المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(9) باب في ترك القود بالقسامة - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٢

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) أَوَّلُ كتَابِ الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ

- ‌(25) أَوَّلُ كِتَابِ الْحَمَّامِ

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرِّي

- ‌(2) (بَابٌ: في التَّعَرِّي)

- ‌(26) أَوَّلُ كتَابِ اللِّبَاسِ

- ‌(1) بَابٌ: في مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَقْبِيَةِ

- ‌(4) بَابٌ: في لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌(5) (بَابٌ: في لُبْسِ الصَّوفِ وَالشَّعْرِ)

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(8) بَابُ مَنْ كَرِهَهُ

- ‌(9) بَابُ الرُّخْصَةِ في الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ

- ‌(10) بَابٌ: في لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(12) بَابٌ: في لُبْسِ الْحِبَرَةِ

- ‌(13) بَابٌ: في الْبَيَاضِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْمَصْبُوغِ

- ‌(16) بَابٌ: في الْخُضْرَةِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْحُمْرَةِ

- ‌(18) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ

- ‌(19) بَابٌ: في السَّوادِ

- ‌(20) بَابٌ: في الْهُدْبِ

- ‌(21) بَابٌ: في الْعَمَائِمِ

- ‌(22) بَابٌ: في لِبْسَةِ الصَمَّاءِ

- ‌(23) بَابٌ: في حَلِّ الأَزْرَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في التَّقَنُّعِ

- ‌(25) بَابُ مَا جَاءَ في إسْبَالِ الإزَارِ

- ‌(26) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ

- ‌(27) بَابٌ: في قَدْرِ مَوضِعِ الإزَارِ

- ‌(28) بَابٌ في لِبَاسِ النِّسَاءِ

- ‌(29) بَابُ مَا جَاءَ في قَوْلِ الله تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌(30) بَابٌ: في قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌(32) (بَابٌ: في الْعَبْدِ يَنْظُرُ إلى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(33) بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌(34) بَابٌ: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌(35) بَابٌ: كَيْفَ الاخْتِمَارُ

- ‌(36) بَابٌ: في لُبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ

- ‌(37) (بَابُ مَا جَاءَ في الذَّيْلِ)

- ‌(38) بَابٌ: في أُهُبِ الْمَيْتَةِ

- ‌(40) بَابٌ: في جُلُودِ النُّمُورِ

- ‌(41) بَابٌ: في الانْتِعَالِ

- ‌(42) بَابٌ: في الْفُرُشِ

- ‌(43) بَابٌ: في اتِّخَاذِ السُّتُورِ

- ‌(44) بَابٌ: فِي الصَّليبِ في الثَّوبِ

- ‌(45) بَابٌ: في الصُّوَرِ

- ‌(27) أَوَّلُ كِتَابِ التَّرَجُّلِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في إصْلَاحِ الشَّعْرِ

- ‌(3) بَابٌ: في الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(4) بَابٌ: في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌(6) (بَابٌ: في طِيبِ الْمَرْأَةِ لِلْخُرُوجِ)

- ‌(7) بَابٌ: في الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّعْرِ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ

- ‌(10) بَابٌ: في تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُضَفِّرُ شَعْرَهُ

- ‌(12) بَابٌ: في حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌(13) بَابٌ: في الصَّبيِّ لَهُ ذُؤَابةٌ

- ‌(14) بَابُ مَا جَاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌(15) بَابٌ: في أَخْذِ الشَّارِبِ

- ‌(16) بَابٌ: في نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْخِضَابِ

- ‌(18) بَابٌ: في خِضَابِ الصُّفْرَةِ

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في خِضَابِ السَّوَادِ

- ‌(20) بَابُ مَا جَاءَ في الانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ

- ‌(28) أَوَّلُ كِتَابِ الْخَاتَمِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في تَرْكِ الْخَاتَمِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الْحَدِيدِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ في التَّخَتُّمِ في الْيَمِينِ أَوِ الْيَسَارِ

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ في رَبْطِ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(29) (أَوَّلُ كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ)

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(2) بَابٌ: في كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌(3) (بَابُ الرُّخْصَةِ في التَّبَدِّي في الفِتْنَةِ)

- ‌(4) بَابٌ: في النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(5) بَابٌ: في تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ

- ‌(6) بَابُ مَا يُرْجَى في الْقَتْلِ

- ‌(30) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(1) (بَابُ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(2) بَابٌ: في ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(31) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(2) (بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(3) بَابٌ: في أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(4) بَابٌ: في تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(5) (بَابٌ: في تَدَاعِي الأُمَمِ عَلَى الإسْلَامِ)

- ‌(6) بَابٌ: في الْمَعْقِلِ مِنَ الْمَلَاحِمِ

- ‌(7) بَابُ ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ في الْمَلَاحِمِ

- ‌(8) بَابٌ: في النَّهْيِ عن تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالْحَبَشَةِ

- ‌(9) بَابٌ: في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌(10) بَابٌ: في ذِكْرِ الْبَصْرَةِ

- ‌(11) (بَابُ ذِكْرِ الْحَبْشَةِ)

- ‌(12) (بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ)

- ‌(13) بَابُ حَسْرِ الْفُرَاتِ عن كَنْزٍ

- ‌(14) بَابُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌(15) بَابٌ: في خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ

- ‌(16) بَابُ خَبَرِ ابْنِ الصَّائِدِ

- ‌(17) بَابٌ: في الأَمْرِ وَالنَّهْيِ

- ‌(18) بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ

- ‌(32) أَوَّلُ كِتَابِ الْحُدُودِ

- ‌(1) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌(2) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُحَارَبَةِ

- ‌(4) بَابٌ في الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌(6) بَابُ السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ

- ‌(5) (بَابٌ: يُعْفَى عَنِ الْحُدُودِ مَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ)

- ‌(7) بَابٌ: في صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ

- ‌(8) بَابٌ: في التَّلْقِينِ في الْحَدِّ

- ‌(9) بَابٌ في الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ

- ‌(10) بَابٌ في الامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ

- ‌(11) بَابُ مَا يُقَطَعُ فِيهِ السَّارِقُ

- ‌(12) بَابُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ

- ‌(13) بَابُ الْقَطْعِ في الْخُلْسَةِ وَالْخِيَانَةِ

- ‌(14) بابٌ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌(15) بابٌ فِى الْقَطْعِ فِى الْعَارِيَةِ إِذَا جُحِدَتْ

- ‌(16) بابٌ فِى الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌(17) بَابٌ فِى الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ

- ‌(18) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ في الْغَزْوِ، أَيُقْطَعُ

- ‌(19) بَابٌ في قَطْعِ النَّبَّاشِ

- ‌(20) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا

- ‌(21) بَابٌ في السَّارِقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌(22) بَابُ بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إذَا سَرَقَ

- ‌(23) بَابٌ: في الرَّجْمِ

- ‌(24) بَابٌ في الْمَرْأَةِ التِي أَمَرَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌(25) بَابٌ في رَجْمِ الْيَهُودِيينِ

- ‌(26) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ

- ‌(27) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْني بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(29) بَابٌ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(30) بَابٌ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ

- ‌(31) بَابٌ في الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْإمَامُ

- ‌(32) بَابٌ في الأَمَةِ تَزْنن وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌(33) بَابٌ: في إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ

- ‌(34) بَابٌ في حَدِّ الْقَاذِفِ

- ‌(35) بابٌ في الْحَدِّ فِى الْخَمْرِ

- ‌(36) بابٌ: إِذَا تَتَابَعَ فِى شُرْبِ الْخَمْرِ

- ‌(37) بابٌ فِى إِقَامَةِ الْحَدِّ فِى الْمَسْجِدِ

- ‌(38) بابٌ: فِى ضَرْبِ الْوَجْهِ فِى الْحَدِّ

- ‌(39) بابٌ: فِى التَّعْزِيرِ

- ‌(33) أَوَّلُ كِتَابِ الدِّيَّاتِ

- ‌(1) بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ

- ‌(3) بَابُ الإمَامِ يأْمُرُ بِالْعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌(4) بابُ وَليِّ الْعَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌(5) بَابُ مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌(6) بَابٌ فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سُمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَمَاتَ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(7) بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(8) بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(9) بَابٌ في تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ

- ‌(10) بَابٌ: يُقَادُ مِنَ الْقَاتِلِ

- ‌(11) بَابٌ: أَيُقَادُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ

- ‌(12) بَابٌ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ

- ‌(13) بَابُ الْعَامِلِ يُصَابُ عَلَى يَدَيهِ خَطَأ

- ‌(14) بَابُ الْقَوَدِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌(15) بَابُ الْقَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ، وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌(16) بَابُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌(17) بَابٌ في الدِّيَةِ كم هِيَ

- ‌(18) بابٌ دِيَاتِ الأَعْضَاءِ

- ‌(19) بابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(20) بَابٌ في دِيَةِ الْمُكَاتَبِ

- ‌(21) بَابٌ في دِيَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌(22) بَابٌ في الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فيَدْفَعُهُ عن نَفْسِهِ

- ‌(23) (بَابٌ فِيمَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فأَعْنَتَ)

- ‌(24) بَابُ الْقِصَاصِ مِنَ السِّنِّ

- ‌(25) بَابٌ في الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا

- ‌(26) بَابٌ في النَّارِ تَعَدَّى

- ‌(27) بَابُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ قُتِلَ في عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ

الفصل: ‌(9) باب في ترك القود بالقسامة

(9) بَابٌ في تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ

4523 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، نَا أَبُو نَعِيمٍ، نَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائيُّ، عن بُشَيرِ بْنِ يَسَارٍ، زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا، فَقَالُوا لِلَّذِينَ وَجَدُوهُ عِنْدَهُمْ: قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا، فَقَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ، وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا، فَانْطَلَقْنَا إلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: فَقَالَ لَهُمْ: "تَأتُونِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ (1)؟ "، قَالُوا: مَا لَنَا بِبَيِّنَةٍ، قَالَ:"فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ"؟ قَالُوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ، فَكَرِهَ (2) رَسُول اللَّهِ (3) صلى الله عليه وسلم أنْ يُبْطِلَ دَمَهُ،

===

(9)

(بَابٌ في تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ)

4523 -

(حدثنا الحسن بن محمد بن الصبَّاح الزعفراني، نا أبو نُعيم، نا سَعيد بن عبيد الطائي، عن بُشير بن يسار، زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له: سهلُ بن أبي حَثْمة أخبره، أن نَفَرًا من قومه) أي من الأنصار (انطلقوا إلى خيبرَ فتَفَرَّقوا فيها، فوجدوا أحدَهم قتيلًا، فقالوا للذين وَجَدُوه عندهم) وهم اليهود: (قتلتُم صاحبنَا، فقالوا: ما قتلْناه ولا عَلِمْنا قاتلًا).

(فانطلَقْنا) وهذا التفَاتٌ من الغيبة إلى التكلم (إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال) سهل: (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لهم) أي للذين ذهبوا إليه في قصة القتل: (تأتوني) بحذف همزة الاستفهام الإقراري (بالبَيِّنة على من قتَل؟ قالوا: ما لنا بِبَيِّنَةٍ) لأنا لم نشهده.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فيحلِفون لكم) بأنا ما قتلناه؟ (قالوا) أي الأنصار: (لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبطِل دمهُ) على صيغة المعلوم، مِنْ بَطَل يبطُل، ودمُه فاعلُه، ويحتمل أن يكون من الإبطال، ودمه

(1) زاد في نسخة: "هذا".

(2)

في نسخة: "وكره".

(3)

في نسخة: "نبي الله".

ص: 624

فَوَدَاهُ مِئَةً (1) مَنْ إبِلِ الصَّدَقَةِ. [تقدَم برقم 1638]

4524 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ، أَنَا هُشَيْمٌ، عن أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، نَا عَبَابَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، عن رَافِع بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: أَصْبَحَ رَجُل مِنَ الأَنْصَارِ مَقْتُولًا (2) بِخَيْبَرَ، فَانْطَلَقَ اوْليَاؤُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"لَكُمْ (3) شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْل (4) صَاحِبِكُمْ"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإنّمَا هُمْ يَهُودُ، وَقَدْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذا، قَالَ:"فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ فَاسْتَحْلِفُوهُمْ"(5)، فَأَبَوْا، فَوَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدهِ. [ق 8/ 134]

===

مفعولُه، وضمير الفاعل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَوَداه مئة من إبل الصدقة)(6).

4524 -

(حدثنا الحسن بن علي بن راشد، أنا هشيم، عن أبي حيان التَّيْمي، نا عَبَاية بن رفاعة، عن رافع بن خَديج قال: أصبح رجلٌ من الأنصار مقتولًا بخيبر، فانطَلَقَ أولياؤه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك) أي القتل وقصته (له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال: لكم) بحذف همزة الاستفهام (شاهدان يَشهدان على قتلِ صاحبِكم) بأن فلانًا قَتَله؟

(قالوا: يا رسول الله، لم يكنْ ثَمَّ) أي هناك (أحد من المسلمين، وإنما هم يهود، وقد يَجْترئون على أعظمَ مِنْ هذا) أي مِنْ قتلِ رجلٍ واحد؛ لأنهم أعداؤنا (قال: فاختاروا منهم خمسين فاسْتحلفُوهم فأبَوْا) أي أولياء المقتول استحلافهم (فَوَداه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من عنده).

(1) في نسخة: "بمائة".

(2)

في نسخة بدله: "بخيبر مقتولًا".

(3)

في نسخة: "ألكم".

(4)

في نسخة بدله: "قاتل".

(5)

في نسخة: "فأستحلفَهم".

(6)

حَمَله ابن القيم (5/ 12، 13) على أنه اسْتَقْرَضَه منه، أو كان لإصلاحِ ذات البين. والبسط في "الأوجز"(15/ 177 - 181). (ش).

ص: 625

4525 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ سلَمَةَ-، عن مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ بُجَيْدٍ قَالَ: إنَّ سَهْلًا- وَاللَّه- أَوْهَمَ الْحَدِيثَ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى يَهُودَ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَتِيلٌ فَدُوهُ، فَكَتَبُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَاهُ وَمَا (1) عَلِمْنَا قَاتِلًا، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منْ عِنْدِهِ مِئَةَ نَاقَةٍ. [ق 8/ 120، 121]

===

4525 -

(حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحرّاني، نا محمد -يعني ابن سلمة-، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عبد الرحمن بن بُجَيد قال: إن سهْلًا) أي ابن أبي حَثْمة (- والله- أَوهمَ الحديثَ).

والوهم فيه: أنه ذكر في رواياته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأولياء المقتول: "تَحلِفُون وتستحقُّون دمَ قاتلِكم؟ " هذا وهم من سهل بن أبي حَثْمة لم يسأل منهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَحلِفوا ويستحقُّوا دمَ المقتول، بل الصحيحُ من القصة أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود:"أنه قد وَجد بين أَظهركم قتيلًا"، الحديث.

(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهود أنه قد وُجد بين أَظهُركم قتيلٌ) ولفظ "أظهر" مقحم، معناه: فيكم (فَدُوهُ) أي أَدُّوا ديةَ المقتول (فكتبوا) أي اليهودُ في جوابه: (يحلِفون بالله خمسين يمينًا) أي إن تَطلُبوا منا فنحنُ نحلِفُ خمسينَ يمينًا على أنا (ما قتلْناه وما علمْنا) له (قاتلًا، قال) عبد الرحمن بن بُجَيد: (فَودَاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من عنده مئةَ ناقة).

قال المنذري (2): في إسناده محمد بن إسحاق، وقد تقدم الكلام عليه. وقال الإِمام الشافعي رحمه الله: وقد قال قائل: ما مَنَعك أن تأخذَ بحديث ابن بُجَيد؟ قلتُ: لا أعلم ابنَ بُجَيد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن سَمع منه، فهو مرسلٌ، ولسنا وإياك نثبت المرسل، وقد علمتُ سهلًا أنه صحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم

(1) في نسخة: "ولا".

(2)

"مختصر سنن أبي داود"(6/ 322).

ص: 626

4526 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ،

===

وسمع منه، وساق الحديث سياقًا لا يثبت (1) به الأثبات.- هكذا وجد في النسخة الموجودة في المدينة المنورة، وكذا في النسخة التي أخذ عنها صاحب "العون" - فأخذت به لما وصفت، انتهى.

وقال الحافظ في "الإصابة"(2): عبد الرحمن بن بُجَيد- بموحدة وجيم مصغرًا - ابنُ وهب بن القيظي الأنصاري المدني، قال أبو بكر بن (3) داود: له صحبة، وقال ابن أبي حاتم: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جدته، وقال ابن حبان: يقال: له صحبة، ثم ذكره في ثقات التابعين، وقال البغوي: لا أدري له صحبة أم لا؟

وقال أبو عمر: أدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه فيما أحسِبُ، وفي صحبته نظر، إلا أنه روى، فمنهم من يقول: إن حديثه مرسل، وكان يذكر بالعلم، ولم أرهم ذكروا أباه في الصحابة، فلعله مات قبل أن يسلم، وخلف هذا صغيرًا.

وقد أخرج أبو داود وابنُ مَنْده وقاسم بن أَصْبَغ حديث القَسَامة من طريق محمد بن إسحاق التيمي (4)، عن عبد الرحمن بن بُجَيد أنه حدثه

، قال محمد بن إبراهيم: وما كان سهل بن أبي حثمة بأكثرَ منه علمًا، ولكنه كان أسن منه، وقد تقدم في ترجمة سهل: أنه كان ابن ثمان سنين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلعله أَسَن من عبد الرحمن بسَنة أو نحوها، انتهى.

4526 -

(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا مَعمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسُليمان بن يسار،

(1) هكذا في الأصل، وفي "المختصر":"وساق الحديث سياقًا لا يشبه إلَّا الأثبات".

(2)

"الإصابة"(2/ 383، 384).

(3)

هكذا في الأصل، وفي "الإصابة"(2/ 384) قال أبو بكر بن أبي داود.

(4)

هكذا في الأصل، وفي "الإصابة": من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي

إلخ.

ص: 627

عن رِجَالٍ (1) مِنَ الأَنْصَارِ، أَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لِلْيَهُودِ (2)، وَبَدَأَ بِهِمْ:"يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا"، فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلأَنْصَارِ:"اسْتَحِقُّوا"، فَقَالُوا: نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْب يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةً عَلَى يَهُودَ، لأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ. [ق 8/ 121]

===

عن رجال من الأنصار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود، وبدأ بهمِ: يحلِف منكم خمسون رجلًا، فَأبوا، فقال للأنصار: استحقّوا) دمَ قتيلكم بأيمانكم (فقالوا: نحلِف على الغيب) أي كيف نحلف أو بتقدير استفهام (يا رسول الله؟ ) فأنكروا الأيمان (فجعلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ديةً على يهودَ) أي أوجب الديةَ على اليهود (لأنه وُجِد) أي القتيلُ (بين أظهُرِهم).

وقد تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَعطى ديتَه من عنده مائةً من إبل الصدقة. ووقع في رواية النسائي (3): فقَسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ديتَه عليهم وَأَعانَهم بنِصْفها.

قلت: ولم أَرَ أحدًا كَتَبَ هذا البحث مفصلًا من بيان المذاهب، والجمعَ بين الاختلافات الواقعة في الروايات مثل ما كَتَب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه وشيخنا رحمه الله، فأُحِبُّ أن أذكُرَها لينتفع بها الطالبون والمدرسون. قال (4):

"باب القسامة": المذهب فيه معلوم، وهو استحقاق القَوَد يحلف

(1) في نسخة: "رجل".

(2)

في نسخة: "اليهود".

(3)

"سنن النسائي" رقم (4720).

(4)

أي في تقرير "الترمذي"، فإنه بسط فيه المذاهب، وحاصله: أن الإيمانَ عندنا على المدعى عليهم يخيرهم الولي، فإن حَلَفوا أوَجَبت الديةُ عليهم، وإن نَكَلوا حُبِسوا حتى يحلِفوا. وعند الشافعية: إن كان هناك لَوْثٌ، يبدأ بأيمان الأولياء، فإن حَلَفوا وَجَبت الدية على المدعى عليهم، سواء العمد والخطأ، وإن نكلوا يحلف المدعى عليهم فإن حَلَفوا برأوا، وإن نَكَلوا وجبتِ الديةُ عليهم، انتهى.

ص: 628

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

خمسين من أَولياء المقتول عند الشافعي (1) رحمه الله، إن كان هناك لوث (2)، وإلا فمذهبهم مثل مذهبنا، وهو أنه يجب على ولي المقتول إقامة البينة، وإن تعسّر حَلَف المتهمون خمسينَ يمينًا:"ما قتلناه ولا علمْنا له قاتلًا"، فإن أُقيمت البينةُ أقيد منه، وإن لم تَقُمْ، ونَكلوا (3) عن اليمين وَجَبت الديةُ، وإن حَلَفوا تَبَرّؤا من الدية عندهم، وعندنا يَغرمون الديةَ على كل حال، سواءٌ حَلَفوا أو نَكَلوا عن اليمين.

وهذا هو الثابت بالنظر إلى مجموع الروايات، إذ "البينةُ على المدعِي واليمينُ على من أنكر" ولا معنى لإيجاب اليمين على أولياء المقتول، وقد ذُكِرَتِ البينة في كثير من الروايات، وما لم يذكر فيها محمول على ما ذكر؛ لأن الواقعةَ متحدة فيعمل بما وافق الأصول منها دون ما خالف.

وكذلك اختُلف فيها بين حلف اليهود خمسين يمينًا، فمن مُثبتٍ لها ومن نافٍ إياها، والجمع أن اليهود كتبوا إليه بحلفهم خمسين ولم يشهدوا، ولم يطلبهم ، ولا معتبر بما كتبوا به إليه صلى الله عليه وسلم، فإن الأيمان لا بد وأن تكون في مجلس القضاء بحضور الحاكم ، ولم يُوجد، فمن ذَكرها عني بها كتابتهم، ومن نفاها نفى اليمين المطابق للقاعدة.

= فأجمل الشيخ ها هنا اتِّكالًا على ما تقدَّم، ثم ما ذكر من مذهب الشافعية هو على الصحيح من قوليه، كما في "شرح مسلم"(6/ 166) للنووي، وقوله الثاني، وهو قول مالك: وجوب القَوَد في الصورة الأولى إذا كانت الدعوى عمدًا. (ش).

(1)

ذكره صاحب "الهداية"(4/ 497) قولًا من قولي الشافعي، قال: وبه قال مالك ونصه: قال الشافعي: إذا كان هناك لَوْثٌ استحلف الأولياءُ خمسين يمينًا ويقضى لهم بالدية على المدعى عليه، عمدًا كانت الدعوى أو خطأ، وقال مالك: يقضى بالقود إذا كانت الدعوى في قتل العمد، وهو أحد قولي الشافعي. انتهى. (ش).

(2)

واختلفوا في تعريف اللوث، كما في "الهداية"(4/ 497، 498)، و"النووي"(6/ 163، 164).

(3)

وفي "الهداية"(4/ 498): ومن نَكَل منهم حبس حتى يحلِف: "ما قتلناه ولا علمنا له قاتلًا". (ش).

ص: 629

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ثم إن الروايات مختلفة أيضًا في بذل الدية ممن كان، والأصل أن اليهود لم يَثبتْ عليهم شيء لعدم البينة، وكانوا مُستعدِّين للأيمان، إلَّا أن أولياءَ المقتول لم يَقبلوها منهم، وكان ذلك حقًّا لهم، فسقطتْ أيمانُهم بإسقاط هؤلاء، إلا أن اليهود بَذَلوا من المال شيئًا ظنًّا منهم أن القصة مُنجرّة إلى أزيد من ذلك.

وقد خافوا على أنفسهم ثبوت المدعى، حيث وُجد القتيلُ فيهم فأحبوا أن يسلموا من ذلك بما بذلوا، وقَبِله النبيُّ- صلى الله عليه وسلم منهم لما علم أنه لو لم يثبتْ عليهم المدعى، وهو الظاهر لعدم بيان البينة وعدم مبالاة هؤلاء بالأيمان لسلموا من غير شيء، ولم يُرزأوا في مال ولا نفس، فهذه حقيقة القصة.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم أكمل دِيَتَه من عنده، فمن أنكر الأخْذَ من اليهودية، فإنما أنكر أَخْذ كلها، وبعد ثبوتها حسب القاعدة المقررة شرعًا، ومن أثبتَ أَخذَها منهم، فإنما قصد بذلك أخْذَ شيء من ذلك.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن خيبر إذ ذاك كانت لم تفتح بعد، وكان الأقوام فيما بينهم تعاهُد، كما يدل عليه قوله في الرواية:"فأْذَنُوا بِحَرْبٍ من الله ورَسولِهِ"، إذ لو كانت مفتوحةً لَمَا افتقر إلى الحرْب والإيذان، بل كانوا أَذِلاء يخرجهم المسلمون من أرضهم حيث شاؤوا، ولذلك لم يتتبع النبي صلى الله عليه وسلم قصة القتيل هذه حق التتبع، لكون القوم على سواء فلو بُولِغَ فيها، لاحْتَمَل أول الأمر إلى القتال والجدال، وكان فيه خِلافُ المصلحة.

وعلى هذا فلا يرد على الحنفية ما أورد: من أن مذهبَكم في القَسَامة تَحْليف الملاك لا السكان، وههنا قد حلف السكان ولم يتعرض بالملاك، وهم المسلمون، وإنما جرى أمر القسامة عليهم لِمَا أن القوم كانوا معاهدين، وكانت القسامة شائعة في الجاهلية على النحو الذي قلنا، فلا يورد أنها لو لم تفتح بعد لَمَا قبلوا ذلك منهم؛ لأنهم كانوا غير مقدورين عليهم، انتهى كلامه.

ص: 630