الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ". [م 1917، جه 2813]
(24) بَابٌ: فِيمَن يَغْزُو وَيَلْتَمِسُ الدُّنْيَا
2515 -
حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، نَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بَحِيرٌ، عن خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عن أَبِي بَحْرِيَّةَ، عن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنِ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ،
===
وما في معناها (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي).
قال في "التفسير الكبير"(1): والمراد بالقوة ها هنا ما يكون سببًا لحصول القوة، وذكروا فيه وجوهًا: الأول: المراد من القوة أنواع الأسلحة، والثاني: أن القوة الرمي، قالها صلى الله عليه وسلم ثلاثًا على المنبر، الثالث: القوة هي الحصون، الرابع: قال أصحاب المعاني: الأولى أن يقال: هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة، وقوله عليه الصلاة والسلام:"القوة هي الرمي"، لا ينفي كون غير الرمي معتبرًا، كما أن قوله عليه الصلاة والسلام:"الحج عرفة" و "الندم توبة" لا ينفي اعتبار غيره، بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود، فكذا ها هنا.
وهذه الآية تدل على أن الاستعداد للجهاد بالنبل والسلاح وتعليم الفروسية والرمي فريضة، إلَّا أنه من فروض الكفايات.
(24)
(بَابٌ: فِيمَنْ يَغْزُو وَيَلْتَمِسُ) أي: يطلب (الدُّنْيَا) بغزوه
2515 -
(حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي، نا بقية، حدثني بحير، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الغزو غزوان) أي على نوعين (فأما من ابتغى) أي بغزوه (وجه الله) وإعلاء
(1)(5/ 499).
وَأَطَاعَ الإِمَامَ، وَأَنْفَقَ الكَرِيمَةَ، وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ، وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنَبْهَهُ (1) أَجْرٌ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً، وَعَصَى الإِمَامَ، وَأَفْسَدَ فِي الأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ". [ن 3188، حم 5/ 234، دي 2417]
===
كلمته (وأطاع الإمام) وكذا الأمير (وأنفق الكريمة) أي نفسه وماله (ويَاسَرَ الشريكَ) من المياسرة بمعنى المساهلة، أي عامل الشريك معاملة اليسر والسهولة (واجتنب الفسادَ) أي التجاوز عن المشروع قتلًا وضربًا وتخريبًا ونهبًا.
(فإن نومه ونبهه) بفتح الموحدة أي يقظته، وكذا أكله وشربه وحركته وسكونه (أجر) أي ذو أجر وثواب (كله) بالرفع على أنه مبتدأ خبره مقدم عليه، والجملة خبر "إن"، أي كل ما ذكر أجر مبالغة كرجل عدل، أو مقتضٍ للأجر، وفي نسخة بالنصب على أنه تأكيد لاسم "إن" أتى به بعد الخبر، وفي جوازه محل نظر.
قال الطيبي (2): لا يصح أن يكون كله تأكيدًا للأجر على ما لا يخفى، أي لمضي الخبر الذي هو محط الحكم، فإن فائدة التأكيد إنما تظهر قبل إيقاع الخبر عليه، فالوجه أن يقال: منصوب بتقدير "أعني"، فيكون جملة مؤكدة.
قلت: بل الأوجه من جميع صور التراكيب أن يقال: لفظ "كله" مرفوع تأكيد للفظ الأجر، وضمير لفظ "كله" يرجع إلى الأجر، لا إلى ما ذكر من النوم والنبه، فعلى هذا معنى قوله:"أجر كله"، أي أجر تمام، والله تعالى أعلم.
(وأما من غزا فخرًا) في "النهاية"(3): الفخر: ادِّعاء العظمة والكبرياء والشرف (ورياءً وسمعةً) أي لإراءة الناس ولإسماعهم (وعصى الإمام) أي في أمره ونهيه (وأفسد في الأرض) أي قصد الفساد فيها (فإنه لم يرجع بالكفاف)
(1) في نسخة: "نبهته".
(2)
شرح الطيبي" (7/ 304)، وانظر: "مرقاة المفاتيح" (7/ 406).
(3)
(3/ 418).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بفتح الكاف، وفي نسخة بكسرها، ففي "القاموس": كَفافُ الشيء، كسحاب: مِثلُه، ومن الرزق: ما كَفَّ عن الناس وأغنى، وكِفافُ الشيء بالكسر: خياره (1).
وفي "النهاية"(2): الكفاف الذي لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة إليه، قال القاضي: أي لم يرجع بالثواب، أي مأخوذ من كفاف الشيء، وهو خياره (3)، أو من الرزق أي لم يرجع بخير أو بثواب يغنيه يوم القيامة، فقوله الأول يشير إلى أن الكفاف بالكسر، والثاني إلى أنه بالفتح.
وقال المظهر: أي لم يَعُدْ من الغزو رأسًا برأس بحيث لا يكون له أجر، ولا عليه وزرٌ، بل وزره أكثر، لأنه لم يغز لله وأفسد في الأرض، يقال: دعني كفافًا، أي تكف عني، وأكف عنك، انتهى، ويدل على أنه اقتصر على كسر الكاف، وأراد به المصدر من باب المفاعلة.
قال الطيبي (4): الوجه ما قاله القاضي، لأن الكفاف على هذا المعنى يقتضي أن يكون له ثواب أيضًا وإثم، ويزيد إثمه على ثوابه، كما قال عمر رضي الله عنه:"وددت أني سلمت من الخلافة كفافًا لا عَلَيَّ ولا لي"، والمرائي المفسد ليس له ثواب البتة، هكذا قال الشيخ أبو حامد في المرائي الذي لا يبتغي وجه الله، بل يعمل فخرًا ورياء وسمعة: تبطل عبادته.
ثم رَدَّ علي القاري على الطيبي بأنه ليس في الحديث دلالة على أن المرائي المذكور في الحديث هو الذي ليس له نية العبادة، بل نية الرياء
(1) قوله: "خياره" كذا في الأصل، وفي "المرقاة"(7/ 407) أيضًا، وهو تصحيف، والصواب:"حِتاره" بالحاء المهملة والتاء المثناة، انظر:"القاموس".
(2)
(4/ 191).
(3)
كذا في "المرقاة"، والصواب:"حِتاره".
(4)
"شرح الطيبي"(7/ 304).
2516 -
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عن ابْنِ الْمُبَارَكِ، عن ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عن الْقَاسِمِ، عن بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عن ابْنِ مِكْرَزٍ
===
والسمعة، والظاهر أن المراد به من هو جامع بين النيتين، نية العبادة ونية الرياء والسمعة، فعلى هذا لا تبطل نية عبادته بالكلية.
قال في "عين العلم": الأفحش في الرياء أن لا يريد الثواب أصلًا، وهو في غاية المقت، ثم ما فيه إرادتان، والرياء غالب، ثم يقربه ما استويا فيه، فالمرجو أن لا يكون له ولا عليه، ثم ما ترجح فيه قصد الثواب، فالمظنون أن الراجح فيه النقصان لا البطلان، أو الثواب والعقاب بحسب القصدين.
2516 -
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، عن ابن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم) بن عباس بن محمد بن معتب بن أبي لهب الهاشمي، أبو العباس المدني، عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال علي بن المديني في حديث ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس، عن ابن الأشج، عن ابن المكرز، عن أبي هريرة قيل:"يا رسول الله، الرجل يجاهد وهو يحب أن يحمد": لم يرو غير ابن أبي ذئب، والقاسم مجهول، وابن مكرز مجهول، لم يرو عنه غير ابن الأشج، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن بكير بن عبد الله الأشج، عن ابن مكرز) هو أيوب بن عبد الله ابن مكرز بن حفص بن الأحنف، قال البخاري: كان خطيبًا، روى أبو داود من رواية ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن بكير بن الأشبح، عن ابن مكرز، عن أبي هريرة حديث:"يا رسول الله الرجل يريد الجهاد في سبيل الله، ويبتغي عرض الدنيا"، الحديث. ورواه أحمد في "مسنده"(1) ورواه من وجه آخر عن ابن أبي ذئب بإسناده، فسماه يزيد بن مكرز، فتبين أن الذي روى له أبو داود ليس بأيوب، قال ابن المديني: ابن مكرز مجهول، قلت: وأيوب ذكره ابن حبان
(1)"مسند أحمد"(2/ 290).
- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ - عن أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم:"لَا أَجْرَ لَهُ"، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَعَلَّكَ لمْ تُفَهِّمْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا
===
في "الثقات"، هكذا في "تهذيب التهذيب"(2)، وقال في "الميزان" (3): أيوب بن عبد الله بن مكرز تابعي كبير، قال ابن عدي: له حديث لا يُتابع عليه، قلت: ولعله ابن مكرز الراوي عن أبي هريرة.
(رجل من أهل الشام، عن أبي هريرة أن رجلًا) لم أقف على تسميته (قال: يا رسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرضًا من عرض الدنيا؟ ) بفتح المهملة والراء، أي متاعها، وهذا القول يحتمل معنيين (4): أولهما: معناه: يريد الجهاد في سبيل الله باعتبار الظاهر، والحال أن مطلوبه الأصلي ومقصوده الحقيقي عرض الدنيا، وثانيهما: معناه: أنه يريد الجهاد في سبيل الله باعتبار نيته، والحال أنه يطلب معه عرض الدنيا، ويخلط معه نية حصولها.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أجر له) فعلى الأول معناه: لا أجر له مطلقًا وهو خائب ممقوت، وعلى الثاني لا أجر له كاملًا (فأعظم) أي استعظم (ذلك الناس) أي عَدُّوه عظيمًا (وقالوا للرجل: عُد لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أي بالسؤال (فلعلك لم تُفَهِّمْه) من باب التفعيل، أي لم تفهم أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم السؤالَ، فعاد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فقال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عَرَضًا
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
(1/ 407).
(3)
"ميزان الاعتدال"(1/ 290).
(4)
وبنحوهما أوله الشامي. (انظر: "رد المحتار" 6/ 196). (ش).