الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شديدة، مما يتنافى مع هيئة الصلاة وخشوعها؛ فنهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأمر بأن يقدم يديه أولاً؛ ليلقى بهما الأرض؛ فيتفادى بذلك الاصطدام بها بركبتيه، كما يفعل الجمل، فهذا وجه المشابهة بين بروك الجمل وبروك المصلي على ركبتيه.
وقد أشار إلى هذا المعنى - والله أعلم - الإمام مالك حين قال - كما في «الفتح» -: «هذه الصفة أحسن في خشوع الصلاة. ونص المناسبة التي أبداها ابن المنير لتقديم اليدين وهي: أن يلقى الأرض عن جبهته، ويعتصم بتقديمها عن إيلام ركبتيه إذا جثا عليهما. والله أعلم» .
فائدة: ظاهر الأمر في الحديث يفيد الوجوب، ولم أر من صرح بذلك غير ابن حزم؛ فصرح في «المحلى» بفرضية ذلك، وأنه لا يحل تركه. وفي ذلك دليل على خطأ الاتفاق الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» «1/ 88» على جواز كلا الأمرين من السجود على الركب أو على اليدين، ولعله لم يستحضر هذا النص حين كتابة الفتوى، والله أعلم.
[أصل صفة الصلاة (2/ 714)]
وضع اليدين قبل الركبتين في السجود
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
قوله: «وهو يعني وضع اليدين قبل الركبتين عند الهوى قول أصحاب الحديث» .
قلت: وهو الصواب لأنه الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فعلا وأمرا:
أما الفعل فمن حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع يديه قبل ركبتيه. أخرجه جماعة منهم الحاكم.
وقال: «صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي وهو كما قالا. وصححه أيضا ابن خزيمة 1/ 318 / 627 وهو مخرج في «الإرواء» 2/ 77 - 78.
وأما الأمر فمن حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» .
أخرجه أبو داود والنسائي وجماعة وإسناده جيد كما قال النووي والزرقاني وقواه الحافظ ابن حجر كما يأتي.
وهو مخرج أيضا في المصدر المذكور آنفا 2/ 78 وفي «صحيح أبي داود» 789.
وليس لهذين الحديثين ما يعارضهما إلا حديث وائل بن حجر الذي نقله المؤلف عن ابن القيم وهو حديث ضعيف لأنه من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي وهو ضعيف سيئ الحفظ فلا يحتج به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟ ولذلك قال الحافظ في بلوغ المرام:
«إن حديث أبي هريرة هذا أقوى من حديث وائل» .
وذكر نحوه عبد الحق الاشبيلي فانظر «صفة الصلاة» ص 147.
ولقد أخطأ ابن القيم في «زاد المعاد» خطأ بينا حين رجح حديث وائل على حديث ابن عمر وأبي هريرة كما أخطأ أخطاء أخرى في هذه المسألة قد قمت بالرد عليه مفصلا في «التعليقات الجياد على زاد المعاد» وغيرها ويحسن بي هنا أن أضرب على ذلك مثلا واحدا لأنه شديد الاتصال بما نحن فيه وبه يتضح معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «
…
فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه».
زعم ابن القيم رحمه الله أن الحديث انقلب على الراوي وأن أصله:
«وليضع ركبتيه قبل يديه» وإنما حمله على هذا زعم آخر له وهو قوله: «إن البعير يضع يديه قبل ركبتيه» . قال: «فمقتضى النهي عن البروك كبروك البعير أن يضع المصلي ركبتيه قبل يديه» !
وسبب هذا كله أنه خفي عليه ما ذكره علماء اللغة كالفيروز آبادي وغيره: «أن ركبتي البعير في يديه الأماميتين» .
ولذلك قال الطحاوي في «شرح معاني الآثار» 1/ 150: «إن البعير ركبتاه في