الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأضاحي
1 -
باب ما جاء في وجوب الأضاحي
294/ 2670 - عن مِخنَف بن سُليم قال: ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال: «يا أيها الناس، إنَّ على أهلِ كلِّ بيت في كلِّ عام أُضحية وعَتيرَة، أتدْرونَ ما العَتيرَة؟ هذه التي يقول الناس الرَّجَبِية» .
وأخرجه النسائي وابن ماجه والترمذي
(1)
، وقال: حسن غريب، ولا نعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من هذا الوجه من حديث ابن عون.
وقال الخطابي
(2)
: ضعيف المخرج، وأبو رملة مجهول.
وقال أبو بكر المعافري
(3)
: هوحديث ضعيف لا يحتج به
(4)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وقال عبد الحق
(5)
: إسناد هذا الحديث ضعيف. وقال ابن القطان
(6)
: يرويه حبيب بن مخنف ــ وهو مجهول ــ عن أبيه
(7)
.
(1)
أبو داود (2788)، والنسائي (4224)، وابن ماجه (3125)، والترمذي (1518)، كلهم من طريق عبد الله بن عون، عن عامر أبي رملة، عن مِخْنَف به.
(2)
«معالم السنن» (4/ 94).
(3)
هو ابن العربي المالكي في «عارضة الأحوذي» (6/ 241).
(4)
لفظ تعليق المنذري من (هـ)، وفيه تصرّف واختصار من المؤلف.
(5)
«الأحكام الوسطى» (4/ 126).
(6)
«بيان الوهم والإيهام» (3/ 577 - 578).
(7)
أخرجه عبد الرزاق (8001)، وعنه أحمد (20730) إلا أنه لم يقل:«عن أبيه» وجعله من مسند حبيب. قال أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (2/ 839 - 840): «كان عبد الرزاق يرويه في بعض الأوقات مجوّدًا هكذا (عن أبيه)، ورواه مرّة عن حبيب نفسه» . وعلى كلٍّ، ففي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف، وحبيب مجهول.
وفيه أبو رَمْلة عامر بن أبي رملة لا يعرف إلا به. انتهى.
[وقال البيهقي
(1)
: هذا إن صحّ فهو على طريق الاستحباب، وقد جَمَع بين الأضحية والعتيرة، والعتيرة غيرُ واجبةٍ بالإجماع.
وقال غيره: هذا الحديث منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا فرَعَ ولا عتيرة»
(2)
.
وقيل: «لا» لنفي الوجوب، والحديث يدل على الاستحباب ليكون جمعًا بين الحديثين.
قال الخطّابي
(3)
: وكان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبح العتيرة في شهر رجب، ويروي فيها شيئًا
(4)
.
وقال أبو داود
(5)
: العتيرة منسوخة.
وقال غيره
(6)
: قال بعض السلف ببقاء حكمها]
(7)
.
(1)
«معرفة السنن» (14/ 17).
(2)
أخرجه البخاري (5473)، ومسلم (1976) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
«معالم السنن» (4/ 123).
(4)
انظر: «مصنف عبد الرزاق» (7999).
(5)
في رواية ابن داسة، كما في هامش «السنن» طبعتي دار الصدّيق ودار التأصيل.
(6)
لفظ «المختصر» : «وقال اليَحصُبي» ، هو القاضي عياض في كتابه «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» (2/ 65).
(7)
ما بين الحاصرتين من (هـ)، ولعل المجرّد لم ينقله لأنه كلَّه ــ خلا النقل عن أبي داود ــ من كلام المنذري في «المختصر» مع تصرّف يسير من المؤلف.
وقد روى أحمد في «مسنده»
(1)
عن أبي رزين العقيلي أنه قال: يا رسول الله، إنا كنا نذبح في رجبٍ ذبائحَ فنأكل منها ونُطعم مَن جاءنا، فقال:«لا بأس بذلك» .
وفي «المسند» أيضًا و «سنن النسائي»
(2)
عن الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، قال: فقال رجل: يا رسول الله، الفرائع والعتائر؟ قال:«مَن شاء فَرَّع ومن شاء لم يُفرِّع، ومن شاء عَتَر ومن شاء لم يَعتِر، في الغنم أضحيةٌ» .
وسيأتي بعد هذا في باب العتيرة
(3)
[ق 153] قول النبي صلى الله عليه وسلم: «في كل
(1)
برقم (16202)، وأيضًا النسائي (4233)، وابن حبان (5891)، كلهم من طريق وكيع بن حُدُس ــ وقيل: ابن عدس ــ العُقيلي، عن عمه أبي رَزِين رضي الله عنه.
وهذا إسناد حسن، فوكيع يحسّن له الترمذي، وقال ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» (ص 200):«من الأثبات» ، وقال الجورقاني في «الأباطيل والمناكير» (1/ 385):«صدوق صالح الحديث» .
(2)
أحمد (15972)، والنسائي (4226)، وأيضًا الحاكم (4/ 232، 236) من طريقين يقوّي أحدهما الآخر، عن زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو، عن جدّه رضي الله عنه. وزُرارة له رؤية، وذكره ابن حبّان في ثقات التابعين. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، فإن الحارث بن عمروِ السهمي صحابي مشهور، وولده بالبصرة مشهورون
…
».
(3)
في «المختصر» (2712) و «السنن» (2830) وليس في «التجريد» ، ولفظه: قال نُبيشة: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنّا نعتِر عتيرةً في الجاهلية في رجبٍ فما تأمرنا؟ قال: «اذبحوا لله في أي شهر كان، وبَرُّوا لله عز وجل وأطعموا» . قال: إنا كنّا نفرع فرَعًا في الجاهلية، فما تأمرنا؟ قال:«في كلّ سائمةٍ فرَعٌ تَغْذُوه ماشِيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه» .
وأخرجه أحمد (20723)، والنسائي (4229)، والحاكم (4/ 235) وقال: صحيح الإسناد. قلتُ: هو على رسم مسلم.
سائمة من الغنم فَرَع» فهذه الأحاديث تدل على مشروعيته.
وقال ابن المنذر
(1)
: ثبت أن عائشة قالت: أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الفَرَعة من كل خمسين بواحدة
(2)
. قال: وروينا عن نُبَيشة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا نَعتِر عتيرةً في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ فقال:«في كل سائمة فَرَع» ، اختصر الحديث، وسيأتي لفظه.
قال: وخبر عائشة وخبر نبيشة ثابتان. قال: وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية، ويفعلها بعض أهل الإسلام، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما، ثم نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«لا فرع ولا عتيرة» ، فانتهى الناس عنهما لنهيه إياهم عنهما.
(1)
«الإشراف» (3/ 425 - 426)، والمؤلف صادر عن «الاعتبار» للحازمي (ص 571 - 572).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (7997)، وأبو داود (2833)، والبيهقي (9/ 312) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن يوسف بن ماهك، عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، عن عائشة. وصحح الحافظ إسناده في «الفتح» (9/ 598). وفيه نظر، فإن عبد الله بن عثمان بن خثيم، وإن كان صدوقًا، ولكنه أنكرت عليه أحاديث حتى قال ابن معين:«أحاديثه ليست بالقوية» ، وقال ابن حبان في «الثقات» (5/ 34):«كان يخطئ» . وقد اضطَرب في رواية هذا الحديث، فرواه تارةً هكذا:«من كل خمسين بواحدة» ، وتارةً:«من الخمسةِ واحدة» ، كما عند أحمد (24530، 25250)، وأبي يعلى (4509)، والحاكم (4/ 236) من طُرق عنه.
ومعلوم أن النهي لا يكون إلا عن شيء قد كان يُفعَل، ولا نعلم أن أحدًا من أهل العلم يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهاهم عنهما ثم أذن فيهما.
والدليل على أن الفعل كان قبل النهي: قوله في حديث نبيشة: «إنا كنا نَعتِر عتيرة في الجاهلية، وإنا كنا نُفرِّع فَرَعًا في الجاهلية» .
وفي إجماع عوامّ علماء الأمصار أن استعمالهما
(1)
ذلك وقوف عن الأمر بهما، مع ثبوت النهي عن ذلك= بيانٌ لما قلنا.
وقد كان ابن سيرين من بين أهل العلم يذبح العتيرة في شهر رجب، وكان يروي فيها شيئًا. وكان الزهري يقول:«الفرعة أول نتاج، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في رجب»
(2)
. آخر كلام ابن المنذر.
وقال أبو عبيد
(3)
: هذا منسوخ. وكان إسحاق بن راهويه يحمل قوله: «لا فرع ولا عتيرة» أي لا يجب ذلك، ويحمل هذه الأحاديث على الإذن فيها
(4)
. قال الحازمي
(5)
: وهذا أولى مما سلكه ابن المنذر.
(1)
في الأصل و (هـ): «استعمالها» ، والتصحيح من «الاعتبار» ، وفي مطبوعة «الإشراف»:«عن استعمالهما، والوقوف عن الأمر بهما» .
(2)
أخرجه الحميدي في «المسند» (1126)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار (1061). وهو في «الصحيحين» عقب حديث «لا فَرَع ولا عتيرة» دون التصريح أنه من قول الزهري، والحديث مروي من طريقه.
(3)
«غريب الحديث» (1/ 247 - 248).
(4)
انظر قول إسحاق في «مسنده» عقب الحديث (1034).
(5)
«الاعتبار» (ص 573).
وقال الشافعي
(1)
: الفرَعة شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بِكر ناقته لا يَغذُوه رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«افرعوا إن شئتم»
(2)
أي اذبحوا إن شئتم. وكانوا يسألونه عما يصنعونه في الجاهلية خوفًا أن يُكره في الإسلام، فأعلمهم أنهم لا بركة لهم فيه، وأمرهم أن يغذوه، ثم يحملون عليه في سبيل الله.
قال البيهقي: أو يذبحونه ويُطعمونه، كما في حديث نبيشة.
قال الشافعي: وقوله: «الفرَعة حق»
(3)
أي ليست بباطل، ولكنه كلام عربي يخرج على جواب السائل. قال الشافعي: وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا فرَع ولا عتيرة» ، وليس باختلاف من الرواة، إنما هو: لا فرَعة ولا عتيرة واجبة. والحديث الآخر في الفرعة والعتيرة يدل على معنى هذا أنه أباح
(1)
أسنده عنه البيهقي في «معرفة السنن» (14/ 74 - 75) ــ واللفظ له ــ، وفي «السنن الكبرى» (9/ 313).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (7991، 7994) من مرسل طاوس ومجاهد، وتتمة مرسل طاوس:«وأن تدعه حتى يبلغ فتحمِلَ عليه في سبيل الله، أو تصل به قرابةً خير من أن تذبحه فيختلط لحمُه بشعره» .
ويشهد لهذا المرسل ما تقدم من أحاديث أبي رزين العُقَيلي، والحارث بن عمرو السهمي، ونبيشة الهذلي، وما سيأتي من حديث عبد الله بن عمرو.
(3)
جزء من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وتمامه:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرع، قال: الفرع حقٌّ، وأن تتركوه حتى يكون بَكرًا شُغْزُبًّا ابنَ مخاضٍ، أو ابنَ لبون، فتُعطيه أرملةً أو تحمل عليه في سبيل الله خيرٌ من أن تذبحه فيَلْزق لحمُه بوبره، وتكفَأَ إناءَك، وتُولِهَ ناقتك» . أخرجه أحمد (6759)، وأبو داود (2842)، والحاكم (4/ 236)، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدّه.
الذبح، واختار له أن يُعطِيه أرملةً، أو يحمل عليه في سبيل الله. والعتيرة هي الرجبية، وهي ذبيحة كان أهل الجاهلية يتبرّرون بها في رجب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا عتيرة» على معنى: لا عتيرة لازمة.
وقوله حين سُئل عن العتيرة: «اذْبحوا لله في أي شهر ما كان، وبروا لله وأطعموا»
(1)
أي اذبحوا
(2)
إن شئتم واجعلوا الذبح لله لا لغيره في أي شهر ما كان، لا أنها في رجب دون ما سواه من الشهور. آخر كلامه.
وقال أصحاب أحمد
(3)
: لا يسنّ شيء من ذلك، وهذه الأحاديث منسوخة.
قال الشيخ أبو محمد
(4)
: «ودليل النسخ أمران، أحدهما: أن أبا هريرة هو الذي روى حديث «لا فرع ولا عتيرة» وهو متفق عليه. وأبو هريرة متأخر الإسلام، أسلم في السنة السابعة من الهجرة.
والثاني: أن الفرع والعتيرة كان فِعلهما أمرًا متقدمًا على الإسلام. فالظاهر بقاؤهم عليه إلى حين نَسْخه واستمرارُ النسخ من غير رفع له. قال: ولو قدرنا تقدم النهي على الأمر بها، لكانت قد نسخت ثم نسخ ناسخها، وهذا خلاف الظاهر.
فإذا ثبت هذا، فإن المراد بالخبر نفيُ كونها سنة، لا تحريمُ فعلها ولا
(1)
جزء من حديث نُبَيشة، وقد سبق تخريجه.
(2)
من قوله: «لله في أي شهرٍ
…
» إلى هنا سقط من مطبوعة «معرفة السنن» بانتقال النظر.
(3)
انظر: «المغني» (13/ 402 - 403).
(4)
هو ابن قدامة المقدسي في المصدر السابق.