الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(17) بَابُ مَا جَاءَ في ذَكَاةِ الْجَنِينِ
2827 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ. (ح): وَحَدَّثنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، عن مُجَالِدِ، عن أَبِي الْوَدَّاكِ، عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الْجَنِينِ، فَقَالَ:"كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ"، وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ في بَطْنِهَا الْجَنِينَ، أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأكُلُهُ؟ قَالَ:"كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ، فَإِنَ ذَكَاتَهُ ذَكَاة أُمِّهِ". [ت 1476، جه 3199، حم 3/ 31]
2828 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، نَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ الْمَكِّيُّ، عن أَبِي الزُّبَيْرِ، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ". [دي 1979]
===
(17)
(بَابُ مَا جَاءَ في ذَكَاة الْجَنِينِ)
والجنين: هو الولد ما دام في بطن أمه
2827 -
(حدثنا القعنبي قال: أخبرنا ابن المبارك، ح: وحدثنا مسدد، قال: نا هشيم) كلاهما (عن مجالد، عن أبي الوداك) جبير بن نوف (عن أبي سعيد قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنين، فقال: كلوه إن شئتم، وقال مسدد: قلنا: يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه).
2828 -
(حدثنا محمَّد بن يحيى بن فارس قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن راهويه قال: نا عتاب بن بشير قال: نا عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذكاة الجنين ذكاة أمه).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الشوكاني (1): حديث أبي سعيد أخرجه أيضًا الدارقطني وابن حبان وصَحَّحه، وضَعَّفه عبد الحق، وقال: لا يحتج بأسانيده كلها، وذلك لأن في بعضها مجالدًا، ولكن أقل أحوال الحديث أن يكون حسنًا لغيره لكثرة طرقه، ومجالد ليس إلَّا في الطريق التي أخرجها الترمذي وأبو داود منها، وقد أخرجه أحمد من طريق ليس فيها ضعيف، والحاكم أخرجها من طريق فيها عطية عن أبي سعيد، وعطية فيه لين، وقد صحَّحه مع ابن حبان ابنُ دقيق العيد وحسَّنه الترمذي، وقال: وفي الباب عن علي وابن مسعود وأبي أيوب والبراء وابن عمر وابن عباس وكعب بن مالك، وزاد في "التلخيص" (2): عن جابر وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي هريرة.
أما حديث علي، فأخرجه الدارقطني بإسناد فيه الحارث الأعور وموسى بن عمر الكوفي (3) وهما ضعيفان.
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه أيضًا الدارقطني بسند رجاله ثقات إلا أحمد بن الحجاج بن الصامت، فإنه ضعيف جدًا.
وأما حديث أبي أيوب فأخرجه الحاكم، وفي إسناده محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف.
وأما حديث البراء فأخرجه البيهقي (4).
وأما حديث ابن عمر فأخرجه الحاكم والطبراني في "الأوسط" وابن حبان
(1)"نيل الأوطار"(5/ 221 - 222).
(2)
"التلخيص الحبير"(4/ 385).
(3)
كذا في الأصل، وفي "النيل" أيضًا، والصواب:"موسى بن عثمان الكندي"، انظر:"سنن الدارقطني"(4/ 274)، و"نصب الراية"(4/ 191).
(4)
"السنن الكبرى"(9/ 335).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في "الضعفاء"(1)، وفي إسناده محمَّد بن الحسن الواسطي، ضعفه ابن حبان، وفي بعض طرقه عنعنة محمَّد بن إسحاق، وفي بعضها أحمد بن عصام، وهو ضعيف، وهو في "الموطأ" موقوف (2)، وهو أصح.
وأما حديث ابن عباس فرواه الدارقطني (3)، وفي إسناده موسى بن عثمان العبدي (4)، وهو مجهول.
وأما حديث كعب بن مالك، فأخرجه الطبراني في "الكبير"(5)، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف.
وأما حديث جابر، فأخرجه الدارمي وأبو داود، وفي إسناده عبيد الله بن أبي الزناد القدَّاح عن أبي الزبير، والقداح ضعيف، وله طرق أخر.
وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء، فأخرجهما الطبراني (6) من طريق راشد بن سعد، وفيه ضعف وانقطاع.
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الدارقطني، وفي إسناده عمر بن قيس وهو ضعيف.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط"(7): واحتجوا، أي: المجوِّزون بقول الله تعالى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (8)، قيل: الفرش الصغار من الأجنة، والحمولة الكبار، فقد مَنَّ الله تعالى على عباده بأكل ذلك لهم.
(1) رواه الحاكم (4/ 114)، والطبراني في الأوسط (7856)، وابن حبان في "الضعفاء"(2/ 275).
(2)
"موطأ مالك"(2/ 490).
(3)
"سنن الدارقطني"(4/ 275).
(4)
كذا في الأصل، وفي "النيل" أيضًا، وفي "سنن الدارقطني": الكندي.
(5)
"المعجم الكبير"(19/ 79) رقم (157).
(6)
"المعجم الكبير"(7498).
(7)
"المبسوط"(12/ 9 - 11).
(8)
سورة الأنعام: الآية 142.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وفي المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، معناه ذكاة الأم نائبة عن ذكاة الجنين، كما يقال: لسان الوزير لسان الأمير، وبيع الوصي بيع اليتيم، وروي "ذكاة أمه" بالنصب، ومعناه بذكاة أمه، إلَّا أنه صار منصوبًا بنزع حرف الخفض منه، كقوله تعالى:{مَا هَذَا بَشَرًا} (1) أي: ببشر.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "أن قومًا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا لننحر الجزور"، الحديث. والمعنى فيه أن الذكاة تنبني على التوسع حتى يكون في الإبل بالذبح في المذبح، فإذا نَدَّ فبالجرح في أي موضع أصابه، لأن ذلك وسع مثله، والذي في وسعه في الجنين ذبح الأم، لأنه ما دام مخبيًا في البطن لا يتأتى فيه فعل الذبح مقصودًا، وبعد الإخراج لا يبقى حيًا، فتجعل ذكاة الأم ذكاة له، لأن تأثير الذبح في الأم في زهوق الحياة عن الجنين فوق تأثير الجرح بحل رِجل الصيد، فالغالب هناك السلامة وهناك الهلاك، ثم اكتفى بذلك الفعل، لأنه وسع مثله، فهنا أولى.
ولأن الجنين في حكم جزء من أجزاء الأم حتى يتغذى بغذائها، وينمو بنمائها، ويقطع عنها بالمقراض كما في بيان الجزء من الجملة، ويتبعها في الأحكام تبعية الأجزاء، حتى لا يجوز استثناء في عنقها وبيعها كاستثناء يدها ورجلها، وثبوت الحل في التبع لوجود فعل الذكاة في الأصل.
والدليل عليه أنه يحل ذبح الشاة الحامل، ولو لم يحل الجنين بذبح الأم لَمَا حَلَّ ذبحها حاملًا لِمَا فيه من إتلاف الحيوان لا للمأكلة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وقال الإِمام السرخسي في "مبسوطه"(2): وأبو حنيفة رحمه الله استدل بقوله تعالى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} (3)، فإن أحسن أحواله أن يكون حيًا عند ذبح الأم،
(1) سورة يوسف: الآية 31.
(2)
(12/ 6).
(3)
سورة المائدة: الآية 3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فيموت باحتباس نفسه، وهذا هو المنخنقة، وقال عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم رضي الله عنه:"إذا وقعت رميتك في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري أن الماء قتله أم سهمك"(1).
فقد حرم الأكل عند وقوع الشك في سبب زهوق الحياة، وذلك موجود في الجنين، فإنه لا يدرى أنه مات بذبح الأم أو باحتباس نفسه، وقد يتأتى الاحتراز عنه في الجملة، لأنه قد يتوهم انفصاله حيًا ليذبح.
وعلل إبراهيم فقال: ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين، ومعنى هذا أن الجنين في حكم الحياة نفس على حدة مودعة في الأم، حتى ينفصل حيًا فيبقى، ولا يتوهم بقاء الجزء حيًا بعد الانفصال، وكذلك بعد موت الأم يتوهم انفصال الجنين حيًا ولا يتوهم بقاء حياة الجزء بعد موت الأصل، والذكاة تصرف في الحياة فإذا كان في حكم الحياة نفسًا على حدة، فيشترط فيه ذكاة على حدة، ولا نقول: يتغذى بغذاء الأم، بل يُبقيه الله تعالى في بطن الأم من غير غذاء، أو يوصل الله إليه الغذاء كيف شاء، ثم بعد الانفصال قد يتغذى أيضًا بغذاء الأم بواسطة اللبن، ولم يكن في حكم الجزء، ولما جعل في سائر الأحكام تبعًا لم يتصور تقرر ذلك الحكم في الأم دونه، حتى لا يتصور انفصاله حيًا بعد موت الأم، ولو انفصل حيًا ثم مات لم يحل عندهم، فعرفنا أنه ليس بتبع في هذا الحكم.
وحقيقة المعنى فيه ما بينا أن المطلوب بالذكاة تسييل الدم لتمييز الطاهر من النجس، وبذبح الأم لا يحصل هذا المقصود في الجنين، أو المقصود تطييب اللحم بالنضج الذي يحصل بالتوقد والتلهيب، ولا يحصل ذلك في الجنين بذبح.
وهذا الجواب عما قالوا: إن الذكاة تنبني على التوسع.
(1) يأتي تخريجه في المتن برقم (2849 - 2850).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلنا: نعم، ولكن لا يسقط بالعذر، [و] كما لو قتل الكلب الصيد غمًا أو اختناقًا، وهذا لأن المقصود لا يحصل بدون الجرح وإباحة ذبح الحامل، لأنه يتوهم أن ينفصل الجنين حيًا فيذبح، ولأن المقصود لحم الأم وذبح الحيوان لغرض صحيح حلال، كما لو ذبح ما ليس بمأكول لمقصود الجلد، والمراد بالحديث التشبيه لا النيابة، أي: ذكاة الجنين كذكاة أمه.
ألا ترى أنه ذكر الجنين أولًا، ولو كان المراد النيابة لذكر النائب أولًا دون المنوب عنه، كما قيل في الألفاظ التي استشهد بها، ومثل هذا يذكر للتشبيه، يقال: فلان شبه أبيه، وحظ فلان حظ أبيه، وقال القائل:
وَعَيْنَاكِ عَيْنَاهَا وَجِيدُكِ جِيدُهَا
…
سِوَى أَنَّ عظْمَ السَّاقِ مِنْكِ دَقِيقُ
والمراد التشبيه، ويصح هذا التأويل في الرواية بالنصب، فإن المنزوع حرف الكاف، قال الله تعالى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (1)، أي: كمر السحاب، ويحتمل الباء أيضًا، ولكن إن جعلنا المنزوع حرف الكاف لم يحل الجنين، وإن جعلناه حرف الباء يحل، ومتى اجتمع الموجب للحل والموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة.
والحديث مع القصة لا يكاد يصح، ولو ثبت فالمراد من قولهم:"فيخرج من بطنها جنين ميت"، أي: مشرف على الموت، قال الله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (2).
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كلوه"، أي: اذبحوه وكلوه.
والمراد بالفرش الصغار فلا يتناول الجنين، ولئن كان المراد به الجنين، ففيه بيان أن الجنين مأكول، وبه نقول، ولكن عند وجود الشرط فيه وهو أن ينفصل حيًا فيذبح فيحل به، والله تعالى أعلم.
(1) سورة النمل: الآية 88.
(2)
سورة الزمر: الآية 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال في "البدائع"(1): وعلى هذا يخرج الجنين إذا خرج بعد ذبح أمه إن خرج حيًا فذكي يحل، وإن مات قبل الذبح لا يؤكل بلا خلاف.
قلت: ولكن حكى الشامي (2) عن "الكفاية"(3): إن تقاربت الولادة يكره ذبحها، وهذا الفرع لقول الإِمام: وإذا خرج حيًا ولم يكن من الوقت مقدار ما يقدر على ذبحه فمات يؤكل، وهو تفريع على قولهما، انتهى.
وهذا يخالف عموم قول "البدائع": وإن مات قبل الذبح لا يؤكل بلا خلاف، وإن خرج ميتًا، فإن لم يكن كامل الخلق لا يؤكل أيضًا في قولهم جميعًا، لأنه بمعنى المضغة، وإن كان كامل الخلق اختلف فيه، قال أبو حنيفة رحمه الله: لا يؤكل، وهو قول زفر والحسن بن زياد رحمهما الله.
وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله: لا بأس بأكله (4)، واحتجوا بحديث "ذكاة الجنين ذكاة أمه"، فيقتضي أنه يتذكى بذكاة أمه، ولأنه تبع لأمه حقيقة وحكمًا، والحكم في التبع يثبت بعلة الأصل.
ولأبي حنيفة قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (5)، والجنين ميتة لأنه لا حياة فيه، والميتة ما لا حياة فيه، فيدخل تحت النص.
فإن قيل: الميتة اسم لزوال (6) الحياة، فيستدعي تقدم الحياة، وهذا لا يعلم في الجنين.
فالجواب: أن تقدم الحياة ليس بشرط لإطلاق اسم الميت، قال الله تبارك
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 159 - 160).
(2)
"رد المحتار"(9/ 441).
(3)
وكذا في "الفتاوى العالمكَيرية"(5/ 287) ولم يرجحوا شيئًا. (ش).
(4)
وبه قالت المالكية، كما في الدسوقي (2/ 114). (ش).
(5)
سورة المائدة: الآية 3.
(6)
في الأصل: "لزائل"، وهو تحريف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وتعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (1)، على أنا إن سلمنا ذلك فلا بأس به، لأنه يحتمل أنه كان حيًا فمات بموت الأم، ويحتمل أنه لم يكن، فيحرم احتياطًا، ولأنه أصل في الحياة، فيكون له أصل في الذكاة.
والدليل على أنه أصل في الحياة أنه يتصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم، ولو كان تبعًا للأم في الحياة لما تصور بقاؤه حيًا بعد زوال الحياة عن الأم، وإذا كان أصلًا في الحياة يكون أصلًا في الذكاة، لأن الذكاة تفويت الحياة، ولأنه إذا تصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم لم يكن ذبح الأم سببًا لخروج الدم عنه، إذ لو كان لما تصور بقاؤه حيًا بعد ذبح الأم، إذ الحيوان الدموي لا يعيش بدون الدم عادة، فبقي الدم المسفوح فيه، ولهذا إذا جرح يسيل منه الدم، وأنه حرام لقوله سبحانه وتعالى:{دَمًا مَسْفُوحًا} (2)، وقوله عزَّ شأنه:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} ، ولا يمكن التمييز بين لحمه ودمه فيحرم اللحم أيضًا.
وأما الحديث فقد روي بنصب الذكاة الثانية، معناه: كذكاة أمه، إذ التشبيه قد يكون بحرف التشبيه، وقد يكون بحذف حرف التشبيه، قال تعالى:{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} (3)، وقال عزَّ شأنه:{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} (4)، أي: كنظر المغشي عليه، وهذا حجة عليكم، لأن تشبيه ذكاة الجنين بذكاة أمه يقتضي استواءهما في الافتقار إلى الذكاة.
ورواية الرفع تحتمل التشبيه أيضًا، قال الله تعالى:{وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (5)، أي: عرضها كعرض السموات والأرض، فيكون حجة عليكم.
(1) سورة البقرة: الآية 28.
(2)
سورة الأنعام: الآية 145.
(3)
سورة النمل: الآية 88.
(4)
سورة محمد: الآية 20.
(5)
سورة آل عمران: الآية 133.