الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ، أَيُقَادُ مِنْهُ
؟
4515 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا شُعْبَةُ. (ح): وَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عن قَتَادَةَ، عن الْحَسَنِ، عن سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَن جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ". [ت 1414، ن 4737، جه 2663، حم 5/ 10]
===
لكنه يُعزَر ويُضرَب ويُؤدَّب؛ لأنه ارْتَكَبَ جنايةً ليس له حدٌّ مُقَرَرٌ وهي الغرور، فإن أوجره السم فعليه الدية عندنا، وعند الشافعي عليه القصاص، انتهى.
ثم قال الخطابي (1): أما حديث اليهودية فقد اختلفت (2) الرواية فيه، فأما حديث أبي سلمة فليس بمتصلٍ، وحديث جابر أيضًا ليس بذاك المتصل؛ لأن الزهريَّ لم يسمعْ من جابر شيئًا.
ثم إنه ليس في هذا الحديث أكثر من أن اليهودية أهدتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعثت بها إليه فصار ملكًا له، وكان أصحابه أضيافًا له، ولم تكن هي التي قدمتها إليه وإليهم، وما هو سبيله، فالقَوَد فيه ساقط لِمَا ذكرْنا من عِلة المباشرة وتقديمها على السبب، انتهى.
(7)
(بَابُ مَنْ قتَلَ عَبْدَه أَوْ مَثَّل بِهِ، أَيُقَاد مِنْهُ؟ )
4515 -
(حدثنا علي بن الجعد، حدثنا شعبة، ح: ونا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتَلَ عبدَه قتلناه (3)، ومن جَدَع) والجَدع: قطع الأنف أو الأذن والشفة، وهو بالأنف أخص؛ فإن أُطلق غُلِّب عليه (عبدَهُ جدعْناه)، وهذا محمول على التغليظ والتشديد، فإن وقع يكون محمولًا على التعزير والسياسة.
(1)"معالم السنن"(4/ 7، 8).
(2)
وجمع الطيبي بأنه عفا أولًا، ثم قتلها قصاصًا. والعجب من القاري (8/ 337) إذ تبعه في ذلك، والظاهر أنه لا يتمشى هذا التوجيه على أصل الحنفية. (ش).
(3)
قال ابن قتيبة في "التأويل"(ص 109): تحذير لأنه لا يقتل إجماعًا.
4516 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عن قَتَادَةَ، بِإسْنَادِهِ مِثْلَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَصَى عَبْدَهُ خَصَيْنَاهُ"، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَحَمَّادٍ. [ن 4736، حم 5/ 18]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عن هِشَام مِثْلَ حَدِيثِ مُعَاذٍ.
4517 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عن ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، بِإسْنَادِ شُعْبَةَ مِثْلَهُ، زَادَ: ثُمَّ إنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ، فَكَانَ يَقُولُ:"لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ". [ن 4738، جه 2663، حم 5/ 19، دي 2362]
===
4516 -
(حدثنا محمد بن المثنى، نا معاذ بن هشام، حدثني أبي) أي هشام الدستوائي، (عن قتادة، بإسناده مثلَه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خَصَى عبدَه خَصَيناه. ثم ذكر مثل حديث شعبة وحماد).
(قال أبو داود: ورواه أبو داود الطيالسي (1)، عن هشام مثل حديث معاذ).
4517 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا سعيد بن عامر، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، بإسناد شعبة مثله، زاد) ابن أبي عروبة: (ثم إن الحسن نَسِيَ هذا الحديث، فكان يقول: لا يُقتلُ حرٌّ بعبدٍ).
قال الخطابي (2): قد يحتمل أن يكون الحسن لم ينسَ الحديثَ، ولكنه كان يتأولُه على غير معنى الإيجاب، ويراه نوعًا من الزجر، ليرتدعوا، فلا يقدموا على ذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم في شارب الخمر في الخامسة: فإن عاد فاقتلوه، ثم لم يقتله وقد شرب خامسًا.
وقد تأوله بعضهم إلى أنه إنما جاء في عبد كان يملكه مرة فزال ملكه عنه
(1)"مسند أبي داود الطيالسي"(ص 122) رقم (905).
(2)
"معالم "السنن" (4/ 8، 9).
4518 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، نَا هِشَامٌ، عن قَتَادَةَ، عن الْحَسَنِ قَالَ:"لَا يُقَادُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ". [ق 8/ 35]
===
وصار كعياله (1) بالحرية، فإذا قتله كان مقتولًا به، وهذا كقوله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} (2) الآية، أي مَنْ كُنَّ لهم أرواجًا قبل الموت.
وقد اختلف الناس فيما يجب على من قَتلَ عبدَه أو قتل عبدَ غيره، فروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: أنه لا يقتص منه إذًا فعل ذلك. وكذلك رويَ عن ابن الزبير، وهو قول الحسن وعطاء وعكرمة وعمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال ابن المسيب والشعبي والنخعي وقتادة: القِصاصُ بين الأحرار والعَبِيد ثابت بالنص (3)، وإليه ذهب أصحاب الرأي، وهذا في من قتل عبدًا لغيره. وقال الثوري: إذ قَتل عبدَه أو عبدَ غيره قُتِلَ به.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن حديث سمرة منسوخ وقال: لما ثَبَتَا ثَبَتا معًا، ولمَّا نُسخا نُسخا معًا، يريد: لمَّا سقط الجدعُ بالإجماع سقط القصاصُ كذلك، انتهى.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم: قوله: "ثم إن الحسن نسي"، وهذا ظنٌّ من قتادة، وإلا فالحسنُ لم ينسه ولم يُخطئ فيه، وقد علم أنه كان تعزيرًا، والمولى لا يُقتل بعبده. فعلى هذا، فالمراد بـ "العبد" في قول الحسن: عبدُ القاتل لا مطلق العبد، ولعله كان يرى أن الحر لا يُقتل بالعبد مطلقًا. وعلى هذا قوله:"لا يقاد الحر بالعبد"، هذا كالأولى في أحتمال التأويلين عبده أو العبد مطلقًا.
4518 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا هشام، عن قتادة، عن الحسن: قال: لا يُقاد الحرُّ بالعبد).
(1) هكذا في الأصل، وفي "المعالم" (4/ 9): وصار كفؤًا له بالحرية.
(2)
طرف من آية من سورة البقرة 234 و 240.
(3)
هكذا في الأصل، وفي "المعالم" (4/ 9):"ثابت في النفس"، وهو الصواب.
4519 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمِ (1) الْعَتَكِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، نَا سَوَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ، نَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مُسْتَصْرِخٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: جَارِيَةٌ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ:"وَيْحَكَ مَا لَكَ؟ "، فَقَالَ: شَرٌّ، أَبْصَرَ لِسَيِّدِهِ جَارِيَةً لَهُ فَغَارَ عَلَيْهَا، فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"عَلَيَّ بِالرَّجُلِ"،
===
4519 -
(حدثنا محمد بن الحسن بن تسنيم) الأزدي (العَتَكي) التسنيمي، أبو عبد الله البصري، نزيل الكوفة، قال ابن خزيمة: كوفي، ثَبت، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: مستقيم الحديث، عِداده في الكوفيين، يُغرب.
(نا محمدُ بنُ بكرٍ، نا سوَّار أبو حمزة، ثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل مُستصرِخ) أي رافع صوتُه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال) الرجل: (جارية له) أي لفلانٍ (يا رسولَ الله) وإنما لم يُتمَّ الكلامَ لشِدَّة ما فيه من التكليف، وهو كثير في العادة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وَيحكَ ما لكَ؟ فقال) الرجل: (شرٌّ) أي أصابني شرٌ، ثم بيَّنه فقال:(أبصرَ) أي الرجل (لسيده جاريةً له) أي للسيد (فغَارَ عليها) أي بإبصار المستصرخ الجارية (فَجَبَّ) أي قَطَعَ السيدُ (مَذَاكيرَه).
وحاصله (2): أني أبصرتُ جاريةً للسيد، ولعل ذلك نظر إليها بشهوة فغَارَ على ذلك فَجَبَّ مذاكيرَه.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليَّ بِالرجلِ) أي السيد، ولعله هرب من الخوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يَفعل به ما فَعل هو بالعبد
(1) زاد في نسخة: "ابن جواري بن زياد بن عمرو، قال أبو داود: ما اجتمعت العرب على رجل لم يؤمَّر عليهم إلا زياد بن عمرو العتكي".
(2)
وفي "التلقيح"(ص 344): روى عبد الله بن عمرو أن زنباعًا أبا روح وجد غلامًا له مع جاريته فقطع ذكره، وجدع أنفه، فأتى العبد النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على ما فعلت"؟ ، فقال: فعل كذا وكذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم للعبد:"اذهب فأنت حر" اسم غلام زنباع: سندر. اهـ، وسيأتي في الشرح. (ش).
فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى مَنْ نُصْرَتِي؟ قَالَ:"عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"، أَوْ قَالَ:"كُلِّ مُؤْمِنٍ"(1). [جه 2680]
===
(فطلب فلم يقدرْ عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) للعبد المقطوع مذاكيره: (اذْهبْ فأنتَ حُرٌّ، فقال) العبد: (يا رسول الله على مَنْ نُصرتي) لو استرقَّني مولاي؟ (قال: على كل مُسلمٍ، أو قال: على كل مؤمنٍ).
وقد أخرج ابن ماجه: حدثنا رَجَاء بن المُرَجَّى السمَرْقَنْدِي، ثنا النضر بن شُمَيل، ثنا أبو حمزة الصَّيْرفي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم صَارِخًا، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَا لَكَ؟ قال: سيدي رآني أُقَبِّلُ جاريةً له فَجَبَّ مَذَاكِيري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عليَّ بالرجلِ". ثم ذكر مثل حديث أبي داود.
وذكر حديثًا آخر: عن سَلَمَة بن رَوح بن زِنْباعٍ، عن جده أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وقد أَخصَى غلامًا له فَأَعْتَقَهُ النبي صلى الله عليه وسلم بالمُثْلة (2).
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم: والذي ذهبنا إليه من أن أطراف العبد يُعامَل بها معاملةَ الأموال، لا يرِد عليه هذه الرواية بشيء، ثم في الحديث دلالةٌ على أن للخليفة والقاضي أمثال تلك التصرفات (3) إذ افتقر إليها للانتظام، ويعلم منها حكم ما عقد عليه الباب من أنه لا يُقاد بذلك إن كان الجاني هو المولى ولا أقيد منه.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: الذي عتق كان اسمُه رَوح بن دينار، قال أبو داود: والذي جَبَّهُ زِنْبَاع، قال أبو داود: هذا زِنْبَاع أبو رَوح كان مولى العبد".
(2)
أخرجه ابن ماجه (2679).
(3)
هذا توجيه على مَسلك الحنفية، وإلَّا فالمسألة خِلافية. قال ابن رشد (2/ 369، 370): أما إعتاق المُثلة فمختلفٌ فيه، فقال مالك والليث والأوزاعي: من مثَّل بعبده أعتق عليه لهذا الحديث. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يعتق عليه لحديث ابن عمر: "من لَطَم عبدَه أو ضربه فكفارته عتقُه"، فقالوا: لم يلزم العتقُ، وإنما ندب إليه
…
إلخ. وبسط الكلام على الباب الشوكاني. ["نيل الأوطار" (4/ 154)]. (ش).