ في تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ

- ‌(10) بَابٌ: يُقَادُ مِنَ الْقَاتِلِ

- ‌(11) بَابٌ: أَيُقَادُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ

- ‌(12) بَابٌ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ

- ‌(13) بَابُ الْعَامِلِ يُصَابُ عَلَى يَدَيهِ خَطَأ

- ‌(14) بَابُ الْقَوَدِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌(15) بَابُ الْقَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ، وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌(16) بَابُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌(17) بَابٌ في الدِّيَةِ كم هِيَ

- ‌(18) بابٌ دِيَاتِ الأَعْضَاءِ

- ‌(19) بابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(20) بَابٌ في دِيَةِ الْمُكَاتَبِ

- ‌(21) بَابٌ في دِيَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌(22) بَابٌ في الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فيَدْفَعُهُ عن نَفْسِهِ

- ‌(23) (بَابٌ فِيمَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فأَعْنَتَ)

- ‌(24) بَابُ الْقِصَاصِ مِنَ السِّنِّ

- ‌(25) بَابٌ في الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا

- ‌(26) بَابٌ في النَّارِ تَعَدَّى

- ‌(27) بَابُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ قُتِلَ في عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ

الفصل: ‌(3) باب الإمام يأمر بالعفو في الدم

وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . [ن 4832، حم 4/ 163]

(3) بَابُ الإمَامِ يأْمُرُ بِالْعَفْوِ في الدَّمِ

4496 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِى الْعَوْجَاءِ،

===

على مَنْ جَنى منكما، وقيل: باعتبار الإثم، أي لا يأثم إلا الجاني.

(وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1)) أي لا تحمل نفسٌ حمل نفس أخرى.

وهذا الحديث (2) مختصر، وهذا والذي تقدم، تقدَّما قبل ذلك.

(3)

(بَابُ الإمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ في الدَّمِ)

4496 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أنا محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فُضيل) الأنصاري الخطمي، أبو عبد الله المدني، قال النسائي: ثقة، وكذا قال عثمان الدارمي، قلت: وقال مُهَنَّا عن أحمد: ليس بمحفوظ الحديث، وقال أبو داود عن أحمد: ليس بمحمود الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن سفيان بن أبي العَوْجَاء) السلمي أبو ليلى الحجازي، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا في "القصاص". قلت: وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور، وقرأت بخط الذهبي: حديثه منكر، ولا يعرف

(1) سورة الأنعام: الآية 164.

(2)

واستدل الموفق (12/ 13) بهذا الحديث على أن جناية العامد على نفسه لا تجب على العاقلة. (ش).

ص: 589

عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْخُزَاعِىِّ، أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ أَوْ خَبْلٍ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَمَنِ (1) {اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ". [حم 4/ 31، جه 2623، دي 2355، ق 8/ 52، قط 3/ 96، رقم 56]

===

إلَّا به كذا قال، وقد أخرج له أحمد في "مسنده" حديثًا آخرَ من حديث ابن مسعود في الكسوف.

(عن أبي شريح الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أُصِيْبَ بقتلٍ أو خَبْلٍ) أي قَطْع عُضْوٍ (فإنه) أي الذي قُطع عضوُه، وكذا ولي القتيل (يختار إحدى ثلاث: إمَّا أن يَقتصَّ) أي يَقتل القاتلَ قصاصًا (وإمَّا أن يعفوَ، وإمَّا أن يأخذ الديةَ) أي إن رضي القاتلُ (فإنْ أراد الرابعةَ) أي زيادة على القصاص والدية (فخُذُوا على يديه) كما قال الله تعالى: (ومن اعتدى) أي تجاوَزَ عن إحدى هذه الثلاث إلى غير ذلك (بَعْدَ ذَلِكَ) أي بعد بلوغ هذا البيان ({فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ})(2).

قال الحافظ: واختلف في تفسير العذاب في هذه الآية، فقيل: يتعلق بالآخرة، وأما في الدنيا فهو لمن قتل ابتداءً، وهذا قول الجمهور، وعن عكرمة وقتادة والسدي: يتحتم القتل، ولا يتمكن الولي من أخذ الدية، وفيه حديث جابر رفعه:"لا أعفو عمن قتل بعد أخذ الدية".

واستدل بهذا الحديث على أن المخيَّرَ في القود وأخذ الدية هو الوليّ، وهو قول الجمهور (3)، وذهب مالك والثوري وأبو حنيفة إلى أن الخيار (4) في أخذ الدية للقاتل.

(1) في نسخة: "فمن".

(2)

طرف من آية من سورة البقرة 178.

(3)

وبه قال أحمد والشافعي وداود الظاهري، وهو رواية عن مالك، كذا في "الأوجز"(15/ 31).

(4)

هكذا في الأصل، وفي "الفتح" (12/ 209): إلى أن الخيار في القصاص أو الدية للقاتل.

ص: 590

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الطحاوي: والحجة لهم حديث أنس في قصة الربيع عمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"كتاب الله القصاص" فإنَّه حكم بالقصاص ولم يخير، ولو كان الخيار للولي لأَعْلَمَهم النبي صلى الله عليه وسلم.

واحتجَّ أيضًا بأنهم أجمعوا على أن الولي لو قال للقاتل: رضيتُ أن تعطيني كذا على أن لا أقتلَك أن القاتل لا يجبر على ذلك ولا يؤخذ منه كرهًا، انتهى. كذا في "الفتح"(1).

وأصل الاختلاف أن القصاص واجبٌ عينًا عند الحنفية، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (2)، وهذه الآية تُوجب القصاصَ موجبًا، ويبطل مذهب الإبهام جميعًا حتى لا يملك الولي أن يأخذ الديةَ من القاتل من غير رضاه و [لو] مات القاتل أو عفا الولي سقط الموجب أصلًا.

وللشافعي رضي الله عنه قولان: في القولِ القصاصُ (3) ليس واجب عينًا، بل الواجب أحد الشيئين غير عين، إما القصاص وإما الدية، وللولي خيار التعيين إن شاء استوفى القصاص وإن شاء أخذ الدية من غير رضا القاتل.

فعلى هذا القول إذا مات القاتل يتعين المال واجبًا، وإذا عفا الولي سقط الموجب أصلًا.

والقول الثاني القصاص واجب عينًا، لكن للولي أن يأخذ المال من غير رضا القاتل، وإذا عفا له أن يأخذ المال، وإذا مات القاتل سقط الموجب أصلًا، كذا في "البدائع"(4).

(1)"فتح الباري"(12/ 209).

(2)

طرف من آية من سورة البقرة 178.

(3)

هكذا في الأصل، وفي "البدائع": "في قول القصاص

" إلخ، وهو الصواب.

(4)

"بدائع الصنائع"(6/ 284).

ص: 591

4497 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:"مَا رَأَيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إِلَيْهِ شَيءٌ فِيهِ قِصَاصٌ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ". [جه 2692، حم 3/ 213، ن 4784]

4498 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَهُ (1) إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْوَلِىِّ: "أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ".

===

4497 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس بن مالك قال: ما رأيت رسول الله صلَّى الله عليه) وآله (وسلم رُفع إليه شيءٌ فيه قصاص إلَّا أَمر فيه بالعفو)، وليس المراد بالأمر الإيجاب، بل المراد الترغيب إلى العفو، والأمر بطريق المشورة والصلح.

4498 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قتل رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع ذلك) أي دعوى القتل (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدفعه) أي القاتل (إلى وليِّ المقتول) ليقتله، (فقال القاتل: يا رسول الله) صلى الله عليه وسلم! (والله ما أردتُ قتلَه) أي لم أرد بذلك القتلَ، ولكن كنت أردتُ الضربَ إلا أنه مات.

(قال) أنس: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للولي: أَمَا إنَّه إنْ كان صادقًا) في قوله: "ما أردت قتله" أي فيما بينه وبين الله تعالى (ثم قتلته دخلتَ النارَ).

(1) في نسخة: "فدفع".

ص: 592

قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلَهُ، قَالَ: وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ، فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ، فَسُمِّىَ ذَا النِّسْعَةِ. [ت 1407، ن 4722، جه 2690]

4499 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، نَا حَمْزَةُ أَبُو عُمَرَ (1) الْعَائِذِيُّ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ قال، حَدَّثَنِى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جِيءَ بِرَجُلٍ قَاتِلٍ فِى عُنُقِهِ النِّسْعَةُ، قَالَ: فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ فَقَالَ: "أَتَعْفُو؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ "، قَالَ: لَا،

===

حاصله: أن قول القاتل: "ما أردت قتله" ليس بمعتبر في القضاء، ولكنه لو كان صادقًا، ثم قتلتَه مع أنه ليس مستحقًا للقتل يكون عليك وباله في الآخرة، وهو دخول النار.

(قال) أنس: (فخلَّى) ولى المقتول (سبيلَه) أي سبيلَ القاتل، لما سمع ذلك الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) أنس:(وكان مَكْتُوفًا (2) بِنِسْعةٍ) (3) أي يسير من الجلد (فخرج يجُرُّ نِسْعتَه، فسُمِّي ذا النِّسعة).

4499 -

(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي، نا يحيى بن سعد، عن عوف) بن أبي جميلة الأعرابي، (نا حمزة) بن عمرو (أبو عُمر العائذي، حدثني علقمة بن وائل قال: حدثني) أبي (وائل بن حُجْر قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جئ برجلٍ قاتلٍ في عُنُقه النِّسْعة، قال) وائل: (فدعا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وليّ المقتول فقال) صلى الله عليه وآله وسلم لولي المقتول: (أتعفوا؟ قال: لا، قال: أفتأخذ الدية؟ قال: لا،

(1) في نسخة: "أبو عمرو".

(2)

قال ابن الأثير: المكتوف: الَّذي شُدَّتْ يداه منْ خلفه. "النهاية"(4/ 150).

(3)

وفي "النهاية"(5/ 48) النِّسعة: - بالكسر- سَيْرٌ مضْفور، يُجعل زِمامًا للبعير وغيره.

ص: 593

قَالَ: "أَفَتَقْتُلُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ بِهِ، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ:"أَتَعْفُو؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"أَفَتَقْتُلُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ بِه، فَلَمَّا كَانَ فِى الرَّابِعَةِ قَالَ:"أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ (1) ، يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ". قَالَ: فَعَفَا عَنْهُ، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ النِّسْعَةَ. [ن 4723]

===

قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفتقتل؟ قال) وليّ المقتول: (نعم، قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذهب به).

(فلما ولَّى) أي ولي المقتول (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَتَعفُو؟ قال) ولي المقتول: (لا، قال) صلى الله عليه وسلم: (أفتأخذ الدية؟ قال: لا، قال: أفتقتل؟ قال: نعم، قال: اذْهبْ به، فلما كان في الرابعة قال) صلى الله عليه وسلم: (أَمَا إنَّك إن عفوتَ عنه يبوءُ) أي يرجع (بإثمه) أي يتحمل إثمه في قتل صاحبه (وإثم صاحبه) المقتول.

فالمراد بإثمه: إمَّا الإثم، بأنه لعله يريد قتلَه، أو المراد بالإثم: ما ارتكب من الإثم، فإنه قتل ظُلمًا وصار شهيدًا، فعلى هذا معنى "يبوء"، أي يذهب بآثامه ويكون سببًا لحطها.

(قال) وائل: (فعفا عنه، قال: فأنا رأيتُه يجُرُّ النِّسْعة).

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في التقرير: قوله: "يبوء بإثمه وإثم

" إلخ، لم يرد بذلك إلا أنه يبوء بإثم قتل صاحبه وبآثامه الآخر، لا أنه يبوء بإثم نفسه وإثم صاحبه؛ لأن ذلك مما لا يمكن، إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، إلا أنه أَورده في العبارة المُوهِمة للمعنى غير المقصود ليتركه القاتل حثًّا على مغفرة وليه المقتول.

(1) زاد في نسخة: "فإنه".

ص: 594

4500 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ قال: حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ.

[انظر مَا قبله]

4501 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، نَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ، نَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَبَشِيٍّ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَتَلَ (1) ابْنَ أَخِى.

قَالَ: "كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ ".

===

4500 -

(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، نا يحيى بن سعيد، حدثني جامع بن مطر قال: حدثني علقمة بن وائل، بإسناده ومعناه).

4501 -

(حدثنا محمد بن عوف الطائي، نا عبد القدوس بن الحجاج، نا يزيد بن عطاء الواسطي، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه) وائل (قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحُبْشِيّ)(2) بالضم ثم السكون والشين معجمة والياء مشددة، جبل بأسفل مكة بنعمان الأراك، بينه وبين مكة ستة أميال، مات عنده عبد الرحمن بن أبي بكر فجأةً فحمل إلى مكة ودفن بها.

(فقال) أي الرجل: (إن هذا) أي الرجل الآخر (قَتل ابنَ أخي، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل: (كيف قتلته؟

(1) في نسخة: "قاتل".

(2)

قلت: ضبطه بالضم فجعله علمًا لموضع، وسياق الحديث يدل على أنه حَبَشي- بالفتح- نسبةً إلى الحبشة، ومعناه: جاء بعبد حبشي اتهمه في قتل صاحبه. هذا، وقد تتبعنا طرق الحديث فلم نجد هذا اللفظ، وذكر أصحاب المعجم المفهرس هذه الكلمة فضبطوه "حَبَشي"، وأشاروا إلى هذا الباب من السنن لأبي داود. "الديات"(3)، والله أعلم.

ص: 595

قَالَ: ضَرَبْتُ رَأْسَهُ بِالْفَأْسِ، وَلَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ.

قَالَ: "هَلْ لَكَ مَالٌ تُؤَدِّي دِيَتَهُ؟ "، قَالَ: لَا.

قَالَ: "أَفَرَأَيْتَ إِنْ أَرْسَلْتُكَ تَسْأَلُ النَّاسَ تَجْمَعُ دِيَتَهُ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"فَمَوَالِيكَ يُعْطُونَكَ دِيَّتَهُ؟ "، قَالَ: لَا.

قَالَ لِلرَّجُلِ: "خُذْهُ. فَخَرَجَ بِهِ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّهُ إِنْ قَتَلَهُ كَانَ مِثْلَهُ". فَبَلَغَ بِهِ الرَّجُلُ حَيْثُ يَسْمَعُ (1) قَوْلَهُ،

===

قال) القاتل: (ضربتُ رأسَه بالفأس) آلة قطع الشجر والخشب (ولم أُرد قتلَه، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلْ لك (2) مالٌ تؤدي ديتَه؟ قال: لا). ولفظُ "مسلم": كيف قتلته؟ قال: كنتُ أنا وهو نَخْتَبِطُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَسَبَّني فَأغْضَبَنِي، فضربتُ بالفأس على عُنُقِه (3) فَقَتَلْتُه، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: هل لك شيءٌ تؤدي عن نَفْسك؟ قال: ما لي مالٌ إلَّا كِسَائي وَفَأسي، قال: فَتَرى قَوْمَكَ يَشتَرُونَك؟ قال: أنا أَهونُ على قومي من ذلك، الحديث.

(قال: أفرأيتَ إن أرسلتُك) أي أطلقتُك (تَسألُ الناسَ تَجْمعُ ديتَه؟ قال: لا، قال: فمواليك) إن كان هذا عبدًا فالمراد به السادات، وإن كان حرًا فالمراد بنو عمه وأقاربه (يُعطُونك ديتَه؟ قال: لا، قال للرجل) أي ولي المقتول:(خُذْه، فخرج به ليقتلَه) قصاصًا. (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمَا إنَّه إن قَتَله كان مثلَه) أي مثل القاتل؛ لأنه استوفى حقَّه (4)، فلم يكن له فضلٌ فيكون هو والقاتل سواء.

(فبلغ به) أي بالقاتل (الرجلُ) أي ولي المقتول (حيثُ) أي في مكان (يسمعُ) ولي المقتول (قولَه) أبي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) في نسخة بدله: "سمع".

(2)

وفيه دليل على أن دية العامد في ماله وهو مجمع عليه، كذا في "الأوجز"(15/ 22، 23). (ش).

(3)

وفي "مسلم": قَرْنه.

(4)

وبه جزم في "أحكام القرآن". [انظر: (1/ 156)]. (ش).

ص: 596

فَقَالَ: هُوَ ذَا فَمُرْ فِيهِ بمَا (1) شِئْتَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْسِلْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِ صَاحِبِهِ وَإِثْمِهِ، فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"، قَالَ: فَأَرْسَلَهُ" (2). [م 1680، ن 4727]

4503 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ قَالَ: نَا مُحَمَّدٌ يعني ابْنُ إِسْحَاقَ -، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ الضَّمْرِيَّ.

===

(فقال) أي ولي المقتول: (هو) أي القاتل (ذا) حاضرٌ (فَمرْ فيه بما شئتَ).

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَرْسِلْه يبوء بإثم صاحبه) أي المقتول (وإثمه، فيكون من أصحاب النار) لو لم يعفو الله عنه (قال) وائل: (فأَرْسَلَه).

4503 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد قال: نا محمد- يعني ابن إسحاق-) قال: (فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال: سمعت زياد بن ضمَيْرة الضَّمْري).

(1) في نسخة بدله: "ما".

(2)

زاد في نسخة:

4502 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ:"كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِى الدَّارِ، وَكَانَ فِى الدَّارِ مَدْخَلٌ مَنْ دَخَلَهُ سَمِعَ كَلَامَ مَنْ عَلَى الْبَلَاطِ، فَدَخَلَهُ عُثْمَانُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا، وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ لَوْنُهُ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَتَوَاعَدُونَنِى بِالْقَتْلِ آنِفًا، قال: قُلْنَا: يَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَلِمَ يَقْتُلُونَنِى؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: رجلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامٍ، أَوْ زِنى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلُ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ". فَوَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ فِى جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا إِسْلَامٍ قَطُّ، وَلَا أَحْبَبْتُ أَنَّ لِي بِدِينِى بَدَلًا مُنْذُ هَدَانِى اللَّهُ، وَلَا قَتَلْتُ نَفْسًا فَبِمَ يَقْتُلُونَنِى"؟ [ت 2158، ن 4091، جه 2533، حم 1/ 61 - 63].

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ رضى الله عنهما تَرَكَا الْخَمْرَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. اهـ.

عزا هذا الحديث في "الأطراف" لأبي داود، ثم قال: حديث أبي داود في رواية أبي بكر بن داسه وغيره، ولم يذكره أبو القاسم رحمه الله. انتهى. ["تحفة الأشراف" (9782)].

ص: 597

(ح): وَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَا: نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحًارِثِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ السُّلَمِيَّ- وَهَذَا حَدِيثُ وَهْبٍ وَهُوَ أَتَمُّ- يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عن أَبِيهِ- قَالَ مُوسَى: وَجَدِّهِ، وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، ثُمَّ رَجَعْنَا (1) إلَى حَدِيثِ وَهْبٍ -: أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ الَّليْثِيَّ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ في الإسْلَامِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

===

(ح: ونا وهب بن بيان وأحمد بن سعيد الهمداني قالا: نا ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، أنه سمع زياد بن سعد بن ضميرة السُّلَمي- وهذا حديث وهب) ابن بيان (وهو أتم- يُحدث عروةَ بن الزبير) مفعول لقوله: "يحدث"، (عن أبيه) أي سعد بن ضُميرة (قال موسى: وجدِّه) أي يحدث زياد عن أبيه وجده (وكانَا) أي سعد والد زياد وضُميرة جد زياد (شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُنَينًا، ثم رجعنا) من حديث موسى (إلى حديث وهب): (أن مُحلّم بن جَثَّامة الليثي قتل (2) رجلًا من أشجعَ) وهو عامر (3) بن الأضبط الأشجعي (في) زمن (الإِسلام، وذلك أولُ غِيَرٍ) بكسر الغين المعجمة وفتح المثناة التحتية وراء، الدِّية (قَضَى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم)(4)

(1) في نسخة: "رجعا".

(2)

وكان سنة 8 هـ، كذا في "التلقيح"(ص 46)، وذكر القصةَ القسطلاني في "المواهب"(1/ 558)، في سريّةِ أبي قتادة إلى بطن أضم، وذكر فيها نزول قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]، وكذا ذكرها صاحب "أصح السير"(ص 220، 221)، و"إسلام عاشقي"(3/ 5). (ش).

(3)

وبه جزم في "مجمع الزوائد"(10942)، وذكر القصةَ. (ش).

(4)

زاد في "سيرة ابن هشام"(4/ 283): وقد صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الظهرَ، ثم عَمَدَ إلى ظِل شجرة فجَلَسَ تحتَها وهو بحُنَيْننٍ، فقام إليه الأَقْرع بن حابس، وعُيينة بن حِصْن يختصمان في عامر بن الأضبط. (ش).

ص: 598

فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِى قَتْلِ الأَشْجَعِيِّ لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ دُونَ مُحَلِّمٍ لأَنَّهُ مِنْ خِنْدِفَ، فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَكَثُرَتِ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا عُيَيْنَةُ أَلَا تَقْبَلُ الْغِيَرَ؟ "، فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَا وَاللَّهِ (1) حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نِسَائِهِ مِنَ الْحَرْبِ وَالْحُزْنِ مَا أَدْخَلَ عَلَى نِسَائِى، قَالَ: ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَكَثُرَتِ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا عُيَيْنَةُ أَلَا تَقْبَلُ الْغِيَرَ؟ "، فَقَالَ عُيَيْنَةُ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا، إِلَى أَنْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ، عَلَيْهِ شِكَّةٌ

===

(فتكلَّم عيينةُ) بن حصين (في قتل الأشجعي؛ لأنه من غَطَفَان) يطلب بدم عامر بن الأضبط كما في رواية ابن ماجه (وتكلم الأقرعُ بن حابس دون محلِّم) أي من جانبه يدافع عنه القتل (لأنه من خِنْدِفَ (2)، فارتفعتُ الأصواتُ وكثرتِ الخصومةُ واللغَطُ) أي صوتٌ وضجَّة لا يُفهم معناها.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة أَلَا تَقبلُ الغِيَر؟ ) أي الدية (فقال عيينة: لَا والله) لا أَقبلُ الديةَ، بل أَقتل القاتلَ قصاصًا (حتى أُدخِل على نسائِه) أي نساء قوم الأقرع أو محلِّم (من الحَرَب) والغيظ (والحُزْن) مثل (ما أَدْخَلَ على نسائي).

(قال) الراوي: (ثم ارتفعتِ الأصواتُ وكثُرتِ الخُصومةُ واللغَطُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثانيًا: (يا عيينةُ ألا تَقبلُ الغِيَر؟ فقال عيينةُ مثل ذلك أيضًا) أي مثل ما قال في المرة الأولى (إلى أن قام رجلٌ من بني ليث يُقال له: مُكَيتِلٌ عليه شِكَّةٌ) قال في "القاموس": الشِكَّة:

(1) في نسخة بدله: "تالله".

(2)

"خِنْدِف": هي امرأة إلياس بن مضر، وولده ينتسبون إليها. "قاموس".

ص: 599

وَفِى يَدِهِ دَرَقَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا فِى غُرَّةِ الإِسْلَامِ مَثَلًا إلَّا غَنَمًا وَرَدَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا، اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَمْسُونَ فِى فَوْرِنَا هَذَا،

===

السلاح (وفي يده دَرَقَةٌ) أي تُرسٌ (فقال (1): يا رسول الله، إني لم أجد لِمَا فعل هذا) أي مُحَلِّم (في غُرَّة الإِسلام) أي ابتدائه (مثلًا) مفعول لقوله:"لم أجد"(إلَّا غَنَمًا) أي قطيعةً من الغنم (وردتْ) على الماء (فَرُمِي أوَّلُها فَنَفَرَ آخرُها).

ومطابقة المَثَل: بأن المُحلِّمِ قَتلَ رجلًا، فلو لم يقتل وأعطى الدية كأنَّه رمى أول الغنم، فتنفر الناس عن الإِسلام، بأنه لا يقتص ويعطي الديةَ، فينبغي لك أن تقتلَ هذا الأول حتى لا تنفِّر الآخرين.

(اُسْنُنِ اليوم وغَيِّرْ غدًا)(2)، وهذا أيضًا مَثَل ثانٍ لتأييد الأول، في لو أعطيتَ الديةَ ولم تَقتل القاتلَ يكون نتيجته أن ينفر الناس، فيلزمك أن تغيِّر هذه السُّنَةَ غدًا وتقتل فيكون هذا مشكلًا.

قال الخطابي (3): قوله: "اُسْنن اليومَ وغيِّرْ غدًا" مثل، يقول: إن لم تقتص منه اليومَ لم يثبت سنتُك غدًا ولم ينفذ حكمُك بعدك، وإن لم تفعلْ ذلك وجد القاتلُ سبيلًا إلى أن يقول مثل هذا القول، أعني قوله:"اسْنُنِ اليومَ وغَيِّرْ غدًا"، فتغير لذلك سنتك، وتبدل أحكامها. انتهى.

والحاصل: أنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج المخاطب، ويحثه على الإقبال على المطلوب منه، وهو قتل القاتل لما أخذ الدية (4).

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم): لكم (خمسون) إبلًا (في فَوْرِنا هذا) أي في

(1) ذكر في هامش "أبي داود" عدة معاني لقول مكيتل، فارجعْ إليه. (ش).

(2)

وفي "النهاية"(2/ 410): "اسنن اليوم وغيِّر غدًا"، أي اعمل بسُنتك التي سنَنْتَها في القصاص، ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغيِّر فغيِّر، أي تغيِّر ما سننْت، وقيل: تُغَير: من أخذ الغِيَر، وهي الديَّة.

(3)

"معالم السنن"(4/ 4).

(4)

كذا في الأصل، والظاهر:"لا أخذ الدية".

ص: 600

وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ". وَذَلِكَ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ.

وَمُحَلِّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِى طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّى قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى بَلَغَكَ، وَإِنِّى أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَقَتَلْتَهُ بِسِلَاحِكَ فِى غُرَّةِ الإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ" بِصَوْتٍ عَالٍ، زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ، وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ. [جه 2625]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَزَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (1).

===

الحال (وخمسون إذا رجعنا إلى المدينة) ولم يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كلام مُكَيتِل (وذلك) القتل والقصة وقع (في بعض أسفاره).

(ومُحلِّم رجلٌ طويلٌ آدمُ، وهو في طرَف الناس) أي على جانب منهم (فلم يزالوا) أي مُطيفين لرسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى تخلَّص) مُحلِّم من بينهم، ووصل إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعَينَاه تَدْمعان) أي تَذرَفان (فقال: يا رسول الله، إني قد فعلتُ الذي بَلَغَك) وهو القتلُ (وإني أتوب إلى الله، فاسْتَغْفِرِ اللهَ لي يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقتَلتَه بسلاحك في غُرَّة الإِسلام، اللَّهمَّ لا تغفرْ لمُحلِّم بصوت عالٍ) متعلق بـ "قال"(زاد أبو سلمة: فقام) من مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (وإنه ليتلقَّى) أىِ ليأخذ (دموعه بطرف ردائه).

(قال ابن إسحاق: فزعم قومُه) أي قومُ مُحلِّمٍ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر له بعد ذلك).

(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: قال النضر بن شميل: الغِيَرُ: الدِّية".

ص: 601