الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس بصحيح».
20 -
من أصبح جنبًا في شهر رمضان
229/ 2283 - عن عائشة وأم سلمة زَوْجَي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالتا: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جُنبًا في رمضان من جِماع غير احتلام، ثم يصوم» .
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي
(1)
مختصرًا ومطولًا.
وقال أبو داود: ما أقل من يقول هذه الكلمة، يعني:«يصبح جنبًا في رمضان» ، وإنما الحديث:«كان يصبح جنبًا وهو صائم» . هذا آخر كلامه.
وقد وقعت هذه الكلمة في «صحيح مسلم» وفي كتاب النسائي
(2)
.
230/ 2284 - وعن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب: يا رسول الله، إني أصبح جُنبًا وأنا أريد الصيام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وأنا أصبح جنبًا وأنا أريد الصيام، فأغتسلُ وأصوم» ، فقال الرجل: يا رسول الله، إنك لستَ مثلنا، قد غَفَر الله لك ما تَقدم من ذنبك وما تأخَّر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«والله إني لأرجو أن أكونَ أخشاكم لله وأعلمَكم بما أَتَّبع» .
وأخرجه مسلم والنسائي
(3)
.
قال ابن القيم رحمه الله: اختلف السلف في هذه المسألة: فذهب بعضهم
(1)
. أبو داود (2388)، والبخاري (1925)، ومسلم (1109)، والنسائي في «الكبرى» (2944 - 3001).
(2)
. مسلم (1109/ 78)، والنسائي (2971).
(3)
. أبو داود (2389)، ومسلم (1110)، والنسائي في «الكبرى» (3013).
إلى إبطال صومه إذا أصبح جنبًا واحتجوا بما في «صحيح مسلم»
(1)
عن أبي هريرة أنه كان يقول في قصصه: «من أدركه الفجر جنبًا فلا يصوم» . واختلفت الرواية عن أبي هريرة، فالمشهور عنه أنه لا يصح صومه.
وعنه رواية ثانية
(2)
: أنه إن علم بجنابته ثم نام حتى يُصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى أصبح فهو صائم. وروي هذا المذهب عن طاوس وعروة بن الزبير
(3)
.
وذهبت طائفة إلى أن الصوم إن كان فرضًا لم يصح، وإن كان نفلًا صح، وروي هذا عن إبراهيم النخعي والحسن البصري
(4)
.
وعن أبي هريرة رواية ثالثة: أنه رجع عن فتياه إلى قول الجماعة
(5)
.
وذهب الجمهور إلى صحة صومه مطلقًا في الفرض والنفل، وقالوا: حديث أبي هريرة منسوخ. واستشكل طائفة ثبوتَ النسخ، وقالت: شرط النسخ أن يعلم تأخُّره بنقلٍ، أو تُجمِعَ الأمةُ على ترك الخبر المعارض له فيعلم أنه منسوخ، وكلا الأمرين منتفٍ هاهنا، فمِن أين لكم أن خبر أبي هريرة متقدّم على خبر عائشة؟!
(1)
. (1109/ 75).
(2)
. أخرجها النسائي في «الكبرى» (2944). وانظر: «الإشراف» لابن المنذر (3/ 136)، و «التمهيد» (17/ 424).
(3)
. أخرجه ابن أبي شيبة (9675) عن طاوس، وعبد الرزاق (7405) عن عروة.
(4)
. أخرجه ابن أبي شيبة (9672) عنهما.
(5)
. صحّ رجوعه عند مسلم (1109/ 75)، وابن أبي شيبة (9668، 9674) من طرق عنه.
والجواب عن هذا: أنه لا يصح أن يكون آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم إبطالَ الصوم بذلك، لأن أزواجه أعلم الأمة بهذا الحكم، وقد أخبرْنَ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصبح جنبًا ثم يصوم. [ق 124] ولو كان هذا هو المتقدم لكان المعروفُ عند أزواجه مثلَ حديث أبي هريرة، ولم يحتجَّ أزواجه بفعله الذي كان يفعله ثم نُسِخ، ومُحال أن يخفى هذا عليهن، فإنه كان يَقْسِم لهن إلى أن مات في الصوم والفطر.
هذا مع أن الحديث في مسلم غير مرفوع، وإنما فيه:«كان أبو هريرة يقول في قصصه» حسب، وفي الحديث أن أبا هريرة لما حُوقِق على ذلك ردَّه إلى الفضل بن عباس، فقال:«سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم» ، هذا الذي في مسلم
(1)
، وفي لفظ:«حدثني الفضل بن عباس»
(2)
.
قال البخاري
(3)
: وقال همام وابن عبد الله بن عمر عن أبي هريرة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالفطر» ، والأول أسند.
ولكن رفعه صحيح، رواه سفيان عن عمرو عن
(4)
يحيى بن جَعْدة قال: سمعتُ عبد الله بن عمرٍو القاريَّ قال: سمعت أبا هريرة يقول: «لا، وربِّ هذا البيت ما أنا قلته: من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصم، محمد صلى الله عليه وسلم
(1)
. (1109/ 75).
(2)
. أخرجه البخاري (1926).
(3)
. عقب الحديث السابق. وانظر: «تغليق التعليق» (3/ 147 - 148).
(4)
. في الأصل وط. الفقي: «بن» ، والتصحيح من مصادر الحديث، وعمرو هو ابن دينار.
قاله»
(1)
.
ومع هذا فقد روى النسائي
(2)
من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: كنت مع عبد الرحمن عند مروان فذكروا أن أبا هريرة يقول: من احتلم وعلم باحتلامه ولم يغتسل حتى يصبح، فلا يصم ذلك اليوم، قال: اذهبْ فسَلْ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فذهب، وذهبت معه ــ فذكر الحديث ــ وقال: فأتيتُ مروان فأخبرتُه قولَهما ــ يعني أم سلمة وعائشة ــ فاشتد عليه اختلافهم تخوّفًا أن يكون أبو هريرة يُحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
، فقال مروان لعبد الرحمن: عزمتُ عليك لمَّا أتيتَه فحدّثته: أعن رسول الله صلى الله عليه وسلم تروي هذا؟ قال: لا، إنما حدّثني فلان وفلان.
ولا ريب أن أبا هريرة لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال مرة:«أخبرنيه الفضل بن عباس» ، ومرة قال:«أخبرنيه أسامة بن زيد»
(4)
، وفي رواية عنه:«أخبرنيه فلان وفلان» ، وفي رواية:«أخبرني رجل»
(5)
، وفي رواية:«أخبرنيه مخبر»
(6)
، وفي رواية «هكذا كنت أحسب»
(7)
.
(1)
. أخرجه أحمد (7388)، والنسائي في «الكبرى» (2936)، وإسناده صحيح كما قال المؤلف.
(2)
. في «الكبرى» (2944).
(3)
. في الطبعتين: «النبي صلى الله عليه وسلم» خلافًا للأصل.
(4)
. أخرجه النسائي في «الكبرى» (2943).
(5)
. لم أقف عليها.
(6)
. أخرجها مالك في «الموطأ» (795)، والنسائي في «الكبرى» (2945، 2946).
(7)
. أخرجها أحمد (25509)، والنسائي (2947).
قال المنذري
(1)
: قال الخطابي
(2)
: وأحسن ما سمعت في تأويل ما رواه أبو هريرة في هذا أن يكون ذلك محمولًا على النسخ، وذلك أن الجماع كان في أول الإسلام محرَّمًا على الصائم في الليل بعد النوم كالطعام والشراب. فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم ذلك اليوم لارتفاع الحظر المتقدم، فيكون تأويل قوله:«من أصبح جنبًا فلا صومَ له» أي مَن جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزئه صومُ غدِه، لأنه لا يصبح جنبًا إلا وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة [عين]، فكان أبو هريرة يفتي بما سمعه من الفضل بن العباس على الأمر الأول ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع خبر عائشة وأم سلمة [صار إليه.
وقال الشافعي
(3)
: أخذنا بحديث عائشة وأم سلمة]
(4)
زوجَي النبي صلى الله عليه وسلم دون ما روى أبو هريرة [عن رجل] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعانٍ:
منها: أنهما زوجتاه، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل إنما يعرفه سماعًا أو خبرًا.
ومنها: أن عائشة مقدَّمة في الحفظ، وأن أم سلمة حافظة، ورواية اثنين أكثر من واحد.
(1)
. كلام المنذري أشار إليه المجرّد في حاشية الأصل بقوله: «ثم بعد أن كتب الشيخ هذا بخطّه، ذكره بعد [كذا، والصواب: ذكر بعده] كلام الحافظ المنذري، وهو مطوّل في حاشية المنذري، حكى فيه كلام الشافعي والخطابي» . قلتُ: ليس في مطبوعة «المختصر» ما أشار إليه من كلام المنذري، وإنما هو في حاشية أصله الخطّي (ق 2/ 172 - النسخة البريطانية)، فأثبتُّ منه ما حكاه من كلام الخطابي والشافعي، وما عداه فالمؤلف قد ضمّنه في ثنايا تعليقه.
(2)
. في «المعالم» (3/ 265 - 267)، وما بين الحاصرتين منه.
(3)
. في «اختلاف الحديث» (10/ 187 - 189)، وما يأتي بين الحاصرتين فمنه.
(4)
. ما بين الحاصرتين سقط من مخطوطة «المختصر» لانتقال النظر.