الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصبي إذا استهلَّ وَرِث وصُلِّي عليه» .
ورواه الترمذي
(1)
، وقال:«هذا حديث قد روي موقوفًا على جابر، وكأنّ الموقوف أصح» ، ولفظه
(2)
: «الطفل لا يُصلَّى عليه، ولا يَرِث ولا يُورَث حتى يستهل» .
وفي «مسند البزار»
(3)
من حديث ابن عمر يرفعه: «استهلال الصبي العُطاس» . فيه ابن البَيْلَماني عن أبيه
(4)
.
7 -
باب في الحِلْفِ
317/ 2805 - عن جُبير بن مُطْعِم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حِلْفَ في الإسلام، وَأَيُّما حِلْفٍ كان في الجاهلية لم يَزِده الإسلامُ إلَّا شدَّةً» .
وأخرجه مسلم
(5)
.
318/ 2806 - وعن أنس بن مالك قال: حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا، فقيل له: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حلف في الإسلام» ، فقال: «حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا، مرَّتين
(1)
برقم (1032) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعًا. وإسماعيل بن مسلم ضعيف.
(2)
أي لفظ الترمذي في الرواية المرفوعة، ثم قال عقبه ما سبق نقله باختصار. والمؤلف صادر عن «الأحكام الوسطى» (3/ 336) في هذا التقديم والتأخير المُوهِم.
(3)
(5409).
(4)
هما: محمد بن عبد الرحمن ابن البَيلَماني، وأبوه. كلاهما ضعيف، لاسيما الابن فإنه منكر الحديث، وقد تفرد بهذا الخبر عن أبيه، فهو من مناكيره.
(5)
أبو داود (2925)، ومسلم (2530).
أو ثلاثا.
وأخرجه البخاري ومسلم
(1)
بنحوه.
قال سفيان بن عيينة
(2)
: معنى «حالف» آخى، ولا حِلف في الإسلام كما جاء به الحديث.
وقال غيره: أصل الحِلف المعاقدةُ والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، وهو من الحلف التي هي اليمين، فما كان منه في الجاهلية على القتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله عليه السلام:«لا حِلف في الإسلام» ، وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصِلة الأرحام كحِلف المطيبين
(3)
وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:«وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزِده الإسلام إلا شِدَّةً» ، يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق. فبذلك يُجمَع الحديثان.
وقيل: المُحالفة كانت قبل الفتح، وقوله:«لا حلف في الإسلام» قاله زمنَ الفتح فكان ناسخًا
(4)
.
قال ابن القيم رحمه الله: فالظاهر ــ والله أعلم ــ أن المراد بالحديث: أن الله
(1)
أبو داود (2926)، والبخاري (2294)، ومسلم (2529).
(2)
عقب الحديث، كما عند أحمد (12089) والخطابي في «غريب الحديث» (2/ 212)، والمنذري صادر عن «المعالم» (4/ 190).
(3)
رسمه في المخطوط: «المطلبين» ، ولعل الصواب ما أثبت.
(4)
كلام المنذري في معنى الحديث ساقط من مطبوعة «المختصر» ، فأثبتناه من أصله الخطي (النسخة البريطانية). وقد أشار المجرّد إلى أن ابن القيم بدأ بذكر الوجوه التي ذكرها المنذري في الحلف، واستضعفها ثم قال: «فالظاهر
…
» إلخ.
تعالى قد ألَّف بين المسلمين بالإسلام، وجعلهم به إخوةً متناصرين متعاضدين يدًا
(1)
واحدة بمنزلة الجسد الواحد، فقد أغناهم بالإسلام عن الحلف. بل الذي توجبه أخوّةُ الإسلام لبعضهم على بعضٍ أعظمُ مما يقتضيه الحلف.
فالحلف إن اقتضى شيئًا يخالف الإسلام فهو باطل، وإن اقتضى ما يقتضيه الإسلام فلا تأثير له، فلا فائدة فيه. وإذا كان قد وقع في الجاهلية ثم جاء الإسلام بمقتضاه لم يزده إلا شدةً وتأكيدًا.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «شهدت حِلْفًا في الجاهلية ما أحب أن لي به حُمْرَ النَّعَم، لو دُعِيتُ إلى مثله في الإسلام لأجبت»
(2)
، فهذا ــ والله أعلم ــ هو حلف المُطيَّبين
(3)
، حيث تحالفت قريش على نصر المظلوم، وكفِّ الظالم
(1)
في الأصل وط. المعارف: «يد» ، والمثبت من ط. الفقي.
(2)
أخرجه البزار (1024) والطوسي في «مختصر الأحكام» (1346) بنحوه، وأخرج البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 295) طرفًا منه، من طرق فيها مقال عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جدّه.
وله شاهد من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف مرسلًا عند ابن إسحاق (سيرة ابن هشام 1/ 134) والبيهقي (6/ 367). وروي نحوه من حديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد (1655) وابن حبان (4373) والحاكم (2/ 220)، ولكن ليس فيه موضع الشاهد:«لو دُعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت» .
(3)
كذا ورد مصرَّحًا في حديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد وابن حبان والحاكم، ولكن في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق المدني، في حديثه بعض ما يُنكر ولا يُتابَع عليه، وهذا الحديث مما أنكره عليه ابن عدي في ترجمته في «الكامل» (4/ 301). وورد أيضًا في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة مرفوعًا عند ابن حبان (4374)، ولكن في إسناده ضعف، ورجَّح الدارقطني في «العلل» (1779) أن الصواب عن أبي سلمة مرسلًا.
وقد اعتبر بعض العلماء ما ورد من ذكر «حلف المطيبين» غلطًا، قالوا: والصواب: «حلف الفضول» ، لأن حلف المطيّبين كان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بزمان. وقد أجاب ابن حبان وغيره بأن المراد حِلْف الفُضُول الذي عقده المُطَيَّبون. انظر:«صحيح ابن حبان» عقب (4374)، و «السنن الكبرى» للبيهقي (6/ 365 - 367)، و «البداية والنهاية» (3/ 455 - 456)، و «البدر المنير» (7/ 325 - 329).
ونحوه، فهذا إذا وقع في الإسلام كان تأكيدًا لموجَب الإسلام وتقوية.
وأما الحلف الذي أبطله فهو تحالف القبائل بأن يقوم بعضها مع بعض وينصره، ويحارب من حاربه، ويسالم من سالمه. فهذا لا يُعقَد في الإسلام. وما كان منه قد وقع في الجاهلية، فإن الإسلام يؤكده ويشده، إذْ صار موجَبُه في الإسلام التناصرَ والتعاضدَ والتساعد على إعلاء كلمة الله تعالى وجهاد أعدائه، وتألّف
(1)
الكلمة، وجمع الشمل.
319/ 2806 - وعن أنس بن مالك قال: حالَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارِنا، فقيل له: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حِلْفَ في الإسلام؟» ، فقال: حالفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا ــ مرتين أو ثلاثًا ــ.
وأخرجه البخاري ومسلم
(2)
بنحوه.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد تبين أن الحِلف الذي نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس
(1)
في الطبعتين: «تأليف» ، والمثبت أقرب إلى رسم الأصل.
(2)
أبو داود (2926)، والبخاري (2294)، ومسلم (2529).
هو الحلفَ والإخاء الذي عقده بين المهاجرين والأنصار، ويشبه أن يكون أنس فَهِم من السائل له: أن النهي عن الحلف متناول لمثل ما عقده النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه أنس بحلف النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه في دارهم، والله أعلم.
* * *