الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8) بَابُ الْقَسَامَةِ
(1)
===
وفي النسخة المكتوبهَ التي عليها المنذري: قال أبو داود: الذي عتق كان اسمُه رَوح بن دينار، قال أبو داود: والذي جَبَّه زِنْبَاع، قال أبو داود: هذا زنباع أبو روح كان مولى العبد، انتهى (2).
قلت: ذكر الحافظ في "الإصابة"(3) في ترجمة زِنْبَاع بن سلامة: ويُقال: ابن رَوح بن سلامة، روى أحمد من طريق ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن زِنْباعًا أبا روح وَجَد غلامًا مع جارية له فجَدَع أنفه وَجَبَه، فأتى العبدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر له، فقال لزنباع:"ما حملكَ على هذا"؟ فذكره، فقال للعبد:"اِنْطَلِق فأنتَ حُرٌّ".
ورى ابن منده من طريق المثنى بن صباح، عن عمرو بن شعيب، فسمى العبدَ سندرًا. وروى البغوي من طريق عبد الله بن سندر عن أبيه: أنه كان عند زنباع بن سلامة الجذامي، فذكره، وروى ابن ماجه القصة من [حديث] زنباع نفسه بسند ضعيف.
(8)
(بابُ الْقَسَامَةِ)(4)
اسم بمعنى القَسَم، وقيل: مصدرٌ، يقال: أَقسم يُقسم قَسَامة: إذا حَلَفَ، وقد يُطلق على الجماعة الذين يُقسمون. وفي الشرع: عبارة عن أيمان يُقسِم بها أولياءُ الدم على استحقاق دمِ صاحبهم، أو يُقسم بها على المدعى عليهم الدم، أو أولياء المحلَّة المتهمون على نفي القتل عنهم على اختلاف بين الأئمة
(1) في نسخة بدله: "باب القتل بالقسامة".
(2)
انظر: "مختصر سنن أبي داود"(6/ 314).
(3)
"الإصابة"(1/ 533).
(4)
قال ابن رشد في "البداية"(2/ 427 - 431): اختلفوا ها هنا في أربعة مسائل تجري مجرى الأصول لفروع هذا الباب، الأولى: جواز الحكم بها، قال به الجمهور منهم الأئمة الأربعة وداود وغيرهم بهذه الأحاديث، وأنكره بعضهم؛ لأنها تخالف الأصول =
4520 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، الْمَعْنَى، قَالَا (1): أَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عن يَحْيَى بْن سَعِيدٍ، عن بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عن سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَرَافِع بْنِ خَدِيجٍ: أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ، فتفَرَّقَا في النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ، فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ سَهْلٍ، وَابْنَا عَمِّهِ
===
4520 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر بن مَيسرة ومحمد بن عبيد، المعنى، قالا: أنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حَثْمَة ورافع بن خَديج: أن مُحَيِّصةُ بن مسعود) - بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر الياء المشددة وفتح الصاد المهملة- أنصاري حارثي مدني، شهد أُحُدًا والخَنْدَقَ وما بعدهما (وعبدَ الله بن سهل) الأنصاري الحارثي، هو أخو عبد الرحمن بن سهل وابن أخي محيصة.
(انطَلَقَا قِبل خيبرَ، فَتَفَرَّقا في النخل، فقُتل عبدُ الله بنُ سهل، فاتهموا اليهودَ، فجاء أخوه) أي أخو عبد الله بن سهل وهو (عبدُ الرحمن بن سهل وابْنا عَمِّه) وهو إطلاق مجازي، وإلا فَهُمَا ابنا عم أبيه (2) ،
= المجمع عليها، مثل أن لا يَحلِف أحدَ إلا على ما علِم قطعًا. والثانية: فيما يجب بها، فقال مالك وأحمد: القَوَد في العمد، والدية في الخطأ، وقال الشافعي: الدية فقط، وقال بعض الكوفيين: لا يستحق بها إلا دفع الدعوى. والثالثة: فيمن يبدأ بالأيمان، فقال الشافعي وأحمد وداود: المدعون، وقال فُقهاء الكوفة والبَصرة وكثير من أهل المدينة: المدعى عليهم. الرابعة: في اللوث ما هو؟
قلت: ولا بدَّ للقسامة من اللوث عند الأئمة الثلاثة، ولا يكفى مجرد وجود قتيل في مَحلَّة، بخلاف الحنفية، فإنه يكفي ذلك عندهم، ولا يحتاج إلى اللوث، كذا في "الأوجز"(15/ 191). (ش).
(1)
في نسخة بدله: "قال".
(2)
هذا هو الصحيح على ما في كتب أسماء الرجال قاطبة من نسبهم، لكن الوارد في الروايات الكثيرة من نسب مُحَيِّصة بن مسعود بن زيد، وعلى هذا فيكونان ابني عمه حقيقةً، والعجب أن الشراح، لا سيما الحافظ لم يتعرض له، والبسط في "شذرات الرجال" لهذا العبد الضعيف. (ش).
حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمنِ في أَمْرِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"الْكُبْرَ الْكُبْرَ"، أَوْ قَالَ:"ليَبْدَأَ الأَكْبَرُ"، فَتَكَلَّمَا في أَمْرِ صَاحِبِهِمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ"، قَالُوا: أَمْر لَنَشْهَدْهُ كَيْفَ (1) نَحْلِفُ؟ قَالَ: "فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ"، قَالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِهِ.
===
فإن حُوَيّصة وَمُحَيِّصَة ابنا مسعود بن كعب بن عامر، وعبد الرحمن بن سهل بن زيد بن كعب بن عامر (حُوَيِّصَة وَمحَيِّصَة فأَتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فتكلَّم عبدُ الرحمن في أمرِ أخيه) أي عبد الله بن سهل المقتول (وهو) أي عبد الرحمن (أصغرهم) أي أصغر من حُوَيِّصة ومُحَيِّصة باعتبار العمر والنسب. (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكُبْرَ الكبْرَ) بضم الكاف وسكون الموحدة، أي قدِّم الأكبر في التكلم (أو قال: لِيَبْدَأ الأكبرُ) فإن قيل: كان الدعوى حق عبد الرحمن لا لحُوَيّصة ومُحَيّصة؟ قلت: المراد بالكلام بيان القصة لا الدعوى، ففي بيان القصة ينبغي أن يقدم الأكبر.
(فتكلما) أي تكلم كبيرُهم (في أمرِ صاحبهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُقسِمُ خمسون منكم) بتقدير الاستفهام، أي هل يقسم (على رجل منهم) أي أنه قتله (فيُدفَع) ذلك الرجل الذي تحلفون عليه (بِرُمَّته) - بضم الراء وتشديد الميم- قِطعة حبل يشد بها الأسير (قالوا: أمرٌ لم نشهدْه، كيف نحلف؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فَتُبَرِّئُكم يهودُ بأَيمان خمسين منهم) أي يُقسِم خمسون رجلًا من اليهود: بأن لم نَقتلْه ولا علمنا له قاتلًا، فيبرأون من القتل.
(قالوا: يا رسول الله قومٌ كفارٌ) لا اعْتبارَ ولا اعْتدادَ بحلفهم، وهم أَعداؤنا يقتلون كلنا ويحلفون (قال: فَوَدَاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من قِبَله) (2) الدية
(1) في نسخة بدله: "فكيف".
(2)
وسيأتي في (ص 624 - 625) من إبل الصدقة. (ش).
قَالَ سَهْلٌ (1): دَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِن تِلْكَ الإبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا، قَالَ: حَمَّادٌ هَذَا أَوْ نحْوَهُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ وَمَالِكٌ، عن يَحْيَى بْنِ سعيد قَالَ فِيهِ:"أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ"؟ وَلَمْ يَذْكُرْ (2) بِشْر دَمٌ (3)، وَقَالَ غَيْرُه (4) عَن يَحْيَى كَمَا قَالَ حَمَّادٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عن يَحْيَى، فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ: "تبرُّئكُمْ يَهُودُ
===
(قال سهل) بنُ أبي حَثْمة: (دخلتُ مِرْبَدًا) بكسر الميم وفتح الياء، هو الموضع الذي تُحبس فيه الإبل والغنم ويُجعل فيه التمرُ ليجُفَّ (لهم يومًا فركضتْني) أي ضربتْني (ناقةٌ من تلك الإبل ركضةً برجلها. قال حماد: هذا) أي لفظ الحديث (أو نحوه).
(قال أبو داود: رواه بشر بن المفضَّل ومالك (5)، عن يحيى بن سعيد قال فيه: "أَتَحلفون خمسين يمينًا وتستحقُّون دمَ صاحبكِم أو قاتِلِكم؟ ولم يذكر بشرٌ) لفظ (دم، وقال غيره) أي غيرُ بشر (عن يحيى كما قال حماد).
(ورواه ابنُ عيينة عن يحيى، فبدأ) أي ابن عيينة (بقوله: تُبرِّئُكم يهودُ
(1) في نسخة: "قال: قال سهل".
(2)
في نسخة: "ولم يقل".
(3)
في نسخة: "دمًا".
(4)
وفي نسخة: "عِدَّةٌ"، وفي نسخة:"عبدة".
(5)
قلت: رواية بشر أخرجها البخاري (3173)، ومسلم (1669)، والنسائي (8/ 10)، والدارقطني (3/ 108)، والبيهقي (8/ 118)، ورواية مالك أخرجها مالك في "الموطأ"(2/ 384) رقم (1679)، ومن طريقه عبد الرزاق (10/ 30) رقم (18258)، والنسائي (8/ 11)، والطحاوي (3/ 197).
بِخَمْسِينَ يَمِينًا يَحْلِفُونَ"، وَلَمْ يَذْكُرِ الاسْتِحْقَاقَ. [خ 6142، 4163، م 1669، ت 1422، ن 4712، حم 4/ 142]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا وَهَمٌ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ (1).
4521 -
حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عن أَبِي لَيْلَى (2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ سَهْلٍ، عن سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ (3) جُهْدٍ أَصَابَهَمْ،
===
بخمسين (4) يمينًا يحلفون، ولم يذكر الاستحقاق) أي استحقاق الدم بخمسين يمينا من أولياء القتيل.
(قال أبو داود: وهذا وهَم من ابن عيينة) لأن حماد بن زيد وبشر بن المفضَّل ومالكًا خالفوه وبدأوا بالاستحقاق بأيمانِ خمسين.
4521 -
(حدثنا أحمد بن عمرو بن السَّرْح، أنا ابن وهْب، أخبرني مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل) الأنصاري الحارثي المدني، قال أبو زرعة: ثقة، وقال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن سهل بن أبي حَثْمة، أنه أخبره) أي أبا ليلى (هو) أي سهل (ورجالٌ من كُبَراء قومه) أي قوم سهل: (أن عبد الله بن سهل ومُحَيِّصة خَرَجا إلى خيبر من جُهدٍ) أي مشقة (أصابهم،
(1) زاد في نسخة: "قال أبو عيسى: بلغني عن أبي داود أنه قال: هذا الحديث وهم ابن عبينة، يعني التبدية
…
" إلخ.
(2)
في نسخة: "ابن أبي ليلى".
(3)
في نسخة بدله: "عن".
(4)
وفي "حجة الله البالغة"(2/ 411): حكمة ذلك العدد أن الخمسين أدنى ما تتقرى بهم القرية. وبسط الموفق (12/ 188 - 207) على الأبحاث فيها. (ش).
فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ في فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ والله قَتَلْتُمُوهُ، قَالوا: والله مَا قَتَلْنَاهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"كَبِّرْ- كَبِّرْ" - يُرِيدُ السِّنَّ- فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ". فَكَتَبَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَكَتَبُوا: إنَّا وَالله مَا قَتَلْناهُ،
===
فأُتيَ) بصيغة المجهول (محيصة فأُخبر) بصيغة المجهول (أن عبد اللهَ بن سهل قد قُتل وطُرح في فَقيرٍ) بفاء ثم قاف، بئر قريب القعر تُحفر، وقيل: الحُفرةُ التي تكون حول النخل (أو) شك من الراوي (عينٍ، فأتى) أي محيصةُ (يهودَ فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا) أي اليهود: (والله ما قتلناه، فأقبل) المدينةَ (حتى قدِم على قومه، فذكر لهم ذلك)، فلعلهم أشاروا إليه أن يذكرها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ثم أقبل هو وأخوه حوَيّصَة وهو) أي حويصة (أكبر منه) أي مُحيصَة (وعبد الرحمن بن سهل، فذهب) أي شرع (محَيِّصَة (1) ليتكلَّم) في قصة القتل (وهو الذي كان بخيبر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: كبِّر كبِّر) أي عظِّم من هو أكبرُ منك، وقدِّمه في التكلم (يريد السنَّ) أي أكبر في السنن.
(فتكلم حوَيِّصةُ، ثم تكلم محَيِّصَةُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لهم في اليهود: (إمَّا أن يَدُوا) أي اليهودُ، أي يؤدوا دية (صاحبكم) أي قتيلكم (وإما أن يُؤذِنوا بحَرْب، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فكتبوا) في جوابه: (إنا والله ما قتلناه).
(1) وفي الحديث الماضي فتكلم عبد الرحمن. (ش).
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمنِ: "أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبكُمْ؟ "، قَالُوا: لَا، قَالَ:"فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ "، قَالُوا: لَيْسُوا مُسْلِمِين (1).
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِمِئَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ. قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ. [خ 7192، م 1669، ن 4714، جه 2677، حم 4/ 2 و 3]
4522 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَا: نَا. (ح): وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَنا الْوَلِيدُ، عن أَبِي عَمْرٍو، عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ، عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَتَلَ بِالْقَسَامَةِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ بِبَحْرَةِ الرُّغَاءِ
===
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة وعبد الرحمن: أتَحلِفون وتستحقون دمَ صاحبِكم) على رجل من اليهود أنه قتله؟ (قالوا: لا)، وكيف نحلف ولم نشهده؟ (قال: فتحلف لكم يهودُ؟ قالوا: ليسوا مسلمين) فيَجتنِبُون الكذبَ (فَوَدَاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده، فبعث إليهم) أي أولياء المقتول (رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمئة ناقة حتى أُدخلتْ عليهم الدار).
(قال سهل: لقد رَكَضَتْني) أي ضربتْني برجلها (منها ناقة حمراء).
4522 -
(حدثنا محمود بن خالد وكثير بن عبيد قالا: نا، ح: ونا محمد بن الصباح بن سفيان، أنا الوليد، عن أبي عمرو) الأوزاعي، (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (2)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قَتل بالقَسامة رجلًا من بني نصْر بن مالك بِبَحْرَة الرُّغاء).
(1) في نسخة: "بمسلمين".
(2)
كلمة: "عن أبيه عن جده" مقحمة خطأً، لأنها ليست موجودة في أي نسخة من نسخ "سنن أبي داود".
عَلَى شَطِّ لِيَّةِ الْبَحْرَةِ، قَالَ: الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْهُمْ وَهَذَا لَفْظُ مَحْمُودٍ بِبَحْرةٍ أَقَامَهُ مَحْمُودٌ وَحْدَهُ عَلَى شَطِّ ليَّةَ (1). [ق 8/ 127]
===
قال في "معجم البلدان"(2): موضعٌ من أعمال الطائف قُرب لِيَّة، قال ابن إسحاق: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حُنَين يريد الطائف على نخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المُلَيح، ثم على بَحْره الرُّغاء من لِيَّة، فابْتَنى بها مسجدًا، فصلى فيه، فأقاد ببَحْرَة الرُّغاء بدَمٍ، وهو أول دم أُقيد به في الإِسلام، رجلٌ من بني لَيث قتل رجلًا من بني هذيل فقتله به.
(على شَطِّ) أي جانب (لِيَّة البحرة)(3) وهي من نواحي الطائف، مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرافه من حُنين يريد الطائف، وأمر -وهو بليّة- بهدم حصن مالك بن عوف قائد غطفان (قال) الراوي:(القاتل والمقتول منهم) أي من بني نصْر بن مالك.
(وهذا لفظ محمود ببحرة أقامه محمود وحده على شطِّ ليّة) يعني أن لفظ "بَحْرَة" لم يذكره إلا محمود، وأما كثير بن عبيد ومحمد بن الصباح فلم يذكراه، ولا حاجة إليه، وإن كان فالإضافة فيه بَيانيَّة، وهذا إذا كان مُراد المصنف بلفظ "البَحْرَة" الواقعة بعد شط لِيّة، وأما إذا كان المراد بلفظ "البَحْرَة" الواقعة قبل الرغاء فواجب ذكره، ولا يجوز تركه، ولعله هو مراد المصنف، فذكره محمود، ولم يذكره كثير بن عبيد ومحمد بن الصباح، ومحمود قوّمه.
وأما الجوابُ عن الحديث: أن الواقعةَ لم نعلمْ ما كانت، فلعله إنما قتله بظهور البينة، أو لإقرار القاتل بعد القَسامة، فإنه لا يفيد الشافعي رحمه الله أيضًا، إلَّا بعد إثبات أنه كان ثَمّة لَوْث، وهو غير ثابت، فلا يترك العمل بالأصول والقواعد المضبوطة بتلك الرواية التي تَحتمل مَحاملَ.
(1) زاد في نسخة: "البحرة".
(2)
"معجم البلدان"(1/ 346).
(3)
"لِيَّةٌ" بالكسر: وادٍ لثقيف، أو جبل بالطائف، أعلاه لثقيف، وأسفله لنصر بن معاوية. و"البحرة": مستنقع الماء والروضة. "القاموس".