الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: وأما حجتكم الثالثة بأنه لم يأمرهم بالقضاء، فجوابه من وجهين:
أحدهما: أنا قد ذكرنا حديث أبي داود: «أنهم أُمِروا بالقضاء» ، وقد اختلف في هذا الحديث، فإن كان ثابتًا فهو دليل على الوجوب.
وإن لم يكن ثابتًا، فإنما لم يؤمروا بالقضاء لعدم تقدُّم الوجوب
(1)
، إذ الوجوب إنما ثبت عند أمره، فاكتفى منهم بإمساك ما بقي، كالصبي يبلغ، والكافر يسلم، والله أعلم.
42 -
باب صوم الثلاث من كل شهر
261/ 2339 - عن ابن مِلْحان القَيسيِّ عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصومَ البِيضَ: ثلاثَ عَشْرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، قال: وقال: «هُنَّ كهيئة الدَّهْر» .
وأخرجه النسائي وابن ماجه
(2)
.
واختلف في ابن ملحان هذا، فقيل: هو قتادة بن ملحان القيسي، وله صحبة، والحديث في مسنده.
وقيل: هو ملحان بن شِبل، والد عبد الملك بن ملحان، والحديث من
(1)
. هذا وما يأتي من تعليله هو الوجه الثاني في الجواب عن الحجة الثالثة.
(2)
. أبو داود (2449)، والنسائي (2432)، وابن ماجه (1707) من رواية همّام بن يحيى العَوذي، عن أنس بن سيرين، عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان (ولم يُسمّه أبو داود) عن أبيه.
وأخرجه أحمد (17513)، وابن ماجه (1707)، وابن حبّان (3651) من رواية شعبة، عن أنس، عن عبد الملك بن المنهال عن أبيه. قال ابن ماجه: أخطأ شعبة وأصاب همّام.
مسنده. وقال يحيى بن معين: وهو الصواب.
وقيل: إنه منهال بن ملحان القيسي، والد عبد الملك، قال ابن معين: وهو خطأ.
وقال أبو عمر النمري
(1)
: وحديث همّام أيضًا خطأ، والصواب: ما قال شعبة، وليس همام ممن يعارَض به شعبة. وذكر خلاف هذا في موضع آخر فقال
(2)
: يقال: إن شعبة أخطأ في اسمه، إذ قال فيه: منهال بن ملحان. قال: وقال البخاري
(3)
: حديث همام أصح من حديث شعبة. قال: ومنهال بن ملحان لا يُعرف في الصحابة، والصواب: قتادة بن ملحان القيسي، تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الملك بن قتادة، يُعَدُّ في أهل البصرة.
وقال أبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة»
(4)
: المنهال، أبو عبد الملك بن المنهال: رجل من بني قيس بن ثعلبة، نزل البصرة ــ وذكر عنه هذا الحديث. وقال في حرف القاف
(5)
: قتادة بن ملحان القيسي، سكن البصرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا ــ وذكر له هذا الحديث. فظاهر هذا أنهما عنده اثنان، غير أنه ذكر بعد هذا أن شعبة خالف همامًا، فقال فيه: عبد الملك بن منهال القيسي عن أبيه.
وقال بعضهم: لعل أبا داود أسقط اسمه لأجل هذا الاضطراب.
(1)
. «الاستيعاب» (4/ 1483 - 1484)، وفيه كلام ابن معين أيضًا.
(2)
. «الاستيعاب» (3/ 1274).
(3)
. انظر: «التاريخ الكبير» (5/ 429).
(4)
. ليس في القدر المطبوع، إذ آخر اسم فيه «مرثد بن ربيعة» ، وما بعده إلى آخر الكتاب لا يزال مفقودًا.
(5)
. (4/ 206).
قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي
(1)
عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثةً، فَصُمْ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة» .
وفي «صحيح مسلم»
(2)
عن أبي قتادة يرفعه: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله» .
وروى النسائي
(3)
عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيامُ الدهر: أيام البيض صبيحةَ ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة» .
وروي أيضًا عن أبي هريرة قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها فوضعها بين يديه، فأمسك فلم يأكل وأمر القوم أن يأكلوا، وأمسك الأعرابي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«ما منعك أن تأكل؟» قال: إني أصوم ثلاثة أيام
(1)
. أحمد (21437)، والترمذي (761)، والنسائي (2424) من طريق موسى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبي ذر. والحديث حسَّنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة (2128) وابن حبان (3655، 3656).
وقد وقع في هذا الحديث اختلاف عن موسى بن طلحة، فروي عنه عن أبي ذر كما سبق، وعنه عن ابن الحَوتكية عن أبي ذر، وعنه عن أبي هريرة، وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. انظر:«سنن النسائي» (2421 - 2429)، و «صحيح ابن خزيمة» (2127)، و «علل الدارقطني» (239).
(2)
. برقم (1162).
(3)
. برقم (2420) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن جرير. إسناده صحيح إن سَلِم من تدليس أبي إسحاق وإرساله.