الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشافعي والأصحاب: كله جائز».
[أصل صفة الصلاة (2/ 682)]
جهر الإمام بالتسميع
قال النووي: «قال صاحب «الحاوي» وغيره: يستحب للإمام أن يجهر بقوله: «سمع الله لمن حمده» ؛ ليسمعَ المأمومون، ويعلموا انتقاله، كما يجهر بالتكبير، ويسر بقوله:«ربنا! لك الحمد» ؛ لأنه يفعله في الاعتدال، فأسر به؛ كالتسبيح في الركوع والسجود. وأما المأموم؛ فيُسِرُّ بهما، كما يُسِرُّ بالتكبير، فإن أراد تبليغَ غيره انتقالَ الإمامِ - كما يبلغ التكبيرَ -؛ جهر بقوله:«سمع الله لمن حمده» ؛ لأنه المشروع في حال الارتفاع، ولا يجهر بقوله:«ربنا! لك الحمد» ؛ لأنه إنما يشرع في حال الاعتدال».
قلت: وفي جهر الإمام بالتسميع حديث أبي سعيد الخدري: أنه جهر بالتكبير حين افتتح الصلاة. .. الحديث. وفيه: وحين قال: «سمع الله لمن حمده» . .. الحديث. وفيه: هكذا رأيت رسول الله يصلي.
وقد مضى في «التكبير» . ولكنه ليس صريحاً في ذلك؛ لاحتمال أن يكون المراد: وجهر بالتكبير حين قال: «سمع الله لمن حمده» . ويعني به: التكبير للهُويّ إلى السجود، ويحتمل أن المراد: وجهر حين قال: «سمع الله لمن حمده» . أي: به. والله أعلم.
[أصل صفة الصلاة (2/ 686)]
الزيادة في صيغ الحمد بعد الركوع
وكان تارةً يزيد على ذلك إما: 5 - «ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» .
وإما:
6 -
«مِلْءَ السماوات، و [مِلْءَ] الأرض، و [مِلْءَ] ما بينهما، ومِلْءَ ما شئت من شيء بعد» .
«مِلء» : بكسر الميم، وبنصب الهمزة بعد اللام ورفعها. واختلف في الراجح منهما، والأشهر النصب. كما قال النووي.
قال العلماء: معناه: حمداً لو كان أجساماً؛ لملأ السماوات والأرض.
وقال السندي: «تمثيل وتقريب. والمراد تكثير العدد، أو تعظيم القدر. «وملء ما شئت من شيء بعد» : كالعرض والكرسي ونحوهما مما في مقدور الله تعالى».
قال الترمذي - بعد أن ساق الحديث -: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي؛ قال: يقول هذا في المكتوبة والتطوع.
وقال بعض أهل الكوفة: يقول هذا في صلاة التطوع، ولا يقولها في صلاة المكتوبة».
قلت: والصواب ما قاله الشافعي؛ لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وهو قول الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه؛ فقد قال إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله»:«قلت - يعني لأحمد -: إذا رفع رأسه من الركوع يزيدُ على «ربنا ولك الحمد» ؟ قال: إذا كان وحده؛ يقول: «ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» . وإذا كان خلف الإمام فقال الإمام: «سمع الله لمن حمده» .
وقال من خلفه: «ربنا ولك الحمد» . وإن شاء قال: «اللهم ربنا ولك الحمد» .
قال إسحاق - يعني: ابن راهويه -: كما قال - يعني: أحمد -، ولكن من خلفه يقولون مثل ما قال الإمام:«ربنا ولك الحمد» إلى قوله: «ما شئت من شيء بعد» . وإن مدَّ إلى: «منك الجد إذا كان إماماً؛ أحب إلي في المكتوبة والتطوع» . اهـ.
والظاهر أنه سقط من جواب الإمام أحمد شيء من الكلام، ولعل ما في «مسائل أبي داود» عنه يتمه ويوضحه.
قال أبو داود «33 - 34» : «سمعت أحمد سئل: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع مع الإمام؟ قال: إذا قال الإمام: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» . يقول من خلفه: «ربنا لك الحمد» . وإن شاؤوا: «اللهم ربنا! لك الحمد» . لا يزيدون على ذلك».
قال أبو داود: «وسمعته سئل عن إمام رفع رأسه فأطال القيام؟ قال: لا يقول من خلفه إلا: «ربنا ولك الحمد» . ثم قال أبو داود: «قلت لأحمد مرة أخرى: أدعو بدعاء ابن أبي أوفى إذا رفعت رأسي من الركوع؟ قال: إذا كنت تصلي وحدك؛ تقوله، أو يكون الإمام يقوله. قلت: في الفريضة؟ قال: نعم» . اهـ.
فكلام أحمد متفق مع كلام إسحاق والشافعي في استحباب ذلك في المكتوبة، لكن أحمد كان يمنع المؤتم من ذلك، ولعله خشية أن تفوتَه متابعة الإمام بسبب ذلك، ولكنه رجع أخيراً إلى استحباب ذلك؛ إذا كان الإمام يطيل القيام، ويقول ذلك، وهذا هو الحق؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي» . وقوله: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» .
ثم ما تقدم في رواية المروزي: «وإن شاء قال: «اللهم ربنا ولك الحمد» . كذا في النسخة الظاهرية، وأخشى أن تكون الواو زائدة؛ فقد قال أبو داود في «مسائله» «34»:«قلت لأحمد: إذا قال: «اللهم لا يقول - يعني: الواو في: «ربنا ولك الحمد» -؟ قال: نعم».
فهذا نص صريح منه في أنه لا يرى الجمع بين: «اللهم» و: «الواو» ، ولعل ذلك مستند ابن القيم في إنكار ذلك، وقد سبق الرد عليه، وبيان الروايات الواردة في الجمع بينهما.
[أصل صفة الصلاة (2/ 687)]