الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(148) بَابٌ: فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمٌ
2736 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِىُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى يَعْقُوبَ بْنَ المُجَمِّعِ يَذْكُرُ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الأَنْصَارِىِّ
===
وكذا قال الزيلعي (1)
(148)
(بَابٌ: فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمٌ)
وفي المصرية "سهمًا"، وهو الأوضح، ومعناه أن هذا باب فيمن أعطى للخيل سهمًا واحدًا
2736 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا مجمع) بضم ميم وفتح جيم وكسر ميم ثانية مشددة وبعين مهملة (ابن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري) القبائي المدني، عن ابن معين: ليس به بأس، وكذا قال النسائي، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال ابن سعد: كان ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(قال: سمعت أبي يعقوب بن المجمع) بن يزيد بن جارية بالجيم، الأنصاري المدني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، (يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد) بن جارية، بالجيم والتحتانية، (الأنصاري)، أبو محمد المدني، أخو عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأعرج: ما رأيت أحدًا بعد الصحابة أفضل منه، قال ابن سعد: كان ثقة، قليل الحديث، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال الحاكم عن الدارقطني: ثقة، وقال ابن خلفون: وثَّقَه العجلي وابن البرقي، وهو أجل من أن يقال فيه: ثقة.
(عن عمه مجمع بن جارية) بن عامر بن مجمع (الأنصاري) الدوسي،
(1) انظر: "نصب الراية"(3/ 414).
قَالَ: وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ - قَالَ: شَهِدْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يَهُزُّونَ الأَبَاعِرَ (1)، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ (2)؟ قَالُوا: أُوحِىَ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجْنَا مَعَ النَّاسِ نُوجِفُ، فَوَجَدْنَا النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ،
===
قال ابن إسحاق: كان مجمع بن جارية حدثًا، قد جمع القرآن، وكان أبوه جارية ممن اتخذ مسجد الضرار، وكان مجمع يصلي بهم فيه، ثم إنه أحرق، يقال إن عمر بعثه إلى أهل الكوفة يعلمهم القرآن، فتعلم ابن مسعود، فعلمه القرآن، مات في إمارة معاوية.
(قال) أي عبد الرحمن: (وكان) مجمع بن جارية (أحد القراء الذين قرؤوا القرآن، قال) أي مجمع: (شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا) أي: رجعنا (عنها إذا الناس يهزون) أي: يحركون ويسرعون (الأباعر) جمع بعير، أي: رواحلهم، (فقال بعض الناس لبعض: ما للناس؟ ) أي: لِمَ يسرعون رواحلهم؟
(قالوا: أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فيسرعون إليه ليسمعوه، (فخرجنا مع الناس نوجف) أي: نسرع (فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفًا على راحلته عند كراع الغميم) والكراع بالضم آخره عين مهملة، والغميم بالغين المفتوحة: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة، وهو واد أمام عسفان ثمانية أميال.
(فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (3)،
(1) في نسخة: "بالأباعر".
(2)
في نسخة: "ما بال الناس".
(3)
سورة الفتح: الآية 1.
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ:«نَعَمْ، وَالَّذِى نَفْسُ (1) مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ» ،
===
فقال رجل) قال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد"(2): فقال عمر: أَوَفَتْحٌ هو يا رسول الله؟ (يا رسول الله، أفتح هو؟ قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) ثم أكده بالحلف؛ لأنه لم يكن على ظاهره فتحًا، بل ذلة وهزيمة، كما أشار إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لِمَ نعطي الدَّنِيَّةَ في ديننا"؟
(والذي نفس محمد بيده إنه) أي الصلح في الحديبية على ما اشترطوا (لفتح) عظيم، وقد فسر قوله تعالى:{فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (3)، هو صلح الحديبية بقول الزهري، فما فتح في الإِسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة، ووضعت الحرب، وأمن الناس، كلَّم بعضهم بعضًا، والتقوا، فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلَّم أحد في الإِسلام يعقل شيئًا إلا دخل فيه، وقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإِسلام قبل ذلك أو أكثر، أو يقال: إن المراد من الفتح فتح مكة، فمعنى الكلام أن صلح الحديبية سبب لفتح مكة وذريعة إليه.
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر، ففتحها حصنًا حصنًا، فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم، ثم القموص حصن بني أبي الحقيق، وأصاب منهم سبايا، منهم صفية بنت حيي بن أخطب، فاصطفاها لنفسه، وفتح الله عليه حصن صغب بن معاذ، وما بخيبر حصن أكثر طعامًا وودكًا منه، وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحًا الوطيح والسلالم، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة،
(1) في نسخة: "نفسي بيده".
(2)
انظر: "زاد المعاد"(3/ 296).
(3)
سورة الفتح: الآية 27.
فَقُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ،
===
فلما أيقنوا بالهلاك سألوه أن يحقن دماءهم، ففعل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق والنطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلَّا ما كان في ذينك الحصنين.
(فقسمت خيبر) أي: أموالها (على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم) على ستة وثلاثين سهمًا، حبس نصفها لنفسه ولزوجاته، ولما يعروه من النوائب ثمانية عشر سهمًا، وقسم النصف الباقية للغزاة (على ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة).
واختلفت الروايات في عدد أصحاب الحديبية، ففي رواية البراء عند البخاري (1):"كنا أربع عشرة مائة"، وفي حديث سالم عن جابر: قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة، ثم أخرج البخاري بسنده عن قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول: كانوا أربع عشرة مائة، فقال لي سعيد: حدثني جابر كانوا خمس عشرة مائة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، ثم أخرج البخاري من حديث عبد الله بن أبي أوفى: كان أصحاب الشجرة ألفًا وثلاثمائة، وكانت أسلمُ ثُمُنَ المهاجرين.
فما رواه سالم عن جابر وسعيد بن المسيب عنه أقرب إلى التحقيق من الروايات الباقية، لأنه أكده بقوله:"الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية"، ثم تأيدت هذه الرواية برواية مجمع بن جارية الأنصاري، فإنه قال: وكان الجيش ألفًا وخمسمائة، وأيضًا التنصيص بعدد لا ينفي الزيادة، فليس أقل العدد مخالفًا للزيادة، بل هو داخل فيها، لأن عند الأكثر زيادة علم فيعتبر به ويؤخذ.
(1) انظر: "صحيح البخاري"(4150، 4152، 4153، 4155).
فِيهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا". [حم 3/ 420، ك 2/ 131]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُ أَبِى مُعَاوِيَةَ أَصَحُّ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَأَرَى الْوَهَمَ فِى حَدِيثِ مُجَمِّعٍ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، وَكَانُوا مِائَتَىْ فَارِسٍ.
===
(فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس) مع فرسه (سهمين) سهمًا له وسهمًا لفرسه، (وأعطى الراجل سهمًا، قال أبو داود: وحديث أبي معاوية) المقدم في "باب سهمان الخيل"(أصح، والعمل عليه) أي عند الجمهور (وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاث مائة فارس، وكانوا مائتي فارس).
قلت: وفي قول أبي داود تضعيف للحديث، ولم يأت عليه بدليل، وذكر الزيلعي (1) أن ابن القطان قال في كتابه: وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع، ولا يعرف، روى عنه غير ابنه، وابنه مجمع ثقة، فضعف ابن القطان هذا الحديث بجهالة يعقوب بن مجمع، لأنه لم يعرف بأنه روى عنه غير ابنه.
قلت: لكن قال الحافظ (2): روى عنه ابنه مجمع، وابن أخيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، وعبد العزيز بن عبيد بن صهيب، ذكره ابن حبان في "الثقات"، فارتفع الجهالة، وتثبت التوثيق.
ثم إنه تكلم الإِمام الشافعي - رحمه الله تعالى- في مجمع بن يعقوب، قال في "الخلاصة" (3): قال الشافعي رحمه الله: شيخ لا يعرف، قال الحافظ: روى عنه يونس بن محمد المؤدب، ويحيى بن حسان، وإسماعيل بن أبي أويس، والقعنبي، وقتيبة، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وغيرهم، فمن كان رواته بهذا العدد، فكيف يكون مجهولًا؟ ثم عن ابن معين والنسائي: ليس به بأس، وقال
(1)"نصب الراية"(3/ 417).
(2)
انظر: "تهذيب التهذيب"(11/ 395).
(3)
"خلاصة تهذيب الكمال"(ص 370).