الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل بعضها مداره على روايات مجملة، وبعضها مجرد رأي واجتهاد! أما القبض والبسط؛ فالأول هو الثابت صراحة في حديث ابن عمر، وعبد الله ابن الزبير، ووائل بن حجر.
وأما البسط؛ فلم يصرح به في حديث ما، وحجة من ذهب إليه: أنه لم يذكر القبض بعض الصحابة في أحاديثهم، وهذا ليس بشيء؛ فإن أحاديث هؤلاء في هذه المسألة مجملة، وأحاديث أولئك مفصلة، والمفصل يقضي على المجمل -كما في الأصول تقرر-.
وأما وقت الرفع؛ فلم نجد في ذلك حديثاً يعينه ويحدده، فهو اجتهاد محض ليس عليه دليل.
وهذا بناء على أن السنة أن لا تحرك المُسَبِّحة من أول التشهد إلى آخره إلا عند التهليل. وليس كذلك -كما سيأتي-.
وأما وقت قبض الأصابع الأخرى؛ فالظاهر من الأحاديث المتقدمة أنه من أول التشهد؛ لأنها تقول: كان إذا جلس؛ وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها.
وليس لهذا الظاهر معارض؛ فوجب الأخذ به.
وأما اختلافهم في استمرار التحريك؛ فالصواب الذي لا شك فيه مع من أثبته؛ لأنه ثابت في حديث وائل بن حجر.
لكنهم اختلفوا أيضاً في صفته - كما سيأتي بيانه قريباً -.
[أصل صفة الصلاة (3/ 838)]
وضع الإبهام على الوسطى حال الإشارة والتحليق
قال الإمام في تلخيص الصفة فقرة 135، 136:
ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى تارة.
وتارة يُحلق بهما حلقة.
وقال في أصل الصفة:
وكان إذا أشار بإصبعه؛ وضع إبهامه على إصبعه الوسطى.
وتارة «كان يحلِّق بهما حلقة» .
وقد اختار صفة التحليق علماؤنا الحنفية، مع تجويزهم الصفة الأولى؛ عكس الشافعية - كما سبق- وقد قال البيهقي - بعد أن ساق الحديث -:«ونحن نجيزه، ونختار ما رويناه في حديث ابن عمر، ثم ما روينا في حديث ابن الزبير؛ لثبوت خبرهما، وقوة إسناده، ومزية رجاله، ورجاحتهم في الفضل على عاصم ابن كُلَيب» .
والحق: أنه لا تفضيل بين الصفتين؛ بل كل منهما سنة ينبغي العمل بكل منهما أحياناً.
وقد أشار إلى ذلك شارح «منية المصلي» ؛ حيث ذكر الصفتين بدون أن يرجح إحداهما على الأخرى؛ ولذلك قال الشيخ علي القاري «18» : «وهو يفيد التخيير بين نوعي الإشارة الثابتين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول حسن، وجمع مستحسن؛ فينبغي للسالك أن يأتي بأحدهما مرة وبالآخر أخرى؛ فإنه بالتحري أحرى» .
وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى.
وذهب ابن القيم في «زاد المعاد» «1/ 92» إلى أن حديث ابن عمر ووائل بن حُجْر مؤداهما إلى صفة واحدة، محاولاً في ذلك الجمع بين الروايات! وفيه بُعد؛ لتصريح وائل دون ابن عمر بالتحليق. والله أعلم.
[أصل صفة الصلاة (3/ 850)]