الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد
(1)
، وأعدلها وأحسنها هذا القول الثالث، والله الموفق للصواب.
20 -
باب في الرجل يُفلِس، فيجد الرجلُ متاعَه بعينه
424/ 3376 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّما رجلٍ أَفلَس فأدرك الرجلُ متاعَه بعينِه فهو أحقُّ به من غيره» .
وأخرجه الباقون
(2)
.
425/ 3377 - وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّما رجلٍ باع متاعًا، فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحبُ المتاع إسْوَةُ الغُرَماء»
(3)
.
426/ 3378 - وفي رواية: «وإن كان قَضَى من ثمنها شيئًا فهو إسوة الغرماء»
(4)
.
وهذا مرسل.
427/ 3379 - وعن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة عن النبي
(1)
انظر: «الإنصاف» (15/ 371 - 373).
(2)
أبو داود (3519)، والبخاري (2402)، ومسلم (1559)، والترمذي (1262)، والنسائي (4676)، وابن ماجه (2358)، كلهم من طريق عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي هريرة.
(3)
«سنن أبي داود» (3520) من طريق مالك عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلًا.
(4)
«سنن أبي داود» (3521) من طريق يونس عن الزهري به.
- صلى الله عليه وسلم نحوه، قال:«فإن كان قضاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو إسوة الغرماء، وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه، اقتُضي منه شيء أو لم يُقتَضَ، فهو إسوة الغرماء»
(1)
.
قال أبو داود: «وحديث مالك أصح» . يريد المرسل الذي تقدم.
وفيه إسماعيل بن عيّاش. وقال الدارقطني
(2)
: ولا يثبت هذا عن الزهري مسندًا، وإنما هو مرسل. آخر كلامه
(3)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد أعله الشافعي
(4)
بأنه كالمدرج في حديث أبي هريرة، يعني قوله: «فإن كان قضى من ثمنها شيئًا
…
» إلى آخره. قال الشافعي في جواب من سأله: لِمَ لا تأخذ بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن هذا ــ يعني المرسل ــ فقال: الذي أخذتُ به أولى من قِبَل أن ما أخذت به موصول يجمع فيه النبي صلى الله عليه وسلم بين الموت والإفلاس
(5)
،
وحديث ابن شهاب منقطع،
(1)
«سنن أبي داود» (3522) من طريق إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
(2)
في «سننه» عقب الحديث (2903).
(3)
كلام المنذري على أحاديث الباب مثبت من (هـ)، وفيه تصرّف يسير من المؤلف.
(4)
في «الأم» (4/ 448 - 449)، ونقله عنه البيهقي في «الكبرى» (6/ 46 - 47)، و «معرفة السنن» (8/ 249 - 250).
(5)
هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه» . أخرجه الشافعي في «الأم» (4/ 415)، وأبو داود (3523) وغيرهما من طريق أبي المعتمر بن عمرو بن رافع، عن عمر بن خلدة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي إسناده لين، فإن أبا المعتمر مجهول لم يرو عنه غير ابن أبي ذئب، وقد ضعّف الحديث ابن المنذر وغيره. انظر:«الأوسط» (11/ 34)، و «البدر المنير» (6/ 649).
ولو لم يخالفه غيره لم يكن مما يُثبته أهلُ الحديث، ولو لم يكن في تركه حجة إلا هذا انبغى لمن عرف الحديث تركُه من الوجهين، مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة حديثه ليس فيه ما
(1)
روى ابن شهاب عنه مرسلًا؛ إن كان رواه كلَّه ــ ولا أدري عمن رواه، ولعله روى أوّل الحديث وقال برأيه آخره ــ، وموجود في حديث أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه انتهى فيه إلى قوله:«فهو أحق به» = أشبَهَ أن يكون ما زاد على هذا قولًا
(2)
من أبي بكر لا رواية. تم كلامه.
وقد روى الليث
(3)
بن سعد عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم
(4)
، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة يرفعه:«أيما رجل أفلس ثم وجد رجل سلعته عنده بعينها، فهو أولى بها من غيره» . قال الليث: بلغَنا أن ابن شهاب قال: «أما من مات ممن أفلس ثم وجد رجل سلعته بعينها فإنه أسوة الغرماء» ، يحدث بذلك عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
قال البيهقي: هكذا وجدته غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في آخره، وفي ذلك
(1)
في الأصل والطبعتين: «فيما» ، وكذا في مطبوعة «معرفة السنن» ، وهو خطأ، والتصحيح من «الأم» و «السنن الكبرى» .
(2)
في الأصل وط. المعارف: «قول» ، والتصحيح من المصادر.
(3)
ومن طريقه البيهقي في «معرفة السنن» (8/ 250).
(4)
ط. الفقي: «أبي بكر بن محمد بن حزم» ، وما في الأصل صواب، فإنه منسوب إلى جدّه الثاني، لأنه:«أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم» .
كالدلالة على صحة ما قال الشافعي.
وقال غيره: هذا الحديث قد رواه عبد الرزاق عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عبد البر
(1)
.
وقد رواه إسماعيل بن عياش عن الزُّبَيدي، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. ومن هذه الطريق خرّجه أبو داود
(2)
. والزُّبَيدي هو: محمد بن الوليد شامي حمصي. وقد قال الإمام أحمد ويحيى بن معين وغيرهما: حديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيح
(3)
. فهذا الحديث ــ على هذا ــ صحيح.
وقد رواه موسى بن عقبة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن عبد البر
(4)
.
(1)
في «التمهيد» (8/ 406)، لكنه ذكر أنه في جميع «الموطآت» مرسل، وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك، إلا عبد الرزاق، وقد اختُلِف عليه فيه، فرواه بعض الرواة عنه مسندًا، ورواه بعضهم مرسلًا، منهم إسحاق بن إبراهيم الدَّبَري. قلت: هو راوي «المصنف» ، وهو فيه (15158) مرسلًا.
(2)
كما سبق في أحاديث الباب، وأخرجه من هذه الطريق أيضًا الطحاوي في «مشكل الآثار» (4608)، والدارقطني (2904). وإسماعيل بن عياش قد اختُلف عليه في الحديث، فقد روي عنه هكذا، وروي عنه عن موسى بن عقبة (بدل الزبيدي)، عن الزهري به، وسيأتي تخريجه. والظاهر أن هذا الاضطراب من إسماعيل بن عيّاش، والله أعلم.
(3)
انظر: «الكامل» (1/ 292)، و «تهذيب الكمال» (1/ 250 - 251).
(4)
في «التمهيد» (8/ 407). وأخرجه ابن ماجه (2359)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4607)، والدارقطني (2903)، من طرق عن إسماعيل بن عيّاش، عن موسى بن عقبة به.
وموسى بن عقبة مدني، وإسماعيل يخلّط في حديثه عن المدنيين، ثم إن إسماعيل قد اضطرب فيه فرواه مرّة عن موسى بن عقبة، ومرة عن الزُّبيدي. ولذا قال الدارقطني:«إسماعيل بن عيّاش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهري مسندًا، وإنما هو مرسَل» .
فهؤلاء ثلاثة وصلوه عن الزهري: مالك في رواية عبد الرزاق، وموسى بن عقبة، ومحمد بن الوليد، وكونه مدرجًا لا يثبت إلا بحجة، فإن [ق 198] الراوي لم يقل: قال فلان بعد ذكره المرفوع، وإنما هو ظن.
وأما قول الليث: بلغنا أن ابن شهاب: قال «أما من مات» إلى آخره، فهو مع انقطاعه ليس بصريح في الإدراج، فإنه فُسِّر قولُه بأنه رواية عن أبي بكر لا رأي منه، ولم يقل: إن أبا بكر قاله من عنده، وإنما قال يحدث بذلك عن أبي بكر، والحديث صالح للرأي والرواية، ولعله في الرواية أظهر.
وبالجملة، فالإدراج بمثل هذا لا يثبت ولا يعلَّل به الحديث. والله أعلم.
21 -
باب في الرجل يفضِّل بعض ولده على بعضٍ في النُّحْلِ
428/ 3399 - عن الشعبي، عن النعمان بن بَشير، قال: أنْحَلني أبي نُحْلًا ــ قال إسماعيل بن سالم من بين القوم: نُحْلَة، غلامًا له ــ، قال: فقالت له أمِّي عَمْرة بنتُ رواحة: إيتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأَشهِدْه، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: إني نَحَلْتُ ابني النعمانَ نُحْلًا، وإنَّ عَمْرَة سألتني أن أُشهدك على ذلك. قال: فقال: «ألك ولدٌ سواه؟» ، قال: قلت: نعم، قال:«فكلهم أعطيتَ مثلَ ما أعطيتَ النعمان؟» قال: لا، قال: فقال بعض هؤلاء المحدِّثين: «هذا جَوْرٌ ــ وقال بعضهم:
هذا تَلْجِئة ــ فأَشهِد على هذا غيري». قال مغيرة في حديثه: «أليس يسُرُّك أن يكونوا لك في البرِّ واللُّطفِ سواء؟» قال: نعم، قال:«فأشْهِد على هذا غيري» . وذكر مجالد في حديثه: «إن لهم عليك من الحق أن تَعدِل بينهم، كما أن لك عليهم من الحق أن يَبَرُّوك» .
قال أبو داود: في حديث الزهري قال بعضهم: «أكُلَّ بنيك» ، وقال بعضهم:«وَلَدِك» ، وقال ابن أبي خالد عن الشعبي فيه:«ألَكَ بنُونَ سواه؟» ، وقال أبو الضُّحى عن النعمان بن بشير:«ألكَ ولَدٌ غيرُه؟» .
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه
(1)
بنحوه.
وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
(2)
من حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن النعمان بن بشير، عن النعمان بن بشير.
قال ابن القيم رحمه الله: وفي لفظ في «الصحيح»
(3)
: «أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟» قال لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فارجِعْه» .
وفي لفظ قال: «فرُدَّه»
(4)
.
(1)
أبو داود (3542)، والبخاري (2587، 2650)، ومسلم (1623/ 13 - 18)، والنسائي (3679 - 3682)، وابن ماجه (2375).
(2)
البخاري (2586)، ومسلم (1623/ 9 - 11)، والترمذي (1367)، والنسائي (3672 - 3675)، وابن ماجه (2376) من طرق عن الزهري عنهما (حميد بن عبد الرحمن، ومحمد بن النعمان).
(3)
«صحيح البخاري» (2586)، و «صحيح مسلم» (1623/ 9).
(4)
«صحيح مسلم» (1623/ 12).
وفي لفظ آخر فيه: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» ، فرجع أبي في تلك الصدقة
(1)
.
وفي لفظ لهما
(2)
: «فلا تُشهدني إذًا، فإني لا أشهد على جور» .
وفي آخر: «فلا تُشهدني على جور»
(3)
.
وفي آخر: «فأَشهِد على هذا غيري»
(4)
.
وفي آخر
(5)
: «أيسُرُّك أن يكونوا إليك
(6)
في البر سواء؟» قال: بلى، قال:«فلا إذًا» .
وفي لفظ آخر: «أفكلّهم أعطيت مثل ما أعطيته؟» قال: لا، قال:«فليس يصلح هذا، وإني لا أَشهَد إلا على حق»
(7)
.
وكل هذه الألفاظ في «الصحيح» وغالبها في «صحيح مسلم» ، وعند البخاري منها:«لا تشهدني على جور» ، وقوله:«لا أشهد على جور»
(8)
، والأمر برده.
(1)
البخاري (2587)، ومسلم (1623/ 13).
(2)
البخاري (2650)، ومسلم (1623/ 14) واللفظ له.
(3)
البخاري (2650)، ومسلم (1623/ 16).
(4)
«صحيح مسلم» (1623/ 17).
(5)
كذا، وليس لفظًا آخر، بل هو تتمة الرواية السابقة.
(6)
ط. الفقي: «أن يكون بنوك» ، تحريف.
(7)
«صحيح مسلم» (1624/ 19).
(8)
كلا اللفظين برقم (2650).
وفي لفظ: «سَوِّ بينهم»
(1)
.
وفي لفظ: «هذا جَور، أَشهد على هذا غيري»
(2)
. وهذا صريح في أن قوله: «أشهد على هذا غيري» ليس إذنًا، بل هو تهديد لتسميته إياه جورًا.
وهذه كلها ألفاظ صحيحة صريحة في التحريم والبطلان من عشرة أوجهٍ تؤخذ من الحديث. ومنها قوله: «أشهد على هذا غيري» ، فإن هذا ليس بإذن قطعًا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن في الجور وفيما لا يصلح وفي الباطل، فإنه قال:«إني لا أَشهَد إلا على حق» ، فدل ذلك على أن الذي فعله أبو النعمان لم يكن حقًّا، فهو باطل قطعًا.
فقوله: «إذًا أَشهِدْ على هذا غيري» حجة على التحريم كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40]، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا لم تستَحْيِ فاصنع ما شئت»
(3)
، أي الشهادة على هذا ليست من شأني ولا تنبغي لي، وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح، وهذا في غاية الوضوح.
وقد كتبت في هذه المسألة مصنفًا مفردًا استوفيتُ فيه أدلتَها، وشُبَهَ
(4)
من خالف هذا الحديث ونَقْضَها عليهم
(5)
، وبالله التوفيق.
(1)
أخرجه أحمد (18359)، والنسائي (3686)، وابن حبان (5098)، بإسناد جيّد.
(2)
أخرجه أحمد (18378)، وأبو داود (وهو حديث الباب)، وابن حبان (5104).
(3)
أخرجه البخاري (3483) من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه.
(4)
نسخة (ش): «بينته» ، وط. الفقي:«بيّنت» ، وكلاهما تصحيف.
(5)
وهو من مصنفاته المفقودة.