الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشار إلى الأول. وإسناد كل منهما صحيح. ثم قال: «ويذكر عن قتادة: أن أنس بن مالك جهر في الظهر والعصر، فلم يسجد» .
قلت: وقد رواه الطبراني في «الكبير» عن حُميد وعثمان البَتِّي قالا: صلينا خلف أنس بن مالك الظهر والعصر، فسمعناه يقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} .
قال الهيثمي «2/ 117» : «ورجاله موثقون. ورُوي أيضاً عن علقمة قال: صليت إلى جنب عبد الله، فما علمته قرأ شيئاً، حتى سمعته يقول: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}. فعلمت أنه في «طه» .
ورجاله أيضاً موثقون».
[أصل صفة الصلاة (2/ 465)]
قراءته صلى الله عليه وسلم آياتٍ بعدَ «الفَاتِحَة» في الركعتين الأخِيرَتَيْنِ من صلاة الظهر
وكان يجعل الركعتين الأخيرتين أقصر من الأُولَيين قدر النصف؛ قدر خمس عشرة آية.
[أصل صفة الصلاة (2/ 465)]
قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين والاقتصار عليها أحيانًا
وربما اقتصر فيهما على «الفَاتِحَة» .
وقد أمر «المسيء صلاته» بقراءة «الفَاتِحَة» في كل ركعة، حيث قال له بعد أن أمره بقراءتها في الركعة الأولى:«ثم افعل ذلك في صلاتك كلها «وفي رواية: كل ركعة» .
وقد اختلف العلماء في استحباب قراءة السورة في الأُخريين من الرباعية والثالثة من المغرب؛ فقيل بالاستحباب، وبعدمه. وهما قولان للشافعي رحمه الله. كذا في «شرح مسلم» .
قلت: والصحابة أيضاً اختلفوا في ذلك: فبعضهم كان لا يقرأ - وقد ساق أخبارهم الطحاوي «1/ 123 - 124» ، والبيهقي «2/ 65» -.
وبعضهم كان يقرأ -ومن هؤلاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ ففي «الموطأ» «1/ 100» ، ومن طريقه البيهقي «2/ 64 و 391»: أن أبا بكر رضي الله عنه قرأ في الركعة الثالثة من المغرب بـ: «أم القرآن» وهذه الآية: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
…
} الآية.
وسنده صحيح -كما قال النووي «3/ 383» -. وزاد البيهقي في رواية: وقال سفيان بن عُيينة: لما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ قال: إن كنتُ لَعَلَى غير هذا حتى سمعتُ بهذا؛ فأخذتُ به.
وقد أخذ به من علمائنا المتأخرين أبو الحسنات اللكنوي في «التعليق الممجد» «ص 102» ، وقال:«وأغرب بعض أصحابنا؛ حيث حكموا على وجوب سجود السهو بقراءة سورة في الأخريين! وقد رده شراح «المنية» : إبراهيم الحلبي، وابن أمير حاج الحلبي، وغيرهما بأحسن رد، ولا أشك في أن من قال بذلك؛ لم يبلغه الحديث، ولو بلغه؛ لم يتفوه به». اهـ.
قال النووي: «واختلف أصحابنا في تطويل الثالثة على الرابعة؛ إذا قلنا بتطويل الأولى على الثانية» .
قلت: وقد روى البيهقي حديثاً في تطويل الثالثة على الرابعة عن عبد الله بن أبي أوفى؛ لكن في سنده طَرَفَةُ الحضرمي، وهو مجهول - كما سبق قريباً -.
ومن طريقه رواه البزار، والطبراني في «الكبير» - كما في «المجمع» «2/ 133» .
قوله «وربما اقتصر على الفاتحة» فيه أن السنة قراءة «الفَاتِحَة» في الأُخريين من
الرباعية. وإليه ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة فمن بعدَهم، وهو مذهب علمائنا أيضاً؛ لكنهم قالوا بالتخيير بين القراءة، أو السكوت، أو التسبيح.
قال الإمام محمد في «الموطأ» «101» : «السنة أن تقرأ في الفريضة في الركعتين الأُوليين بـ: «فاتحة الكتاب» ؛ وسورة، وفي الأخريين بـ:«فاتحة الكتاب» ، وإن لم تقرأ فيهما؛ أجزأك، وإن سبحت فيهما؛ أجزأك، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله».
وقد أشار إلى الرد عليهما إسحاق بن راهويه رحمه الله فيما روى عنه إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله» قال: «قال إسحاق: والقراءة في الركعتين الأخيرتين بـ: «فاتحة الكتاب» سنة، وعلى ذلك عشرة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بعده، وما قال هؤلاء في التسبيح في الأُخريين خطأ».
قلت: وإذا ضممتَ إلى فعله صلى الله عليه وسلم ذلك أمرَه صلى الله عليه وسلم لِ «المسيء صلاته» بأن يقرأ في كل ركعة؛ ثبت بذلك وجوب «الفَاتِحَة» في كل ركعة، وهو مذهب الجمهور - كما قال النووي وغيره -، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة: أن القراءة في الأُخريين واجبة، حتى لو تركها ساهياً؛ لزمه سجود السهو.
وإليه مال الكمال ابن الهُمَام في «الفتح» «1/ 322 - 323» ، وهو الحق إن شاء الله تعالى؛ فإنهم لا جواب لهم عن حديث «المسيء صلاته» ، ولا دليل لهم على ذلك إلا بعض الآثار عن الصحابة؛ ولا يجوز أن يحتج بها في معارضة ما ثبت في السنة.
قوله: «ثم اصنع ذلك في كل ركعة» فمن كان يذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم إنما أَمَرَهُ بمطلق القراءة - كالحنفية -؛ فعليهم أن يوجبوا ذلك في كل ركعة، ومن ذهب إلى أنه أمره بـ:«الفَاتِحَة» ؛ فعليه أن يقول بوجوبها في كل ركعة، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
[أصل صفة الصلاة (2/ 467)]