الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم رحمه الله: والصواب في ذلك: ما دل عليه النص: أنه لا ينبغي القدوم على الأرض التي هو بها، فإن ذلك تعرُّضٌ للبلاء، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمنّي لقاء العدو
(1)
.
وإذا وقع في أرض هو بها، فإنه لا ينبغي له أن يفرَّ منه، وإن ظن في ذلك نجاته، بل ينبغي له أن يصبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في العدو: «وإذا لقيتموهم
(2)
فاصبروا»، لا سيما والطاعون قد جاء أنه وَخْزُ أعدائنا من الجن
(3)
. فالطاعون كالطِّعان، فلا ينبغي الفرار منهما ولا تمنِّي لقائِهما.
4 -
باب تطهير ثياب الميت عند الموت
327/ 2985 - عن أبي سعيد الخدري أنه لما حضره الموت دعا بثيابٍ جُدُدٍ فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المَيِّت يُبعَث في ثيابه التي يموت فيها»
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (2966) ومسلم (1742) من حديث عبد الله بن أبي أوفى بلفظ: «يا أيها الناس، لا تتمنَّوا لقاءَ العدوّ، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا» . وأخرجا من أبي هريرة نحوه. البخاري (3026) ومسلم (1741).
(2)
في الطبعتين: «لقيتموه» خلافًا للأصل ولنص الحديث.
(3)
جاء ذلك في حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا، أخرجه أحمد (19528، 19708)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (9/ 15 - 16)، من طرق تقوي بعضها بعضًا. وقد صححه الحافظ في «الفتح» (10/ 181 - 182) بمجموع طرقه.
(4)
«سنن أبي داود» (3114)، وأخرجه أيضًا ابن حبان (7316)، والحاكم (1/ 340)، وإسناده جيّد.
قال ابن القيم رحمه الله
(1)
: استعمل أبو سعيد الحديث على ظاهره، وقد رُوي في تحسين الكفن أحاديث
(2)
. وقد تأوله بعضهم على أن معنى الثياب العمل، كَنَى بها عنه، يريد أنه يُبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيِّئ. قال: والعرب تقول: «فلان طاهر الثياب» ، إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب والدَّنَس، وتقول: دَنِس الثياب إذا كان بخلاف ذلك، واستدل بقوله تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4] وأكثر المفسرين على أن المعنى: وعملَكَ فأصْلِح ونفسك فزَكِّ
(3)
. قال الشاعر
(4)
:
ثيابُ بني عوفٍ طَهارَى نقيَّةٌ
قال: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحشر الناس حُفاةً عُراة»
(5)
.
وقالت طائفة: البعث غير الحشر، فقد يجوز أن يكون البعث مع الثياب، والحشر مع العُرْي والحَفا.
(1)
أفاد المؤلف في شرح الحديث من كلام الخطابي في «المعالم» (4/ 285).
(2)
منها حديث جابر عند مسلم (943) بلفظ: «إذا كفن أحدكم أخاه، فليحسّن كفنه» . وبنحوه حديث أبي قتادة عند الترمذي (995) بإسناد حسن.
(3)
هو قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم. انظر:«تفسير الطبري» (23/ 405 - 409).
(4)
صدر بيت لامرئ القيس في «ديوانه» (ص 83)، وعجزه:«وَأوْجُههم عند المَشاهدِ غُرّانُ» .
(5)
أخرجه البخاري (3349، 6527) ومسلم (2860، 2859) عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم.