الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) بَابٌ: فِي حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِين
(1)
2496 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا سُفْيَانُ، عن قَعْنَبٍ، عن عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عن ابْنِ بُرَيْدَةَ، عن أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ
===
يضر أحدهما الآخر، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: مؤمن قتل كافراً ثم سَدَّد".
قال القاضي (2) في الرواية الأولى: يحتمل أن هذا مختص بمن قتل كافرًا في الجهاد، فيكون ذلك مكفرًا لذنوبه حتى لا يعاقب عليها، أو يكون بنية مخصوصة، أو حالة مخصوصة، ويحتمل أن يكون عقابه إن عوقب بغير النار، كالحبس في الأعراف عن دخول الجنة أولًا ولا يدخل النار، أو يكون إن عوقب بها في غير موضع عقاب الكفار، ولا يجتمعان في إدراكها، انتهى. قال الطيبي (3): والأول هو الوجه.
(11)
(بَابٌ: فِي حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ)
2496 -
(حدثنا سعيد بن منصور، نا سفيان، عن قعنب) بسكون المهملة ثم نون مفتوحة آخره موحدة، التميمي الكوفي، قال سفيان: كان ثقة خيارًا، قال أبو داود: كان رجلًا صالحًا، كان ابن أبي ليلى أراده على القضاء فامتنع، وقال: أخرجوني حتى أنظر، فتوارى فوقع عليه البيت فقتله، وذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة) بالتصغير، (عن أبيه) بريدة ابن الحصيب.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة
(1) زاد في نسخة: "على القاعدين".
(2)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(7/ 44)، و"إكمال المعلم"(6/ 313).
(3)
"شرح الطيبي"(7/ 269).
أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ (1) إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ خَلَفَكَ فِي أَهْلِكَ فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ"، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا ظَنُّكُم؟ " (2). [م 1897، ن 3189، ق 9/ 173]
===
أمهاتهم) مبالغة في اجتنابهم عنهن والميل إليهن بسوء ومراعاة حقوقهن (وما من رجل من القاعدين يخلف) بضم اللام أي يعقب (رجلًا من المجاهدين في أهله) أي امرأته أو جاريته وقرابته في بيته فيخونه، كما في "مسلم"، أي: فيخون ذلك القاعد في أهل ذلك المجاهد (إلَّا نصب) بصيغة المجهول، أي وقف وأقيم ذلك الرجل القاعد (له) أي للمجاهد (يوم القيامة، فقيل له) أي للمجاهد، والقائل الملك الموكل من الله تعالى (قد خلفك) أي هذا القاعد (في أهلك) أي بسوء وخيانة (فخذ من حسناته) أي ذلك القاعد (ما شئت) أي: أيّ قدر شئت (فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما ظنكم؟ ).
قال النووي (3): معناه: فما تظنون في رغبة المجاهد في أخذ حسناته، والاستكثار منها في ذلك المقام؟ أي لا يبقى منها شيء إلَّا أخذه، وقال المظهر (4): أي ما ظنكم بالله مع هذه الخيانة؟ هل تشكون في هذه المجازاة أم لا؟ يعني فإذا علمتم صدق ما أقول فاحذروا من الخيانة في نساء المجاهدين، وقال التوربشتي: أي فما ظنكم بمن أحله الله بهذه المنزلة، وخصه بهذه الفضيلة، فربما يكون وراء ذلك من الكرامة.
(1) زاد في نسخة: "بسوء".
(2)
زاد في نسخة: "قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ أَبُو دَاودَ: وَكَانَ قَعْنَبٌ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَان ابن أَبِي لَيْلَى أَرَادَ قَعْنَبًا عَلَى القَضَاءِ، قَالَ: فَأَبَى عَلَيْهِ، وَقَالَ قَعْنَبٌ: أَنَا أُرِيْدُ الحَاجَةَ بِدِرْهَمٍ، فَأَسْتَعِيْنُ عَلَيْهَا بِرَجُلٍ! قَالَ: وَأَيُّنَا لَا يَسْتَعِيْنُ فِي حَاجَتِهِ؟ قَالَ: أَخْرِجُوْنِي حَتَّى أَنْظُرَ، فَأُخْرِجَ فَتَوَارَى، قَالَ سُفْيَانُ: بَيْنَمَا هُو مُتَوَارٍ إِذْ وَقَعَ عَلَيْهِ البَيْتُ فَمَات"، انتهى. كذا في نسخة مصرية وغيرها.
(3)
"شرح صحيح مسلم"(7/ 50).
(4)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(7/ 363).
(12)
بَابٌ: فِي (1) السَّريَّةِ تُخْفِق
2497 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، نَا حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ قَالَا: نَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُم الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ". [م 1906، ن 3125، حم 2/ 169، جه 2785]
===
(12)
(بَابٌ: فِي السَّرِيَّةِ) وهي قطعة من الجيش تغزو (تُخْفِقُ)
قال في النهاية (2): أيما سرية غَزَت فأخفقت، الإخفاق أن تغزو فلا تغنم شيئًا، وكذا كل طالب حاجة إذا لم تُقضَ له، وأصله من الخفق: التحرُّك، أي صادفت الغنيمة خافقة غير ثابتةٍ مستقرة.
2497 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، نا عبد الله بن يزيد، نا حيوة وابن لهيعة قالا: نا أبو هانئ الخولاني) حميد بن هانئ (أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من غازية) أي جماعة (تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلَّا تعجلوا) أي في الدنيا (ثلثي أجرهم) أي السلامة والغنيمة (من الآخرة) أي من أجر الآخرة (ويبقى لهم الثلث) فيعطى لهم في الآخرة ذلك الثلث (فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم) أي في الآخرة (أجرهم) لأنهم لم يستوفوا من أجرهم في الدنيا.
قال النووي (3): الصواب في معنى الحديث أن الغزاة إذا سلموا وغنموا
(1) زاد في نسخة: "ثواب".
(2)
(2/ 55).
(3)
"شرح صحيح مسلم"(7/ 60).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يكون أجرهم أقل من أجر من (1) لم يسلم، أو سلم ولم يغنم، وقد اختار القاضي عياض (2) هذا المعنى بعد حكايته في تفسيره أقوالًا فاسدة، منها: قول من زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح، ولا يجوز أن ينقص ثوابهم بالغنيمة، كما لم ينقص ثواب أهل بدر، وهم أفضل المجاهدين، وهي أفضل غنيمة.
قال: وزعم بعض هؤلاء أن أبا هانئ راويه مجهول، ورجحوا الحديث السابق في أن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة، فرجحوه على هذا الحديث لشهرته وشهرة رجاله، ولأنه في "الصحيحين" وهذا في "مسلم" خاصة.
وهذا القول باطل من أوجه، فإنه لا تعارض بينه وبين هذا الحديث المذكور، فإن الذي في الحديث السابق رجوعه بما نال من أجر وغنيمة، ولم يقل إن الغنيمة تنقص الأجر أم لا، ولا قال: أجره كأجر من لم يغنم، فهو مطلق وهذا مقيد، فوجب حمله عليه.
وأما قولهم: أبو هانئ مجهول، غلط فاحش، بل هو ثقة مشهور، روى عنه خلائق من الأئمة، ويكفي في توثيقه احتجاج مسلم به في "صحيحه".
وأما قولهم: إنه ليس في "الصحيحين"، فليس لازمًا في صحة الحديث كونه في "الصحيحين"، ولا في أحدهما.
وأما قولهم: في غنيمة (3) بدر، فليس في غنيمة بدر نص أنهم لو لم يغنموا
(1) قال الحافظ في "الفتح"(6/ 9): القواعد تقتضي أن الأجر عند عدم الغنيمة يزيد
…
إلخ. (ش).
(2)
انظر: "إكمال المعلم"(6/ 330، 331).
(3)
والمراد بقولهم أنهم أوردوا على هذا الحديث بأن مقتضاه أن يفضل أهل أحد على أهل بدر، والمسلم خلافه، والجواب أن أهل بدر لو لم يصيبوا غنيمة لزادت أجورهم أكثر من هذا، والبسط في "الأوجز"(9/ 22). (ش).