المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) باب: في الرجم - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٢

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) أَوَّلُ كتَابِ الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ

- ‌(25) أَوَّلُ كِتَابِ الْحَمَّامِ

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرِّي

- ‌(2) (بَابٌ: في التَّعَرِّي)

- ‌(26) أَوَّلُ كتَابِ اللِّبَاسِ

- ‌(1) بَابٌ: في مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ فِي الأَقْبِيَةِ

- ‌(4) بَابٌ: في لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌(5) (بَابٌ: في لُبْسِ الصَّوفِ وَالشَّعْرِ)

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(8) بَابُ مَنْ كَرِهَهُ

- ‌(9) بَابُ الرُّخْصَةِ في الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ

- ‌(10) بَابٌ: في لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌(11) بَابٌ: في الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(12) بَابٌ: في لُبْسِ الْحِبَرَةِ

- ‌(13) بَابٌ: في الْبَيَاضِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْمَصْبُوغِ

- ‌(16) بَابٌ: في الْخُضْرَةِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْحُمْرَةِ

- ‌(18) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ

- ‌(19) بَابٌ: في السَّوادِ

- ‌(20) بَابٌ: في الْهُدْبِ

- ‌(21) بَابٌ: في الْعَمَائِمِ

- ‌(22) بَابٌ: في لِبْسَةِ الصَمَّاءِ

- ‌(23) بَابٌ: في حَلِّ الأَزْرَارِ

- ‌(24) بَابٌ: في التَّقَنُّعِ

- ‌(25) بَابُ مَا جَاءَ في إسْبَالِ الإزَارِ

- ‌(26) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ

- ‌(27) بَابٌ: في قَدْرِ مَوضِعِ الإزَارِ

- ‌(28) بَابٌ في لِبَاسِ النِّسَاءِ

- ‌(29) بَابُ مَا جَاءَ في قَوْلِ الله تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌(30) بَابٌ: في قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌(32) (بَابٌ: في الْعَبْدِ يَنْظُرُ إلى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ)

- ‌(33) بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌(34) بَابٌ: في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌(35) بَابٌ: كَيْفَ الاخْتِمَارُ

- ‌(36) بَابٌ: في لُبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ

- ‌(37) (بَابُ مَا جَاءَ في الذَّيْلِ)

- ‌(38) بَابٌ: في أُهُبِ الْمَيْتَةِ

- ‌(40) بَابٌ: في جُلُودِ النُّمُورِ

- ‌(41) بَابٌ: في الانْتِعَالِ

- ‌(42) بَابٌ: في الْفُرُشِ

- ‌(43) بَابٌ: في اتِّخَاذِ السُّتُورِ

- ‌(44) بَابٌ: فِي الصَّليبِ في الثَّوبِ

- ‌(45) بَابٌ: في الصُّوَرِ

- ‌(27) أَوَّلُ كِتَابِ التَّرَجُّلِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في إصْلَاحِ الشَّعْرِ

- ‌(3) بَابٌ: في الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(4) بَابٌ: في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌(6) (بَابٌ: في طِيبِ الْمَرْأَةِ لِلْخُرُوجِ)

- ‌(7) بَابٌ: في الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّعْرِ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ

- ‌(10) بَابٌ: في تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ

- ‌(11) بَابٌ: في الرَّجُلِ يُضَفِّرُ شَعْرَهُ

- ‌(12) بَابٌ: في حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌(13) بَابٌ: في الصَّبيِّ لَهُ ذُؤَابةٌ

- ‌(14) بَابُ مَا جَاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌(15) بَابٌ: في أَخْذِ الشَّارِبِ

- ‌(16) بَابٌ: في نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌(17) بَابٌ: في الْخِضَابِ

- ‌(18) بَابٌ: في خِضَابِ الصُّفْرَةِ

- ‌(19) بَابُ مَا جَاءَ في خِضَابِ السَّوَادِ

- ‌(20) بَابُ مَا جَاءَ في الانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ

- ‌(28) أَوَّلُ كِتَابِ الْخَاتَمِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ في اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في تَرْكِ الْخَاتَمِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ في خَاتَمِ الْحَدِيدِ

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ في التَّخَتُّمِ في الْيَمِينِ أَوِ الْيَسَارِ

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجَلَاجِلِ

- ‌(7) بَابُ مَا جَاءَ في رَبْطِ الأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(29) (أَوَّلُ كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ)

- ‌(1) بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(2) بَابٌ: في كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌(3) (بَابُ الرُّخْصَةِ في التَّبَدِّي في الفِتْنَةِ)

- ‌(4) بَابٌ: في النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ في الْفِتْنَةِ

- ‌(5) بَابٌ: في تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ

- ‌(6) بَابُ مَا يُرْجَى في الْقَتْلِ

- ‌(30) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(1) (بَابُ الْمَلَاحِمِ)

- ‌(2) بَابٌ: في ذِكْرِ الْمَهْدِيِّ

- ‌(31) أَوَّلُ كِتَابِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(2) (بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)

- ‌(3) بَابٌ: في أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(4) بَابٌ: في تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ

- ‌(5) (بَابٌ: في تَدَاعِي الأُمَمِ عَلَى الإسْلَامِ)

- ‌(6) بَابٌ: في الْمَعْقِلِ مِنَ الْمَلَاحِمِ

- ‌(7) بَابُ ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ في الْمَلَاحِمِ

- ‌(8) بَابٌ: في النَّهْيِ عن تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالْحَبَشَةِ

- ‌(9) بَابٌ: في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌(10) بَابٌ: في ذِكْرِ الْبَصْرَةِ

- ‌(11) (بَابُ ذِكْرِ الْحَبْشَةِ)

- ‌(12) (بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ)

- ‌(13) بَابُ حَسْرِ الْفُرَاتِ عن كَنْزٍ

- ‌(14) بَابُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ

- ‌(15) بَابٌ: في خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ

- ‌(16) بَابُ خَبَرِ ابْنِ الصَّائِدِ

- ‌(17) بَابٌ: في الأَمْرِ وَالنَّهْيِ

- ‌(18) بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ

- ‌(32) أَوَّلُ كِتَابِ الْحُدُودِ

- ‌(1) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌(2) بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ في الْمُحَارَبَةِ

- ‌(4) بَابٌ في الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌(6) بَابُ السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ

- ‌(5) (بَابٌ: يُعْفَى عَنِ الْحُدُودِ مَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ)

- ‌(7) بَابٌ: في صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ

- ‌(8) بَابٌ: في التَّلْقِينِ في الْحَدِّ

- ‌(9) بَابٌ في الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ

- ‌(10) بَابٌ في الامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ

- ‌(11) بَابُ مَا يُقَطَعُ فِيهِ السَّارِقُ

- ‌(12) بَابُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ

- ‌(13) بَابُ الْقَطْعِ في الْخُلْسَةِ وَالْخِيَانَةِ

- ‌(14) بابٌ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌(15) بابٌ فِى الْقَطْعِ فِى الْعَارِيَةِ إِذَا جُحِدَتْ

- ‌(16) بابٌ فِى الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌(17) بَابٌ فِى الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ

- ‌(18) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ في الْغَزْوِ، أَيُقْطَعُ

- ‌(19) بَابٌ في قَطْعِ النَّبَّاشِ

- ‌(20) بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا

- ‌(21) بَابٌ في السَّارِقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌(22) بَابُ بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إذَا سَرَقَ

- ‌(23) بَابٌ: في الرَّجْمِ

- ‌(24) بَابٌ في الْمَرْأَةِ التِي أَمَرَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌(25) بَابٌ في رَجْمِ الْيَهُودِيينِ

- ‌(26) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ

- ‌(27) بَابٌ في الرَّجُلِ يَزْني بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(29) بَابٌ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(30) بَابٌ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالزِّنَا وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ

- ‌(31) بَابٌ في الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْإمَامُ

- ‌(32) بَابٌ في الأَمَةِ تَزْنن وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌(33) بَابٌ: في إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ

- ‌(34) بَابٌ في حَدِّ الْقَاذِفِ

- ‌(35) بابٌ في الْحَدِّ فِى الْخَمْرِ

- ‌(36) بابٌ: إِذَا تَتَابَعَ فِى شُرْبِ الْخَمْرِ

- ‌(37) بابٌ فِى إِقَامَةِ الْحَدِّ فِى الْمَسْجِدِ

- ‌(38) بابٌ: فِى ضَرْبِ الْوَجْهِ فِى الْحَدِّ

- ‌(39) بابٌ: فِى التَّعْزِيرِ

- ‌(33) أَوَّلُ كِتَابِ الدِّيَّاتِ

- ‌(1) بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ

- ‌(3) بَابُ الإمَامِ يأْمُرُ بِالْعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌(4) بابُ وَليِّ الْعَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌(5) بَابُ مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌(6) بَابٌ فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سُمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَمَاتَ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(7) بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ، أَيُقَادُ مِنْهُ

- ‌(8) بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(9) بَابٌ في تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ

- ‌(10) بَابٌ: يُقَادُ مِنَ الْقَاتِلِ

- ‌(11) بَابٌ: أَيُقَادُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ

- ‌(12) بَابٌ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ

- ‌(13) بَابُ الْعَامِلِ يُصَابُ عَلَى يَدَيهِ خَطَأ

- ‌(14) بَابُ الْقَوَدِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌(15) بَابُ الْقَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ، وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌(16) بَابُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌(17) بَابٌ في الدِّيَةِ كم هِيَ

- ‌(18) بابٌ دِيَاتِ الأَعْضَاءِ

- ‌(19) بابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(20) بَابٌ في دِيَةِ الْمُكَاتَبِ

- ‌(21) بَابٌ في دِيَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌(22) بَابٌ في الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فيَدْفَعُهُ عن نَفْسِهِ

- ‌(23) (بَابٌ فِيمَنْ تَطَبَّبَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ فأَعْنَتَ)

- ‌(24) بَابُ الْقِصَاصِ مِنَ السِّنِّ

- ‌(25) بَابٌ في الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا

- ‌(26) بَابٌ في النَّارِ تَعَدَّى

- ‌(27) بَابُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ

- ‌(28) بَابٌ فِيمَنْ قُتِلَ في عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ

الفصل: ‌(23) باب: في الرجم

(1)

(23) بَابٌ: في الرَّجْمِ

4413 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:{وَاللَّاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ، وَذَكَرَ الرَّجُلَ بَعْدَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ جَمَعَهُمَا

===

(23)

(بَابٌ في الرَّجْمِ)(2)

4413 -

(حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، حدثني علي بن الحسين، عن أبيه) الحسين بن واقد، (عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: {وَاللَّاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (3)، وذكر) الله سبحانه وتعالى (الرجلَ بعد المرأة ثم جمعهما).

كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "ثم جمعهما" لفظة: "ثم" لمجرد التعقيب في الذكر، وليس المعنى أنه ذكر الرجل أولًا ثم جمعهما؛ إذ ليس للرجل ذكر منفردًا، بل المعنى أنه ذكر الرجل ضمنًا، وجمعهما صراحة، وذلك الأمر أن في قوله تعالى:{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا} ، انتهى.

(1) زاد في نسخة: "جماع أبواب الرجم".

(2)

وهو كفارة لحق الله، وفي الزنا أطلق الجمهور أنه حق الله وهو غفلة؛ لأن لآل المَزني بها في ذلك حقًا لما يلزم منه العار، كذا قال الحافظ، ويقال: الرجم يخالف كتاب الله ليراجع: "التأويل"(ص 105)، وقال العيني (16/ 106): لم يخالف فيه أحد من أهل القبلة إلا الخوارج وبعض المعتزلة، وأما الرجم في غير الزنا فليراجع له:"أحكام القرآن"(2/ 105 - 108، 3/ 263). (ش).

(3)

سورة النساء: الآية 15.

ص: 489

فَقَالَ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} ، فَنَسَخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْجَلْدِ فَقَالَ:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} . [ق 8/ 210]

4414 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، نَا مُوسَى (1) ،

===

(فقال) تعالى: ({وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا}) أي الرجل والمرأة يأتيان الفاحشة، وهي الزنا ({مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} (2)، فنسخ ذلك بآية الجلد (3) فقال:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ) (4).

فاللذان يأتيان الفاحشة على نوعين: إما محصنة أو غير محصنة، فبينت هذه الآية حكم غير المحصنة بأن يحد مائة جلدة، وبينت السنَّة بالآية المنسوخة التلاوة أن يرجم النوع الثاني، فكأنّ كلا الحكمين مبيّنان إجمال قوله تعالى:{أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ونُسِخَ الآيةُ الثانيةُ، وهي قوله تعالى:{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا} بهذين الحكمين، فثبت مناسبة الحديث بالباب.

4414 -

(حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت، نا موسى) وفي نسخة: يعني ابن مسعود، أبو حذيفة النهدي البصري، قال أحمد: أبو حذيفة شبه لا شيء، وقال بندار: موسى بن مسعود ضعيف، وقال ابن محرز عن ابن معين: لم يكن من أهل الكتاب (5)، فقيل له: إن بندارًا يقع فيه؟ قال يحيى: هو خير من

(1) زاد في نسخة: "يعني ابن مسعود".

(2)

سورة النساء: الآية 16.

(3)

واختُلِف في كيفية الجلد، قال مالك: يجلد في الظهر لحديث اللعان: "وإلا حَدٌّ في ظهرك"، وقال الجمهور: يفرق على البدن ما خلا الوجه والرأس، ثم يُجرَّد في غير القذف عند الجمهور، وفيه لا يجرد بل يجلد وعليه الثياب، وقال أحمد وإسحاق: لا يجرَّد أحد في الحد، كذا في "فتح الباري"(12/ 157). (ش).

(4)

سورة النور الآية 2.

(5)

كذا في الأصل و"تهذيب التهذيب"(10/ 370) والصواب: أهل الكذب، انظر:"تهذيب الكمال" رقم الترجمة (6895).

ص: 490

عَنْ شِبْل، عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: السَّبِيلُ: الْحَدُّ (1). [ق 8/ 210]

4415 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَمْيٌ (2) بِالْحِجَارَةِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْىُ سَنَةٍ". [م 1690، ت 1434، جه 2550، حم 5/ 313، دي 2331]

4416 -

حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَا: أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، بِإِسْنَادِ يَحْيَى وَمَعْنَاهُ، قَالَا:

===

بندار، ومن ملء الأرض مثله، وقال العجلي: ثقة صدوق معروف بالثوري، ولكن كان يصحِّف، وقال الترمذي: يضعَّف في الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ (عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: السبيلُ: الحدُّ).

4415 -

(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا عني، خذوا عني) إنما كرر للتأكيد لخفائه أو لشدة اهتمامه (قد جعل الله لهن سبيلًا: الثيب بالثيب جلدُ مائةٍ ورميٌ بالحجارة) أي الرجم، (والبكر بالبكر جلدُ مائة ونفيُ سنةٍ).

4416 -

(حدثنا وهب بن بقية ومحمد بن الصباح بن سفيان قالا: أنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، بإسناد يحيى ومعناه، قالا) أي وهب بن

(1) زاد في حاشيةِ نسخةٍ: "قال سفيان: "فآذوهما": البكران، "فأمسكوهن في البيوت": الثَيِّبات". وذكر الشيخ محمد عوامة، أن هذا متعلق بالحديث رقم 4413.

(2)

في نسخة بدله: "ورجم".

ص: 491

"جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ"(1). [انظر سابقه]

===

بقية ومحمد بن الصباح في حديثهما: (جلدُ مئة والرجمُ) في موضع: رميٌ بالحجارة.

قال الحافظ في "الفتح"(2): قال الحازمي: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر إلى أن الزاني المحصن يجلد ثم يرجم (3)، وقال الجمهور- وهي رواية عن أحمد أيضًا-: لا يجمع بينهما، وذكروا أن حديث عبادة منسوخ، يعني الذي أخرجه مسلم:"الثيب بالثيب جلدُ مائة والرجمُ، والبكر بالبكر جلد مائة والنفيُ"، والناسخ له ما ثبت في قصة ماعز أن النبي صلى الله عليه وسلم رجمه ولم يذكر الجلد.

(1) زاد في نسخة:

4417 -

حَدّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ الطَّائِيُّ، نَا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خُلَيْدٍ، نَا محمدُ بْنُ خَالِدٍ - يَعْنِي الْوَهْبِيَّ-، نَا الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَم، عن الْحَسَنِ، عن سَلَمَةَ بْنِ المُحَبِّقِ، عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ نَاسٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ، قَدْ نَزَلَتِ الْحُدُودُ، لَوْ أَنَكَ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِكَ رَجُلًا، كُنْتَ كَيْفَ صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْتُ ضَارِبَهُمَا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَسْكُتَا، أفأنَا أَذْهَبُ فَأجْمَعُ أرْبَعَةَ شُهدَاءَ؟ فَإلَى ذَلِكَ قَدْ قَضَى الْحَاجَةَ! فَانْطَلَقُوا فَاجْتَمَعُوا عنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَوا: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، ألَمْ تَرَ إلَى أَبِي ثَابِتٍ قَالَ كَذَا وَكَذَا؟ ! فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"كَفَى بِالسيْفِ شَاهِدًا"، ثُم قَالَ:"لَا، لَا، أخَافُ أنْ يَتَتَايَعَ فِيهَا السكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ".

قالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى وَكِيعٌ أَوَلَ هَذَا الحَدِيثِ عن الْفَضْلِ بْنِ دَلْهَمٍ، عن الْحَسَنِ، عن قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيثٍ، عن سَلَمَةَ بْنِ المُحَبِّقِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنَمَاَ [هَذَا] إسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ المُحَبِّقِ، أَن رَجُلًا وَقعَ عَلَى جارِيَةِ امرَأَتِهِ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ لَيْس بِالحَافِظِ كَانَ قَصَّابًا بِوَاسِطَ.

قلت: قال المزي بعد إيرَاد هذا الحديث في "تحفة الأشراف " رقم (5088): "وهذا الحديث في رواية أبي سعيد بن الأعرابي وأبي بكر بن داسه عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم". [قلت: قوله: "أن يتتابع"، وهو التتابع في الفساد والشر من غير روية].

(2)

"فتح الباري"(12/ 119، 120).

(3)

وقد جمع بينهما علي رضي الله عنه، وبه قال أهل الظاهر وبعض الشافعية، كذا في "العيني"(16/ 88)، وفي الجمع بينهما حديث علي في "التلقيح"(ص 477). (ش).

ص: 492

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الشافعي: فدلت السنَّة على أن الجلد ثابت على البكر، وساقط عن الثيب، والدليل على أن قصة ماعز متراخية عن حديث عبادة: أن حديث عبادة ناسخ لما شُرعَ أولًا من حبس الزاني في البيوت، فنُسخ الحبسُ بالجلد، وزيد على الثيب الرجمُ، وذلك صريح في حديث عبادة، ثم نُسخ الجلد في حق الثيب، وذلك مأخوذ من الاقتصار في قصة ماعز على الرجم، وذلك في قصة الغامدية والجهنية واليهوديين لم يذكر الجلد مع الرجم.

وقال ابن المنذر: عارض بعضهم الشافعي، فقال: الجلد ثابت في كتاب الله، والرجم ثابت بسنَّة رسول الله، كما قال علي رضي الله عنه، وقد ثبت الجمع بينهما في حديث عبادة، وعمل به علي رضي الله عنه، ووافقه أُبيّ، وليس في قصة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم؛ لاحتمال أن يكون تَرَكَ ذكرَه لوضوحه فلا يرد ما وقع التصريح به.

والجواب عنه: أن قصة ماعز من طرق متنوعة بأسانيد مختلفة لم يذكر في شيء منها أنه جلد، وكذلك الغامدية والجهنية وغيرهما، وقال في ماعز:"اذهبوا فارجموه"، وكذا في حق غيره، ولم يذكر الجلد، فدل تركُ ذكرِه على عدم وقوعه، ودل عدمُ وقوعه على عدم وجوبه، انتهى.

وأما البكر الزاني والزانية اختلف العلماء فيهما، فقال الجمهور: يُجلدان ويُنفَيان، وقال الحنفية: يجلدان فقط، وحاصل الاختلاف أن النفي داخل في الحد أم لا؟ فالجمهور (1) يُدخِلونه في الحد، والحنفيةِ لا يُدخِلونه.

قال الحافظ (2): نقل محمد بن نصر في "كتاب الإجماع" الاتفاقَ على نفي الزاني إلا عن الكوفيين، ووافق الجمهورَ منهم ابنُ أبي ليلى وأبو يوسف، وادّعى الطحاوي أنه منسوخ،

(1) منهم الأئمة الثلاثة، كما قال الترمذي. (ش).

(2)

"فتح الباري"(12/ 157).

ص: 493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واختلف القائلون بالتغريب، فقال الشافعي والثوري وداود والطبري بالتعميم، وفي قول للشافعي: لا ينفى الرقيق، وخص الأوزاعي النفيَ بالذكورية، وبه قال مالك، وقيد بالحرية، وبه قال إسحاق، وعن أحمد روايتان.

واحتج من شرط الحرية بأن في نفي العبد عقوبة لمالكه؛ لمنعه منفعتَه مدةَ نفيه، وتصرفُ الشرع يقتضي أن لا يعاقَبَ إلَّا الجاني، ومن ثم سَقَطَ فرضُ الحج والجهاد عن العبد.

وقال ابن المنذر: أقسم النبي صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف أنه يقضي فيه بكتاب الله، ثم قال: إن عليه مائة وتغريب عام، وهو المبيِّن لكتاب الله، وخطب عمر بذلك على رؤوس الناس، وعمل به الخلفاء الراشدون فلم ينكره أحد، فكان إجماعًا.

واختُلِفَ في المسافة التي ينفى إليها، فقيل: هو إلى رأي الإِمام، وقيل: يشترط مسافة القصر، وقيل: إلى ثلاثة أيام، وقيل: إلى يومين (1)، وقيل: من عمل إلى عمل، وقيل: إلى ميل، وقيل: إلى ما يطلق عليه اسم نفي، وشرط المالكية الحبسَ في مكان ينفى إليه، انتهى.

واستدل (2) الطحاوي (3) للحنفية أن حكم الجلد والتغريب عام شامل للحر والعبد، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمة إذا زنت فقال:"فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها بضفير"، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم"، فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في

(1) وقيل: يوم وليلة، كما في "الفتح"(12/ 157).

(2)

وأجاد صاحب "الهداية"(1/ 343) في الاستدلال بوجوه، فأرجع إليه، وإلى "فتح القدير"(5/ 230، 231)، وفي، "الشامي": غرَّب عمرُ رضي الله عنه فتنصَّر، فقال: لا أغرِّب بعد هذا

إلخ؛ فلو كان داخلَ الحد لم يمتنع عنه عمرُ رضي الله عنه. [انظر: "رد المحتار" (6/ 19)]. (ش).

(3)

انظر: "شرح معاني الآثار"(3/ 136، 137).

ص: 494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأمة بالجلد، ولم يأمر مع الجلد بنفي، وكان حكم الجلد عامًا للحر والمملوك، فعلمنا بذلك أن الحرة إذا زنت ليس عليها النفي، ولا على الرجل كذلك، واستدللنا بذلك أن النفي ليس بداخل في الحد؛ لأن الحد لا يُترك، بل هو على التعزير إذا رأى الإِمام في ذلك مصلحة يحكم بالنفي.

وقال في "البدائع"(1): ولنا قوله عز وجل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} . (2) والاستدلال به من وجهين:

أحدهما: أنه عز وجل أمر بجلد الزانية والزاني، ولم يذكر التغريبَ، فمن أوجبه فقد زاد على كتاب الله عز وجل، والزيادة عليه نسخ، ولا يجوز نسخ النص بخبر الواحد.

والثاني: أنه سبحانه وتعالى جعل الجلد جزاء، والجزاء اسم لما تقع به الكفايةُ، مأخوذ من الاجتزاء، وهو الاكتفاء، فلو أوجبنا التغريبَ لا تقع الكفاية بالجلد، وهذا خلاف النص.

ولأن التغريب تعريض للمغرَّب على الزنا؛ لأنه ما دام في بلده يمتنع عن العشائر والمعارف حياء منهم، وبالتغريب يزول هذا المعنى، فيعرى الداعي عن الموانع فيقدم عليه، والزنا قبيح، فما أفضى عليه مثلُه.

وفعلُ الصحابة محمول على أنهم رأوا ذلك مصلحة على طريق التعزير، ألا يرى أنه روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه:"أنه نفى رجلًا فلحق بالروم فقال: لا أنفي بعدها أبدًا"(3).

وعن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال: "كفى بالنفي (4) فتنة"، فدل

(1)"بدائع الصنائع"(5/ 496).

(2)

سورة النور: الآية 2.

(3)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(13320).

(4)

المصدر السابق (13327).

ص: 495

4418 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، نَا هُشَيْمٌ، نَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - يَعْنِى ابْنَ الْخَطَّابِ - خَطَبَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ. وَإِنِّي خَشِيتُ - إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ الزَّمَانُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِى كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، فَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا،

===

على أن فِعلَهم كان على طريق التعزير، فنحن به نقول: إن للإمام أن ينفي إن رأى المصلحة في التغريب، ويكون تعزيرًا لا حدًّا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

4418 -

(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا هشيم، نا الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، أن عمر- يعني ابن الخطاب-) رضي الله عنه (خطب فقال: إن الله بعث محمدًا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم) وهي: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالًا من الله، والله عزيز حكيم (فقرأناها، ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده) أي جرى حكمها في حياته صلى الله عليه وسلم، وبقي بعد وفاته، فظهر بذلك أنه لم ينسخ (وإني خشيت إن طال بالناس الزمانُ أن يقول قائل: ما نجد آية الرجم في كتاب الله) لأنها صارت منسوخةَ التلاوة، فترك لفظها من القرآن (فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنًا).

قال في "البدائع"(1): أما إحصان الرجم فهو عبارة في الشرع عن اجتماع صفات اعتبرها الشرع لوجود (2) الرجم، وهي سبعة: العقل، والبلوغ، والحرية،

(1)"بدائع الصنائع"(5/ 493).

(2)

كذا في الأصل، وفي "البدائع":"لوجوب الرجم".

ص: 496

إذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلٌ،

===

والإِسلام، والنكاح الصحيح، وكونُ الزوجين جميعًا على هذه الصفات، وهو أن يكونا جميعًا عاقلين، بالغين، حرَّين، مسلمين، فوجود هذه الصفات جميعًا فيهما شرط لكون كل واحد منهما محصنًا، والدخولُ في النكاح الصحيح بعد سائر الشرائط متأخرًا عنها، فإن تقدَّمها لم يُعتَبَرْ ما لم يوجد دخول آخر بعدها.

(إذا قامت البينة، أو كان حَمل) قال الشوكاني في "النيل"(1): قد استدل بذلك من قال: إن المرأة تُحَدُّ إذا وُجدت حاملًا ولا زوج لها ولا سيد، ولم ينكر (2) شبهة، وهو مروي عن عمر ومالك وأصحابه، قالوا: إذ حملت ولم يُعلم لها زوج، ولا عرفنا إكراهَها لزمها الحد، إلا أن تكون غريبة، وتدعي أنه من زوج أو سيد.

وذهب الجمهور إلى أن مجرد الحمل لا يثبت به [الحد]، بل لا بد من الاعتراف أو البينة، واستدلوا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات (3).

والحاصل أن هذا من قول عمر رضي الله عنه، ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس، وكونُه قاله في مجمع من الصحابة ولم يُنكَرْ عليه، لا يستلزم أن يكون إجماعًا، كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الشرح؛ لأن الإنكار في المسائل الاجتهادية غير لازم للمخالف، ولا سيما والقائل بذلك عمر رضي الله عنه، وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة وغيرهم، إلا أن يدَّعى أن قوله:"إذا قامت البينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف" من تمام ما يرويه عن كتاب الله تعالى، ولكنه خلاف

(1)"نيل الأوطار"(4/ 554).

(2)

كذا في الأصل، وفي "النيل":"ولم تذكر شبهة".

(3)

كما روي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا وموقوفا عليها: ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم

الحديث. أخرجهما الترمذي 1424، 1425، ورجَّح وقفَه، ثم قال: وقد روي نحوُ هذا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا مثلَ ذلك.

ص: 497

أَوِ اعْتِرَافٌ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِى كِتَابِ اللَّهِ، لَكَتَبْتُهَا". [خ 6830، م 1691، ت 1432، جه 2553، حم 1/ 23]

(1)

4419 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ، نَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِى (2) يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِى حِجْرِ أَبِي، فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ فَقَالَ لَهُ أَبِي: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعْتَ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ

===

الظاهر؛ لأن الذي كان في كتاب الله هو ما أسلفنا في أول كتاب الحدود.

وقد أجاب الطحاوي بتأويل ذلك على أن المراد: أن الحبل إذا كان من زنى وجب فيه الرجم، ولا بد من ثبوت كونه من الزنى، وتُعقِّب بأنه يأبى ذلك جعلُ الحبل مقابلا للبينة والاعتراف.

(أو اعتراف، وايم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله، لكتبتُها) لئلا يضيع حكم الرجم بكونه ليس موجودًا في كتاب الله.

4419 -

(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، نا وكيع، عن هشام بن سعد قال: حدثني يزيد بن نعيم بن هزال، عن أبيه) نعيم بن هزال (قال: كان ماعز بن مالك يتيمًا في حجر أبي) أي هزال (فأصاب جارية (3) من الحي) أي زنى بها (فقال له أبي) أي هزال: (اِئتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَخْبِرْه بما صنعتَ لعله يستغفر لك، وإنما يريد) أي هزال (بذلك) أي بإرساله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) زاد في نسخة: "باب رجم ماعز بن مالك".

(2)

في نسخة بدله: "نا".

(3)

اسمها فاطمة أمة لهزال، كما في "التلقيح"(ص 511)، وقيل: اسمها منيرة، كذا في "تهذيب اللغات" للنووي (2/ 372). (ش).

ص: 498

رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَخْرَجًا (1).

قال: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَعَادَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ عَلَىَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَعَادَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ، حَتَّى قَالَهَا أَرْبَعَ مِرَّاتٍ (2).

===

وإخباره (رجاء أن يكون له) أي لماعز (مخرجًا).

(قال) نعيم: (فأتاه) أي أتى ماعز رسولَ الله صلى الله عليه وسلم (فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم عليَّ كتابَ الله) أي حكم كتابه (فأعرض عنه، فعاد) أي ماعز ثانيًا (فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم عليَّ كتابَ الله، فأعرض) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عنه، فعاد) ثالثًا (فقال: يا رسول الله! إني رنيت فأقم عليَّ كتابَ الله، حتى قالها أربع مرات).

قال الشوكاني (3): قد استدل بأحاديث الباب القائلون بأنه يشترط في الإقرار بالزنى أن يكون أربع مرات، فإن نقص عنها لم يثبت الحد، وهم العترة وأبو حنيفة وأصحابه، وابن أبي ليلى، وأحمد بن حنبل (4)، وإسحاق، والحسن بن صالح، هكذا في "البحر"، وفيه أيضًا: عن أبي بكر وعمر والحسن البصري ومالك وحماد وأبي ثور والبتِّي (5) والشافعي: أنه يكفي وقوعُ الإقرار مرة واحدة، وروي ذلك عن داود.

(1) في نسخة بدله: "مخرج".

(2)

في نسخة: "مرار".

(3)

"نيل الأوطار"(4/ 544).

(4)

وفي حاشية أبي داود: يشترط عند الحنفية كونُها في أربع مجالسَ، وعند أحمد يكفي مجلس واحد أيضًا، انتهى، ولا يشكل الحديث على الحنفية بأنهم قالوا أن يكون أربع إقرارات في أربع مجالس؛ لأنهم لم يقولوا تبديل مجلس القاضي، هكذا في "الكوكب الدري"(2/ 374، 375)، و"الإرشاد الرضي"، وبسط ابنُ الهمام في دلائل أربع مجالس في "فتح القدير"(5/ 204، 205). (ش).

(5)

في الأصل: "الليثي"، وهو تحريف.

ص: 499

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "إِنَّكَ قَدْ قُلْتَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَبِمَنْ؟ "، قَالَ: بِفُلَانَةَ. قَالَ: "هَلْ ضَاجَعْتَهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"هَلْ بَاشَرْتَهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"هَلْ جَامَعْتَهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ.

فَأُخْرِجَ بِهِ إِلَى الْحَرَّةِ، فَلَمَّا رُجِمَ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَجَزِعَ (1) ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَقَدْ عَجَزَ أَصْحَابُهُ، فَنَزَعَ لَهُ بِوَظِيفِ بَعِيرٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ (2) فَقَالَ:"هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ". [حم 5/ 216]

===

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك قد قلتها أربع مرات، فبمن) زنيت؟ (قال: بفلانة، قال: هل ضاجعتَها؟ قال) ماعز: (نعم، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل باشرتها؟ قال) ماعز: (نعم، قال: هل جامعتها؟ قال: نعم) وإنما استفسر المضاجعةَ والمباشرةَ والمجامعةَ لئلا يبقى فيه شبهة عن فهم الزنا، فلعله يفهم المباشرة وغيرَ ذلك من الزنا.

(قال: فأمر به (3) أن يُرجَم، فأُخرِج به إلى الحرة، فلما رُجِمَ فوجد مَسَّ الحجارة فجزع) أي فزع (فخرج يشتدّ) أي يعدو (فلقيه عبدُ الله بن أنيس وقد عجز أصحابه، فنزع له بوظيفِ بعيرٍ) وهو خفه، كالحافر للفرس (فرماه به فقتله، ثم أتى) أي عبدُ الله (النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك) أي أنه فَرَّ، فقتلتُه بوظيف (فقال: هَلَّا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه) أي لعله أن يرجع عن إقراره فيعفى

(1) في نسخة: "جزع".

(2)

في نسخة: "له ذلك".

(3)

استدل النووي (6/ 222) بحديث الباب على أنه لا يجب على الإمام أو الشهود حضورُ مجلس الرجم، خلافًا للحنفية إذ قالوا: يبدأ الإِمام والشهود، واستدل صاحب "الهداية"(1/ 341) بأنه منصوص عن علي رضي الله عنه فيما لا يُدرَك بالقياس.

قلت: وحديث الباب يحتمل أن يكون رماه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء صغير أولًا، كما رمى الغامدية بحصاة مثل الحمصة، كما سيأتي في "باب في المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة". (ش).

ص: 500

4420 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: "ذَكَرْتُ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قِصَّةَ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ،

===

عن الحد، فيتوب فيتوب الله عليه، وهذا دليل لمن قال: إن المعترف إذا رجع عن إقراره يُترَك.

قال الشوكاني (1): قوله: "هلَّا تركتموه"، استدل به على أنه يُقبل من المقر الرجوعُ عن الإقرار ويسقط عنه الحد، وإلى ذلك ذهب أحمد والشافعية (2) والحنفية والعترة، وهو مروي عن مالك في قول له، وذهب ابن أبي ليلى والبتِّي (3) وأبو ثور ورواية عن مالك وقول للشافعي: أنه لا يقبل منه الرجوعُ عن الإقرار بعد كماله كغيره من الإقرارات.

قال الأولون: ويترك إذا هرب لعله يرجع، قال في "البحر":[مسألة] وإذا هرب المرجومُ بالبينة أتبع الرجم حتى يموت، لا بالإقرار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في ماعز:"هَلَّا خليتموه"، ولصحة الرجوع عن الإقرار، ولا ضمان إذ لم يضمنهم صلى الله عليه وسلم؛ لاحتمال كون هربه رجوعًا أو غيره، انتهى.

وذهبت المالكية إلى أن المرجوم لا يترك إذا هرب، وعن أشهب: إن ذكر عذرًا قيل: يترك، وإلَّا فلا، ونقله العتبي عن مالك، وحكى اللخمي عنه قولين فيمن رجع إلى شبهة.

4420 -

(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، حدثنا يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق قال: ذكرتُ لعاصم بن عمر بن قتادة قصةَ ماعز بن مالك،

(1)"نيل الأوطار"(4/ 550، 551).

(2)

وحكى صاحب "الهداية"(1/ 340) فيه خلافَ الشافعي، لكن قال ابن الهمام (5/ 208): إن المسطور في كتبهم: أنه لو رجع قبل الحد أو بعد ما أقيم عليه بعضُه سقط الباقي، وبسط الحافظ في "الفتح"(12/ 127) الاختلافَ فيه. (ش).

(3)

في الأصل: "الليثي"، وهو تحريف.

ص: 501

فَقَالَ لِي: حَدَّثَنِى حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ". مَنْ شِئْتُمْ مِنْ رِجَالِ أَسْلَمَ مِمَّنْ لَا أَتَّهِمُ. قَالَ: وَلَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْحَدِيثَ.

قَالَ: فَجِئْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَسْلَمَ يُحَدِّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ حِينَ ذَكَرُوا لَهُ جَزَعَ مَاعِزٍ مِنَ الْحِجَارَةِ حِينَ أَصَابَتْهُ: "أَلا تَرَكْتُمُوهُ". وَمَا أَعْرِفُ الْحَدِيثَ.

قَالَ: يَا ابْنَ أَخِى أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَ الرَّجُلَ:"إِنَّا لَمَّا خَرَجْنَا بِهِ فَرَجَمْنَاهُ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ صَرَخَ بِنَا: يَا قُومُ، رُدُّونِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي، وَأَخْبَرُونِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ قَاتِلِي، فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ. فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: "فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ

===

فقال) عاصم (لي: حدثني حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه (قال: حدثني ذلك) القولَ (من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو قوله: (فهلا تركتموه، مَنْ شئتم) فاعل لقوله: حدثني (من رجال أسلَمَ ممن لا أتهم، قال) أي الحسن: (ولم أعرف هذا الحديث) أي هذا القولَ من الحديث، فإنه إذا ثبت الحكم عند الإِمام بالحد فكيف يترك؟

(قال) أي الحسن: (فجئت جابرَ بنَ عبد الله، فقلت: إن رجالًا من أسلمَ يحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم حين ذكروا له) صلى الله عليه وسلم (جَزَعَ ماعز من الحجارة حين أصابته) وهَربه: (ألَا تركتموه؟ ! وما أعرف الحديث) تأكيد لما تقدم.

(قال: يا ابن أخي! أنا أعلم الناس بهذا الحديث، كنت فيمن رجم الرجل) أي ماعزَ، (إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد مَسَّ الحجارة صرخ بنا: يا قوم، ردُّوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قومي قتلوني، وغَرّوني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلي! فلم ننزع عنه) أي فلم نكفّ أيدينا عن رجمه (حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه قال: فهلَّا تركتموه

ص: 502

وَجِئْتُمُونِى بِهِ"! لِيَسْتَثْبِتَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، فَأَمَّا لِتَرْكِ حَدٍّ فَلَا"، قَالَ: فَعَرَفْتُ وَجْهَ الْحَدِيثِ. [حم 3/ 381]

4421 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، نَا خَالِدٌ - يَعْنِى الْحَذَّاءَ -، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:"أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَسَأَلَ قَوْمَهُ: "أَمَجْنُونٌ هُوَ؟ "، قَالُوا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.

قَالَ: "أَفَعَلْتَ بِهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَانْطُلِقَ بِهِ فَرُجِمَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. [ق 8/ 226]

===

و) هلَّا (جئتموني به) قال جابر: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا تركتموه وجئتموني به (لِيستثبِتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فأما لترك حدٍّ فلا، قال: فعرفتُ وجه الحديث).

كتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "حدثني ذلك مَن شئتم" هذه مقولة الحسن، أراد بذلك أن هذه الزيادة رواها كثير من الصحابة، ولا يدرى وجهه، وذلك لأن الحد لا يسقط إذا بلغ الحاكمَ أمرُه، فعلم بحديث جابر أن المراد ليس هو الترك مطلقًا، بل المراد أن ثبوت الحد لما كان مبنيًا على إقراره، فلعله أن يرجع عن إقراره المبني عليه الحد، فيسقط الحد لأجل ذلك.

4421 -

(حدثنا أبو كامل، نا يزيد بن زريع، نا خالد -يعني الحذاء-، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه زنى، فأعرض عنه، فأعاد عليه مرارًا، فأعرض عنه) أي في أثناء تكرار الإقرار (فسأل قومَه) لما تم إقرارُه أربَع مرات: (أمجنون هو؟ قالوا: ليس به) أي لعقله (بأس، قال: أفعلتَ بها؟ قال: نعم، فأمر به أن يُرجَم، فانطُلِق به فَرُجِم، ولم يصل عليه) النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) في نسخة: "ليستتيب".

ص: 503

4422 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ جِيءَ بِهِ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ (1) قَصِيرًا أَعْضَلَ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَلَعَلَّكَ قَبَّلْتَهَا؟ "، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ زَنَى الآخِرُ؟

قَالَ: فَرَجَمَهُ ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: "أَلَا كُلَّمَا نَفَرْنَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ خَلَفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثْبَةَ،

===

واختُلِف في الصلاة عليه، ففي بعض الروايات: لم يصلِّ عليه، وفي بعضها: صلى عليه، فإما أن يقال: إن المثبت مقدم على النافي، وإما أن يقال في وجه الجمع: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر الصلاة عليه، وقال: صلوا على صاحبكم، ثم بعد ذلك إما بالوحي، وإما بالاجتهاد صلَّى عليه.

واختلف الأئمة رحمهم الله في الصلاة على المحدود فكرهه مالك، وقال أحمد: لا يصلي الإِمام وأهل الفضل، وقال أبو حنيفة والشافعي وغيرهما: يصلي عليه، وعلى كل من هو من أهل لا إله إلا الله من أهل القبلة، وإن كان فاسقًا أو محدودًا، وهو رواية عن أحمد.

4422 -

(حدثنا مسدد، نا أبو عوانة، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: رأيت ماعزَ بنَ مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل قصير) أي قصير القامة (أعضل) مكتنز اللحم (ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرات أنه قد زنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلك قبَّلتها؟ ) وظننت القبلة أنها الزنى.

(قال) ماعز: (لا، والله إنه قد زنى الأخِرُ) بوزن الكبد، وهو الأبعد المتأخر عن الخير (قال) جابر:(فرجمه ثم خطب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال: ألا كُلَّما نفرنا في سبيل الله) في الغزو وغيرِها (خَلَفَ) أي تخلف (أحدهم له نبيب) وهو صوت التَّيْس عند السِّفَاد (كنبيب التيس يمنح إحداهن الكُثْبَةَ) هي قدر

(1) في نسخة: "رجلًا قصيرًا".

ص: 504

أَمَا إنَّ الله إنْ يُمَكِّنِّي مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا نَكَّلْتُهُ عَنْهُنَّ". [م 1692، حم 5/ 102]

4423 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالأَوَّلُ أَتَمُّ، قَالَ: فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ. قَالَ سِمَاكٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. [م 1692، حم 5/ 103]

4424 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِى عَقِيلٍ الْمِصْرِيُّ، نَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ: "فَسَأَلْتُ سِمَاكًا عَنِ الْكُثْبَةِ، فَقَالَ: اللَّبَنُ الْقَلِيلُ". [حم 5/ 103]

===

حلبة، أو قدح لبن، أو القليل منه، كذا في "المجمع"(1)(أما إنّ) مشددة (الله إن) حرف شرط (يمكنني من أحد منهم إلَّا نكَّلته) أي روّعته، ودفعته بالرجم والجلد (عنهن).

4423 -

(حدثنا محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سماك قال: سمعت جابر بن سمرة، بهذا الحديث، والأول أتم، قال: فرده مرتين)، وهذا لا ينفي الزيادة على مرتين (قال سماك: فحدثت به سعيدَ بنَ جبير فقال: إنه رده أربع مرات) ومعنى "رده أربع مرات" أي بعد الرابعة سأل عن عقلِه، وكيفيةِ الزنا، وماهيتِه.

4424 -

(حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل المصري) هو عبد الغني بن رفاعة بن عبد الملك اللخمي، أبو جعفر بن أبي عقيل المصري، قال ابن يونس: كان فقيهًا فرضيًا ثقة. (نا خالد -يعني ابن عبد الرحمن- قال: قال شعبة: فسألت سماكًا عن الكثبة، فقال: اللبن القليل).

(1)"مجمع بحار الأنوار"(4/ 380)، وقال أيضًا: والكثبة كل قليل جمعته من طعام أو لبن أو غيرهما.

ص: 505

4425 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ: "أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِى عَنْكَ؟ "، قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟ قَالَ: "بَلَغَنِى عَنْكَ أَنَّكَ وَقَعْتَ عَلَى جَارِيَةِ بَنِى فُلَانٍ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ (1)، قال: فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. [م 1693، ت 1427، حم 1/ 245]

===

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "اللبن القليل" هذا بيان للمعنى الحقيقي، والمراد في الرواية بالكثبة ليس هو هذا المعنى بل المعنى: هو المني، ويمكن أن يراد في الرواية المعنى الحقيقيُّ، انتهى.

4425 -

(حدثنا مسدد، نا أبو عوانة، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لماعز بن مالك: أَحَقٌّ ما بلغني عنك؟ ).

وهذا بظاهره مخالف للرواية المشتهرة الدالة على أن ماعزًا بنفسه أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما فعل، وأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لما أقر أربعَ مرات، فسأل عنه عن حاله، لكن أجاب الطيبي عنه في "شرح المشكاة" (2) بأنه لا يبعد أن يقال: إنه بلغه حديثُ ماعز، فلما حضر بين يديه فاستنطقه؛ لينكر ما نسب إليه لدرء الحد، فلما أقَرَّ أعرض عنه إلى آخر ما رواه الرواة، فيكون في هذه الرواية اختصار.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: "أحق ما بلغني؟ " وفي بعض ما يروى تصريح بأن ماعزًا هو الذي بادر إلى بيان ما وقع له قبل أن يسأل، ولا منافاة، فقد أمكن أن يكون ماعزًا أتى إليه لأجل ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد وصله الخبر، فلما سأله بلفظ:"أحق ما بلغني عنك؟ " قال له ماعز: إن هذا هو الذي أتيت لأجله إليك.

(قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني عنك أنك وقعتَ على جارية بني فلان؟ قال: نعم، فشهد أربع شهادات، قال) ابن عباس: (فأمر به فَرُجِمَ).

(1) في نسخة: "بأربع مرات".

(2)

"شرح الطيبي على المشكاة"(7/ 132) ح (3566).

ص: 506

4426 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ، فَطَرَدَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: "شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ". [حم 1/ 314]

4427 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنِى يَعْلَى: عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.

(ح): وَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ قَالَا: نَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، نَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى - يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ - يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ:"لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "أَفَنِكْتَهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ

===

4426 -

(حدثنا نصر بن علي، أنا أبو أحمد، أنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتين، فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شهدتَ على نفسكَ أربع مرات) فقال للناس: (اذهبوا به فارجموه).

4427 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا جرير، حدثني يعلى، عن عكرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، ح: ونا زهير بن حرب وعقبة بن مكرم قالا: نا وهب بن جرير، نا أبي قال: سمعت يعلى -يعني ابن حكيم- يحدث، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: لعلك قبلتَ أو غمزتَ).

الغمز الكبس باليد، وبالعين، وبالحاجب، ويحتمل الحديث هذه المعاني كلها، قلت: ويحتمل أن يكون معنى الغمز الكبس بالذكر بأن لا يُدْخِل حتى يتحقق الزنى (أو نظرت؟ ) أي إلى فرجها (قال: لا، قال؟ أفنكتها؟ ) أي جامعتَها، وهذا اللفظ كأنه صريح في الإدخال (قال: نعم، قال: فعند ذلك

ص: 507

أَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُوسَى: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَذَا لَفْظُ وَهْبٍ. [خ 6824، م 1693]

4428 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصَّامِتِ ابْنَ عَمِّ أَبِى هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:"جَاءَ الأَسْلَمِيُّ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً (1) حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ فِى الْخَامِسَةِ فَقَالَ: "أَنِكْتَهَا؟ ". قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِى ذَلِكَ مِنْهَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِى الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِى الْبِئْرِ؟ "، قَالَ:

===

أمر برجمه، ولم يذكر موسى: عن ابن عباس) فأرسله، (وهذا لفظ وهب).

4428 -

(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أن عبدَ الرحمن بن الصامت)، وقيل: ابن هضَّاض، وقيل: ابن الهضهاض، وقيل: ابن الهضاب الدوسي (2)(ابنَ عمِّ أبي هريرة) وقيل: ابن أخيه، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: لا يُعرَف إلا بهذا الحديث، وقال في "التقريب": مقبول.

(أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: جاء الأسلمي) أي ماعز بن مالك (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حرامًا أربع مرات) متعلق بـ "شهد على نفسه"، (كل ذلك يُعْرِض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها؟ ) أي جامعتها (قال: نعم، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى غاب ذلك) أي الذكر (منك في ذلك) أي الفرج (منها؟ ) أي من المرأة (قال: نعم، قال: كما يغيب المِرْوَدُ) أي الميل (في المُكْحُلَة والرِّشاءُ) أي حبل الدلو (في البئر؟ قال) ماعز:

(1) زاد في نسخة: "من جهينة".

(2)

في الأصل: "العروسي"، وهو تحريف.

ص: 508

نَعَمْ، قَالَ:"فَهَلْ تَدْرِى مَا الزِّنَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِى الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ (1) حَلَالًا، قَالَ:"فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ "، قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.

فَسَمِعَ نَبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِى سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ (2) بِرِجْلِهِ، فَقَالَ:"أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ"؟ فَقَالَا: نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ:"انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ"، فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: "فَلَمَا (3) نِلْتُمَا

===

(نعم، قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته) أي من الجماع (حلالًا، قال: وما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهِّرَني) أي من دنس المعصية (فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (به فَرُجِمَ).

(فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه) لم أقف على اسمهما (يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تَدَعْه نفسُه حتى رُجِمَ رَجْمَ الكلب، فسكت) رسول الله صلى الله عليه وسلم (عنهما، ثم سار ساعة حتى مر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بجيفة حمار شائل) أي رافع (برجله) من شدة الانتفاخ (فقال: أين فلان وفلان؟ )، ولعل السامع اشترك مع القائل لأنه وافق قولَه، ورضي به.

(فقالا: نحن ذان يا رسول الله، فقال: انزلا) الظاهر أنهما كانا راكبين، ويحتمل أن يكون الحمار الشائل برجله في حفرة وهما غير راكبين (فَكُلَا من جيفة هذا الحمار) لم يكن هذا الأمر للائتمار والامتثال، بل للردع عما قال قبل ذلك (فقالا: يا نبي الله، من يأكل من هذا؟ قال: فلما نلتما) أي أصبتما

(1) في نسخة بدله: "أهله".

(2)

في نسخة: "شائلا".

(3)

في نسخة: "فما".

ص: 509

مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ، وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ الآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ (1) فِيهَا" (2). [ع 6140، ق 8/ 227، حب 4399]

4430 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ

===

(من عرض أخيكما آنفًا أشد من أكلٍ منه).

أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (3)، وكونه أشدَّ لكون هذه الغيبة من حق أخيه المسلم الذي مات فلا يرجى عفوه (والذي نفسي بيده إنه) أي ماعز (الآن لفي أنهار الجنة ينغمس) أي يغوص (فيها) أي في الأنهار.

4430 -

(حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي قالا: نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، أن رجلًا من أسلم) وهو ماعز بن مالك (جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا، فأعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، حتى شهد على نفسه أربعَ شهادات،

(1) في نسخة: "ينقمس فيها" بالقاف، قال الخطابي (3/ 330): معناه ينغمس ويغوص فيها، والقاموس معظم الماء. قال في "النهاية": قَمَسَه في الماء فانقمس، أي غمسه وغطَّه، وُيروى بالصاد، وهو بمعناه. [انظر:"النهاية"(4/ 107)]. (ش).

(2)

زاد في نسخة:

4429 -

حدثنا الحسن بن علي، نا أبو عاصم، نا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، عن ابن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة بنحوه، زاد: واختلفوا، فقال بعضهم: رُبِطَ إلى شجرة وقال بعضهم: وُقِفَ.

قلت: قال المزي بعد إيراد هذا الحديث في "تحفة الأشراف" رقم (13599): "حديث الحسن بن علي، عن أبي عاصم، في رواية أبي بكر بن داسه، ولم يذكره أبو القاسم".

(3)

سورة الحجرات: الآية (12).

ص: 510

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَبِكَ جُنُونٌ"، قَالَ: لَا، قَالَ:"أُحْصِنْتَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَ فِى الْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. [خ 6814، م 1691، ن 1956، حم 4/ 323]

4431 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا يَزِيدُ ابْنَ زُرَيْعٍ. (ح): وَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ،

===

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبك جنون؟ قال) ماعز: (لا، قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (أحصنتَ؟ قال: نعم، قال) جابر: (فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فَرُجم في المصلى) أي مصلى الجنائز والعيد، يوضحه ما في الرواية الأخرى:"ببقيع الغرقد". وقيل: معناه: عند المصلي؛ لأن المراد المكان الذي كان يصلى عنده العيد والجنائز، وهو بناحية بقيع الغرقد، وقد وقع في حديث أبي سعيد عند مسلم:"فأمَرَنا أن نرجمة، فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد".

وفهم بعضهم كعياض من قوله "بالمصلى" أن الرجم وقع داخلَه، وقال: يستفاد منه أن المصلى لا يثبت له حكم المسجد، إذ لو ثبت له ذلك لاجتنب الرجم فيه؛ لأنه لا يؤمن التلويث من المرجوم خلافًا لما حكاه الدارمي أن المصلى يثبت له حكم المسجد، ولو لم يوقف، وتُعقِّب بأن المراد أن الرجم وقع عنده لا فيه، قاله الحافظ (1).

(فلما أذلقته) أي آذته وأقلقته (الحجارة فَرَّ فأدرك) بصيغة المجهول (فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا، ولم يصلِّ عليه) وقد تقدم ما يتعلق بالصلاة عليه.

4431 -

(حدثنا أبو كامل، نا يزيد بن زريع، ح: ونا أحمد بن منيع، عن يحيى بن زكريا، وهذا لفظه) أي لفظ يحيى بن زكريا، (عن داود، عن أبي نضرة،

(1)"فتح الباري"(12/ 129، 130).

ص: 511

عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ خَرَجْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَاللَّهِ مَا أَوْثَقْنَاهُ وَلَا حَفَرْنَا لَهُ وَلَكِنَّهُ قَامَ لَنَا.

قَالَ أَبُو كَامِلٍ: قَالَ: فَرَمَيْنَاهُ (1) بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ، فَاشْتَدَّ وَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ حَتَّى أَتَى عُرْضَ الْحَرَّةِ، فَانْتَصَبَ لَنَا، فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ حَتَّى سَكَتَ، قَالَ: فَمَا اسْتَغْفَرَ (2) لَهُ وَلَا سَبَّهُ. [م 1694، حم 3/ 2، دي 2323]

4432 -

حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ،

===

عن أبي سعيد قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع، فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له) حفيرة (ولكنه قام لنا، قال أبو كامل: قال) يزيد بن زريع: (فرميناه بالعظام والمدر (3) والخذف (4)، فاشتد) أي عدا عدوًا شديدًا (واشتددنا خلفه حتى أتى عُرض الحرة) العُرض بالضم، أي جانبها (فانتصب) أي قام ماعز (لنا فرميناه بجلاميد الحرة) وهي الحجارة الكبار، واحده جلمود، كعنقود (حتى سكت، قال) أبو سعيد: (فما استغفر) رسول الله- صلى الله عليه وسلم (له) لئلا يغتر به الناس (ولا سَبَّه)؛ لأن سَبَّ المسلمِ بعد الموت لا يجوز.

4432 -

(حدثنا مؤمل بن هشام، نا إسماعيل، عن الجريري، عن أبي نضرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه) أي نحو الحديث المتقدم (وليس) هذا الحديث (بتمامه) أي بتمام الحديث المتقدم

(1) في نسخة: "رميناه".

(2)

زاد في نسخة: "الله".

(3)

وفي "المجمع"(4/ 570): بفتح ميم ودال: الطين المجتمع الصلب.

(4)

الخذف: الحجارة الصغيرة، وفي أكثر النسخ التي بين أيدينا: الخزف بفتح الخاء والزاي، وهي: أكسار الأواني المصنوعة من المدر، كما في "العون"(12/ 76).

ص: 512

قَالَ: ذَهَبُوا يَسُبُّونَهُ فَنَهَاهُمْ، قَالَ: ذَهَبُوا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ فَنَهَاهُمْ، قَالَ:"هُوَ رَجُلٌ أَصَابَ ذَنْبًا حَسِيبُهُ (1) اللَّهُ". [انظر مَا قبله]

4433 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ، نَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ، نَا أَبِي، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ:"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْكَهَ مَاعِزًا"[م 1695]

4434 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَهْوَازِيُّ، نَا أَبُو أَحْمَدَ، نَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنَّا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَتَحَدَّثُ: أَنَّ الْغَامِدِيَّةَ

===

(قال) أبو سعيد: (ذهبوا) أي شرع الناس (يسبونه فنهاهم، قال) أبو سعيد: (ذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو رجل أصاب ذنبًا، حسيبه الله) أي كافيه، قال المنذري (2): هذا مرسل، انتهى، وهذا الحديث يدل على أن الحد ليس بكفارهّ.

4433 -

(حدثنا محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة، نا يحيى بن يعلى بن الحارث، نا أبي) يعلى بن الحارث، (عن غيلان) بن جامع، (عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استنكه ماعزًا) أي طلب نكهة فم ماعز ليعلم أنه ليس بسكران، فإن إقرار السكران لا يُعْتَبَرُ.

4434 -

(حدثنا أحمد بن إسحاق) بن عيسى (الأهوازي) البزار، أبو إسحاق، صاحب السلعة، قال النسائي: صالح، (نا أبو أحمد) الزبيري، (نا بشير بن مهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه) بريدة بن الحصيب (قال: كنا أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث: أن الغامدية) أي المرأة التي رُجمتْ

(1) في نسخة: "الله حسيبه".

(2)

"مختصر سنن أبي داود"(6/ 252) ح (4270).

ص: 513

وَمَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا - أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَرْجِعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا - لَمْ يَطْلُبْهُمَا، وَإِنَّمَا رَجَمَهُمَا عِنْدَ الرَّابِعَةِ".

4435 -

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ عَبْدَةُ: أنَا حَرَمِىُّ بْنُ حَفْصٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلَاجِ حَدَّثَهُ، أَنَّ اللَّجْلَاجَ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا يَعْتَمِلُ فِى السُّوقِ، فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ صَبِيًّا، فَثَارَ النَّاسُ مَعَهَا، وَثُرْتُ فِيمَنْ ثَارَ، وانْتَهَيْتُ إِلَى

===

بإقرارها بالزنا (وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما أو) للشك من الراوي (قال: لو لم يرجعا) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلى الإقرار (بعد اعترافهما لم يطلبهما) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرجم (وإنما رجمهما عند) أي بعد (الرابعة) أي بعد المرة الرابعة من الإقرار.

4435 -

(حدثنا عبدة بن عبد الله ومحمد بن داود بن صبيح، قال عبدة: أنا حرمي بن حفص) ولم يذكر قول محمد بن داود، ولعله رواه بلفظ: عن، (نا محمد بن عبد الله بن عُلَاثة) بضم أوله، وبعد اللام ألف، وبعد الألف مثلثة، ابن مالك العقيلي الجزري، أبو اليسير الحراني القاضي، عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه ولا يُحتج به، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال الأزدي: حديثه يدل على كذبه.

قال الخطيب: أفرط الأزدي في الحمل على ابن علاثة، وأحسبه وقعت له روايات لعمرو بن الحصين فإنه كان كذابًا، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله، وقال الدارقطني: عمرو بن حصين وابن العلاثة جميعًا متروكان، وقال ابن حبان: كان يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل ذكره إلَّا على جهة القدح فيه.

(نا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، أن خالد بن اللجلاج حدثه، أن اللجلاج أباه أخبره، أنه كان قاعدًا يعتمل في السوق، فمرت امرأة تحمل صبيًا فثار) أي مشى (الناس معها وَثُرْتُ) أي مشيت (فيمن ثار، وانتهيت إلى

ص: 514

النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ أَبُو هَذَا مَعَكِ؟ "، فَسَكَتَتْ، فَقَالَ شَابٌّ حَذْوَهَا: أَنَا أَبُوهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ:"مَنْ أَبُو هَذَا مَعَكِ؟ "، فقَالَ الْفَتَى: أَنَا أَبُوهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَعْضِ مَنْ حَوْلَهُ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا إلَّا خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أُحْصَنْتَ؟ "، قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.

قَالَ: فَخَرَجْنَا بِهِ فَحَفَرْنَا لَهُ حَتَّى أَمْكَنَّا، ثُمَّ رَمَيْنَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى هَدَأَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنِ الْمَرْجُومِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: هَذَا جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْخَبِيثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَهُوَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"، فَإِذَا هُوَ أَبُوهُ، فَأَعَنَّاهُ عَلَى

===

النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول) للمرأة: (من أبو هذا) الولد الذي (معكِ؟ فسكتت، فقال شاب حذوها: أنا أبوه يا رسول الله، فأقبل عليها فقال: من أبو هذا معك؟ فقال الفتى: أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض من حوله يسألهم عنه) أي عن عقله، (فقالوا: ما علمنا إلَّا خيرًا) أي ليس به الجنون (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أحصنتَ؟ قال: نعم، فأمر به فرجم) ولعله وقع الإقرار بالزنا صريحًا، ولكن لم يذكر في الرواية.

(قال: فخرجنا به، فحفرنا (1) له حتى أمكنا) وفي رواية: "أمكَنَنَا"، أي قَدَرْنا على رجمه، أو هو أقدَرَنا (ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ) أي مات (فجاء رجل يسأل عن المرجوم، فانطلقنا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال صلى الله عليه وسلم: لهو أطيب عند الله عز وجل من ريح المسك)، ولعله صلى الله عليه وسلم علم بالوحي أن الله سبحانه غفر له (فإذا هو) أي السائل عنه (أبوه، فأعنّاه على

(1) فيه الحفر للرجل، وقال الموفق: لا يُحفَر للرجل إجماعًا. [انظر: "المغني" (12/ 311)]. (ش).

ص: 515

غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ، وَمَا أَدْرِي قَالَ: وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ ، وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدَةَ، وَهُوَ أَتَمُّ. (1). [حم 3/ 479]

4436 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، نَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ. (ح): وَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الأَنْطَاكِيُّ، نَا الْوَلِيدُ، جَمِيعًا قَالَا: نَا مُحَمَّدٌ - وقَالَ هِشَامٌ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ - عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ (2).

===

غسله وتكفينه ودفنه، وما أدري) وهذا قول بعض الرواة (قال) شيخي:(والصلاةِ عليه أم لا؟ ).

(وهذا) المذكور لفظ (حديث عبدة، وهو أتم) أي وهو أتم من لفظ محمد بن داود، وهو مختصر، ولهذا لم يذكره.

4436 -

(حدثنا هشام بن عمار، نا صدقة بن خالد، ح: ونا نصر بن عاصم الأنطاكي، نا الوليد، جميعًا قالا) أي صدقة والوليد: (نا محمد، وقال هشام) شيخ المصنف: (محمد بن عبد الله الشُّعيثي) وأما نصر بن عاصم، فلعله اقتصر على اسمه فقط، فقال: نا محمد (عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن خالد بن اللجلاج، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ببعض هذا الحديث) المتقدِّم.

(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: الذي تفرَّد به في هذا الحديث غسل المرجوم، وتكفينه".

(2)

جاء بعد هذا الحديث في نسخ أبي داود حديث آخر:

4437 -

حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا عبد السلام بن حفص، حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنَ رجلًا أتاهُ فأقَرَّ عندَه أنه زنى بامرأةٍ فسماها له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأةِ فسألَها عن ذلكَ فأنْكَرَتْ أن تكون زَنَت، فجلَدَهُ الحدَّ وتركها.

قلت: أخرجه أحمد في "مسنده"(5/ 339)، وانظر:"تحفة الأشراف" للمزي (3/ 643) رقم (4705).

ص: 516

4438 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا. (ح): وَنَا ابْنُ السِّرْحِ، الْمَعْنَى، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:"أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَأَمَرَ بِهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَجُلِدَ الْحَدَّ، ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مُحْصَنٌ (1) ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ"(2)(3). [ق 8/ 217]

===

4438 -

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا، ح: ونا ابن السرح، المعنى، أنا عبد الله بن وهب، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رجلًا زنى بامرأة فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فَجُلِدَ الحدَّ) كأنه لم يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحصانه، (ثم أُخبِر أنه مُحصَن، فأمر به فرجم).

قال القاري (4): فيه دليل على أن أحد الأمرين لا يقوم مقام الآخر، وأن الإِمام إذا أمر بشيء من الحدود، ثم بان له أن الواجب غيره، عليه المصير إلى الواجب، ذكره الأشرف، وتبعه ابن الملك، لكن قوله:"أحد الأمرين لا يقوم مقام الآخر" لا يصح على إطلاقه، إذ الرجم يقوم مقام الجلد صورة ومعنى، فإنه لا شك في أنه يكفره مع الزيادة.

قلت: في الحديث إشكال (5) على مذهب الجمهور، تقريره أن الحديث بظاهره يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد رجلًا زنى بامرأة، ولم يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مُحصَن، ثم أُخْبِر وعلم أنه محصَن فرجمه، وهذا يقتضي على مذهب الجمهور أن الجلد وقع خطأ، وقد اتفقت الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقر على الخطأ، وهذا إقرار على الخطأ فلا يجوز، وأما على مذهب من يجوِّز الجمع بين الجلد والرجم فلا إشكال.

(1) في نسخة: "أحصن".

(2)

زاد في "العون"(12/ 79) ح (4427) نسخة: روى هذا الحديثَ محمدُ بنُ بكرٍ موقوفًا على جابر، وسكت عند المنذري. (ش).

(3)

زاد في نسخة: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ محمَّدُ بْنُ بَكْرٍ البُرْسَانيُّ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِم، عن ابْنِ جُرَيْجٍ بِنَحْوِ ابْنِ وَهْبٍ- لَمْ يَذْكُر النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إن رَجُلًا زَنَى فَلَمْ يُعْلمْ بِإحصَانِه فَجُلِدَ، ثَم عُلِمَ بِإحْصَانِهِ فَرُجِمَ".

(4)

"مرقاة المفاتيح"(7/ 160).

(5)

يظهر الجواب من "الشفاء" للقاضي عياض. (ش).

ص: 517