الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النزول للسجود على اليدين
الشيخ: من عجائب الأمور إلى اليوم: العرب لا يعرفون أن البعير يَبْرُك على ركبتيه، فرجعوا يؤولون الحديث الصحيح الصريح، إما أن يقول مثل ابن القيم غفر الله لنا وله، هذا الحديث مقلوب، أو يقولون لك: إن المقصود من الحديث ليس هو وضع الركبتين قبل اليدين أو العكس، وإنما الهيئة أن الواحد لا يبرك كما يبرك البعير، ولا ينهض أيضاً كما ينهض البعير.
فنحن قلنا للناس مراراً وتكرارً: يا أخي هذه الصورة التي يَتَصَوَّروها الجماعة، أولاً: يُنَاقض الحديث الذي يقول: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» .
لو كان الأمر إلى هنا، لكفى أن نفهم ذلك باللغة العربية، لكن للحديث تَتِمَّة، كأن سائلاً يسأل؟
فإذاً: إذا أردنا أن لا نَبْرُك بروك البعير، كيف نسجد؟ وليضع يديه قبل ركبتيه.
أتى ابن القيم وسَنّ سنة سيئة وأرجو أن يكون مغتفر له تجاه حسناته الكثيرة، وقال: هذا الحديث مقلوب.
وأخذ الجمهور الذي يُساق بالسوط، بالكرباج، يقول لك: هذا حديث مقلوب.
تراجِع كلام ابن القيم ادَّعى القلب في الحديث الأول الصحيح، بحديث هو مقلوب؛ لأن راويه متهم بالكذب، وهو:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع ركبتيه قبل يديه» .
يقول لك: روى ابن أبي شيبة قال: حدثني فلان .. قال: حدثني فلان .. ينتهي السند إلى عبد الله بن أبي سعيد المدني عن أبيه عن أبي هريرة، وهذا عبد الله متهم بالكذب.
بهذا الحديث الذي لو لم يكن معارضاً للحديث الصحيح، لكانت رواية هذا
المتروك هذا إياه مسقطاً له.
اللغة كلها تشهد والنصوص العربية تؤكد أن البعير يبرك على ركبتيه.
والأعجب مما سبق أن ابن القيم في آخر بحثه أتى بأثر عن عمر هو صحيح، هو يدعم رأيه أن السنة يبرك على الركب، لكن لا ينتبه أنه يهدم رأيه أنه قول من يقول بأن ركب البعير في مقدمتيه، ما هو الأثر؟
يقول عن عمر: أنه كان إذا سجد برك على ركبتيه كما يبرك البعير.
إذاً: هكذا البعير يبرك، والرسول يقول -لو لم تكن تلك الزيادة-:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» .
وبعد ذلك: هناك أحاديث صحيحة، أحدها في صحيح البخاري، والآخر في صحيح مسلم.
الذي في صحيح البخاري أن الرسول خطب مَرَّة في الناس، وقال لهم: ما تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم فيه، قام واحد سأل سؤالاً لا أذكر ما هو، قال الثاني: أين أبي؟ قال: في النار، وغضب الرسول عليه السلام أشد الغضب من هذه الأسئلة اللّي ما لها طعمة، قال: فجاء لعله ذكر عمر أو غيره من الصحابة، فبركوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله! ائذن لنا أن نقطع رأس هذا السائل؛ لأنه أغضب الرسول عليه السلام.
أما الحديث الآخر في مسلم، فهو يتعلق بقوله تعالى:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284].
جاء الصحابة إليه وبركوا على الرُكَب، وقالوا: يا رسول الله! أُمِرنا بالصلاة فصلينا، وبالحج فأحججنا، و
…
إلى آخره، أما أن يحاسبنا على ما في قلوبنا، فهذا مما لا طاقة لنا به، فقال عليه الصلاة والسلام: «أتريدون أن تقولوا كما قال قوم موسى لموسى سمعنا وعصينا، قولوا: سمعنا وأطعنا، فما زالوا يقولونها ويُرَدِّدونها حتى
ذَلَّت لها ألسنتهم وخضعت لها قلوبهم
…
فأنزل فيما بعد: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، اطمأنت حينئذ نفوس الصحابة.
الشاهد في كُلٍّ من الحديثين: تعبير عربي أنهم بَرَكوا على الرُّكَب، لماذا في الصلاة كهيئة من هيئات السنن يتأولون الحديث أنه يهوي كما يهوي البعير، يا جماعة هذا ليس شرطاً، أنا بدل ما أتلقى الأرض بركبتي، لا يوجد بين الأرض وركبتي إلا ثلاثة أربع أصابع بكون تلقيت الأرض بكفي وأنا كأني منتصب، وكذلك عندما أُريد أن أَنْهض، أنهض وكأني أنا قطعة واحدة، فيتخيلوا الأمور تخيلات لكي ينفذوا الرأي الخاطئ.
لا إله إلا الله، اللهم اهدنا فيمن هديت.
ركبتا البعير في مقدمتيه، وكذلك كل ذوات الأربع، الهرة، الأرنب، الخيل، والآن تذكرت شيئاً بمناسبة الخيل، لما الرسول عليه السلام هاجر من مكة إلى المدينة لحق به سراقة بن مالك بن جعشم فهو يطارد الرسول عليه السلام على فرسه، لما اقترب من الرسول عليه السلام غاصت مقدمتا الفرس إلى الركبتين، كل هذه النصوص لا قيمة لها عن العرب، والله لو الأعاجم أمثالنا كان هذا موقفهم كان عجباً.
(الهدى والنور / 179/ 33: 18: 00)
صفة النزول للسجود
الشيخ: كثير من المصلين، بل جماهير المصلين إذا سجدوا، بركوا بروك الجَمَل، ومن المُؤسِف أن العرب الذين هم أصحاب الإبل وأصحاب الجمال، أصحاب البعران، هم إلى اليوم لا يعرفون كيف يبرك الجمل، وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم -
قال: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» ويكمل الرسول ويتمم النعمة على أتباعه، ليزيل عنهم بعض الإشكالات التي نسمعها اليوم من أهل البعران، فيقول:«وليضع يديه قبل ركبتيه، هذه الجملة كأنها جواب لسؤال مقدَّر: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، كأن سائلاً يقول: فكيف نسجد؟ يأتي الجواب: «وليضع يديه قبل ركبتيه» لماذا؟ لأن البعير يمشي على أربع دائما، من يوم يسقط من بطن أمه، فهو يقع على أربع، ويمشي على أربع .. فنقول: إذا برك البعير ما يجوز أن يتوهم أحد -خاصة من هؤلاء العرب من أهل البعران- أن يقول: أول ما يبرك البعير يضع يديه لأن يديه موضوعتان كرجليه.
إذا: ما هو أول شيء يضعه البعير حينما يبرك؟ ركبتاه، أين ركبتا البعير، كمان هذه حزيرة كثير من الناس يفكروا وين ركبتي البعير، في مقدمتيه، وفي اللغة العربية التي منها نحن تعلمنا، وتسمعون منا، وهذه بضاعتنا ردت إلينا -لسان حالكم-. يعني كل ذوات الأربع رُكْبَتُها في مقدمتها، كل ذوات الأربع الهر، الأرنب، الغزال، الغنم
…
إلخ ركبها في مقدمتها فإذا قال عليه السلام «لا تبركوا كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» لأن البعير يضع ركبتيه ما نقول قبل يديه، لماذا؟ لأنهما موضوعتان منذ ولادته، فليخالف إذًا المصلي البعير في طريقة السجود، فلا يتلقى الأرض بركبتيه، فتحصل الرجّة التي سمعتها في هذه الليلة، كما أسمعها في كثير من المساجد، لأن هذا هو شأن البعير.
البعير حينما يبرك -الحقيقة- الأرض الصلبة الصلدة، تسمع لها رجة تحت قدميك لشدة وقوعه على ركبتيه، وبخاصة إذا كان محملا بالأثقال.
فيكون الذي يبرك على ركبتيه متشبه بالبعير، وهذا التَشَبُّه منهي عنه بصورة عامة، وبصورة خاصة، بصورة عامة نهى الشارع الحكيم عن التشبه بالحيوانات: نهى عن بروك كبروك الجمل، وعن التفات كالتفات الثعلب، وعن نقر كنقر الغراب، ثم جاء هنا بصورة خاصة، فقال:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» .