الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
باب شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر
435/ 3459 - عن الشَّعبي أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاةُ بِدَقُوقاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يُشهده على وصيته، فأَشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدِما الكوفةَ فأتيا الأشعريَّ ــ هو أبو موسى ــ فأخبراه، وقدِما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعدَ الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا، ولا بدَّلا ولا كتما ولا غيَّرا، وإنها لوصيةُ الرجل وترِكَتُه، فأمضى شهادتَهما
(1)
.
436/ 3460 - وعن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سَهْمٍ مع تميمٍ الداريِّ وعديِّ بن بَدَّاء، فمات السَّهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدِما بتركته فقدُوا جامَ فِضَّةٍ مُخوًّصًا بالذهب، فأحلفهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم وُجد الجام بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم وعديٍّ، فقام رجلان من أولياء السَّهمي فحلفا: لَشهادتُنا أحقُّ من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم، قال: فنزلت فيهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية [المائدة: 106].
وأخرجه الترمذي
(2)
وقال: حسن غريب.
وأخرجه البخاري
(3)
فقال: وقال لي علي بن عبد الله ــ يعني ابن المديني ــ: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس، فذكره.
قيل: وهذا يدل على أنه ليس من شرطه، وهذه عادته فيما ليس من شرطه أن
لا يصرّح بالتحديث بل يقول: «قال لي» ونحوه
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا تعليل فاسد، فإن البخاري رواه في «صحيحه» مسندًا متّصلًا، وقوله:«قال لي» طريق من طرق الرواية، ليس بموجبةٍ لتعليل الإسناد، فالتعليل بها عَنَت.
وقال علي ابن المديني
(2)
: هذا حديث حسن، ولا أعرف ابن أبي القاسم.
وقال غيره: هو محمد بن أبي القاسم الطويل، قال يحيى بن معين
(3)
: ثقة، كتبت عنه.
وقد تأول قوم الآية تأويلات باطلة:
فمنهم من قال: كلها في المسلمين، وقوله:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} يعني من غير قبيلتكم.
وهذا باطل فإن الله افتتح الخطاب بـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ثم قال: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} ، ومعلوم أن غير المؤمنين هم الكفار، ولم يخاطب الله سبحانه بهذه الآية قبيلة دون قبيلة، بل الخطاب بها على عادة خطاب القرآن لعموم المؤمنين. وحديث ابن عباس صريح في المراد بها، وأن الشهود من أهل الكتاب.
(1)
كلام المنذري من أصل المجرد و (هـ)، وفيه تصرّف وزيادة من المؤلف عمّا في «المختصر» (5/ 222 - 223).
(2)
كما في «المختصر» للمنذري (5/ 223). وانظر: «تهذيب الكمال» (6/ 481).
(3)
كما في «المختصر» . وانظر: «الجرح والتعديل» (8/ 66).