الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التجوّز في الصلاة لعارض
وكان يقول: «إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوّز في صلاتي؛ مما أعلم من شدة وَجْدِ أمه من بكائه» .
قوله: «الوجد» : قال النووي في شرح مسلم:
«الوجد» يطلق على الحزن، وعلى الحب أيضاً، وكلاهما سائغ هنا، والحزن أظهر؛ أي: من حزنها واشتغال قلبها به، وفيه دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع، ومراعاة مصلحتهم، وأن لا يدخل عليهم ما يشق عليهم؛ وإن كان يسيراً من غير ضرورة، وفيه جواز صلاة النساء مع الرجال في المسجد، وأن الصبي يجوز إدخاله المسجد، وإن كان الأولى تنزيه المسجد عمن لا يُؤْمَنُ منه حدث. اهـ.
[أصل صفة الصلاة (1/ 393)]
حكم إطالة الإمام الركوع إذا أحس بمأموم يريد إدراكه
قلت: هذا القول ذكره علماؤنا من قول أبي حنيفة، وأَوَّلوه بأنه أراد الشرك في العمل؛ لأن أول الركوع كان لله تعالى، وآخرَه للجائي.
قالوا: ولا يكفر؛ لأنه ما أراد التذلل والعبادة له، وقالوا بكراهة إطالة الركوع لإدراك الجائي؛ إن عرفه، وإلا؛ فلا بأس به؛ أي: إن تركه أفضل. لكن قال ابن عابدين في «حاشيته» «1/ 462» : «أقول: قصد الإعانة على إدراك الركعة مطلوب؛
فقد شرعت إطالة الركعة الأولى في الفجر اتفاقاً، وكذا في غيره على الخلاف؛ إعانةً للناس على إدراكها؛ لأنه وقت نوم
وغفلة - كما فهم الصحابة ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم. ونقل في «الحلية» عن عبد الله بن المبارك، وإسحاق، وإبراهيم، والثوري: أنه يستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات؛ ليدرك من خلفه الثلاث». اهـ.
فعلى هذا: إذا قصد إعانة الجائي؛ فهو أفضل، بعد أن لا يخطر بباله التودد إليه،
ولا الحياء منه ونحوه. ولهذا نقل في «المعراج» عن «الجامع» :
«لا ضير أنه مأجور؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى}» . ثم قال ابن عابدين: «قال الطحاوي: ويظهر أن من التقرب إطالة الإمام الركوع؛ لإدراك مكبر لو رفع الإمام رأسه قبل إدراكه، يظن أنه أدرك الركعة - كما يقع لكثير من العوام -، فيسلم مع الإمام بناءً على ظنه، ولا يتمكن الإمام من أمره بالإعادة أو الإتمام» .
[أصل صفة الصلاة (1/ 394)]