الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستويان عند الله ولا عند رسوله
(1)
.
وكذلك الجواب عن حديث جابر سواء. وقد تقدم في بعض طرقه أنهم كانوا يختصون بأشياء من الزرع من القِصْريّ ومن كذا ومن كذا، فقال صلى الله عليه وسلم: «من كان له أرض فليَزرَعها أو لِيُحْرِثْها
(2)
أخاه»، فهذا مفسَّر مبيَّن ذُكِر فيه سبب النهي، وأُطلِق في غيره من الألفاظ، فينصرف مطلقها إلى هذا المقيد المبين، ويدل على
(3)
أنه هو المراد بالنهي.
واتفقت السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتآلفت، وزال عنها الاضطراب والاختلاف، وبان أنّ لكل منها
(4)
وجهًا، وأن ما نهى عنه غيرُ ما أباحه وفَعَله، وهذا هو الواجب والواقع في نفس الأمر، والحمد لله رب العالمين.
8 -
باب مَن زرع أرضًا بغير إذن صاحبها
391/ 3261 - عن عطاء ــ وهو ابن أبي رباح ــ، عن رافع بن خديج، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن زرع في أرضِ قومٍ بغير إذنهم، فليس له من الزَّرع شيءٌ وله نفقَتُه» .
وأخرجه ابن ماجه
(5)
والترمذي، وقال: حسن غريب، لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه، من حديث شريك بن عبد الله. قال: وسألت
(1)
زاد في ط. الفقي: «ولا عند الناس» ، وليس في الأصل.
(2)
ضبطه في الأصل: «ليُخبرنَّها» ، خطأ مخالف للفظ الحديث.
(3)
بعده في الأصل: «هذا» ، وليست في (هـ)، والكلام مستقيم بدونها.
(4)
الأصل: «فيها» ، والتصحيح من (هـ).
(5)
أبو داود (3403)، وابن ماجه (2466) والترمذي (1366)، من طريق شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عطاء به.
محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن. وقال: لا أعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من رواية شريك.
وقال الخطابي
(1)
: هذا الحديث لا يثبت عند أهل المعرفة بالحديث. وحدثني الحسن بن يحيى، عن موسى بن هارون الحمّال أنه كان ينكر هذا الحديث ويضعّفه، ويقول: لم يروه عن أبي إسحاق غير شريك [ولا رواه عن عطاء غير أبي إسحاق، وعطاء لم يسمع من رافع بن خديج شيئًا. وضعّفه البخاري
(2)
أيضًا وقال: تفرد بذلك شريك] عن أبي إسحاق، وشريك يهم كثيرًا أو أحيانًا.
وقال الخطابي: وحكى ابن المنذر
(3)
عن أبي داود قال: سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن حديث رافع بن خديج؟ فقال: عن رافع ألوان، ولكن أبا إسحاق زاد فيه:«زرع بغير إذنه» ، وليس غيره يذكر هذا الحرف
(4)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وليس مع من ضعّف الحديث حجة، فإن رواته محتج بهم في «الصحيح» ، وهم أشهر من أن يسأل عن توثيقهم
(5)
، وقد
(1)
«معالم السنن» (5/ 64 - 65).
(2)
لم أقف عليه عند غير الخطّابي.
(3)
في «الأوسط» (11/ 96)، وهو في «مسائل أحمد» لأبي داود (ص 273).
(4)
كلام المنذري من (هـ)، وفيه تصرّف يسير من المؤلف، وما بين الحاصرتين سقط لانتقال النظر فاستُدرك من «المختصر» (5/ 65).
(5)
خلا شريك، فإنه صدوق يخطئ، وقد تغيّر حفظه منذ ولي القضاء، ولم يحتج به الشيخان، وإنما استشهد به البخاري في موضع واحد تعليقًا، وأخرج له مسلم في المتابعات. ومع هذا، فإن شريكًا من أثبت أصحاب أبي إسحاق بعد شعبة والثوري، وقد قدّمه أحمد وابن معين على إسرائيل في أبي إسحاق. ثم إنه قد توبع كما عند يحيى بن آدم في «الخراج» (296)، ومن طريقه البيهقي (6/ 136). وانظر:«العلل» لابن أبي حاتم (1427).
حسّنه إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري، والترمذي بعده، وذكره أبو داود ولم يضعّفه فهو حسن عنده، واحتج به الإمام أحمد وأبو عبيد
(1)
.
وقد تقدّم شاهده من حديث رافع بن خديج في قصة الذي زرع في أرض ظُهَير
(2)
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأرض أن يأخذوا الزرع ويردوا عليه نفقته، وقال فيه لأصحاب الأرض:«خذوا زرعكم» ، فجعله زرعًا لهم، لأنه تولّد من منفعة أرضهم، فتولُّدُه في الأرض كتولُّد الجنين في بطن أمه.
ولو غصب رجل فحلًا فنزا على ناقته أو رَمَكَتِه
(3)
لكان الولد لصاحب الأنثى، دون صاحب الفحل، لأنه إنما يكون حيوانًا من أجزائها
(4)
، ومنيُّ الأب لما لم يكن له قيمة أهدره الشارع، لأن عسب الفحل لا يقابَل بالعوض. ولما كان البذر مالًا متقوّمًا رُدَّ على صاحبه قيمتُه، ولم يذهب عليه باطلًا، وجعل الزرع لمن يكون في أرضه، كما يكون الولد لمن يكون في بطن أمّه ورَمَكَته وناقته.
فهذا محض القياس لو لم يأت فيه حديث؛ فمِثلُ هذا الحديث الحسن الذي له شاهد من السنة على مثله، وقد تأيد بالقياس الصحيح= مِن حُجَج الشريعة، وبالله التوفيق.
(1)
احتجّ به أحمد في «مسائله» برواية أبي داود (ص 273)، وأبو عبيد في كتاب «الأموال» (1/ 404 - 406).
(2)
في الأصل: «ظهر» ، وعُلّق عليه في الهامش:«لعله: ظهير» ، وهو كذلك.
(3)
الرَّمَكَة: الأنثى من البراذين.
(4)
غير منقوط في الأصل، وفي ط. الفقي:«حرثها» ، والمثبت من ط. المعارف.