الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالإنسان لما يعرف حاله إنه لسه عم أيش؟ يمشي مشية الطفل الرضيع يومه، يطلع يختصر قفزه ويعرف حاله مجتهد أكبر، وإذا قيل له من أين لك هذا؟ يقول: هذا رأيي.
طيب، كل إنسان له رأي وله اجتهاد، هذه مصيبة الزمن، وهذا مصيبة تخص من ينتمون إلى العمل بالكتاب والسنة.
فنسأل الله عز وجل أن يُلْهِمنا رشدنا، وأن يُقَوِّم سلوكنا، وأن يُلْهِمنا العمل بالعلم الصحيح، الذي يستلزم أن نعرف طرق الوصول إلى العلم الصحيح.
(الهدى والنور/197/ 53: 31: 00)
وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع
مداخلة: يا شيخ سؤالي: أنا وجدت ابن حزم رحمه الله يقول: ويستحب للمصلي أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة في وقوفه كله، ومعلوم قبل الركوع يسمى وقوف لغوي، وكذلك بعد الركوع يسمى وقوف، فعلى هذا يكون ابن حزم رحمه الله يدل على القبض، ثم بعد أن انتهى ابن حزم رحمه الله من المسألة قال: نُقل هذا عن أحمد والشافعي وأبي حنيفة [فكلام] ابن حزم يدل على القبض بعد الركوع؟
الشيخ: هذا الكلام أخي ليس فيه دلالة على الوضع المتنازع فيه اليوم .. اليوم في عصرنا هذا، هذا الوضع لم يكن يومًا ما مشروعًا أبدًا، والدليل من كلام ابن حزم أنه يعني الوضع الذي أنت تفعله شاملًا الوضع بعد الركوع للأئمة لأبي حنيفة الشافعي، وهؤلاء لا يقولون بذلك، ولذلك يجب أن تفسر كلامه في كل قيام، أي: في كل ركعة، وليس هذا في القيام الأول، وإنما في القيام بالركعة الثانية .. في الركعة الثالثة والرابعة، فهو لا يعني الركعة الأولى فيها قيامان، هذا تحميل لكلام ابن حزم من المعنى ما لا يريده.
وهنا لا بد من أن نذكركم بأسلوب في فهم اللغة العربية: يقول العلماء: السياق والسباق من المقيدات، سباق الكلام وسياقه يقيد العموم الذي يتبادر من فصل من فصول هذا الكلام، فأنت لما تقرأ كلام ابن حزم: في كل قيام، ممكن أن تفهم منه في كل قيام، أي: ولو في القيام الثاني في الركعة الواحدة، لكن إذا تابعت كلامه حيث يعزو ذلك لأبي حنيفة والشافعي وهؤلاء لا يقولون بهذا القيام الثاني، فإذًا: كان سياق كلام ابن حزم دليلًا على أنه لم يعن هذا العموم الذي أنت تفهمه، ولولا ما يقال اليوم من شرعية القيام بعد رفع الرأس من الركوع لما ذهب وهلك أنت ولا غيرك إلى أن تفسر كلام ابن حزم بأنه أدخل فيها الوضع في القيام بعد الركوع، وإلا سياق الكلام كما قلنا صريح في عزوه إلى الأئمة، ولا أحد من الأئمة يقول بهذا الوضع إطلاقًا.
وختامًا: أنا أريد أن ألفت النظر إلى شيء هام جدًا، وفي اعتقادي أنه لو تنبه له لساعدنا على فهم بعض هذه المسائل التي يختلف فيها العلماء اليوم: كل نص عام يتضمن أجزاء كثيرة لم يثبت العمل بجزء من ذاك النص العام من السلف الصالح، فالعمل بهذا الجزء غير مشروع، هذا كلام أصولي، ولعله مفهوم ولكن المثال يوضح كما قال تعالى:{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21].
قبل المثال أريد أن أذكر شيئًا بين يديه: الغفلة عن هذه القاعدة الهامة هو السبب الأول في كثرة انتشار البدع بين المسلمين قديمًا وحديثًا، ونحن أهل السنة الحريصين على التمسك بالسنة دون زيادات وإضافات باسم البدعة الحسنة مثلًا نحارب تلك البدع مع أنها كلها أو على الأقل جلها لها أدلة من مثل هذه الأدلة العامة التي يستدل بعمومها على جزء من أجزاء الدليل العام مع أن العمل لم يجر في هذا الجزء من السلف، كذلك نحن ننكر على المبتدعة إحداثهم بدع كثيرة بحجة أنه - وهي حجة صادقة وصحيحة - لو كان خيرًا لسبقونا إليه، كل البدع نحن نضربها بهذه الجملة وهي له أصولها وقواعدها بلا شك: لو كان خيرًا لسبقونا إليه، لكننا لو تأملنا في هذه البدع التي ننكرها على المبتدعة لوجدنا لها أدلة عامة كثيرة وكثيرة جدًا، ليس فقط في السنة بل وفي القرآن الكريم، يعني مثلًا: خذ ما هو عندنا في عمان وفي الشام
من الزيادة بين يدي الأذان وفي الأذان .. بين يدي الأذان يسموه تذكير عندنا، يعني: آيات وصلاة على الرسول عليه السلام، أما بعد الأذان فهو صلاة على الرسول من المؤذن، نحن لا نتورع ولا نتردد في أن نقول: هذه بدعة، فهم يصدموننا بقوله تعالى .. تستنكرون الصلاة على الرسول والله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] هذا الدليل إذا أردنا أن ندرسه على ضوء علم أصول الفقه، ما هو؟ هذا استدلال بالنص العام؛ لأنه قال:{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] ما حدد مكانًا وإنما أطلق، إذًا: أهل البدعة وهذا مثال مرجعهم دائمًا وأبدًا في تأييدهم لبدعهم هو الاستدلال بدلالات الأدلة العامة التي لم يجر العمل بهذا الجزء الذي يستدلون عليه بالدليل العام، هذه نقطة مهمة جدًا، ولو أن أحدكم فكر دائمًا حينما ينكر بدعة. ..
لها أصلًا من هذه الأدلة العامة، ولهذا يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: أن البدعة تنقسم إلى قسمين:
بدعة حقيقة، وبدعة إضافية: البدعة الحقيقة هي التي ليس لها أصل في الكتاب والسنة مطلقًا، ويضرب على ذلك بعض الأمثلة كالقول بالجبر أن الإنسان مجبور، والقول بالإرجاء ونحو ذلك، ولا يهمنا التفصيل هنا.
البدعة الأخرى البدعة الإضافية، يقول: هي التي إذا نظرت إليها من زاوية أو من جانب وجدت لها أصلًا، وإذا نظرت إليها من زاوية أخرى لم تجد لها أصلًا فيقال حينذاك أن هذه بدعة.
أعود الآن لأضرب لكم مثلًا لم يجر بعد عمل المبتدعة عليه، لكن لو أن أحدهم فعل ذلك لوجد له دليلًا، وهذا الذي أريد أن ألفت نظركم إليه، نحن دائمًا ندخل المساجد لأداء الفرائض فنصلي السنة القبلية كل منا لوحده، فلو أن داخلًا زين له الشيطان، قال له: يا جماعة! لماذا نحن نتفرق بالسنة تعالوا نصلي جماعة، ويحتج بمثل قوله عليه السلام:«يد الله على الجماعة» هذه حجة .. حجة خاصة أو عامة؟ دلالة عامة طبعًا: «يد الله على الجماعة» وهذه جماعة، بل قد يحتج علينا بما هو أخص فيقول في الحديث: «صلاة الاثنين أفضل من صلاة المرء وحده، صلاة الثلاثة أزكى