الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم رحمه الله: قال عبد الحق
(1)
: ولعل مالكًا إنما جعله كذبًا من أجل رواية ثور بن يزيد
(2)
الكلاعي، فإنه كان يُرمى بالقدر، ولكنه كان ثقة فيما يروي، قاله يحيى وغيره. وروى عنه الجِلَّة، مثل يحيى بن سعيد القطان وابن المبارك والثوري وغيرهم.
وقيل في هذا الحديث: عن عبد الله بن بسر عن عمته الصماء
(3)
، وهو أصح
(4)
، واسمها بُهيّة، وقيل: بُهَيمة
(5)
. آخر كلامه.
33 -
باب في صوم الدهر
247/ 2315 - عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فلما رأى ذلك عمر قال: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فلم يزل عمر يُردّدها حتى سكن من غضب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: «لا صام ولا أفطر» ــ قال مسدد: لم يصم ولم يفطر، أو ما صام ولا أفطر، شك غَيلان ــ قال: يا رسول الله كيف بمن يصوم يومين
(1)
. «الأحكام الوسطى» (2/ 225).
(2)
. في الأصل: «زيد» ، خطأ. وانظر ترجمته في «تهذيب التهذيب (2/ 33).
(3)
. أخرجه ابن خزيمة (2164)، والنسائي في «الكبرى» (2773)، وفي إسناده معاوية بن صالح، وهو ثقة، لكنه خالف مَن هو أوثق وأثبت منه، وهو ثور بن يزيد الكلاعي، فإنه يرويه بلفظ:«عن عبد الله بن بسر، عن أخته» . قال الدارقطني: هو الصحيح. «العلل» (4059).
(4)
. كذا قال عبد الحق، وانظر التعليق السابق.
(5)
. في الأصل: «بهمة» والمثبت من «الأحكام الوسطى» ، وانظر:«الإصابة» (13/ 210).
ويفطر يومًا؟ قال: «أوَ يُطِيقُ ذلك أحدٌ؟» قال: يا رسول الله، فكيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومًا؟ قال:«ذلك صوم داود» ، قال: يا رسول الله، فكيف بمن يصوم يومًا ويفطر يومين؟ قال:«وددتُ أني طُوِّقْتُ ذلك» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ثلاثٌ من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيامُ عرفةَ إني أحتسِبُ على الله أن يكفِّر السنةَ التي قبله والسنةَ التي بعده، وصَوْمُ يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» .
248/ 2316 - وفي رواية قال: يا رسول الله، أرأيتَ صوم يوم الاثنين والخميس؟ قال:«فيه وُلدتُ، وفيه أُنزل عليَّ القرآن» .
وأخرجه مسلم
(1)
، وقال: وفي هذا الحديث من رواية شعبة: «وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس؟» فسكتنا عن ذكر الخميس لما نُراه وهمًا.
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه
(2)
مختصرًا مفرقًا.
249/ 2317 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألم أُحَدَّث أنك تقول: لأقُومَنَّ الليل، ولأصُومَنَّ النهار؟» قال: أحسبه قال: نعم يا رسول الله، قد قلت ذلك، قال:«قُم ونَمْ، وصُمْ وأَفْطِر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مثل صيام الدهر» ، قال: قلت: يا رسول الله إني أُطيق أفضلَ من ذلك، قال:«فصُمْ يومًا وأفطر يومين» ، قال: فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال:«فصم يومًا وأفطر يومًا، وهو أعدلُ الصيام، وهو صيام داود» ، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا أفضل من ذلك» .
(1)
. أبو داود (2425، 2426)، ومسلم (1162).
(2)
. الترمذي (749، 752، 767)، والنسائي (2383، 2387)، وابن ماجه (1730، 1738).
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وهو نص في أنّ صومَ يومٍ وفطرَ يومٍ أفضل من سرد الصيام. ولو كان سرد الصيام مشروعًا أو مستحبًّا لكان أكثر عملًا، فيكون أفضل، إذ العبادة لا تكون إلا راجحة، فلو كان عبادةً لم يكن مرجوحًا.
[ق 133] وقد تأول قوم هذا على أن المعنى: لا أفضل من ذلك للمخاطَب وحدَه لِما علم من حاله ومنتهى قوّته، وأن ما هو أكثر من ذلك يُضعفه عن فرائضه ويقطعه عن القيام بما عليه من الحقوق. وهذا تأويل باطل من وجوه.
أحدها: أن سياق الحديث يردّه، فإنه إنما كان عن المطيق، فإنه قال:«فإني أطيق أفضل من ذلك» فسبب الحديث في المطيق، فأخبره أنه لا أفضل من ذلك للمطيق الذي سأل. ولو أن رجلًا سأل من يُفضِّل السرد وقال: إني أطيق أفضل من صوم يومٍ وفطر يومٍ، لقال له: السرد أفضل!
الثاني: أنه أخبر عنه بثلاث جمل إحداها
(2)
: أنه أعدل الصيام، والثانية: أنه صوم داود، والثالثة: أنه لا أفضل منه. وهذه الأخبار تمنع تخصيصه بالسائل.
الثالث: أن في بعض ألفاظ مسلم
(3)
فيه: فإني أقوى، قال: فلم يزل
(1)
. أبو داود (2427)، والبخاري (1976)، ومسلم (1159)، والنسائي (2392).
(2)
. في الأصل وط. المعارف: «أحدها» .
(3)
. ليس عند مسلم، وإنما أخرجه أحمد (6477) بنحوه.