الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل البسملة من الفاتحة
واحتج القائلون بأن البسملة ليست من «الفَاتِحَة» بهذا الحديث، وهو من أوضح ما احتجوا به؛ قالوا: لأنها سبع آيات بالإجماع: فثلاثٌ - في أولها -: ثناء؛ أولها: {الحَمْدُ لِلَّهِ} وثلاثٌ: دعاءٌ؛ أولها: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} ، والسابعة: متوسطة؛ وهي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
قالوا: ولأنه سبحانه وتعالى قال: «قسمت الصلاة بيني، وبين عبدي نصفين: فهذا قال العبد: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}. .. » . فلم يذكر البسملة، ولو كانت منها؛ لذكرها». اهـ.
ثم ذكر النووي جواب الشافعية عن الحديث بما لا يُقْنع، وقد ذكرها الشوكاني «2/ 174» ، ثم قال:«ولا يخفى أن هذه الأجوبة؛ منها ما هو غير نافع، ومنها ما هو ضعيف» .
وقد ذكر الزيلعي في «نصب الراية» أقوال العلماء في البسملة؛ فقال «1/ 327» : «والمذاهب في كونها من القرآن ثلاثة: طرفان، ووسط: فالطرف الأول: قول من يقول: إنها ليست من القرآن إلا في سورة «النَّمْلِ» ؛ كما قال مالك، وطائفة من الحنفية، وقاله بعض أصحاب أحمد؛ مدعياً أنه مذهبه، ناقلاً لذلك عنه».
والطرف الثاني: قول من يقول: إنها آية من كل سورة، أو بعض آية؛ كما هو المشهور عن الشافعي، ومن وافقه.
والقول الوسط؛ أنها من القرآن حيث كتبت، وأنها مع ذلك ليست من السور؛ بل كتبت آية في كل سورة، وكذلك تتلى آية مفردة في أول كل سورة؛ كما تلاها النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت عليه:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} . رواه مسلم من حديث المختار بن فُلفُل عن أنس: أنه عليه الصلاة والسلام أغفا إغفاءة، ثم استيقظ، فقال: نزلت عليَّ سورة آنفاً ثم قرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ
…
} إلى آخرها.
وهذا قول ابن المبارك، وداود، وأتباعه، وهو المنصوص عن أحمد بن حنبل، وبه قال جماعة من الحنفية، وذكر أبو بكر الرازي أنه مقتضى مذهب أبي حنيفة.
وهذا قول المحققين من أهل العلم؛ فإن في هذا القول الجمعَ بين الأدلة، وكتابتها سطراً مفصولاً عن السورة يؤيد ذلك، وعن ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . وفي رواية: لا يعرف انقضاء السورة.
رواه أبو داود والحاكم، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» اهـ. مختصراً.
وحديث ابن عباس هذا في «السنن» «1/ 126» ، و «المستدرك» «1/ 231» من طريق سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير عنه باللفظ الأول؛ إلا أن الحاكم قال: ختم .. بدل: فصل.
وهذا سند صحيح على شرطه؛ كما قال الحاكم. وأقره الذهبي.
ثم أخرجه الحاكم، ومن طريقه البيهقي «2/ 43» عن الوليد بن مسلم: ثنا ابن جريج: ثنا عمرو به بلفظ: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
فإذا نزلت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ؛ علموا أن السورة انقضت.
ولم يذكر في روايته سعيد بن جبير في الإسناد، ثم قال:«صحيح على شرطهما» . وهو كما قال.
ثم رواه بلفظ ثالث؛ لكن فيه ضعف.
وهذا القول - وهو كونها من القرآن آية مستقلة، وليست من «الفَاتِحَة «(1) - هو الذي ينبغي أن يأخذ به المسلم؛ لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على إثباتها في
(1) ثم صرح الشيخ رحمه الله بكونها من «الفَاتِحَة» لكن لا يجهر بها في الصلاة، في «تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» «ص 15/ ط 1 - المعارف». وانظر «الصحيحة» «1183». [منه]. قال جامعه: وقد تقدم النقل المشار إليه.