الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قال الإمام]:
والصواب الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة: أن الافتراش هو الأصل والسنة؛ على حديث ابن عمر المخرج في «الإرواء» «317» ، ونحوه حديث عائشة الذي قبله «316»؛ فيفترش في كل جلسة وفي كل تشهد؛ إلا التشهد الأخير الذي يليه السلام؛ كما جاء مفصلاً في حديث أبي حميد الساعدي:
«
…
فإذا جلس في الركعتين؛ جلس على رِجْلِهِ اليسرى ونَصَبَ اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة؛ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليسرى ونَصَبَ الأخرى، وقعد على مقعدته». رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» «722» . وبالجملة فَذِكْرُ ابنِ إسحاق في حديث الترجمة التوركَ في وسط الصلاة من أخطائه وشواذه التي خالف فيها بعضَ أحاديثه الأخرى وأحاديث الثقات الكثيرة.
السلسلة الضعيفة (12/ 1/ 268 - 269).
التورك في أي تشهد يكون
؟
الشيخ: . . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أما بعد:
قبل التوجه إلى الإجابة عن الأسئلة الباقية، وربما عن أسئلة أخرى مضافة بدا لي التنبيه على أمرين اثنين يتعلقان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري في
الحديث المشهور المعروف لديكم جميعًا: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولولا أني أشعر أنني بين أناس يلتقون معنا حرصًا على اتباع الكتاب والسنة، والابتعاد عن التقليد والجمود على ما وجدنا عليه الآباء والأجداد لما تطرقت للتنبيه على ما يأتي لمسألتين اثنتين، ولكن لما وجدت والحمد لله مجتمعًا كهذا حريصًا على اتباع السنة وبخاصة فيما يتعلق بالركن الإسلامي الثاني ألا وهي الصلاة، لذلك اندفعت إلى أن أنبهكم إلى أمرين اثنين:
الأمر الأول: رأيت كثيرًا من إخواننا حينما يصلون صلاة ثنائية سواء كانت فرضًا أو سنة يتوركون في التشهد، فالذي أريد التذكير به إنما هو أن التورك في الثنائية لا فرضًا ولا سنة، لم يأت في شيء من أحاديث صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم المبثوثة في بطون كتب السنة سواء ما كان منها مطبوعًا أو مخطوطًا بل إن التورك في الثنائية يخالف نصًا صحيحًا أخرجه الإمام مالك في الموطأ وغيره بالسند الصحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: إنما سنة الصلاة أن تنصب اليمنى وأن تفرش اليسرى، هذا الحديث كما عليه علماء الحديث في حكم المرفوع؛ لن قول الصحابي: من السنة كذا فهو كما لو قال: فعل رسول الله كذا أو أمر بكذا، أو نهى عن كذا، بخلاف ما لو قال التابعي من السنة كذا، فليس ذلك في حكم المرفوع، هذا مما قرر في علم مصطلح الحديث، وعلى هذا فقول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: إنما سنة الصلاة فهذا في حكم المرفوع، فسنة الصلاة كقاعدة يقول بأداة الحصر: إنما سنة الصلاة أن تنصب اليمنى وتفرش اليسرى، هذه هي القاعدة.
وحينئذ فيجب طردها واستعمالها دائمًا وأبدًا إلا ما قام الدليل الخاص الذي يحملنا علميًا على أن نستثني من هذه القاعدة ما دل عليه الدليل الخاص، فما يتعلق بالتورك إنما جاء الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم تورك في التشهد الثاني، ولم يأت التورك عنه عليه الصلاة والسلام فيما سوى التشهد الثاني الذي يليه السلام، فإذا افترضنا أن رجلًا قام يصلي في الليل ركعتين ركعتين، ويتشهد على رأس كل ركعتين سواء صلى أربعًا أو ستًا أو ثمانية ففي كل هذه التشهدات إنما سنة الصلاة أن ينصب
اليمنى وأن يفترش اليسرى، أما الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير فهنا يأتي التورك.
لولا هذا الحديث الذي جاء من حديث أبي حميد الساعدي وكنت ذكرته لكم في مناسبة أخرى، فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تورك في التشهد الأخير، التورك إنما جاء في التشهد الأخير، أي: المسبوق بتشهد قبله، فيجب أن نعمل الأحاديث كلها ولا نضرب بعضها ببعض، فالقاعدة كما سمعتم من كلام ابن عمر الذي هو كما شرحت في حكم المرفوع هو الافتراش، إلا في التشهد الأخير المسبوق بتشهد قبله فكما جاء في حديث أبي حميد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم تورك، هذا فيما يتعلق بالتشهد.
هناك سنة أخرى بين السجدتين إعمالًا لحديث ابن عمر هنا يأتي أيضًا نصب اليمنى وافتراش اليسرى ولكن قد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقعي بين السجدتين، فماذا نفعل بهذا الحديث؟ أنرده بحديث ابن عمر السابق؛ لأن القاعدة ليس هو الإقعاء وإنما الافتراش فنقول كما قال كثير من أئمتنا المتقدمين من أهل الحديث أن الإقعاء بين السجدتين يفعل به أحيانًا مع التزام القاعدة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه.
والتنبيه الثاني المتعلق بالتورك: لقد لاحظت هنا وفي أمكنة أخرى أن الذين يتوركون ويحققون هذه السنة تفوتهم سنة أخرى تتعلق بكيفية التورك، هذه السنة هي أنه لا يضع كفه اليمنى على فخذه اليسرى وضعًا وإنما يلقم ركبته كفه تلقيمًا هكذا ثم يوسر يده، لا يضع هكذا. .. كما نجلس في الافتراش هو هكذا، في التورك ليس الأمر كذلك وإنما هكذا: الركبة نجعلها لقمة للكف اليسرى، ثم نوتر الساعد ونعتمد عليه، وهذا من تمام حكمة التشريع؛ لأن الذي يتورك لا سيما إذا كان حديث عهد بالتورك أو كان بدين الجسم مثلي يميل على صاحبه الذي على جنبه الأيمن فيضايقه، فجاءت هذه السنة ليقوم هذا المصلي ويستقيم في جلسته بسبب اعتماده على ساعده الأيمن وتلقيم الركبة بكفه اليسرى.
هذا ما أردت التذكير به، والذكرى تنفع المؤمنين بإذن الله تبارك وتعالى.
(أسئلة وفتاوى الإمارات - 6/ 00: 00: 37)