الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) بَابٌ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا
2792 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو صَخْرٍ،
===
يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره، حتى يضحي في وقت الأضحية، وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهية تنزيه، وليس بحرام، وقال أبو حنيفة: لا يكره، وقال مالك في رواية: لا يكره، وفي رواية: يكره، وفي رواية: يحرم في التطوع دون الواجب.
واحتج من قال بالتحريم بحديث الباب؛ لأن النهي ظاهر في ذلك، واحتج الشافعي بحديث عائشة المتقدم:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعثُ بهَدْيهِ ولا يحرمُ عليه شيء أحلَّه الله له حتى ينْحَرَ هدْيَه"(1)، فجعل هذا الحديث مقتضيًا لحمل حديث الباب على كراهة التنزيه، انتهى. قلت: ومذهب الحنفية في ذلك ما في "شرح المنية"(2).
وما ورد في "صحيح مسلم"(3): "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحي فلا يأخذن شعرًا، ولا يَقْلِمَنَّ ظفرًا"، فهذا محمول على الندب دون الوجوب بالإجماع، فنفي الوجوب لا ينافي الاستحباب فيكون مستحبًا، إلَّا أن يستلزم الزيادة على وقت إباحة التأخير، ونهايته ما دون الأربعين، فإنه لا يباح ترك قلم الأظفار ونحوه فوق الأربعين.
(3)
(بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا)
2792 -
(حدثنا أحمد بن صالح قال: نا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيوة قال: حدثني أبو صخر) حميد بن زياد، وفي نسخة على حاشية المكتوبة،
(1) أخرجه البخاري (1700)، ومسلم (1321).
(2)
انظر: (ص 566).
(3)
"صحيح مسلم"(1977).
عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِى سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِى سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِى سَوَادٍ، فَأُتِىَ بِهِ، فَضَحَّى بِهِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّى الْمُدْيَةَ» ، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ» فَفَعَلَتْ، فَأَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ، فَأَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ (1) ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ". [م 1963، حم 6/ 78، ق 9/ 267]
===
وفي متن المصرية: أبو صخرة بزيادة التاء، وهو جامع بن شداد، وها هنا غير صحيح، فإنه صرح الحافظ في تلامذة ابن قسيط أبو صخر حميد بن زياد.
(عن ابن قسيط) هو يزيد بن عبد الله بن قسيط مصغرًا، ابن أسامة بن عمير الليثي، أبو عبد الله المدني الأعرج، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، قال ابن عبد البر: ويزيد قد احتج به مالك في مواضع من "الموطأ"، وهو ثقة من الثقات.
(عن عروة بن الزبير، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش) ذكر النعجة (أقرن) أي: ذي قرنين حسنتين عظيمتين (يطأ) أي: يمشي (في سواد) أي: أسود القوائم (وينظر في سواد) أي: أسود حوالي العينين (وييرُكُ في سواد) أي: أسود الجنبين (فأتي به، فضحى به) أي: أراد التضحية (فقال: يا عائشة، هَلُمِّي) أي: هاتي (المدينة) أي: السكين، وإنما يقال لها: المدية لأنه يقطع بها مدى الحياة.
(ثم قال: اشحذِيْها بحجر) أي: حديها بحجر (ففعلتْ، فأخذها) أي المدينة (وأخد الكبش، فأضجعه) على اليسار، وهو الظاهر؛ لأنه أيسر في الذبح (فذبحه، وقال: بسم الله، اللَّهُمَّ (2) تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، ثم ضحى به).
(1) في نسخة: "وذبحه".
(2)
وفي "الهداية"(4/ 348): يكره موصولها ولا بأس به مفصولًا، انتهى. (ش).
2793 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: نَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ:"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ". (1)[خ 1626، م 1966]
===
قال الشوكاني (2): والحديث يدل على أنه يجوز للرجل أن يضحي عنه، وعن أتباعه، وأهله، وبه قال الجمهور، وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، والحديث يرد عليهم، انتهى.
قلت: لم أر في كتب الحنفية كراهة التشريك في الثواب، بل لو أهدى ثواب عمله كله يجوز عندهم بلا كراهة، نعم، يكره عندهم التشريك في التسمية، بل يحرم.
ثم رأيت في "البدائع"(3): فإن قيل: أليس أنه روي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لا يذبح من أمته"، فكيف ضحى بشاة واحدة عن أمته عليه الصلاة والسلام؟ .
فالجواب أنه عليه الصلاة والسلام إنما فعل ذلك لأجل الثواب، وهو أنه جعل ثواب تضحيته بشاة واحدة لأمته لا للإجزاء وسقوط التعبد عنهم، انتهى.
2793 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل قال: نا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر سبع بدنات بيده قيامًا)، والمراد بالبدنات: الإبل، سمي بها لعظمها وسمنها من البدانة، وتقع على الجمل والناقة، وقد تطلق على البقرة، والسُّنَّةُ في الإبل النحر قيامًا، وفي البقرة والكبش والشاة الذبح. (وضحى بالمدينة بكبشين أقرنين أملحين) وهو ما بياضه أكثر من سواده.
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: الأملح إذا كان الغالب عليه البياض".
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 472).
(3)
"بدائع الصنائع"(4/ 206).
2794 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:"أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، يَذْبَحُ وَيُكَبِّرُ وَيُسَمِّي وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا". [خ 5565، م 1966، ت 1494، ن 4387، جه 3120، حم 3/ 99]
2795 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِىُّ قَالَ: نَا عِيسَى قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، عَنْ أَبِى عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ذَبَحَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْن أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَوءَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا، قَالَ: «إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِي
===
2794 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا هشام، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين أملحين يذبح ويكبر ويُسمي) أي يقول: بسم الله الله أكبر (ويضع رجله على صفحتهما) أي: صفحة وجههما.
2795 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: نا عيسى قال: نا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي عياش، عن جابر بن عبد الله قال: ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح) أي: يوم الأضحى (كبشين أقرنين أملحين موجوءين)(1) أي: خصيين، والوجيء أن ترض أنثيا الفحل رضًا شديدًا يُذهب شهوة الجماع، وقيل: منزوع الأنثيين.
(فلما وجههما) نحو القبلة (قال: إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفًا) أي: مائلًا عن جميع الأديان إلى دين الإِسلام (وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي) أي: سائر عباداتي
(1) قال الحافظ (10/ 10): فيه جواز الخصّي. وقال ابن العربي: حديث أبي سعيد عند الترمذي: "بكبش فحيل" أي: تام الخلقة لم تقطع أنثياه أصح منه، ورد بأنه يحتمل الوقتين "أوجز"(17/ 31). (ش).
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ ذَبَحَ. [جه 3121، حم 3/ 375، دي 1946، خزيمة 2899]
2796 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: نَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ،
===
أو تقربي بالذبح، قال الطيبي (1): جمع بين الصلاة والذبح كما في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2)(ومحياي ومماتي) أي: ما آتيه في حياتي، وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح، أو حياتي وموتي (لله) أي: خالصة لوجهه (رب العالمين، لا شريك له، وبذلك) أي: بالتوحيد والإخلاص والعبودية (أمرت وأنا من المسلمين) أي: من جملة المنقادين لأمره وحكمه.
(اللَّهُمَّ منك) أي: هذه الأضحية منحة واصلة إليَّ منك (ولك) أي: خالصة لك (عن محمد وأمته) العاجرين عن متابعته في سنَّة أضحيته، وهو يحتمل التخصيص بأهل زمانه، والتعميم المناسب لشمول إحسانه، ثم المشاركة إما محمولة على الثواب، وإما على الحقيقة، فيكون من خصوصية ذلك الجناب، والأظهر أن يكون أحدهما عن ذاته الشريفة والثاني عن أمته الضعيفة (بسم الله والله أكبر، ثم ذبح) أي: بعد التكبير أَمَرَّ السكين على حلقه.
2796 -
(حدثنا يحيى بن معين قال: نا حفص، عن جعفر، عن أبيه، عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بكبش أقرن فحيل)
(1)"شرح الطيبي"(3/ 251 - 252).
(2)
سورة الكوثر: الآية 2.