الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استواء الرجال والنساء في صفة الصلاة
كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء، ولم يرد في السنة ما يقتضي استثناء النساء من بعض ذلك؛ بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي» .
يشملهن، وهو قول إبراهيم النَّخَعي؛ قال:«تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل» .
أخرجه ابن أبي شيبة «1/ 75/2» بسند صحيح عنه.
وحديث انضمام المرأة في السجود، وأنها ليست في ذلك كالرجل؛ مرسل لا حجة فيه.
رواه أبو داود في «المراسيل» «117/ 87» عن يزيد بن أبي حبيب. وهو مخرج في «الضعيفة» «2652» [وانظر «ص 637»].
وأما ما رواه الإمام أحمد في «مسائل ابنه عبد الله عنه» «ص 71» عن ابن عمر: أنه كان يأمر نساءه يتربعن في الصلاة.
فلا يصح إسناده؛ لأن فيه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف.
وروى البخاري في «التاريخ الصغير» «ص 95» بسند صحيح عن أم الدرداء: أنها كانت تجلس في صلاتها جِلْسَةَ الرجل. وكانت فقيهة.
[أصل صفة الصلاة (3/ 1040)]
حديث «صلوا كما رأيتموني أصلي» هل هو خاص بالرجال
؟
مداخلة: يسأل هنا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، هل هذا المعنى بهذا الحديث يخص الرجال دون النساء؟ وهل ورد هنالك أحاديث
أخرى تبين كيفية صلاة النساء؟
الشيخ: الجواب: هذا الحديث عام يشمل النساء والرجال، «صلوا كما رأيتموني» صلّوا: خطاب لجميع المؤمنين، وأي خطاب في القرآن أو في السنة بضمير أو بخطاب مذكر فهو يشمل المؤمنات مع المؤمنين، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] هذا خطاب مذكر، لو أراد النساء أقمن الصلاة آتين الزكاة، لكن في عموم الخطاب يدخل الجنس الآخر ألا وهو النساء، ولذلك فقوله عليه الصلاة والسلام:«صلوا كما رأيتموني أصلي» ، من حيث أن عمومه يشمل النساء أيضاً فهو كقوله صلى الله عليه وسلم:«خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا» إذاً: «خذوا عني مناسككم» يعني دخل فيه النساء كالرجال.
ولذلك فحج النساء كالرجال إلا ما استُثني، في الحج يوجد بعض المستثنيات أما في الصلاة فلا استثناء إطلاقاً، يقال هناك بعض الاستثناءات صدرت باجتهاد وسأذكر ذلك قبل أن أُلفت النظر بعد أن أُلفت النظر إلى بعض الاستثناءات المتعلقة بالنساء دون الرجال، مثلاً ربنا عز وجل قال:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] أيضاً هذا خطاب عام لكن هل يدخل فيه النساء؟ الجواب لا، لماذا؟ لأنه ثبت في السنة أنه ليس على النساء حلق إنما عليهن التقصير، تقص المرأة شعرها شيء من زوائدها، وبذلك تتحلل، هذا حكم انفصلت النساء فيه عن الرجال، فلا يجوز لهن أن يحلقن رؤوسهن، من ذلك مثلاً وهذا حكم ضروري جداً أن تعرفوه؛ لأن أكثر الناس يُهملونه حينما يحجون وهو أن يصلي الحاج صبح عرفة أو مزدلفة في المزدلفة، حينما يفيض الناس من عرفات إلى المزدلفة ويجمعون هناك بين المغرب والعشاء جمع تأخير ويباتون هناك وهذا البيات واجب، ولكن أوجب منه أن يبقوا هناك حتى يصلوا الفجر في جمع، أي في المزدلفة، صلاة الفجر في المزدلفة ركن، البيات من بعد الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واجب، أما صلاة الفجر في مزدلفة ركن .. ولذلك لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال له: أنا جئت من جبل طي وما تركت شيئاً فاتني حتى جئت إليك هاهنا، يسأله هل صح حجه أم لا؟ قال عليه الصلاة والسلام: «من صلى صلاتنا
هذه معنا في جمع أي في مزدلفة» ويشير بقوله صلاتنا هذه معنا، أي صلاة الفجر، وكان قبل ذلك قد وقف في عرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حَجُّه وقضى نُسُكَه.
إذاً: لا بد من أمرين اثنين أحدهما أوجب من الآخر .. الواجب البيات في مزدلفة إلى الصبح، وصلاة الفجر في مزدلفة ركن، لكن هل هذا الحكم عام، أيضاً يشمل النساء؟ أيضاً لا، فقد صح من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء وللضعفة أن ينطلقن من المزدلفة بعد نصف الليل، إذاً النساء يجوز لهن أن ينطلقن من مزدلفة بعد نصف الليل، أي لا يجب عليهن البيات، ومن باب أولى لا يجب عليهن صلاة الفجر في مزدلفة، إذا عرفنا هذا الاستثناء في بعض مناسك الحج عدنا إلى الصلاة، لم يستثن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من عموم قوله:«صلوا كما رأيتموني أصلي» للنساء.
فإذاً: صلاة النساء هي تماماً كصلاة الرجال، إنما بعض العلماء يقولون: إن المرأة إذا سجدت لا تجافي، لا ترفع عَضُدَها عن إبطها، وإنما تنضام هكذا، لماذا قالوا هكذا؟ ذلك لفساد الزمان ولانصراف النساء عن الحجاب بل الجلباب الشرعي الفضفاض الواسع الذي إذا صلت فيه في المسجد كانت مستورة ولو أنها جافت عضدها عن إبطها، لما وجد بعض العلماء تساهل بعض النساء في الجلباب قالوا: الأفضل لها أن تنضم في سجودها، لكن نحن نرى بل نعتقد أن الأمر كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] ربنا عز وجل الذي أوحى بهذا الإسلام الكامل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم والذي بين للناس كل ما أمره الله عز وجل بتبليغه كما ذكرنا ذلك في بعض المحاضرات السابقة لم يخص النساء بحكم في الصلاة كما فعل في الحج {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] لو كان هناك خصوصية للنساء في الصلاة لبينها رسول الله عن الله كما فعل في الحج، فإذ لم يفعل فلا شيء من هذه الخصوصية التي يذكرها بعضهم بالنسبة لنساء آخر الزمان، وإذا كانوا أرادوا أن يعالجوا خطأ وقعت فيه بعض النساء من حيث أن جلبابهن أو لباسهن إذا خرجن من بيوتهن ليس شرعياً .. ! فلا يعالج هذا الخطأ بخطأ آخر، هذا خطأ فيجب أن يصلح ولا يعالج الخطأ بخطأ آخر، ما هو الخطأ الآخر؟ أن يقال لا تجافوا كما يجافي الرجال، مع أن الرسول قال:
صلوا كما رأيتموني أصلي، فمعالجة الخطأ بالخطأ هذا ليس من الإسلام في شيء، وإنما هي معالجة كما أقول في بعض المناسبات على مذهب أبي نواس، ماذا قال أبو نواس الماجن المعروف بأنه كان يعاقر الخمر ويخالط الجواري، وو إلى آخره .. ؟ كان يقول:«وداوني بالتي كانت هي الداء» .
فالخطأ داء، فمعالجة هذا الخطأ بداء آخر هذا لا يجوز إسلامياً، وإنما تنبه النسوة اللاتي يحرصن على الصلاة في المساجد مع علمهن بقول نبيهن صلى الله عليه وسلم: وبيوتهن خير لهن، فإذا آثرن الحضور إلى المسجد لفائدة علمية يردن أن يحصلن عليها ما هناك مانع من هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا استأذنكم نساؤكم بالخروج إلى المساجد فأذنوا لهن» .
لكن إذا كان يترتب من وراء خروجهن أن يقعن في مخالفة شرعية هناك يرد قول عائشة رضي الله تعالى عنها: لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد، أحدثت النساء هذه الثياب الشفافة، هذه الثياب الضَّيقة المقَصَّرة، هذه النعال التي تطقطق وهي تمشي في الطريق .. ، ونحو ذلك كل هذا مما لا يجوز في الإسلام، فنعالج الخطأ بالصواب، وليس نعالج الخطأ بالخطأ.
(الهدى والنور/716/ 21: 18: 00)