الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
باب في التلقين
328/ 2988 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوتاكم قولَ لا إلهَ إلا الله» .
وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى مسلم في «صحيحه»
(2)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء.
وروى ضِمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أكثروا مِن لا إله إلا الله قبلَ أن يُحال بينكم وبينها، ولَقِّنوها موتاكم» ذكره أبو أحمد بن عدي
(3)
. وضمام هذا صدوق صالح الحديث، قاله الإشبيلي
(4)
.
6 -
باب في النَّوح
329/ 3000 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الميِّتَ لَيُعذَّب ببُكاء أهلِه عليه» ، فذُكر ذلك لعائشة، فقالت: وَهِلَ ــ تعني ابنَ عمر ــ، إنما مَرَّ النبي
(1)
أبو داود (3117)، ومسلم (916)، والترمذي (976)، والنسائي (1826)، وابن ماجه (1445).
(2)
رقم (917).
(3)
«الكامل» (4/ 104). وأخرجه أبو يعلى (6147)، والطبراني في «الدعاء» (1143)، من طريق ضمام به.
(4)
«الأحكام الوسطى» (2/ 118). وقال الذهبي في «الميزان» (2/ 329): «صالح الحديث، ليَّنه بعضهم بلا حجة» . قلت: يبقى أن شيخه في الإسناد موسى بن وردان فيه بعض اللين. انظر: «تهذيب التهذيب» (10/ 376).
- صلى الله عليه وسلم على قبر فقال: «إنّ صاحب هذا لَيُعذَّب وأهلُه يبكون عليه» ، ثم قرأَتْ:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. وفي رواية: «على قبر يهودي»
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا أحد الأحاديث التي ردَّتْها عائشة، واستدركتها، ووهَّمت فيه ابن عمر
(2)
.
والصواب مع ابن عمر، فإنه حفظه ولم يهم فيه. وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أبوه عمر بن الخطاب، وهو في «الصحيحين» ، وقد وافقه عليه من حضره من جماعة الصحابة، كما خرَّجا في «الصحيحين»
(3)
عن ابن عمر قال: لما طُعِن عمر أغمي عليه، فصيح عليه، فلما أفاق قال: أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت لَيُعذَّب ببكاء الحي» ؟
وأخرجا
(4)
أيضًا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الميت يُعذَّب بِما نِيح عليه» .
وأخرجا في «الصحيحين»
(5)
أيضًا عن أبي موسى قال: لما أصيب عمر جعل صهيب يقول: وا أخاه! فقال له عمر: يا صهيب، أما علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الميت ليعذب ببكاء الحي» ؟
(1)
البخاري (1292)، ومسلم (927/ 17).
(2)
البخاري (1290)، ومسلم (927/ 19).
(3)
«سنن أبي داود» (3129)، وأخرجه البخاري (3978) ومسلم (931، 932) بنحوه.
(4)
ذكر بدرُ الدين الزركشي (ت 794) في رسالته: «الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة» عشرة استدراكات على ابن عمر.
(5)
البخاري (1292)، ومسلم (927/ 18) واللفظ له
وفي لفظ لهما
(3)
: قال عمر: والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يُبكَ عليه يُعذَّب» .
وفي «الصحيحين»
(4)
عن أنس: أن عمر لما طعن عَوَّلت عليه حفصة، فقال: يا حفصة، أما سمعتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«المُعَوَّل عليه يعذب» ؟
وفي «الصحيحين»
(5)
عن المغيرة بن شعبة: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يُنَحْ
(6)
عليه، فإنه يعذب بما نيح عليه».
فهؤلاء عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابنته حفصة، وصهيب، والمغيرة بن شعبة كلهم يروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومُحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث.
والمعارضة التي ظنتها أم المؤمنين رضي الله عنها بين روايتهم وبين قوله: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164] غيرُ لازمةٍ أصلًا. ولو كانت لازمة لزمتْ في روايتها أيضًا: «إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابًا»
(7)
، فإن الله سبحانه لا يعذب أحدًا بذنب غيره الذي لا سبب له فيه. فما تجيب به أم
(1)
إنما هو عند مسلم (927/ 20) دون البخاري.
(2)
وهو أيضًا عند مسلم (927/ 21) دون البخاري.
(3)
البخاري (1291)، ومسلم (933).
(4)
في الطبعتين: «نِيح» خلافًا للأصل، والمثبت من الأصل موافق لرواية أبي ذر عن الحمُّويي والمستملي لـ «صحيح البخاري». انظر: الطبعة السلطانية (2/ 80)، و «إرشاد الساري» (2/ 405).
(5)
أخرجه البخاري (1288)، ومسلم (929).
المؤمنين عن قصة الكافر يجيب
(1)
به أبناؤها عن الحديث الذي استدركته.
ثم سلكوا في ذلك طرقًا:
أحدها: أن ذلك خاص بمن أوصى أن يُناح عليه، فيكون النَّوح عليه بسبب فعله، ويكون هذا جاريًا على المتعارف من عادة الجاهلية، كما قال قائلهم
(2)
:
إذا متُّ فانْعَيني بما أنا أهله
…
وشُقِّي عليَّ الجيبَ يا ابنةَ مَعْبد
وهو كثير في شعرهم. وأما من لم يتسبب إلى ذلك بوصية ولا غيرها فلا يتناوله الحديث.
وهذا ضعيف من وجهين:
أحدهما: أن اللفظ عام.
الثاني: أن عمر والصحابة فهموا منه حصول ذلك وإن لم يُوصِ به.
ومن وجه آخر: وهو أن الوصية بذلك حرام يستحق بها التعذيبَ نِيح عليه أم لا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما علّق التعذيب بالنياحة لا بالوصية.
المسلك الثاني: أن ذلك خاص بمن كان النوح من عادته وعادة قومه وأهله، وهو يعلم أنهم ينوحون عليه إذا مات. فإذا لم ينههم كان رضًى منه بفعلهم، وذلك سبب عذابه. وهذا مسلك البخاري في «صحيحه»
(3)
، فإنه
(1)
في الأصل: «يجيبه» ، تصحيف أو سبق قلم، والتصحيح من الطبعتين.
(2)
هو طَرَفة بن العبد في معلّقته.
(3)
كتاب الجنائز (3/ 150 - الفتح).
ترجم عليه وقال: «إذا كان النوح من سنَّته» ، وهو قريب من الأول.
المسلك الثالث: أن الباء ليست باء السببية، وإنما هي باء المصاحبة، والمعنى: يعذب مع بكاء أهله عليه، أي يجتمع بكاء أهله وعذابه، كقوله: خرج زيد بسلاحه؛ قال تعالى: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} [المائدة:61].
وهذا المسلك باطل قطعًا، فإنه ليس كل ميت يعذَّب، ولأن هذا اللفظ لا يدل إلا على السببية، كما فهمه أعظم الناس أفهامًا، ولهذا ردَّته عائشة لما فهمت منه السببية.
ولأن اللفظ الآخر الصحيح الذي رواه المغيرة
(1)
يُبطل هذا التأويل.
ولأن الإخبار بمقارنة عذاب الميت المستحق للعذاب لبكاء أهله لا فائدة فيه.
المسلك الرابع: أن المراد بالحديث ما يتألَّم به الميت ويتعذب به من بكاء الحي عليه، وليس المراد أن الله تعالى يعاقبه ببكاء الحي عليه؛ فإن التعذيب هو من جنس الألم الذي يناله بمن يجاوره ممن يتأذى به ونحوه. قال النبي صلى الله عليه وسلم:«السفر قطعة من العذاب»
(2)
. وليس هذا عقابًا على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألُّم، فإذا وُبِّخ الميت على ما يناح به عليه لحقه من ذلك تألم وتعذيب.
(1)
وهو: «من يُنَح عليه، فإنه يعذّب بما نيح عليه» .
(2)
وتمامه: «يمنع أحدَكم طعامَه وشرابَه ونومَه، فإذا قضى نَهْمتَه فليُعَجِّل إلى أهله» . أخرجه البخاري (1804)، ومسلم (1927) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ويدل على ذلك ما روى البخاري في «صحيحه»
(1)
عن النعمان بن بشير قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجَعلتْ أخته عَمْرةُ تبكي: واجَبَلاه! وا كذا، وا كذا، تُعدِّد عليه، فقال حين أفاق: ما قلتِ شيئًا إلا قيل لي: آنْتَ كذلك؟
وقد تقدم
(2)
قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن ثابت: «فإذا وجب فلا تبكينَّ باكية» .
وهذا أصح ما قيل في الحديث
(3)
. ولا ريب أن الميت يسمع بكاء الحي، ويسمع قرْعَ نعالهم
(4)
، وتُعرَض عليهم
(5)
أعمالُ أقاربهم الأحياء
(6)
، فإذا رأوا فيها ما يسوءهم تألموا له. وهذا ونحوه مما يتعذب به
(1)
رقم (4267). وانظر أيضًا حديث أبي موسى الأشعري بمعناه ــ وهو أصرح دلالةً ــ عند أحمد (19716)، وابن ماجه (1594)، والحاكم (2/ 470).
(2)
في «المختصر» (2982)، وهو في «السنن» (3111) بإسناد حسن.
(3)
وهو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية في «جواب الاعتراضات المصرية» (ص 59 - 72)، و «مجموع الفتاوى» (24/ 369 - 376)، و «جامع المسائل» (3/ 138 - 141).
(4)
كما في حديث أنس عند البخاري (1338) ومسلم (2870).
(5)
أي: على الأموات، وفي الطبعتين:«عليه» خلافًا للأصل.
(6)
روي ذلك في عدة أحاديث مرفوعة، ولا يصح منها شيء. وفي الباب آثار موقوفة مروية من وجوه حسان، منها: عن أبي أيوب وأبي الدرداء في «الزهد» لابن المبارك (1/ 149، 2/ 42) و «المنامات» لابن أبي الدنيا (3 - 5)، وعن أبي هريرة في «تهذيب الآثار ــ مسند عمر» للطبري (2/ 510 - 511)، وعن سعيد بن جبير في «الزهد» لابن المبارك (1/ 151). وانظر:«الضعيفة» (443، 863، 864)، و «الصحيحة» (2758) كلاهما للألباني.
الميت ويتألم، ولا تعارض بين ذلك وبين قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} بوجهٍ ما.
[وأما الشافعي رحمه الله فإنه سلك في هذا الحديث مسلكَ عائشة بعينه، قال
(1)
: وما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه أن يكون محفوظًا عنه بدلالة الكتاب ثم السنة. قال: فإن قيل: فأين دلالة الكتاب
(2)
؟ قيل في قوله عز وجل: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 38، 39]، وقولِه:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، وقولِه:{لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: 15]. قال الشافعي: فإن قيل: أين دلالة السنة؟ قيل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: «ابنك هذا؟» قال: نعم، قال:«أما إنَّه لا يجني عليك ولا تجني عليه»
(3)
، فأَعلَمَ رسولُ الله مثلَ ما أعلم الله من أن جناية كل امرئٍ عليه كما عملُه له لا لغيره ولا عليه. والله أعلم]
(4)
.
(1)
في «اختلاف الحديث» (10/ 218 - 219 ــ ضمن الأم).
(2)
بعده في (هـ): «والسنة» ، وهو سهو، فإنه ليس في كتاب الشافعي ولا المنذري، سيأتي ذكر السنة مستقلًّا بعد هذا.
(3)
أخرجه أحمد (7107)، وأبو داود (4495)، وابن حبان (5995)، والحاكم (2/ 425) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(4)
ما بين الحاصرتين من (هـ)، والظاهر أن المجرّد لم يذكره لأنه ليس من زيادات المؤلف بل مما نقله من «مختصر المنذري» (ق 3/ 79 - 80 - النسخة البريطانية) بتصرف يسير.