الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(136) بابٌ: فِى تَعْظِيمِ الْغُلُولِ
2710 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَاهُمْ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِى عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّىَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ
===
فإن قيل: لم تقع هذه القصة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحضر منه ولا بعلمه وإذنه، فكيف يستدل به على الجواز؟ قلنا: لعل ابن مسعود حين أطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على القصة لم ينكر عليه، فظهر بهذا أنه يجوز استعمال السلاح إذا احتاج إليه، إلَّا أنه يجب عليه أن يرده في الغنيمة بعد الفراغ منه.
(136)
(بَابٌ: فِى تَعْظِيمِ الْغُلُولِ)
قال في "القاموس": غل غلولًا: خانَ كأغل، أو خَاصٌّ بالفيءِ
2710 -
(حدثنا مسدد، أن يحيى بن سعيد) القطان (وبشر بن المفضل حدثاهم) أي: مسدد، أو من كانوا معه في مجلس التحديث، (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري، (عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد الجهني: أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) لم أقف على تسميته، لكن في رواية الإِمام أحمد (1):"أن رجلًا من أشجع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"(توفي يوم خيبر) أي: في غزوة خيبر.
(فذكروا ذلك) أي: موته والصلاة عليه، (لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلُّوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه الناس لذلك) أي: لإعراضه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليه، (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن صاحبكم غل
(1)"مسند أحمد"(5/ 192).
فِى سَبِيلِ اللَّهِ» ، فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِى (1) دِرْهَمَيْنِ. [ن 2086، جه 2848، حم 5/ 192، ك 2/ 127، ق 9/ 101]
2711 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِىِّ، عَنْ أَبِى الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ،
===
في سبيل الله) أي: في مال حصل في الجهاد فلا أصلي عليه، فلهذا قالت الفقهاء: إذا مات الفاسق المصرُّ على الفسق يجوز أن لا يصلي عليه الأئمة الذين يُقتدى بهم، بل يأمرون الناس أن يصلوا عليه.
(ففتشنا متاعه، فوجدنا خرزًا من خرز يهود)، قال في "القاموس": والخرزة: محركة: الجوهر، وما ينظم، (لا يساوي درهمين) وإنما أضافها إلى يهود لأنها أخذت منهم، ولم يكن عند أهل المدينة، فاستدل بذلك أنه من الغلول.
2711 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ثور بن زيد الديلي، عن أبي الغيث مولى ابن مطيع، عن أبي هريرة أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر). ولفظ "البخاري"(2): "افتتحنا خيبر"، فحكى الدارقطني عن موسى بن هارون قال: وَهِم ثورٌ في هذا الحديث، لأن أبا هريرة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، وإنما قدم بعد خروجهم من المدينة إلى خيبر، وقدم عليهم خيبر بعد أن فتحت، ويؤيده حديث عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما افتتحوها، ولكن لا يشك أحد أن أبا هريرة حضر قسمة الغنائم.
فالغرض من الحديث قصة مدعم في غلول الشملة، فرواية أبي إسحاق
(1) في نسخة بدله: "يساوين"، وفي نسخة بدله:"تساوي".
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(4234).
فَلَمْ يَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَالأَمْوَالَ. قَالَ: فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ وَادِى الْقُرَى
===
الفزاري الذي في هذا الباب تسلم من هذا الاعتراض بأن يحمل قوله: "افتتحنا" أي: المسلمون، وقد تقدم نظير ذلك قريبًا، ملخص من "الفتح"(1).
قلت: على مثل ذلك التأويل يحمل ما في حديث أبي داود من قوله: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: خرج المسلمون.
(فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا إلَّا الثياب والمتاع والأموال)(2).
قال الحافظ (3): وقد نقل ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل الضبي قال: المال عند العرب: الصامت والناطق، فالصامت: الذهب والفضة والجوهر، والناطق: البعير والبقرة والشاة، فإذا قلت عن حضري: كثر ماله، فالمراد: الصامت، وإذا قلت عن بدوي، فالمراد: الناطق.
فاختلفت الرواية، وفي رواية مسلم:"غنمنا المتاع ، والطعام، والثياب"، وعند رواة "الموطأ":"إلَّا الأموال والثياب والمتاع"، وعند يحيى بن يحيى الليثي وحده:"إلَّا الأموال والثياب" والمتاع (4) ، والأول هو المحفوظ، ومقتضاه أن الثياب والمتاع لا تسمى مالًا.
(قال: فوجه) قال الزرقاني (5): بفتح الواو، وقال الكرماني: ببناء المجهول، انتهى. قلت: فعلى الأولى بمعنى: توجه، أو وجَّه عسكره (رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى) وهو واد بين الشام والمدينة من أعمال المدينة، كثير القرى، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع عنوة، ثم صولحوا على
(1)"فتح الباري"(7/ 488).
(2)
المراد به هاهنا: النعم كما ورد في روايات آخر، وفي "المجمع" (4/ 668): وأكثر إطلاق المال على الإبل لأنها كانت أكثر أموالهم، أي: عند العرب. (ش).
(3)
"فتح الباري"(7/ 489).
(4)
قوله: والمتاع، سبق قلم، والظاهر حذفه كما في "فتح الباري".
(5)
"شرح الزرقانى"(3/ 32).
وَقَدْ أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِى الْقُرَى، فَبَيْنَا (1) مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كَلَّا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ (2) لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» ،
===
الجزية إلا أنها في وقتنا هذا كله خراب، كذا في "المعجم"(3).
(وقد أهدي) بصيغة المجهول (لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له: مدعم)(4) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح العين المهملة، أهداه له رفاعة (5) بن زيد أحد بني الضبيب (حتى إذا كانوا بوادي القرى، فبينا مدعم يحط) أي: يُنزل (رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه) أي: مدعمًا (سهم) عائر لا يدرى من رمى به (فقتله، فقال الناس: هنيئًا له الجنة) لأنه استشهد في سبيل الله.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا) حرف ردع (والذي) الواو للقسم (نفسي بيده) وهو الله سبحانه وتعالى (إن الشملة) كساء يشتمل به ويلتف فيه، وقيل: إنما تسمى شملة إذا كان لها هدب (التي أخذها) أي: غلَّها (يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم) أي: أخذها قبل القسمة (لتشتعل عليه نارًا) يحتمل أن يكون ذلك حقيقة بأن تصير الشملة نفسها نارًا فيعذب بها، ويحتمل أن يكون المراد أنها سبب لعذاب النار.
(1) في نسخة بدله: "فبينما".
(2)
في نسخة بدله: "الغنائم".
(3)
"معجم البلدان"(4/ 338).
(4)
فيه تصريح بأن القصة لمدعم، وكذا صرح باسمه في "البخاري" و"الموطأ"، فما قال عياض في "شرح مسلم" (1/ 399): قيل: إنه كركرة ليس بصحيح، فإن له قصة أخرى، من "الأوجز"(9/ 303). (ش).
(5)
وقد وفد عليه عليه الصلاة والسلام قبل خيبر، وأسلم، فلا حجة فيه لمن استدل به على قبول هدية المشرك. (ش).
فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ (1) جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ» ، أَوْ قَالَ:«شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» . [خ 6707، م 115، ن 3827]
===
(فلما سمعوا ذلك جاء رجل) لم أقف على تسميته (بشراك أو شراكين) بكسر المعجمة وتخفيف الراء، سير النعل على ظهر القدم (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نار أو قال: شراكان من نار)(2).
وقد وقع عند أحمد (3) وغيره من حديث عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل، يقال له: كركرة، فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هو في النار في عباءة غلَّها"، وكلام عياض (4) يُشْعِرُ بأن قصته مع قصة مدعم متحدة، والذي يظهر من عدة أوجه تغايرهما، فإن قصة مدعم كانت بوادي القرى، ومات بسهم عائر، وغل شملة وأهداه رفاعة بن زيد، بخلاف كركرة فإنه أهداه هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة، وكان نوبيًا أسود يمسك دابته صلى الله عليه وسلم في القتال فأعتقه، أي: وغلَّ عباءة ولم يمت بسهم، بل ذكر البلاذري أنه مات في قتال أهل الرِدَّة بعده صلى الله عليه وسلم، نعم روى مسلم (5) عن عمر:"لما كان يوم خيبر قالوا: فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم: كلا إني رأيته في النار في بردة غلَّها أو عباءة".
فهذا يمكن تفسيره بكركرة بفتح الكافين وبكسرهما، قاله عياض، وقال النووي (6): إنما اختلف في كافه الأولى، أما الثانية: فمكسورة اتفاقًا.
(1) في نسخة بدله: "بذاك"، وفي نسخة بدله:"بذلك".
(2)
وفي الحديث حجة للجمهور من أن القليل أيضًا من الغلول لا يعفى، كما قالت به الأئمة الثلاثة، خلافًا لمالك، إذ قال: يعفى القليل، وفيه أيضًا حجة للجمهور منهم الأئمة الثلاثة أن لا يحرق متاع الغال خلافًا لأحمد، إذ قال به، كما في "الأوجز"(9/ 307 - 308). (ش).
(3)
"مسند أحمد"(2/ 160).
(4)
انظر: "إكمال المعلم"(1/ 399).
(5)
"صحيح مسلم"(114).
(6)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (1/ 407).