الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشرع تحريك الإصبع بين السجدتين
[قال الإمام]:
تنبيه: رأيت بعضهم يحرك إصبعه بين السجدتين وعمدته في ذلك أن ابن القيم ذكره في «زاد المعاد» كما ذكر التحريك في التشهد ولا أعلم له فيه مستندا سوى رواية شاذة في حديث وائل هذا فوجب تحرير القول في ذلك [ثم ساق الإمام تخريج الحديث ودلل على شذوذ الرواية].
[تمام المنة ص (214)]
الإشارة بالإصبع بين السجدتين
مداخلة: الإشارة بالإصبع بين السجدتين استدل بعض أهل العلم على تحريك الأصبع في الجلسة بين السجدتين بقاعدة أصولية وهي: أن ذكر بعض أفراد المطلق بحكم يوافق حكم المطلق لا يستلزم تقييده، وقالوا: أن المطلق هو الأحاديث التي جاءت عامة، كان إذا جلس في الصلاة فعل كذا وحركه .. فعل هذا وحركه، هذا هو المطلق، والمقيد: هو كان إذا جلس للتشهد فعل هكذا، فقالوا: إذاً لا يستلزم من ذكر بعض أفراد المطلق بحكم وافق حكم المطلق يستلزم تقييده، وهذه القاعدة نريد التوضيح بشأنها بعد أن عرفنا أنكم قد حكمتم على الزيادة الواردة في حديث أبي داود الطيالسي وغيره بأن زيادة:«ثم سجد» شاذة، فإذا عرفنا من الناحية الحديثية أنها شاذة، فكيف يجاب عن المسألة باستخدام القاعدة الأصولية المذكورة؟
الشيخ: القاعدة مسلمة لا كلام فيها لكن هذه لا تكون في حديث صحابي واحد اختلف فيه الرواة في روايته، فمنهم من أطلق ومنهم من قيد، فيجب ضم حينئذٍ كل هذه الألفاظ والروايات بعضها إلى بعض فنخرج بالنتيجة الأقرب كالصلاة التي تحدث بها الراوي الواحد الذي يقول: كان إذا جلس، لم يذكر للتشهد، هو ينسبه إلى ابن عمر مثلاً أو إلى عبد الله بن الزبير، والآخر الثقة الذي
يقول: إذا جلس للتشهد، هو أيضاً ينسبه إلى ابن عمر ولا نستطيع نحن أن نقول: أن ابن عمر كان تارة يقول: إذا جلس مطلقاً ليعطي الإطلاق، وتارةً يقول: إذا جلس للتشهد لعيطي التقييد، لا يمكن أن يتصور في الراوي الواحد أنه روايتان وله مقصدان، تارة والإطلاق وهو عام وأشمل وتارة التقييد وهو خاص.
فالقاعدة السابقة إما يمكن أن تقال فيما إذا جاء حديثان أو نصان في القرآن الكريم عن الله تبارك وتعالى وفي قضية معينة حينئذٍ لا يمكن أن يقال: لا يحمل المطلق على المقيد، إما إذا قضية مختلفة إحداهما عن الأخرى كما هو مثلاً أظن مذكور كتب الأئمة أصول الفقه، أن في بعض الآيات:{أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] في بعض الآيات الآخرى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فهنا لا يقال تلك تقيد بهذه، وإنما تلك تجرى على إطلاقها وهذه على قيدها لانفكاك المسألة إحداهما عن الأخرى، وهنا ليست المسألة كذلك أبداً أولاً، وثانياً: هي تدرو عن راوي واحد اختلف الرواة في ضبط هذا الحديث عنه، ومنهم من أكمل ومنهم من لم يكمل.
وهنا يدخل موضوع علم الحديث وزيادة الثقة مقبولة أو ليست مقبولة؛ لأنها خالفت روايات الثقات، لهذا لا يصح أن نقول بأن هذا الإطلاق يعمل على إطلاقه وذاك على قيده؛ لأن الموضوع موحد والراوي أيضاً واحد.
هذا ما عندي في هذه المسألة.
يؤيد ذلك: أننا لا نجد في كل الروايات أن أحد من السلف فهم هذا التفصيل الذي هو على غير بابه، أي: يعمل بالمطلق ويعمل بالمقيد، المطلق يجيز مثلاً التحريك بين السجدتين؛ لأنه قال: إذا جلس، من الذي كان يرفع أصبعه في الجلسة بين السجدتين من السلف؟ لا أحد، إنما نتتبع بعض الأحاديث التي شذ فيها الراوي وأخطأ يقيناً وذلك لا يتبين إلا بعد جمع الطرق وضم بعضها إلى بعض حينئذٍ سيخرج الباحث بنتيجة لا يشك فيها إطلاقاً أنها قضية واحدة.
من هنا يقول ابن القيم رحمه الله في بعض الأمثلة، يقول مثلاً في صفة صلاة الخوف: قد جاء فيها نحو خمسة عشر نوعاً: صلاة الخوف .. صلاة الحرب
…
ثم
يقول: يستصفى من هذه الروايات نحو سبعة أنواع فقط، لماذا؟ لأنه يرى الراوي الواحد تختلف عنه الروايات بعضهم يزيد بعضهم ينقص فهو يجمع بين هذه الروايات ويجعلها نوعاً واحداً بينما غيره كلما رأى خلافاً على صحابي في صفة من هذه الصفات يجعلها هيئة مستقلة، هذا ما ليس من دقيق هذا العلم علم الحديث النبوي.
(رحلة النور: 23 أ/00: 26: 17)