المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب الفطر قبل غروب الشمس - تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصيام

- ‌ باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌ باب الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌ باب إذا أخطأ القومُ الهلالَ

- ‌ باب إذا أُغْمِي الشهرُ

- ‌ باب من قال: إذا غُمَّ عليكم فصوموا ثلاثين

- ‌ باب في التقدُّم

- ‌ باب كراهية صوم يوم الشك

- ‌ باب في كراهية ذلك

- ‌ باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان

- ‌ باب الرجل يسمع النداء والإناء على يده

- ‌ باب الفطر قبل غروب الشمس

- ‌ باب السواك للصائم

- ‌ باب في الصائم يحتجم

- ‌ الرخصة في ذلك

- ‌ باب الصائم يحتلم نهارًا في رمضان

- ‌ باب الصائم يستقيء عامدًا

- ‌ باب القُبلة للصائم

- ‌ كراهية ذلك للشَّاب

- ‌ باب الصائم يبتلع الريق

- ‌ من أصبح جنبًا في شهر رمضان

- ‌ باب كفارة من أتى أهله في نهار رمضان

- ‌ باب التغليظ فيمن أفطر عمدًا

- ‌ باب من أكل ناسيًا

- ‌ باب تأخير قضاء رمضان

- ‌ باب من مات وعليه صيام

- ‌ باب فيمن اختار الصيام

- ‌ باب متى يفطر المسافر إذا خرج

- ‌ باب مسيرة ما يفطر فيه

- ‌ النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

- ‌ النهي أن يُخصّ يوم السبت [بصوم]

- ‌ الرخصة في ذلك

- ‌ باب في صوم الدهر

- ‌ باب في صوم المحرَّم

- ‌ صوم ستة أيام من شوال

- ‌ كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم

- ‌ في صوم الاثنين والخميس

- ‌ صوم العشر

- ‌ في صوم عرفة بعرفة

- ‌ ما روي أن عاشوراء اليومُ التاسع

- ‌ باب في فضل صومه

- ‌ باب صوم الثلاث من كل شهر

- ‌ من قال: لا يُبالي مِن أيِّ الشهر

- ‌ باب النية في الصيام

- ‌ باب في الرخصة فيه

- ‌ باب من رأى عليه القضاء

- ‌ باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

- ‌ الاعتكاف

- ‌ المعتكف يعود المريض

- ‌كتاب الجهاد

- ‌ سُكنى الشام

- ‌ باب تضعيف الذكر في سبيل الله

- ‌ باب في فضل الشهادة

- ‌ باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان

- ‌ باب النهي عن لعن البهيمة

- ‌ باب الوقوف على الدابة

- ‌ باب في المحلِّل

- ‌ باب السيف يُحلَّى

- ‌ باب ابن السبيل يأكل من الثمرة ويشرب من اللبن إذا مرَّ به

- ‌ باب في الطاعة

- ‌ باب علامَ يقاتل

- ‌ باب في التفريق بين السبي

- ‌ باب الرخصة في البالغين

- ‌ باب في عقوبة الغالِّ

- ‌ باب في المرأة والعبد يُحْذَيان من الغنيمة

- ‌ باب في سجود الشكر

- ‌كتاب الأضاحي

- ‌ باب ما جاء في وجوب الأضاحي

- ‌ باب الرجل يأخذ من شَعَره في العشر وهو يريد أن يضحي

- ‌ باب ما يجوز من السن في الضحايا

- ‌ باب ذبائح أهل الكتاب

- ‌ باب ما جاء في ذكاة الجنين

- ‌ باب العقيقة

- ‌ باب في الصيد

- ‌كتاب الوصايا

- ‌ باب متى ينقطع اليتم

- ‌كتاب الفرائض

- ‌ باب في ميراث ذوي الأرحام

- ‌ باب ميراث ابن الملاعَنة

- ‌«ميراث اللقيط»

- ‌ باب فيمن أسلم على ميراث

- ‌ باب الولاء

- ‌ باب من أسلم على يدي رجل

- ‌ باب في المولود يستهل [ثم يموت]

- ‌ باب في الحِلْفِ

- ‌كتاب الخراج والإمارة

- ‌ باب في اتخاذ الكاتب

- ‌ باب في حكم أرض اليمن

- ‌ باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

- ‌ باب تعشير أهل الذمة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ باب في العيادة

- ‌ باب العيادة من الرمد

- ‌ باب الخروج من الطاعون

- ‌ باب تطهير ثياب الميت عند الموت

- ‌ باب في التلقين

- ‌ باب في النَّوح

- ‌ باب في الشهيد يُغسَّل

- ‌ باب في الكفن

- ‌ باب في الغُسل مِن غَسل الميت

- ‌ باب في تقبيل الميت

- ‌ باب الدفن بالليل

- ‌ باب القيام للجنازة

- ‌ باب المشي أمام الجنازة

- ‌ باب الصلاة على الجنازة في المسجد

- ‌ باب الصلاة على القبر

- ‌ باب في اللحد

- ‌ باب الجلوس عند القبر

- ‌ باب في تسوية القبر

- ‌ باب الميت يُصَلَّى على قبره بعد حين

- ‌ باب كراهية اتخاذ القبور مساجد

- ‌ باب المشي في الحذاء بين القبور

- ‌ باب في زيارة النساء القبور

- ‌ باب المُحرِم يموت كيف يُصنع به

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌ باب لغو اليمين

- ‌ باب الاستثناء في اليمين

- ‌ باب اليمين في قطيعة الرحم

- ‌ النذر في المعصية

- ‌ باب فيمن نذر أن يتصدق بماله

- ‌كتاب البيوع

- ‌ باب الحيوان [بالحيوان نسيئة]

- ‌ باب الرخصة في ذلك

- ‌ باب في ذلك يدًا بيد

- ‌ باب في الثَّمَر بالتمْر

- ‌ باب المضارب يخالف

- ‌ باب في المزارعة

- ‌ باب مَن زرع أرضًا بغير إذن صاحبها

- ‌ باب في المخابرة

- ‌ باب المُساقاة

- ‌ باب في العبد يُباع وله مال

- ‌ باب النهي عن العِينة

- ‌ باب وضع الجائحة

- ‌ باب في بيع الطعام قبل أن يُستوفَى

- ‌ باب في الرجل يبيع ما ليس عنده

- ‌ باب من اشترى عبدًا فاستغلَّه [ثم رأى عيبًا]

- ‌ باب إذا اختلف البيِّعان والمبيع قائم

- ‌ باب الشفعة

- ‌ باب في الرجل يُفلِس، فيجد الرجلُ متاعَه بعينه

- ‌ باب في تضمين العارية

- ‌كتاب الأقضية

- ‌ باب في طلب القضاء

- ‌ باب اجتهاد الرأي في القضاء

- ‌ باب في الصلح

- ‌ باب شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر

- ‌ باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به

- ‌ باب القضاء باليمين مع الشاهد

- ‌ باب الرجلين يدّعيان شيئًا وليست لهما بينة

- ‌كتاب العلم

- ‌ التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب كراهية منع العلم

- ‌كتاب الأشربة

- ‌ بابٌ الخمر مما هي

- ‌ باب النهي عن المسكر

- ‌ باب في الداذيّ

- ‌ باب في الشرب قائمًا

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌ باب غسل اليدين عند الطعام

- ‌ باب في أكل لحوم الحمر الأهلية

- ‌ باب أكل الطافي

- ‌ باب الإقران في التمر

- ‌ باب الفأرة تقع في السمْن

- ‌كتاب الطب

- ‌ باب في الكَيِّ

- ‌ باب في الأدوية المكروهة

- ‌ باب في تمرة العجوة

- ‌ باب الغَيْل

- ‌ باب الرُّقى

- ‌ باب في الطِّيَرة

الفصل: ‌ باب الفطر قبل غروب الشمس

تسحر مع حذيفة، ذكره النسائي

(1)

.

11 -

‌ باب الفطر قبل غروب الشمس

212/ 2258 - عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا يومًا في رمضان في غَيْم، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس. قال أبو أسامة ــ وهو حماد بن أسامة ــ: قلت لهشام ــ وهو ابن عروة ــ: أُمِرُوا بالقضاء؟ قال: وبُدٌّ من ذلك؟!

وأخرجه البخاري والترمذي وابن ماجه

(2)

. قال البخاري: قال معمر: سمعتُ هشامًا يقول: لا أدري، أقضَوا أم لا.

قال ابن القيم رحمه الله: واختلف الناس، هل يجب القضاء في هذه الصورة؟ فقال الأكثرون: يجب. وذهب إسحاق بن راهويه وأهل الظاهر إلى أنه لا قضاء عليهم، وحكمهم حكم من أكل ناسيًا

(3)

. وحكي ذلك عن الحسن

(4)

ومجاهد

(5)

.

(1)

. أعلَّ النسائي الرواية المرفوعة بقوله ــ كما في «تحفة الأشراف» (3/ 32) ــ: «لا نعلم أحدًا رفعه غير عاصم» . وعاصم صدوق في حفظه لين. وقد خالفه عدي بن ثابت فرواه عن زرٍّ عن حذيفة موقوفًا، أخرجه النسائي (2153). ويؤيده ما أخرجه عبد الرزاق (7606) عن شقيق بن سلمة قال: انطلقت أنا وزرّ بن حبيش إلى حذيفة

فذكره بنحوه موقوفًا.

(2)

. أبو داود (2359)، والبخاري (1959)، وابن ماجه (1674)، ولم أجده في «جامع الترمذي» ولا عزاه إليه في «تحفة الأشراف» (15749).

(3)

. انظر: «الاستذكار» (3/ 344)، و «المغني» (4/ 389)، و «مسائل إسحاق» للكوسج (1/ 293)، و «المحلَّى» (6/ 222 - 223).

(4)

. أخرجه عنه ابن أبي شيبة (9144).

(5)

. كذا نسب هذا القول إليه في «المغني» ، والمؤلف صادر عنه. والذي أخرجه عبد الرزاق (7389) بإسناد صحيح عنه أنه قال:«إذا أفطر الرجل في رمضان ثم بدت الشمس فعليه أن يقضيه، وإن أكل في الصبح وهو يُرى أنه الليل لم يقضه» . وأخرج ابن أبي شيبة (9142) أوّله مختصرًا.

ص: 26

واختلف فيه على عمر، فروى زيد بن وهب قال: كنت جالسًا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في زمن عمر، فأُتِينا بِعِساسٍ

(1)

فيها شراب من بيت حفصة، فشربنا ونحن نرى أنه من الليل، ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة، قال: فجعل الناس يقولون: نقضي يومًا مكانه، فسمع بذلك عمر فقال: والله لا نقضيه! وما تجانفنا لإثم» رواه البيهقي وغيره

(2)

.

وقد روى مالك في «الموطأ»

(3)

عن زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال له: يا أمير المؤمنين، قد طلعت الشمس، فقال عمر:«الخَطْب يسير، وقد اجتهدنا» . قال مالك: يريد بقوله: «الخطب يسير» القضاءَ فيما نُرى. والله أعلم. وكذلك قال الشافعي

(4)

.

وهذا لا يناقض الأثر المتقدم. وقوله: «وقد اجتهدنا» مُؤذِن بعدم القضاء، وقوله «الخطب يسير» إنما هو تهوين لما فعلوه وتيسير لأمره. ولكن قد رواه الأثرم والبيهقي

(5)

عن عمر، وفيه: «من كان أفطر فليصم يومًا

(1)

. في الأصل والطبعتين: «بكأس» تصحيف، والتصحيح من مصادر التخريج. والعِساس: جمع العُسّ، وهو القَدَح الكبير.

(2)

. رواه عبد الرزاق (7395)، وابن أبي شيبة (9145)، والبيهقي (4/ 217).

(3)

. برقم (837).

(4)

. «الأم» (3/ 238)، ونقله البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 217).

(5)

. (4/ 217)، وأخرجه أيضًا عبد الرزاق (7393)، وابن أبي شيبة (9045)، كلهم من طريق علي بن حنظلة عن أبيه عن عمر.

ص: 27

مكانه»، وقدم البيهقي هذه الرواية على رواية زيد بن وهب وجعلها خطأً، وقال: تظاهرت الروايات بالقضاء. قال: وكان يعقوب بن سفيان الفارسي

(1)

يَحمِل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة. قال: وزيد ثقة إلا أن الخطأ غير مأمون.

وفيما قاله نظر، فإن الرواية لم تتظاهر عن عمر بالقضاء، وإنما جاءت من رواية علي بن حنظلة عن أبيه، وكان أبوه صديقًا لعمر، فذكر القصة وقال فيها:«من كان أفطر فليصم يومًا مكانه» . ولم أر الأمر بالقضاء صريحًا إلا في هذه الرواية

(2)

.

وأما رواية مالك فليس فيها ذكر للقضاء ولا لعدمه، فتعارضت رواية حنظلة و [رواية] زيد بن وهب، وتَفْضُلُها رواية زيد بن وهب بقدرِ ما بين

(1)

. هو الفسوي الحافظ (ت 277)، وقد أخرج البيهقي أكثر روايات قصة عمر من طريقه، وهي في «المعرفة والتأريخ» له (2/ 765 - 768)، ثم ذكر الفسوي عقبها حديثَين آخرين لزيد مستنكرًا لهما وقال:«حديث زيد فيه خلل كثير» . وتعقّبه الذهبي بأنه لم يُصِب في الحَمْل على زيد بن وهب واستنكار أحاديثه، فإنه ثقة مخضرم من جلّة التابعين، من رجال الجماعة، متفق على الاحتجاج به، حتى إن الأعمش قال: إذا حدّثك زيد بن وهب عن أحد، فكأنك سمعته من الذي حدّثك عنه. انظر:«ميزان الاعتدال» (2/ 107).

(2)

. ورد الأمر بالقضاء في رواية أخرى أيضًا: رواية زياد بن علاقة، عن بِشر بن قيس، عن عمر. أخرجها عبد الرزاق (7394) والفسوي في «المعرفة والتأريخ» (2/ 766، 767) من طُرق عن زياد به. رجالها ثقات، لكنها معلّة، فإن زيادًا لم يسمع من بشر، وبينهما رجل مبهم كما في رواية ابن أبي شيبة (9047). وانظر «العلل» لابن أبي حاتم (669).

ص: 28

حنظلة وبينه من الفضل

(1)

.

وقد روى البيهقي

(2)

بإسناد فيه نظر عن صهيب أنه أمر أصحابه بالقضاء في قصة جرت لهم مثل هذه.

فلو قُدّر تعارض الآثار عن عمر لكان القياس يقتضي سقوط القضاء، لأن الجهل ببقاء اليوم كنسيان نفس الصوم، ولو أكل ناسيًا لصومه لم يجب عليه قضاؤه. والشريعة لم تُفرّق بين الجاهل والناسي، فإنّ كل واحدٍ منهما قد فعل ما يعتقد جوازَه وأخطأ في فعله، وقد استويا في أكثر الأحكام وفي رفع الآثام، فما الموجب للفرق بينهما في هذا الموضع؟ وقد جعل أصحاب الشافعي وغيرهم الجاهل المخطئ أولى بالعذر من الناسي في مواضع متعددة.

[ق 116] وقد يقال: إنه في صورة الصوم أعذر منه، فإنه مأمور بتعجيل الفطر استحبابًا، فقد بادر إلى أداء ما أمر به واستحبه له الشارع، فكيف يفسد

(1)

. حنظلة لا يُعرف عنه شيء، إلا أنه سمع عمر وروى عنه ابنه، كما في «التاريخ الكبير» (3/ 41) للبخاري، و «الثقات» لابن حبان (4/ 166). وأما زيد بن وهب فتابعي ثقة جليل القدر كما سبق. وانظر لترجمته:«سير النبلاء» (4/ 196)، و «الإصابة» (4/ 154) ط. دار هجر.

(2)

. (4/ 217) من طريق يوسف بن محمد بن يزيد الصُّهَيبي، عن شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري، عن صهيب.

يوسف بن محمد، قال عنه البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: لا بأس به. وشعيب بن عمرو ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. انظر «التاريخ الكبير» (8/ 379، 4/ 219) و «الجرح والتعديل» (9/ 228، 4/ 350).

ص: 29

صومه؟ وفساد صوم الناسي أولى منه، لأن فعله غير مأذون له فيه، بل غايته أنه عفو، فهو دون المخطئ الجاهل في العذر.

وبالجملة: فلم يُفرَّق بينهما في الحج، ولا في مفسدات الصلاة، كحمل النجاسة وغير ذلك.

وما قيل من الفرق بينهما بأن الناسي غير مكلف والجاهل مكلف؛ إن أريد به التكليف بالقضاء فغير صحيح، لأن هذا هو المتنازع فيه. وإن أريد به أن فعل الناسي لا ينتهض سببًا للإثم ولا يتناوله الخطاب الشرعي، فكذلك فعل المخطئ. وإن أريد أن المخطئ ذاكر لصومه مُقْدِم على قطعه، ففِعله داخل تحت التكليف بخلاف الناسي= فلا يصحّ أيضًا لأنه يعتقد خروج زمن الصوم، وأنه مأمور بالفطر، فهو مُقْدِم على فعل ما يعتقده جائزًا، وخطؤه في بقاء اليوم كنسيان الآكل في اليوم، فالفعلان سواء، فكيف يتعلق التكليف بأحدهما دون الآخر؟!

وأجود ما فرق به بين المسألتين: أن المخطئ كان متمكّنًا من إتمام صومه بأن يؤخر الفطر حتى يتيقّن الغروب، بخلاف الناسي فإنه لا يضاف إليه الفعل، ولم يكن يمكنه الاحتراز.

وهذا، وإن كان فرقًا في الظاهر، فهو غير مؤثر في وجوب القضاء، كما لم يؤثر في الإثم اتفاقًا. ولو كان منسوبًا إلى تفريط لَلَحِقَه الإثم، فلما اتفقوا على أن الإثم موضوع عنه دل على أن فعله غير منسوب فيه إلى تفريط، لا سيما وهو مأمور بالمبادرة إلى الفطر. والسبب الذي دعاه إلى الفطر غير منسوب إليه في الصورتين، وهو النسيان في مسألة الناسي، وظهورُ الظلمة وخفاءُ النهار في صورة المخطئ؛ فهذا أطعمه الله وسقاه بالنسيان، وهذا

ص: 30