الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(14) بَابُ الذَّبِيحَةِ بِالْمَرْوَةِ
2821 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عن عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عن أَبِيه،
===
(14)
(بَابُ الذَّبيحَةِ بِالْمَرْوَةِ)
بفتح ميم وسكون راء: حجر أَبيض يجعل منه كالسكين. وقيل: هي التي يقدح منها النار
2821 -
(حدثنا مسدد قال: نا أبو الأحوص قال: نا سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه) أي رفاعة بن رافع، وفي رواية البخاري من طريق أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة بن رافع، عن جده رافع بن خديج بحذف عن أبيه.
قال الحافظ (1): كذا قال أكثر أصحاب سعيد بن مسروق عنه كما سيأتي في آخر "كتاب الصيد والذبائح"، وقال أبو الأحوص:"عن سعيد عن عباية عن أبيه عن جده"، وليس لرفاعة بن رافع ذكر في كتب الأقدمين ممن صنف في الرجال، نعم ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: إنه يكنى أبا خديج، وتابع أبا الأحوص على زيادته في الإسناد حسان بن إبراهيم الكرماني، عن سعيد بن مسروق، أخرجه البيهقي (2) من طريقه، وكذا رواه ليث بن أبي سليم، عن عباية، عن أبيه، عن جده، قاله الدارقطني في "العلل"، قال: وكذا قال مبارك بن سعيد الثوري عن أبيه.
قال الجياني: روى البخاري حديث رافع من طريق أبي الأحوص، فقال: عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رافع، عن أبيه، عن جده، هكذا عند أكثر الرواة، وسقط قوله:"عن أبيه" في رواية أبي علي بن السكن عند الفربري وحده، وأظنه من إصلاح ابن السكن، فإن ابن أبي شيبة أخرجه عن أبي الأحوص
(1)"فتح الباري"(9/ 625).
(2)
"السنن الكبرى"(9/ 247).
عن جَدِّهِ رَافِع بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى (1)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرِنْ أَو اِعْجِلْ،
===
بإثبات قوله: "عن أبيه"، ثم قال أبو بكر: لم يقل أحد في هذا السند عن أبيه غير أبي الأحوص.
ثم نقل الجياني عن عبد الغني بن سعيد حافظ مصر أنه قال: خرَّج البخاري هذا الحديث عن مسدد عن أبي الأحوص على الصواب، يعني بإسقاط "عن أبيه"، قال: وهو أصل يعمل به من بعد البخاري، إذا وقع في الحديث خطأ لا يُعَوَّل عليه، وإنما تكلم عبد الغني على ما وقع في رواية ابن السكن ظنًّا منه أنه من عمل البخاري، وليس كذلك لما بَينَّا أن الأكثر رووه عن البخاري بإثبات قوله:"عن أبيه".
(عن جده رافع بن خديج قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا نلقى العدو غدًا وليس معنا مُدى) جمع مدية وهي السكين، وحاصل هذا الكلام أن عندنا سيوفًا، فلو ذبحنا بها كلَّت السيوف، ولم تنفع في قتال العدو، فأي شيء نذبح به.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَرِنْ أو) للشك من الراوي (اعجِلْ) أي: قال هذا اللفظ أو ذاك، أَرِنْ: من أران القوم إذا هلكت مواشيهم، بوزن أَغِثْ، أي: أهلكها ذبحًا بكل ما أنهر الدم غير السن والظفر، أو من أرِن يأرَن إذا نشط وخفَّ، يقول: خِفَّ واعجل لئلا تقتلها خنقًا، فإن غير الحديد لا يمور في الذكاة مورًا، منه و"ائْرَنْ" بمعنى اعجِلْ، أو من رنوت النظر إلى الشيء إذا أدمته بمعنى أدِم الحزَّ ولا تفتر، أو أدِم النظر وراعِه بصرك لئلا تزل عن المذبح، ويكون بوزن إرم من رمى، واعجل بكسر همزة وفتح جيم، والصحيح أن أرن بمعنى اعجل، وإنه شك من الراوي، "مجمع"(2).
(1) زاد في نسخة: "أفنذبح يالمروة وشقة العصا".
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 69).
مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا، مَا لَمْ يَكُنْ سنٌّ أَوْ ظُفُرٌ (1)، (2) وَسَأُحَدِّثُكُمْ عن ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ،
===
(ما أنهر) أي: أجرى وأسأل بكثرة (الدم) شبه خروجُ الدم بجري الماء في النهر (وذكر اسم الله عليه) أي: حقيقة أو حكمًا كما في الناسي (فكلوا) أي: الذبيحة (ما لم يكن) أي: آلة الذبح (سن أو ظفر)(3) أي: غير المنزوعين، فإنها لا تحل الذبيحة بهما، وأما المنزوعان فيكره ما ذبح بهما.
(وسأحدثكم (4) عن ذلك، أما السنن فعظم) والأوجه عندي أن يحمل هذا المنع على العلة التي منع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجلها الاستطابة بالعظم، وهي كون العظم من زاد الجن، كما تقدم في أبواب الطهارة، فلعله صلى الله عليه وسلم منع الذبح بالعظم أيضًا لما فيه من تنجيس زادهم فتدبر.
قال الشوكاني (5): قال ابن الصلاح في "مشكل الوسيط": ولى أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يُعقل، وكذا وقع في كلام [ابن]
(1) في نسخة بدله: "سنًا أو ظفرًا".
(2)
زاد في نسخة: "قال رافع".
(3)
وفي "شرح الإقناع"(4/ 302): والنهي عن الذبح بالعظام قيل: تعبدي، وبه قال ابن الصلاح، ومال إليه ابن عبد السلام، وقال النووي (7/ 139): للتنجس بالدم، وهو زاد الجن، ويشكل عليه حِلّ التذكية بالخبز إذا كان محددًا، وهو طعام الإنس وهم أفضل من الجن، إلى أن قال: ويفرق بين العظم والخبر المحدد بأنه يمكن غسله بخلاف العظم، فإنه يُرمى لنجاسته، وأما مدى الحبشة فإنهم كفار، ونهينا عن التشبه بهم، انتهى ملخصًا.
قلت: ويمكن أن يقال في الفرق بين الخبز والعظم: إن العظم حق الغير، أي الجن، والخبر حق نفسه. (ش).
(4)
جزم النووي بأنه من المرفوع وهو الظاهر، وجزم ابن القطان في كتاب "الوهم والإيهام" بأنه مدرج من قول رافع، واستدل برواية أبي داود عن أبي الأحوص إذ قال في روايته بعد:"أو ظفر": قال رافع: سأحدثكم
…
إلخ، لكن ليس في شيء من "سنن أبي داود" هكذا فهو عجيب، قاله الحافظ (9/ 672). (ش).
(5)
"نيل الأوطار"(5/ 219).
وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ".
===
عبد السلام، وقال النووي (1): معنى الحديث لا تذبحوا بالعظام فإنها تنجس بالدم، وقد نهيتم عن تنجيسها، لأنها زاد إخوانكم من الجن، انتهى.
(وأما الظفر فمدى الحبشة) قال في "البدائع"(2): وجملة الكلام فيه: أن الآلة على ضربين: آلة تقطع وآلة تفسخ، والتي تقطع نوعان: حادة وكليلة، أما الحادة فيجوز الذبح بها حديدًا كانت أو غير حديد، والأصل في جواز الذبح بدون الحديد ما روي عن عديِّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله أرأيتَ أحدَنا أصاب صَيْدًا وليس معه سكين أيذكِّي بمَرْوَةٍ أو بشِقَّةِ العصا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "أنهرِ الدم بما شئتَ واذكر اسم الله تعالى"(3).
وأما الكليلة فإن كانت تقطع يجوز لحصول معنى الذبح، لكنه يكره لما فيه من زيادة إيلام لا حاجة إليها، ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحديد الشفرة وإراحة الذبيحة، وكذلك إذا ذبح بظفر منزوع أو سن منزوع جاز الذبح بهما ويكره.
وقال الشافعي (4) رحمه الله: لا يجوز لهذا الحديث، لأنه استثنى الظفر والسن من الإباحة، والاستثناء من الإباحة يكون حظرًا.
ولنا: أنه لما قطع الأوداج فقد وجد الذبح بهما فيجوز، كما لو ذبح بالمروة وليطة القصب، وأما الحديث فالمراد السن القائم والظفر القائم، لأن الحبشة إنما كانت تفعل ذلك لإظهار الجلادة، وذلك بالقائم لا بالمنزوع، والدليل عليه أنه روي في بعض الروايات إلا ما كان قرضًا بسن أو حزًا بظفر، والقرض إنما يكون بالسن القائم.
(1)"شرح صحيح مسلم"(7/ 139 - 140).
(2)
"بدائع الصنائع"(4/ 158).
(3)
يأتي تخريجه في المتن برقم (2824).
(4)
انظر: "الأم"(2/ 236).
وَتَقَدَّمَ بِهِ سَرْعَانٌ مِنَ النَّاسِ فَتَعَجَّلُوا فَأَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في آخِرِ النَّاسِ، فَنَصَبُوا قُدُورًا، فَمَرَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالْقُدُورِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ فَعَدَلَ بَعِيرًا (1) بِعَشْرِ شِيَاهٍ،
===
وأما الآلة التي تفسخ، فالظفر القائم والسن القائم، ولا يجوز الذبح بهما بالإجماع، ولو ذبح بهما كان ميتة للخبر الذي روينا، ولأن الظفر والسن إذا لم يكن منفصلًا، فالذابح يعتمد على الذبيح فيخنق وينفسخ فلا يحل أكله، حتى قالوا: لو أخذ غيره يده فأمَرَّ يده كما أمَرَّ السكين وهو ساكت يجوز ويحل أكله، انتهى.
(وتقدم به) هكذا في المجتبائية والكانفورية والقادرية والمكتوبة القلمية ونسخة "العون"، وأما المصرية فليس فيها لفظ "به"، فإن كان هذا اللفظ محفوظًا فهو بمعنى عليه (سرعان من الناس) أي: أوائلهم والمستعجلون منهم (فتعجلوا فأصابوا من (2) الغنائم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الناس، فنصبوا قُدُورًا) أي: أقاموها على أثافي، (فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور، فأمَرَ بها فأكفئت) أي: قلبت (وقسم بينهم) أي: الغنائم (فعدل بعيرًا بعشر شياه) جمع شاة.
وقد أخرج البخاري من طريق أبي عوانة عن سعيد بن مسروق، ولفظه:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة"، زاد في رواية سفيان الثوري:"من تهامة، فأصاب الناس جوع، فأصبنا إبلًا وغنمًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس"، الحديث.
قال الحافظ (3): وذو الحليفة هذا مكان غير ميقات المدينة،
(1) في نسخة: "فَعُدِلَ بعيرٌ".
(2)
وترجم عليه البخاري "باب إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر أصحابه لم تؤكل"، قال الحافظ في قصة جارية كعب:[وفيه] جواز أكل ما ذبح بغير إذن مالكه، وخالف فيه طاوس وعكرمة، وإليه ميل البخاري إذ ترجم بذلك
…
إلخ، كذا في "الفتح"(9/ 633). (ش).
(3)
"فتح الباري"(9/ 625 - 626).
ونَدَّ بَعِيرٌ مِنْ إبلِ الْقَوْمِ
===
لأن الميقات في طريق المذاهب من المدينة، ومن الشام إلى مكة، وهذه بالقرب من ذات عرق بين الطائف ومكة، ووقع للقابسي أنه الميقات المشهور، وكذا ذكر النووي، قالوا: وكان ذلك عند رجوعهم من الطائف سنة ثمان.
قال الحافظ: واختلف في هذا المكان في شيئين: أحدهما سبب الإراقة، والثاني: هل أتلف اللحم أم لا؟ فأما الأول فقال عياض: كانوا انتهوا إلى دار الإِسلام، والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة إلا بعد القسمة، وأن محل جواز ذلك قبل القسمة إنما هو ما داموا في دار الحرب، قال: ويحتمل أن سبب ذلك كونهم انتهبوها، ولم يأخذوها باعتدال وعلى قدر الحاجة، يدل لذلك ما أخرجه أبو داود من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار وفيه:"ثم جعل يرمل اللحم بالتراب"، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة"، وهذا يدل على أنه عاملهم من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم كما عومل القاتل بمنع الميراث.
وأما الثاني فقال النووي (1): المأمور به من إراقة القدور إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع ورَدَّ إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وهذا من مال الغانمين، وأيضًا فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، فإن منهم من لم يطبخ ومنهم المستحقون للخمس، [فإن قيل: ] لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم، قلنا: ولم ينقل أنهم أحرقوه أو أتلفوه، فيجب تأويله على وفق القواعد إلى آخره.
وأما تعديل عشر شياه بعيرًا محمول على أن هذا كان قيمة الغنم إذ ذاك.
(ونَدَّ بعيرٌ) أي: هرَبَ منافرًا (من إبل القوم) أي: من الإبل المقسومة
(1)"شرح صحيح مسلم"(7/ 141).
وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِهَذه الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كأَوَابِدِ الْوَحْشِ، وَمَا (1) فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا بِهِ مِثْلَ هَذَا". [خ 2488، م 1968، ت 1491، ن 4403، جه 3178، حم 4/ 140]
2822 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زِيَادٍ وَحَمَّادًا- الْمَعْنَى وَاحِد- حَدَّثَاهُمْ، عن عَاصِمٍ،
===
(ولم يكن ميم خيل)(2) فيه تمهيد لعذرهم في تحصيله حيًا، فكأنه يقول: لو كان فيهم خيول لأخذوه حيًا، ولم يحتاجوا إلى قتله بسهم (فرماه رجل بسهم) ولم أقف على تسمية هذا الرامي (فحبسه الله) أي: أصابه السهم فوقف.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لهذه البهائم) وهذه "اللام" في معنى "من" التبعيضية (أَوَابِد (3)) جمع آبدة بالمد وكسر الموحدة، أي كريبة متوحشة (كأوابد الوحش، وما فعل منها) أي: من البهائم (هذا) أي: التنفر والتوحش (فافعلوا به مثل هذا) أي: الجرح والقتل.
والظاهر أن السهم أصاب المقتل، فمعنى حبسه أي قتله، ويحتمل أنه لم يصب المقتل فحينئذ معنى قوله:"حبسه" كفه عن الشُّرُودِ، فحينئذ ذبحوه بعد الأخذ، لأنه لم يبق حينئذ في حكم الصيد، فإن المتوحش إذا نَدَّ يكون في حكم الصيد، فإذا أُخذ وفيه الحياة المستقرة لم يبق في حكم الصيد، فلا يحل بالذكاة الاضطرارية، بل يلزم ذبحه وإلَّا حرم أكله.
2822 -
(حدثنا مسدد، أن عبد الواحد بن زياد وحمادًا، المعنى) أي: معنى حديثهما (واحد، حدثاهم) أي: مسددًا ومن كان معه (عن عاصم)
(1) في نسخة بدله: "فما".
(2)
وفي "البخاري"(5498): "وكان في القوم خيل يسيرة، فطلبوه فأعياهم".
(3)
واستدل به الثلاثة على أن النعم إذا توحش صار في حكم الصيد، بخلاف مالك كما سيأتي. (ش).
عن الشَّعْبيِّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ- أَوْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ - قَال:"اِصَّدْتُ (1) أَرْنَبَيْنِ فَذَبَحْتُهُمَا بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمَا، فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا". [ن 4313، جه 3175]
2823 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نَا يَعْقُوبُ، عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ: "أَنَّهُ كَانَ يَرْعَى لِقْحَةً بِشِعْبٍ مِنْ شِعَابِ أُحُدٍ، فَأَخَذَهَا الْمَوْتُ،
===
الأحول، (عن الشعبي، عن محمَّد بن صفوان، أو صفوان بن محمَّد) بالشك، وفي "مسند أحمد" (2): محمَّد بن صفوان من غير شك، وقال الحافظ (3): وأخرج أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم في "صحيحهما" من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عنه على الشك. قلت: ولم أر في "مسند أحمد" حرف الشك، بل فيه في رواية عاصم وداود بن أبي هند كليهما بغير شك، وهو أنصاري، من بني مالك بن أوس، وقيل فيه: صفوان بن محمَّد، والأول أصوب، ولا أعلم لمحمد بن صفوان غير هذا الحديث.
(قال) محمَّد: (اصَّدْتُ) بالصاد المهملة المشددة، أي: اصطدتُ كما في نسخة أخرى (أرنبين فذبحتهما بمروة) أي: بحجر محدد، (فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما) أي: عن حِلِّهما، (فأمرني بأكلهما) وهذا أمر أجمع عليه علماء الأمة.
2823 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد قال: نا يعقوب) بن عبد الرحمن الإسكندراني، (عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني حارثة) لم أقف على تسميته: (أنه كان يرعى لقحة)، أي: ناقة ذات در (بشعب من شعاب أُحُد، فأخذها الموت)(4) أي: قربت من الموت
(1) في نسخة بدله: "اصطدت".
(2)
"مسند أحمد"(3/ 471)) رقم (15851 - 15852).
(3)
"فتح الباري"(9/ 631).
(4)
قال ابن رشد (1/ 442): اختلفوا في تأثير الذكاة في المشرفة على الموت، فالجمهور =
وَلَمْ يَجِدْ (1) شَيْئًا يَنْحَرُهَا بِهِ، فَأَخَذَ وَتدًا فَوَجَأَ بِهِ في لَبَّتِهَا حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهَا، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا". [ق 9/ 250]
2824 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نَا حَمَّادٌ، عن سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عن مُرِّيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ، عن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَحَدُنَا أَصَابَ صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَيَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَشِقَّةِ الْعَصَا؟ فَقَالَ:(2) "أَمْرِرِ
===
(ولم يجد شيئًا)، أي: آلة (ينحرها به، فأخذ وتدًا) بالفتح وبالتحريك، وككَتِف: ما رُزَّ في الأرض أو الحائط من خشب، جمعه أوتاد، وهو محدد الطرف (فوجأ به) أي: أدخله (في لبتها) أي: منحرها (حتى أهريق دمها، ثم جاء) الرجل الحارثي (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فأمره بأكلها).
2824 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا حماد، عن سماك بن حرب، عن مُرِّيٍّ) بضم أوله بلفظ النسب (ابن قَطَرِي) بفتحتين وكسر الراء مخففًا، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: قال الذهبي: لا يعرف، تفرد عنه سماك، (عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن أحدنا أصاب صيدًا) أي: تمكن منه (وليس معه سكين، أيذبح بالمروة وشقة العصا؟ فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرر) هكذا في النسخ بتكرار الراء، وهكذا في "المشكاة" عن أبي داود.
قال في "المجمع"(3): وفيه: "اِمْرِ الدم بما شئت"، أي: استخرجه وأجْرِه بما شئت، يريد الذبح، من مرى الضرع يمريه، ويروى "أَمِرْ" من مارَ يمور إذا جرى، وأماره غيره.
= على أنها تؤثر، وهو المشهور عن مالك لهذا الحديث، وعنه لا تؤثر، وحكى اختلافهم فيه صاحب "المغني"(13/ 314). (ش).
(1)
في نسخة: "فلم يجد".
(2)
في نسخة: "قال".
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 568).