الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكُنَّ يُرْسِلْنَ إلَيْنَا، فَنَذْرَعُ لَهُنَّ ذِرَاعًا". [جه 358، حم 2/ 18]
(38) بَابٌ: في أُهُبِ الْمَيْتَةِ
4120 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
===
عنه، ويحتمل أن يكون الشبر نظير نصف الساق، والذراع نظير الكعبين على ما تقدم من الجواز والتحريم.
(فكن) هذا قول ابن عمر (يرسلن إلينا) يعني الثوب، (فنذرعُ لهن) أي: نقيس بالذراع (ذراعًا) زائدًا على ثياب الرجال.
كتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه: قوله: "فكن يرسلن إلينا"، فكانت الأزواج يرسلن إلينا بمقدار ذلك لنذرع بقدرها لنسائنا، أو المعنى كن، أي: الأزواج يرسلن إلينا، أي مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعطي الرسول قصبًا ونحوه على قدر الذراع، والظاهر أن الضمير ليس بعائد إلى الأزواج بل إلى النسوة مطلقًا، والمعنى. كانت النساء يرسلن إلينا، نذرع لهن، فنذرع لهن ذلك لاحتياطهن بعدم الاكتفاء بالقول فقط.
(38)
(بَابٌ: في أُهُبِ الْمَيْتَةِ)(1)
4120 -
(حدثنا مسدد ووهب بن بيان وعثمان بن أبي شيبة
(1) يطهر بالدباغ جلدُ الميتة عند الشافعي إلَّا جلد خنزير وكلب، وفي جلد الآدمي وجهان، ويطهر عندنا ما خلا الخنزير والآدمي، ولا يطهر في المشهور عن أحمد، ولا في المشهور عن مالك شيء من الجلود، ومعنى دباغها طهورها عندهما للنظافة، فيجوز استعمالها عندهما في اليابسات في إحدى الروايتين عن أحمد، وفي الثانية لا يجوز، وعند مالك في الماء أيضًا إلَّا ما غَيَّر أحد أوصافه الثلاثة، وغير المشهور عن أحمد يطهر بالدبغ جلد الحيوان الطاهر في الحياة، وقال الزهري: يجوز الانتفاع بها مطلقًا قبل الدبغ وبعده، وقال الظاهرية: يطهر مطلقًا بعد الدبغ حتى الخنزير، والجملة فيها سبعة مذاهب، كما في "الأوجز"(10/ 134، 135). (ش).
وَابْنُ أَبي خَلَفٍ قَالُوا: نَا سُفْيَانُ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ مُسَدَّدٌ وَوَهْبٌ: عن مَيْمُونَةَ قَالَتْ: أُهْدِيَ لِمَوْلَاةٍ لنَا شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَمَاتَتْ، فَمَرَّ بِهَا النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَلَّا دَبَغْتُمْ إهَابَهَا، فَاسْتَمْتَعتُمْ (2) بِهِ"، فَقَالُوا (3): يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنَّهَا مَيْتَةٌ، قَالَ:"إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا". [خ 1492، م 363، ن 4235، جه 3610، حم 6/ 336]
4121 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَزِيدُ، نَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ،
===
وابن أبي خلف قالوا: نا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال مسدد ووهب: عن ميمونة) أي بعد قوله: عن ابن عباس، والظاهر أن عثمان بن أبي شيبة وابن أبي خلف لم يذكرا عن ميمونة، فأدخلا الحديث في مسانيد ابن عباس.
(قالت: أهدي) بصيغة المجهول (لمولاة لنا) قال الحافظ (4): لم أقف على اسمها (شاة من الصدقة، فماتت، فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم) وهي ملقاة على الطريق (فقال: ألا) بفتح الهمزة وتشديد اللام على التحضيض (دبغتم إهابها) بكسر الهمزة، قيل: هو الجلد مطلقًا، وقيل: هو الجلد قبل الدباغ، فأما بعده فلا تسمى إهابًا، (فاستمتعتم به! فقالوا: يا رسول الله! إنها ميتة، قال: إنما حُرِّم) روي بوجهين: أحدهما: بفتح الحاء وضمِّ الراء، والثاني: بضمِّ الحاء وكسرِ الراء المشدَّدة (أكلها).
4121 -
(حدثنا مسدد، نا يزيد، نا معمر، عن الزهري، بهذا الحديث)
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
في نسخة: "واستمتعتم".
(3)
في نسخة: "قالوا".
(4)
"فتح الباري"(3/ 356).
لَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ. قَالَ: فَقَال: "أَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِإهَابِهَا" ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ، لَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ. [م 363، ن 4239، حم 1/ 227]
4122 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: قَالَ مَعْمَرٌ، وَكان الزُّهْرِيُّ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ، وَيَقُولُ: يُسْتَمْتَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرِ الأَوْزَاعِيُّ، وَيُونُسُ، وَعُقَيْلٌ في حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ: الدِّبَاغَ.
وَذَكَرَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
===
المتقدم، (لم يذكر) فيه (ميمونةَ)، بل الحديث عن ابن عباس، وكذا أخرجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم البخاريُ، ومسلم، والنسائي، (قال) معمر:(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا انتفعتم بإهابها، ثم ذكر معناه، لم يذكر الدباغ).
4122 -
(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، نا عبد الرزاق قال: قال معمر: وكان الزهري ينكر الدباغ) أي: اشتراطه (ويقول: يستمتع به) أي: بالإهاب (على كل حال) أي: في الجوامد والمائعات وغيرها وإن لم تُدْبَغْ، واستدلاله بهذا بقوله:"ألا انتفعتم بإهابها"، ولم يذكر دباغها، فالدباغ غير لازم، وأجيب عنه بأنه مطلق، وجاءت الروايات الباقية بالدباغ، فيحمل المطلق على المقيد.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه رحمه الله: ولعل الزهري لم ينكر وجوب الدباغ إلَّا هذا المخصوص بالقرظ مطلقه، وإلَّا فيبعد عن مثله أن يجوِّزَ الانتفاعَ بجلد الميتة، وهي متلطخة بما هي متطلخة به، وعلى هذا فلا خلاف بينه وبينهم.
(قال أبو داود: لم يذكر الأوزاعي، ويونس، وعقيل في حديث الزهري: الدباغَ، وذكره الزبيدي، وسعيد بن عبد العزيز،
وَحَفْصُ بْنُ الْوَليدِ، ذَكَرُوا الدِّبَاغَ.
4123 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ وَعْلَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إذَا دُبِغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهُرَ". [م 366، ن 4241، ت 1738، جه 3609، حم 1/ 219]
4124 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عن مَالِكٍ، عن يَزِيدَ بْنِ
===
وحفص بن الوليد، ذكروا الدباغ (1)).
4123 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة، عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: إذا دُبِغَ الإهاب) بالماء والقرظ، وبعمومه يشمل جلدَ المأكول وغيره (فقد طهر)، وفيه حجة لمذهب الجمهور أن جلد الميتة يطهر بالدباغ ظاهِرُه وباطِنُه، ويجوز استعماله في الأشياء المائعة واليابسة.
4124 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يزيد بن
(1) غرض المصنف بهذا الكلام ذكر الاختلاف في ذكر الدباغ وعدمه في روايات تلاميذ الزهري.
فرواية الأوزاعي أخرجها أحمد (1/ 329)، والطبري في "تهذيب الآثار"(2/ 805) رقم (1181)، وأبو يعلى (4/ 308) رقم (2419)، وابن حبان (4/ 98) رقم (1282)، ورواية يونس أخرجها البخاري (1492)، ومسلم (363)، والطحاوي (1/ 472)، وأبو عوانة (1/ 210)، وابن حبان (4/ 101) رقم (1284)، والبيهقي (1/ 23)، ورواية عقيل أخرجها الدارقطني (1/ 41)، وأبو عوانة (1/ 210)، والبيهقي (1/ 20) فيه: فزاد عقيل: "أوليس في الماء والدباغ ما يطهرها؟ ".
ورواية محمد بن الولبد الزبيدي أخرجها الدارمي (2/ 74) رقم (1988)، والدارقطني (1/ 42)، والطبري في "تهذيب الآثار"(2/ 805) رقم (1180)، ورواية سعيد بن عبد العزيز لم أقف عليها، ورواية حفص بن الوليد أخرجها النسائي (7/ 172).
وقد صحَّح الدارقطني والبيهقي وابن عبد البر زيادة من زاد فيه ذكر الدباغ.
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عن أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ (1) أَنْ يُسْتَمْتَعَ (2) بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ". [ن 4252، جه 3612، حم 6/ 73]
4125 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَا: نَا هَمَّامٌ، عن قَتَادَةَ، عن الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ،
===
عبد الله بن قسيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أمه) قال المنذري (3): لم تُنْسَبْ أمه، ولم تسمَّ، (عن عائشة (4) زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَر) أمْرَ إباحةٍ (أن يستمتع بجلود الميتة) مطلقًا، سواء أكل لحمها أو لا، غير الخنزير والآدمي، وزاد الشافعي: الكلبَ (إذا دُبِغَتْ).
احتج (5) بعموم الجلود أبو يوسف، وداود على أن الدباغ يؤثر في جميعها حتى الخنزير، ومذهب الشافعي ومالك (6) وأبي حنيفة، كذلك إلَّا أن مالكًا وأبا حنيفة استثنيا الخنزير، وزاد الشافعي الكلبَ فاستثناه أيضًا، واستثنى الأوزاعي وأبو ثور جلد ما لا يؤكل لحمه كالحمار.
4125 -
(حدثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيل قالا: نا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة) بن الأعور، التميمي السعدي البصري، عن أحمد: لا يُعْرَف (7)، وعن ابن المديني: جون معروف، لم يرو
(1) في نسخة: "أمره".
(2)
في نسخة: "أن يستنفع".
(3)
"مختصر سنن أبي داود"(6/ 65).
(4)
يشكل عليه أن العيني حكى عنها الكراهة (6/ 548). (ش).
(5)
واختلفت المذاهب في ذلك كما في "التعليق الممجد"(3/ 518)، وذكر النووي (2/ 290) فيه سبعة مذاهب، وراجع:"مشكل الآثار"(8/ 280 - 299)، و"تأويل مختلف الحديث"(ص 205، 206). (ش).
(6)
في غير المشهور، كما سيأتي. (ش).
(7)
وقال الترمذي في "العلل الكبير"(رقم 519): لا أعرف لجون بن قتادة غير هذا الحديث، ولا أدري من هو؟
عن سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَتَى عَلَى بَيْتٍ، فَإذَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَسَأَلَ الْمَاءَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: "دِبَاغُهَا طَهُورُهَا". [ن 4243، حم 3/ 476]
4126 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ -، عن كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ حَدَّثَهُ، عن أُمِّهِ الْعَالِيَةِ (1) بِنْتِ سُبَيْعٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ لِي غَنَمٌ بِأُحُدٍ، فَوَقَعَ فِيهَا الْمَوْتُ، فَدَخَلْتُ عَلى مَيْمُونَةَ زَوْج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا. فَقَالَتْ لِي مَيْمُونَةُ: لَوْ أَخَذْتِ جُلُودَهَا فانْتَفَعْتِ بِهَا،
===
عنه غير الحسن، وذكره في موضع آخر في المجهولين من شيوخ الحسن البصري، وذكر ابن سعد قتادةَ والِدَه في الصحابة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
(عن سلمة بن المحبق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أتى على بيت، فإذا قربة معلَّقة، فسأل الماء، فقالوا: يا رسول الله! إنها) أي: القربة التي فيها الماء من جلد (ميتة، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دباغها طهورها)(2).
4126 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني عمرو - يعني ابن الحارث -، عن كثير بن فرقد، عن عبد الله بن مالك بن حذافة) حجازي، سكن مصر، روى عن أمه العالية بنت سبيع، وعنه كثير بن فرقد، له عند أبي داود والنسائي حديث في الدباغ.
(حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأحد، فوقع فيها الموت، فدخلت على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك) أي: الموت الذي وقع في غنمي (لها، فقالت ميمونة: لو أخذت جلودها فانتفعت بها،
(1) في نسخة: "أم العالية".
(2)
وفي أكثر الروايات: "دباغها ذكاتها"، كما في "التلخيص الحبير"(1/ 204) ح (44)، واستدلَّ بلفظ الذكاة على مسألة خلافية آتية من أن الذكاة تُطَهِّر الجلدَ عندنا ومالك، خلافًا لهما. (ش).
فَقَالَتْ: أَوَيَحِلُّ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ أَخَذْتُمْ إهَابَهَا". قَالُوا: إنَّهَا مَيْتَةٌ؟ قَالَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ". [ن 4248]
(39)
بَابُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا يُسْتَنْفَعَ (2) بِإهِابِ الْمَيْتَةِ
4127 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، نَا شُعْبَةُ، عن الْحَكَمِ،
===
فقالت) أي العالية: (أو يحل ذلك؟ قالت: نعم، مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أخذتم إهابها) أي: فدبغتموه فانتفعتم به (قالوا: ) يا رسول الله! (إنها ميتة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهرها الماء (3) والقرظ) قيل: هو ورق السلم يدبغ به، وقيل: هو حب يخرج في علف كالعدس من شجر العضاه، قاله ابن رسلان، وقال في "القاموس": القرظ محركة: ورق السلم، أو ثمر السنط.
(39)
(بَابُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا يُسْتَنْفَعَ)
أي: لا يُنْتَفَعَ (بإهِابِ الْمَيْتَةِ)(4)، وهي الجلد قبل الدباغ
4127 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن الحكم،
(1) في نسخة: "فقال".
(2)
في نسخة: "ينتفع".
(3)
قال الموفق: هل يطهر الجلد بمجرد الدبغ قبل غسله بالماء؟ فيه وجهان، أحدهما: لا يطهر؛ لهذا الحديث، والثاني: يطهر؛ لقوله عليه السلام: "أيما جلد دُبغَ فقد طهر". [راجع: "المغني" (1/ 95، 96)]. (ش).
(4)
هذا الحديث مستدل الحنابلة في مشهور المذهب أن جلود الميتة لا يطهر بالدبغ مطلقًا، وهل يجوز الانتفاع في اليابسات؟ فيه روايتان. الجواز وعدمه، وأجاد الشوكاني الكلامَ على هذا الحديث. [انظر:"نيل الأوطار"(1/ 118، 119)]. (ش).
عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ: "أَنْ لَا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإهَابٍ وَلَا عَصَبٍ". [ن 1729، ن 4250، جه 3613، حم 4/ 310]
===
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن عُكيم) (1) الجهني، وكان إمام مسجد جهينة، أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُعْرَف له سماع صحيح، (قال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض جهينة وأنا غلام شاب: أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب).
قال ابن رسلان: فيه حجة لما روي عن مالك (2) أن الجلد بعد الدباغ نجس، وهو ناسخ لأحاديث:"إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: هذا مرسل؛ لأنه من كتاب لا يُعْرَفُ حامله. وأجيب بأن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم كلفظه، ولو لم يكن ذلك لما كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، وقد كتب إلى ملوك الأطراف وإلى غيرهم، فلزمتهم الحجةُ به، وحصل له البلاغ، وحمل أصحابنا حديثَ الباب على ما لم يُدْبَغ، انتهى (3).
والعصب بفتحتين واحد الأعصاب، اختلفت روايات الحنفية في عصب
(1) هكذا بالكاف في جميع الروايات وكتب المذاهب، لكن ضبطه الزرقاني (3/ 94) بضم العين واللام مصغرًا. (ش).
(2)
قال الدردير (1/ 92 - 94): الجلد نجس ولو دُبِغ، فلا يؤثر دبغه طهارة في ظاهره ولا باطنه، وخبر:"أيما إهاب دبغ فقد طهر" ونحوه محمول عندنا في مشهور المذهب على الطهارة اللغوية، وهي النظافة، ولذا رخص فيه في يابس كالحبوب، وفي ماء؛ لأن له قوة الدفع عن نفسه لطهورته فلا يضره؛ لا في نحو عسل ولبن وسمن، ويجوز لبسها في غير الصلاة لا فيها، سواء كان من جلد مباح الأكل أو محرمه، إلَّا من خنزير فلا يرخص فيه مطلقًا. اهـ مختصرًا. (ش).
(3)
انظر: "المغني"(1/ 91) أيضًا.
4128 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: نَا الثَّقَفِيُّ، عن خَالِدٍ، عن الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ: أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُكَيْمٍ - رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ - قَالَ الْحَكَمُ: فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَاب، فَخَرَجُوا إلَيَّ، فَأَخْبَرُونِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ:
===
الميتة، نقل القاري (1) عن "شرح مواهب الرحمن": عصب الميتة نجس في الصحيح من الرواية؛ لأنه فيه حياة بدليل تألمه بالقطع، وقيل: طاهر لأنه عظم غير متصل، قال التوربشتي: قيل: هذا الحديث (2) ناسخ للأخبار الواردة في الدباغ، لما في بعض طرقه:"أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر"، والجمهور على خلافه، وقالوا: لا يقاوم تلك الأحاديث صحة واشتهارًا، ثم إن ابن عكيم لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، إنما حدث عن حكايته حال، ولو ثبت فحقه أن يحمل قبل الدباغ، وقال الترمذي: كان أحمد بن حنبل يقول به، ثم تركه لما اضطربوا في إسناده. قال البيهقي وآخرون: هو مرسل، ولا صحبة لابن عكيم، نقله السيد في "التخريج".
4128 -
(حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم قال: نا الثقفي) أي: عبد الوهاب بن عبد المجيد، (عن خالد، عن الحكم بن عتيبة: أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم) مصغرًا (رجل من جهينة، قال الحكم: فدخلوا) على عبد الله (وقعدت على الباب) لعله قعد لعذر له، أو ليحفظ متاعهم (فخرجوا إليَّ، فأخبروني: أن عبد الله بن عكيم أخبرهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر)، وفي رواية لغير
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(2/ 208، 209).
(2)
أما النهي عن جلود السباع، فقد قيل: إنها كانت تُسْتَعْمَلُ قبل الدباغ، وقال ابن شاهين: هذه الأحاديث لا يمكن ادِّعاء نسخ شيء منها بالآخر. فإن قلت: حديث ابن عكيم قبل الوفاة بشهر؟ قلت: يمكن أن يقال: يجوز أن يكون الأمر قبل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم بجمعة، والأولى هنا هو الأخذ بالحديثين جميعًا، وهو أن يُحْمَلَ المنعُ على ما قبل الدباغ، والإخبارُ بالطهارة بعده، انتهى من العيني (6/ 547). (ش).