الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4) بَابٌ: في اتِّبَاعِ الصَّيْد
2859 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو مُوسَى،
===
الإبانة، وحال فوات الحياة كان الجزء منفصلًا، وحكم الذكاة لا يظهر في الجزء المنفصل، وكذلك إذا قطع ذلك من صيد لم يؤكل المقطوع، وإن مات الصيد بعد ذلك لما قلنا.
وقال الشافعي رحمه الله: يؤكل إذا مات الصيد، وإن قطع فتعلق العضو بجلده لا يؤكل، لأن ذلك القدر من التعلق لا يعتبر، فكان وجوده والعدم بمنزلة واحدة، وإن كان متعلقًا باللحم يؤكل الكل؛ لأن العضو المتعلق باللحم من جملة الحيوان، وذكاة الحيوان تكون لما اتصل به، ولو ضرب صيدًا بسيف فقطعه نصفين يؤكل النصفان عندنا جميعًا، وهو قول إبراهيم النخعي؛ لأنه وجد قطع الأوداج لكونها متصلة من القلب بالدماغ فأشبه الذبح فيؤكل الكل، وإن قطع أقل من النصف فمات، فإن كان مما يلي العجز لا يؤكل المبان عندنا، وقال الشافعي: يؤكل، وإن كان مما يلي الرأس يؤكل الكل لوجود قطع الأوداج، انتهى.
(4)
(بَابٌ: في اتِّبُاع الصَّيْدِ)
يحتمل معنيين: أحدهما: اقتفاء الصيد إذا جرح وغاب فيقتفي أثره، والثاني: المراد بالصيد التصيد، أي: يشتغل في التصيد، وينهمك فيه، والظاهر أنه المراد
2859 -
(حدثنا مسدد قال: يحيى، عن سفيان) الثوري (قال: حدثني أبو موسى) شيخ يماني، روى عن وهب، عن ابن عباس حديث:"من اتبع الصيد غفل"، وعنه سفيان الثوري، مجهول، قاله ابن القطان، ذكر المزي في ترجمة أبي موسى إسرائيل بن موسى البصري، أنه روى عن ابن منبه، وعنه الثوري، ولم يلحق البصري وهب بنَ منبه، وإنما هذا آخر، وقد فرق بينهما ابن حبان في "الثقات" وابن الجارود في "الكنى" وجماعة .......
عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ مَرَّةً سُفْيَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» . [ت 2256، ن 4309، حم 1/ 357]
…
(1)
===
(عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال مرة سفيان) فاعل لقال، والقائل هو يحيى:(ولا أعلمه إلَّا عن النبي صلى الله عليه وسلم) أي: قال سفيان مرة بلفظ يدل على التردد في الرفع، (قال: من سكن البادية جفا) (2) أي: غلظ طبعه لقلة مخالطة الناس، وعدم تحمل مشاقهم وللبعد عن الحكومة، (ومن اتبع الصيد غفل) لأنه إذا استولى عليه رغبة اتباع الصيد وحبه يغفل عن الصلاة وغيرها، (ومن أتى السلطان افتتن) بصيغة المبني للمفعول، أي: في دنياه ودينه.
قال في "مرقاة الصعود"(3): قال فضيل بن عياض: كنا نتعلم اجتناب السلطان كما نتعلم السورة من القرآن، رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(4)، والأحاديث والآثار في النهي عن مجيء العلماء إلى السلطان كثيرة جمعتها في مؤلف يسمى:"ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين"(5).
(1) زاد في نسخة:
2860 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى مُسَدَّدٍ قَالَ:«وَمَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» . وزَادَ: «وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنَ السُّلْطَانِ دُنُوًّا إلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا» . [حم 2/ 440]
[ذكر المزي هذا الحديث في: "تحفة الأشراف" (10/ 517) رقم (15495) وقال: هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسة عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم].
(2)
لا ينافي ما في سكون البادية من الخير أيام الفتنة لاختلاف الجهتين، فهذا لقساوة القلب والجهل بالعلوم وغيرها، كذا في "الكوكب الدري"(3/ 180). (ش).
(3)
انظر: "درجات مرقاة الصعود"(ص 122).
(4)
"شعب الإيمان"(9417).
(5)
قد نظمه شمس الدين الغزي. انظر: "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر"(4/ 193).
(1)
2861 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَأَدْرَكْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَسَهْمُكَ فِيهِ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» . [م 1931، حم 4/ 194]
===
2861 -
(حدثنا يحيى بن معين قال: نا حماد بن خالد الخياط، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه) جبير بن نفير، (عن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رميت الصيد) أي: بسهم (فأدركته) ميتًا (بعد ثلاث (2) ليال وسهمك فيه فكل ما لم ينتن)، وقد تقدم أن فيه شرطًا آخر، وهو أن لا يقعد عن طلبه ولم يعنه في قتله شيء آخر من الهوام وغيره.
قال القاري (3): قال علماؤنا: وهذا على طريق الاستحباب، وإلَّا فالنتن لا أثر له في الحرمة، قال ابن الملك: وقد روي أنه عليه السلام أكل متغير الريح. وقال النووي (4): النهي عن أكل النتن محمول على التنزيه لا التحريم، انتهى.
ومناسبة الحديث بالباب بأن هذا الحديث يدل على اتباع الصيد إذا رماه بسهم فجرح وغاب عنه، فالنهي محمول على المعنى الثاني المتقدم في ترجمة الباب.
كتب في حاشية المكتوبة: حديث يحيى بن معين يوجد في بعض الأصول في "باب اتخاذ الكلب للصيد وغيره".
(1) زاد في نسخة: "باب في الصيد".
(2)
والحديث يخالف المالكية إذ قالوا: لا يجوز بعد مضي الليلة كما جزم به الدردير. [انظر: "حاشية الدسوقي" (2/ 106)]. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(7/ 673).
(4)
"شرح صحيح مسلم"(7/ 91).
تمَّ بحمد الله وتوفيقه المجلد التاسع ويتلوه إن شاء الله تعالى المجلد العاشر، وأوله:"أول كتاب الوصايا"
وصلَّى الله تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا كثيرًا.