الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا أعلم أحدًا وثَّقه إلا أحمد بن حنبل، وأما الناس فضعفوه
(1)
.
7 -
باب في الصيد
308/ 2730 - وعن عامر ــ وهو الشعبي ــ عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلتُ: إنا نَصيدُ بهذه الكلاب، فقال لي:«إذا أرسلتَ كلابَك المعلَّمة وذكرتَ اسم الله عليها، فكُلْ ممَّا أمسَكن عليك وإن قَتَلَ، إلا أن يأكلَ الكلبُ، فإن أكل فلا تأكل فإني أخافُ أن يكون إنّما أمسَكَهُ على نفسه»
(2)
.
وأخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه
(3)
.
309/ 2734 - وعن أبي ثعلبة ــ وهو الخشني ــ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيد الكلب: «إذا أرسلتَ كلبك وذكرت اسم الله، فكل وإن أكلَ منه، وكل ما رَدَّت يَدُك»
(4)
.
في إسناده داود بن عمرو الأَوْدي الدمشقي عامل واسط. وثَّقه يحيى بن معين. وقال الإمام أحمد: حديثه مقارب. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن عدي: ولا أرى برواياته بأسًا. وقال أحمد بن عبد الله العِجْلي: ليس بالقوي. وقال
(1)
ضعَّفه ابن معين والبخاري وأبو حاتم والنسائي والدارقطني. انظر: «تهذيب الكمال» (1/ 100).
(2)
تعليق المؤلف وقع عقب حديث أبي ثعلبة الآتي، وفي الباب قبله خمسة أحاديث (2729 - 2733)، كلها روايات مختلفة لحديث عدي بن حاتم، وآثرتُ إثبات هذه الرواية منها لشدّة اتصالها بالمسألة، وإشارة المؤلف إليها أثناء كلامه.
(3)
أبو داود (2848)، والبخاري (5487)، ومسلم (1929/ 2)، وابن ماجه (3208).
(4)
«سنن أبي داود» (2852). وأصل الحديث في البخاري (5478) ومسلم (1930) دون قوله: «وإن أكل منه» .
أبو حاتم الرازي: هو شيخ
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: ويُروى مثل ذلك من حديث عبد الله بن عمرو، وسيأتي آخر الباب والكلام عليه
(2)
.
(3)
من حديث إبراهيم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أرسلتَ الكلب فأَكَل من الصيد فلا تأكل، فإنما أَمْسَك على نفسه، وإذا أرسلت فقتل ولم يأكل فكُلْ فإنما أمسك على صاحبه» .
فاختُلف في إباحة ما أكل منه الكلب من الصيد:
فمنعه ابن عباس، وأبو هريرة، وعطاء، وطاوس، والشعبي، والنخعي، وعبيد بن عمير، وسعيد بن جبير، وأبو بردة، وسُوَيد بن غفَلة، وقتادة
(1)
انظر: «الجرح والتعديل» (3/ 420)، و «الكامل» لابن عدي (3/ 84)، و «معرفة الثقات» للعجلي (1/ 341).
(2)
الحديث في «المختصر» (2739)، وفي «السنن» (2857)، ولا يأتي في «التجريد» ، فإما أن ابن القيم لم يعلّق عليه بشيء غير ما ذكره المنذري من تخريجه، أو أن المجرّد فاته نقله. والشاهد فيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي ثعلبة:«إن كان لك كلاب مكلّبة فكلْ مما أمسكن عليك» . قال: ذكيًّا أو غير ذكي؟ قال: «نعم» . قال: فإن أكل منه؟ قال: «وإن أكل منه» .
(3)
رقم (2049) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم به. وإبراهيم عن ابن عباس مُرسَل. ثم إن حمادًا فيه لين، وكأنه وهم في رفعه، وإنما هو موقوف على ابن عباس من قوله، هكذا أخرجه عبد الرزاق (8513) وابن أبي شيبة (19918 - 19922) من طرق عنه، وعلّقه البخاري مجزومًا به في باب إذا أكل الكلب.
وغيرهم
(1)
.
وهو قول إسحاق
(2)
وأبي حنيفة وأصحابه
(3)
، وهو أصح الروايتين عن أحمد وأشهرهما
(4)
، وأحد قولي الشافعي
(5)
.
وأباحه طائفة، يُروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وسلمان، ويروى عن أبي هريرة أيضًا، وعن ابن عمر، رواه أحمد عنهم
(6)
. وبه قال مالك
(7)
والشافعي في القول الآخر، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
واحتجوا بحديث أبي ثعلبة المتقدم وحديث عبد الله بن عمرو الذي ذكره أبو داود في آخر الباب.
واحتجوا بما رواه عبد الملك بن حبيب
(8)
عن أسد بن موسى ــ وهو
(1)
انظر آثار هؤلاء في «مصنف ابن أبي شيبة» (19918 - 19935).
(2)
كما في «مسائله» برواية الكوسج (1/ 557).
(3)
انظر: «الأصل» للشيباني (5/ 365) و «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (7/ 249).
(4)
انظر: «مسائله» برواية الكوسج (1/ 557) وبرواية أبي داود (ص 343)، و «الإنصاف» (27/ 393 - 395).
(5)
انظر: «الأم» (3/ 591)، و «المجموع» (9/ 118 - 120).
(6)
ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (19938 - 19945).
(7)
انظر: «المدونة» (3/ 52 - 53) و «النوادر والزيادات» (4/ 343).
(8)
هو الفقيه المالكي الأندلسي (ت 238)، ولعله أخرج هذه الرواية في بعض كتبه، وممن نقله عنه الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (4/ 112).
والحديث منكر بذكر جواز الأكل منه إذا أكل الكلب، فإن الحديث مخرّج في «الصحيحين» من طرق عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، وفيه النهي عن الأكل منه إذا أكل الكلب لأنه يُخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه. والظاهر أن الحمل في هذا الخطأ على عبد الملك بن حبيب فإنه كان صَحَفيًّا كثير الوهم لا يدري الحديث. انظر ترجمته في «ميزان الاعتدال» (2/ 652).
أسد السنة ــ عن ابن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ــ فذكر نحو حديث أبي ثعلبة في جواز الأكل منه إذا أكل.
واحتجوا أيضًا بما رواه الثوري عن سماك عن مُرِّي بن قَطَري
(1)
عن عدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما كان من كلب ضارٍ أمسك عليك فكل» ، قلت: وإن أكل؟ قال: «نعم»
(2)
.
(1)
في الأصل هنا وفي الموضع الآتي: «قطن» ، تصحيف، وهو كذلك في مطبوعة «المحلى» والمؤلف صادر عنه، فهل تصحّف الاسم على ابن حزم فتبعه المؤلف، أو توافق نسَّاخ الكتابين على التصحيف؟ محتمل.
(2)
لم أجد الحديث مرويًّا في شيء من المصادر بهذا اللفظ، بل المروي من طريق الثوري وشعبة وحماد بن سلمة وإسرائيل، كلهم عن سماك، عن مُرِّي عن عدي قال: يا رسول الله، إني أرسل كلبي فيأخذ الصيد، فلا أجد ما أذكيه به فأذبحه بالمروة والعصا؟ قال:«أنهر الدم بما شئت، واذكر اسم الله عز وجل» .
أخرجه أحمد (18250، 18262 - 18264، 18267)، وأبو داود (2824)، والنسائي (4304)، وابن ماجه (3177)، وعبد الرزاق (8621).
وأقرب ما روي للفظ المذكور ــ لكن دون أن يكون فيه الشاهد ــ ما رواه الطبراني في «الكبير» (17/ 104) من طريق أبي الأحوص، عن سماك، عن مري، عن عدي قال: يا رسول الله، إنا نرسل كلابًا معلّمة؟ فقال:«إذا ذكرتَ اسم الله فكُل» . قلت: وإن قتلن؟ قال: «وإن قَتلن» . وهذا هو الموافق لما رواه الشعبي وهمّام بن الحارث عن عدي بن حاتم، كما في «الصحيحين» وغيرهما.
ذكر هذين الحديثين ابن حزم
(1)
، وتعلَّق على عبد الملك في الأول، وعلى أسد بن موسى. وتعلق في الثاني على سماك، وأنه كان يقبل التلقين ــ ذكره النسائي
(2)
ــ، وعلى مُرِّي بن قَطَري.
وقد تقدم تعليل حديث أبي ثعلبة بداود بن عمرو. وهو ليس بالحافظ، قال فيه ابن معين مرة: مستور
(3)
.
قال أحمد
(4)
: يختلفون في حديث أبي ثعلبة على هُشَيم، وحديث الشعبي عن عدي مِن أصحِّ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، الشعبي يقول: كان جاري وربيطي فحدّثني
(5)
، والعمل عليه.
وسلكت طائفة مسلك الجمع بين الحديثين، فقال الخطابي
(6)
: يمكن
(1)
«المحلى» (7/ 470 - 472).
(2)
في «الكبرى» عقب الحديثين (3295، 5167)، وفي «المجتبى» عقب الحديث (5677).
(3)
كذا في الأصل، والذي في «الجرح والتعديل» (3/ 420) و «تهذيب الكمال» (2/ 423):«مشهور» .
(4)
نقله عنه في «المغني» (13/ 264).
(5)
لفظ مسلم (1925/ 5): «سمعت عدي بن حاتم، وكان لنا جارًا ودخيلًا وربيطًا بالنهرين» . قال النووي: «الربيط هنا بمعنى المرابط، وهو الملازم، والرباط الملازمة» .
(6)
«معالم السنن» (4/ 136)، والمجرد لم ينقل النص بتمامه، بل ذكر طرفًا منه إلى قوله:«الحديثين» ثم قال: «فذكر [أي: ابن القيم] ما ذكره عنه المنذري» . وهو ساقط من مطبوعة «المختصر» ، وموجود في أصله الخطِّي (النسخة البريطانية)، فنقلتُه منه بين الحاصرتين، وختمته بـ «آخر كلامه» على عادة المؤلف في فصل كلامه عن كلام غيره.
أن يوفق بين الحديثين [بأن يُجعل حديث أبي ثعلبة أصلًا في الإباحة، وأن يكون النهي في حديث عديِّ بن حاتم على معنى التنزيه دون التحريم. ويحتمل أن يكون الأصل في ذلك حديث عدي بن حاتم، ويكون النهي على التحريم الباتِّ، ويكون المراد بقوله: «وإن أكل» فيما مضى من الزمان وتقدّم منه، لا في هذه الحال. آخر كلامه].
والصواب في ذلك أنه لا تعارض بين الحديثين على تقدير الصحة، ومحمل حديث عدي في المنع على ما إذا أكل منه حال صيده، لأنه إنما صاده لنفسه، ومحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن صاده وقتَله ولَهِيَ عنه
(1)
، ثم أقبل عليه فأكل منه فإنه لا يَحْرُم، لأنه أمسكه لصاحبه، وأَكْلُه منه بعدَ ذلك كأكلِه من شاةٍ ذكّاها صاحبها أو من لحمٍ عنده. فالفرق بين أن يصطاد ليأكل، أو يصطاد ثم يعطف عليه فيأكل منه. فهذا أحسن ما يُجمع به بين الحديثين. والله تعالى أعلم.
* * *
(1)
ط. الفقي: «وقبله ونهى عنه» ، تحريف يفسد المعنى.