الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذكر بعد «فاتحة الكتاب» ما كان مِثلاً لها من القرآن، فإن كان رجل ليس في وسعه أن يتعلم شيئاً من القرآن؛ لعجز في طبعه، أو سوء حفظه، أو عجمة لسان، أو آفة تعرض له؛ كان أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير». اهـ.
[أصل صفة الصلاة (1/ 321)]
رد القول بعدم ركنية الفاتحة في الصلاة
السائل: ما رأيكم فيمن قال في قوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» أن المراد منه: لا صلاة تَامَّة بدليل قوله «من لم يقرأ بأُم الكتاب فصلاته خِداج» ومعنى خداج عنده «ناقصة» فخرج من ذلك بعدم ركنية الفاتحة في الصلاة؟
الشيخ: طبعاً هذا الجواب خطأ، وهو جواب حنفي؛ لأن هذا الجواب قائم على الفلسفة السابقة، بمعنى: لو كان الحديث عندهم متواتراً ما أجابوا بهذا الجواب، لكنهم بنوا هذا الجواب على أن الحديث حديث آحاد، وهو متواتر عند إمام المحدثين، وعندهم آية ما بيجوز تخصيصها بهذا الحديث، فالذين بيقولوا نحن لا نلغي الحديث من أصله، لكن نُؤَوله حتى لا يتصادم مع النص القرآني المقطوع به - عرفت كيف -؟
فهذا التأويل لا شك خطأ؛ لأننا سنقول كعبارة عربية «لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب» الأصل في «لا» أنها نافية، نافية لشيء أو لحقيقة الشيء، ليست هي موضوعة لنفي الكمال إلا لقرينة، فعندما أوَّلوا هذا التأويل؛ لأنهم ناظرين بالعين اليُمنى إلى قوله تعالى «فاقرؤوا ما تيسر من القرآن» .
على أن هذه الآية دليل لفرضيةِ القراءة، وهي ما تَيَسَّرَ، فلولا هذه الآية كان موقفه من الحديث غير ذاك الموقف، ولولا أن الحديث مع وجود الآية، لولا أن الحديث عندهم آحاد ولو كان متواتراً ما لجؤوا إلى مثل هذا التأويل.
أما الحديث «مَنْ لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصلاته خداج، فصلاته خداج، فصلاته خداج غير تمام» لكن هذا ليس دليل لهم؛ لأن التمام أو لِنَقُل عكس النقصان، قد يستلزم النقصان فقد الشيء من أصله، وقد يستلزم المحافظة عليه فقوله عليه السلام «فصلاته خداج» دليل إلى أن هذه الصلاة لا وجود لها ولا فائدة منها، أقرب إلى أن هذه الصلاة لها كيان ولها وجود، لكنها ناقصة.
أي: لا يصح تفسير الحديث على ضوء الحديث الآخر الذي نذكره في مناسبة أخرى، وهو قوله عليه السلام «إن الرجل ليصلي الصلاة ما يُكْتَبُ له منها عشرها تسعها
…
إلى أن قال عليه السلام نصفها».
هذا نَصٌّ صريح بأن الصلاة كاملة مقبولة، ولكن بدرجات متفاوتة، والحديث مع الدرجات المتفاوتة إللِّي بينصّ عليها في الوقت نفسه دليل أن هذه الصلاة مو باطلة.
هم يريدون أن يُفَسِّروا الخداج على هذا المعنى، هذا التفسير خطأ، ليش؛ لأنه في اللغة العربية يقولون أخدجت الناقة أي أسقطت جابت إيش؟ طلق.
فإذاً: الحديث على الأسلوب العربي يعني، ما يعني ظاهر الحديث الأول «لا صلاة» لكن مع ذلك اضطروا إلى هذا التأويل؛ للمُقَدِّمة السابقة: أن عندهم آية، والآية قطعية والحديث حديث آحاد، فإذاً: لا يجوز نحن أن نُخَصِّص عموم الآية بحديث الآحاد.
على أنا نحن عندنا جواب آخر نقول: سبحان الله! هم فلسفة عندهم، فلسفة أخرى تعلمناها بطبيعة الحال منهم، وهي أن العقيدة لا تثبت، وكذلك لا يجوز تقييد عموم القرآن إلا بنص قطعي الدلالة قطعي الثبوت، شرطان اثنان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة.
لكن هنا هم يُجَابَهون بحقيقة تُسْتَفاد من فلسفتهم الخاصة هذه، فيقال: لا يجوز أن تصرفوا حديث دلالته قطعية ولكن ثبوته غير قطعي، بآية قرآنية ثبوتها قطعي ولكن دلالتها ظنية غير قطعية.
فالآن هنا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} الدلالة ظنية ما هي دلالة قطعية، فلو كانت دلالتها قطعية لهم وجهة نظر أنه دلالة قطعية، نحن ما بنقدر نُخَصِّصها بعموم الحديث، لكن الحقيقة مو بس دلالة الآية مو قطعية، استدلالهم بالآية خطأ من الأصل؛ لأن معنى الآية اقرؤوا ما تيسر من القرآن فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، يعني الآية في وادٍ وهم في وادٍ أخر.
الآية موردها قيام صلاة الليل كم ركعة ما تيسر من القرآن، ما تيسر لكم من صلاة الليل.
هنا كما يقول العلماء: أطلق القرآن ما هو جزء، فاقرؤوا ما تيسر من القرآن، وأراد الكل وهي الصلاة مثاله قوله تعالى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أَقِم قرآن الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} أقم قرآن الفجر، أي صلاة الفجر إن قرآن الفجر أي صلاة الفجر كان مشهوداً، أَطْلَقَ الجزء وأراد الكل، أَطْلَقَ القراءة وأراد الصلاة.
كذلك قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} لا يعني القراءة الحقيقية، وإنما يعني الصلاة أطلق الجزء وأراد الكُلّ.
وهذا أسلوب عربي في بيان أهمية القراءة في الصلاة لِيُبَيّن أن القراءة في الصلاة ركن منها، وأنه إن لم يقرأ في الصلاة فليس له صلاة، بيرجع إلى الحديث «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» فإذاً: لا تَعَارُض بين الحديث وبين الآية؛ لأن مورد الحديث فيما يجب أن يقرأ الإنسان في كل ركعة، ومورد الآية التيسير على الناس إذا قاموا يصلون في الليل فيصلون ما تيسر لهم، كمثل الآية صلاة إيه؟ الفجر، وقرآن الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} فهذا أسلوب عربي يُطلق الجزء ويُريد الكل؛ لبيان أهمية الجزء، كما في قوله عليه السلام «الحج عرفة» ياتُرَى واحد راح ما سوَّى شيئاً غير وقف في عرفات؟ هذا ما حج، لكن الرسول أيش بيقول «الحج عرفة» أطلق الجزء وأراد الكل، لماذا ذكر الجزء؛ لأهميته.
ولذلك العلماء اتفقوا على أن الوقوف في عرفة ركن من أركان الحج، فمن لم