الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ خزَانَتُهُ فَيُنْتَثَلَ (1) طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَواشِيهُمْ أَطْعِمَتَهُمْ (2)، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ". [خ 2435، م 1726، جه 2302]
(90) بَابٌ: فِي الطَّاعَةِ
2624 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
===
أن تؤتى مشربته) هو بفتح الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الراء وضمها، الغرفة يوضع فيها المتاع (فتكسر خزانته) بالكسر ولا يفتح، موضع يخزن فيه المال ويحرز (فينتثل) بالثاء المثلثة، أي يستخرج (طعامه) معنى الكلام أيحب أحدكم أن يأتي السارق مشربته، فيكسر خزانته، ويستخرج طعامه، ويذهب به؟ فكما لا يحب ذلك، ينبغي أن لا يحب لغيره مثل ذلك (فإنما تخزن) أي تحرز (لهم) للناس (ضروع مواشيهم أطعمتهم) جمع طعام وهو اللبن، فهو طعام وشراب (فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلَّا بإذنه).
(90)
(بَابٌ فِي الطَّاعَةِ)
2624 -
(حدثنا زهير بن حرب، نا حجاج قال: قال ابن جريج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ})(3) أي: قرأ ابن جريج
(1) في نسخة: "فينتقل".
(2)
في نسخة: "أطعماتهم".
(3)
قال العيني في تفسيره، أي:"أولي الأمر" أحد عشر قولًا ثم بسطها. (انظر: "عمدة القاري" 13/ 537). (ش).
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ، أَخْبَرَنِيهُ يَعْلَى، عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ. [خ 4584، م 1834، ت 1672، ن 4194، ك 2/ 114، حم 1/ 337]
===
هذه الآية، فقال (عبد الله بن قيس بن عدي) هو عبد الله بن حذافة بن قيس ابن عدي بن سعيد بن سعد بن سهم القرشي السهمي أبو حذافة، من السابقين الأولين، يقال: شهد بدرًا، وفي "صحيح البخاري": عن ابن عباس قال: نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1) في عبد الله بن حذافة، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، هكذا قال الحافظ في "الإصابة"(2).
وأما ما وقع في "البخاري"(3) من حديث الأعمش، حدثني سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه قال:"بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليها رجلًا من الأنصار"، فوصفه بالأنصارية مخالف لما تقدم من كونه سهميًا قرشيًا، فحمله بعضهم على تعدد القصة، وإليه مال ابن القيم (4)، وأما ابن الجوزي فقال: قوله: "من الأنصار" وهم من بعض الرواة، وإنما هو سهمي، وقد رواه شعبة عن زبيد اليامي، عن سعد بن عبيدة فقال:"رجلًا" ولم يقل من الأنصار، ولم يسمه، قاله الحافظ في "الفتح"(5).
وقوله: "عبد الله بن قيس" مبتدأ، وقوله:(بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية) خبره، وبعث هذه السرية كانت سنة تسع (أخبرنيه) وهذا قول ابن جريج (يعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس).
(1) سورة النساء: الآية 59.
(2)
"الإصابة"(2/ 288).
(3)
انظر: "صحيح البخاري"(7145).
(4)
انظر: "زاد المعاد"(3/ 368).
(5)
انظر: "فتح الباري"(8/ 59).
2625 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَنَا شُعْبَةُ، عن زُبَيْدٍ، عن سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ السُّلَمِيِّ، عن عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وُيطِيعُوا، فَأَجَّجَ نَارًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْتَحِمُوا فِيهَا، فَأَبَى قَوْمٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنَ النَّارِ، وَأَرَادَ قَوْمٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"لَوْ دَخَلُوا (1) فِيهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا"،
===
2625 -
(حدثنا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن زبيد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشًا وأمَّر عليهم رجلًا (2) وأمرهم أن يسمعوا له) أي: لأميرهم (ويطيعوا) فأغضبهم في أمر، وفي بعض الروايات:"كانت فيه دعابة".
(فأجَّج) أي أوقد (نارًا وأمرهم أن يقتحموا) أي: يدخلوا (فيها) لما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمركم بالسمع والطاعة لي (فأبى قوم أن يدخلوها، وقالوا: إنما فررنا من النار) أي: إنما فررنا من الكفر لأجل النار، فكيف ندخلها؟
(وأراد قوم أن يدخلوها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو دخلوا فيها لم يزالوا فيها)، وفي رواية البخاري:"ما خرجوا منها إلى يوم القيامة". وفي رواية حفص: "ما خرجوا منها أبدًا"، يعني أن الدخول فيها معصية، والعاصي يستحق النار.
ويحتمل أن يكون المراد: لو دخلوها، مستحلِّين لما خرجوا منها أبدًا، وعلى هذا ففي العبارة نوع من أنواع البديع، وهو الاستخدام، لأن الضمير في قوله:"لو دخلوها" للنار التي أوقدوها، فالضمير في قوله:"ما خرجوا منها أبدًا" لنار الآخرة، لأنهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم.
(1) في نسخة بدله: "لو دخلوها أو دخلوا فيها".
(2)
قال في "التلقيح"(ص 497): هو عبد الله بن حذافة. (ش).
وَقَالَ: "لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". [خ 7145، م 1840، ن 4205، حم 1/ 82]
2626 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى، عن عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ، عن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ". [خ 7144، م 1839، ت 1707، ن 4206، جه 2864، حم 2/ 17]
2627 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، نَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، نَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عن بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ،
===
ويحتمل - وهو الظاهر - أن الضمير للنار التي أوقدت لهم، أي: ظنوا أنهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم لا تضرهم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لو دخلوا فيها لاحترقوا فماتوا فلم يخرجوا.
(وقال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف) أي: فيما يوافق الشرع لا في المعصية، وإلقاء النفس في النار بالقصد معصية، فلا طاعة فيها.
2626 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن عبيد الله، حدثني نافع، عن عبد الله) ابن عمرو، (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: السمع والطاعة) للأمير (على المرء المسلم فيما أحب وكره) أي: واجب (ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) لأحد.
2627 -
(حدثنا يحيى بن معين، نا عبد الصمد بن عبد الوارث، نا سليمان بن المغيرة، نا حميد بن هلال، عن بشر بن عاصم) الليثي، قال النسائي: ثقة، وهو أخو نصر بن عاصم، قلت: لم ينسبه النسائي إذ وثقه، وزعم ابن القطان أن مراده بذلك الثقفي، وأن الليثي مجهول الحال،
عن عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ - مِنْ رَهْطِهِ - قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَسَلَّحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سَيْفًا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ مَا لَامَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! قَالَ: "أَعَجَزْتُمْ إِذْ بَعَثْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، فَلَمْ يَمْضِ لأَمْرِي أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ مَنْ يَمْضِي لأَمْرِي؟ ". [حم 4/ 110]
===
وذكر ابن حبان في "الثقات" الليثي، (عن عقبة بن مالك) الليثي، عداده في أهل البصرة، قلت: ذكر مسلم في "الوحدان" أنه تفرد بالرواية عنه بشر بن عاصم، وكذا قال الأزدي وأبو صالح المؤذن، صحابي له حديث واحد (من رهطه) أي من قبيلة بشر بن عاصم، وهذا يؤيد أن بشر بن عاصم ليثي.
(قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية، فسلَّحت رجلًا منهم سيفًا)(1)، قال في "القاموس": وسلحته السيف: جعلته سلاحه، انتهى. وهي من باب التفعيل (فلما رجع) ذاك الرجل من السرية (قال) لي ذاك الرجل:(لو رأيت ما لامنا) من اللوم (رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وجزاء "لو" محذوف، أي: لو رأيت ما لامنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عجزنا وتقصيرنا في ترك التأمير لرأيت أمرًا عجيبًا.
(قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعجزتم إذ بعثت رجلًا منكم) أميرًا (فلم يمض لأمري أن) تعزلوه و (تجعلوا مكانه من يمضي لأمري؟ ).
والذي يجب التنبيه عليه ها هنا أن ما روى بشر بن عاصم عن عقبة بن مالك هما قصتان، إحداهما: ما رواه أبو داود وأحمد في "مسنده"(2): "لو رأيت ما لامنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث. والقصة الثانية: ما أخرجه النسائي والبغوي وابن حبان (3) وغيرهم بسندهم عن بشر بن عاصم عن عقبة بن مالك في قتل من قال: إني مسلم، وهاتان القصتان مختلفتان، فالأولى في عزل الأمير لما لم يمض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثانية في قصة قتل المؤمن، فلا تعلق لإحداهما
(1) وقال ابن رسلان: أي جعلته ذا سلاح بالسيف، فهو من باب تجهيز المغازي. (ش).
(2)
"مسند أحمد"(4/ 110).
(3)
"سنن النسائي الكبرى" رقم (8593)، و"صحيح ابن حبان"(5972).