الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السائل: حاصل الكلام أنه غير سنة.
الشيخ: هذا الذي أُريده منك، غرضي إذاً: أنه قد تحدث حوادث في هذا الزمن، فنحن لا ننظر إليه في هذا الزمن، ننظر في الأزمنة الماضية، في الأزمنة الماضية كان المسلمون مثلا ما يعرفون حسر الرأس والمشي في الطرقات، لكن اليوم هذا معروف.
فإذاً: نحن نُنْكِر هذا الحَسْر؛ لأنه لم يكن من أعمال المسلمين.
كذلك أيّ شيء يحدث في هذا العصر، إن لم يكن إحياءً لسنةٍ صريحة مضت، فنحن نرفضه مهما كان العامل فيه.
(الهدى والنور /181/ 00: 41: 00)
رد القول بوضع اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع
مداخلة: يا شيخ، أردنا أن تشرح القاعدة التي قال فيها الإمام ابن تيمية: كُلُّ عموم لم يَجْرِ عليه عمل السلف.
الشيخ: وأنا كنت بهذا الصدد بارك الله فيك، أنا كنت سأصل إلى هذه النتيجة هي.
مداخلة: نعم.
الشيخ: لأني لما ذكرت هذا الرجل الذي صار يُشِير مع كل تهليلة عشر أيضاً إشارات، هذا أخذ ذلك من هذا العموم، وأردت أن أقول: أخشى ما أخشى أنه يجيء يأخذ من عمومات أخرى بِدَعاً أخرى.
مثلاً: قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يستحيي من عبده إذا رفع يديه يدعوه، أن يَرُدُّهما خائبتين» .
ونحن نعلم أن في الصلاة أدعية بعضها قصيرة، وبعضها طويلة، دعاء مثلاً بين
السجدتين: رب اغفر لي وارحمني. .. إلى آخره.
ما رأيك أن واحداً يعمل بهذا الحديث، ويرفع يديه خاصة في التشهد الأخير، حيث هناك قال عليه السلام بعد الاستعاذة من أربع:«ثم لِيَتَخَيَّر من الدعاء ما شاء» .
إذاً: يدعو ويرفع يديه عملاً بذاك الحديث، هذا جهل بقاعدة علمية هامة جداً وهي: أن أيَّ نَصٍّ عام يتضمن أجزاء كثيرة، جزء من هذه الأجزاء يَدُل عليه النص العام، لكن لم يَجْرِ العمل على هذا الجزء، وهذه أمثلة أمامكم.
وألهمت يوماً ما بمثال، وما رأيكم؟ دخلنا المسجد، في صلاةٍ من الصلوات التي لها سنن قبلية صلاة الظهر مثلاً، كان في أربعة خمسة عشرة كل واحد انتحى ناحية يريد أن يصلي السنة، وواحد من الجماعة، من أمثال هؤلاء الذين ما يفقهون كيف تُفْهَم النصوص، قال: يا جماعة لماذا التَفَرُّق هذا؟ يد الله على الجماعة قال عليه السلام: دَعُونا نصلي جماعة، وأقوى دلالة من هذا الحديث:«صلاة الرجلين أزكى من صلاة الرجل وحده، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين» دعونا نصلي جماعة، بماذا نرد على هذا وهؤلاء وهؤلاء؟ بالكلمة التي يقولها علماء السلف: أي الذين فهموا مذهب السلف، وجروا على مذهب السلف، وهي:«لو كان خيراً لسبقونا إليه» .
أيُّ مثال تأخذه من الأمثلة هذه، يظهر لكم أن هذه الاستدلالات العامة لا قيمة لها أبداً، بل أنا أقول: أصل أكثر البدع التي نحارب الناس عليها، ناشئة من الأخذ بالعمومات، التي لم يَجْرِ العمل على بعض أجزائها.
فبدأت الزيادة على الأذان وعلى الإقامة، وبدأت الترقية بين يدي الخطيب يوم الجمعة الموجود في بعض المساجد.
فهذه كُلُّها لها أصل في الكتاب والسنة: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45].
{صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] أدلة عامة.
فأصل كل البدع إلا القليل منها: هو اللجوء إلى العمل بدليل عام، لم يَجْرِ عمل السلف عليه.
ولذلك: هذا البحث هذا العلم، الإنسان ليس بإمكانه مجرد ما يقرأ كتاب أنه يفهم، والله ما معنى هذا الحديث ما معنى ذاك الحديث، بِدّه إلمام بما كان عليه الرسول عليه السلام، وما كان عليه السلف الصالح.
وهذا لو تَحَقَّق يتطلب أمراً لا يخفى عليكم جميعاً، ألا وهو: أن يُمَيِّز بين ما صح وما لم يصح سواءً من السنة، أو من آثار السلف الصالح.
هذا يَجُرُّني إلى التذكير بأمر أختلف أنا مع بعض إخواننا السلفيين من المشايخ في الهند وغير الهند، الذي يضعون اليُمنى على اليسرى بعد رفع الرأس من الركوع، نفس الطريقة التي يلجأ هؤلاء في الأمثلة السابقة، هؤلاء وقعوا فيها مع الأسف الشديد ما في عندهم ولو حديث ضعيف ولو موضوع، أن الرسول كان إذا رفع رأسه من الركوع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، لكن من أين جاؤوا؟ جاؤوا من نصوص عامة.
مثلاً: «نحن معاشر الأنبياء أُمرنا بثلاث: بتعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليُمنى على اليسرى في الصلاة» .
يقول لك: هذا نص عام، لكن يا جماعة هل جرى فعل الرسول على هذا النص العام الذي أنتم فهمتموه؟ هل عَمِل به السلف؟ هل قال به أحد من الأئمة؟ أبداً لا أحد.
مداخلة: يجيب يا شيخ، اسمح لي: أنه هل ثبت أنه ما جرى عمل السلف على هذا؟
الشيخ: هذا السؤال نحن نُخَطِّئهم، ولا يستطيعون رداً.
نقول لهم: لو لم يأت الوضع في القيام الأول، ماذا كنتم تفعلون؟ هل تضعون من عند أنفسكم؟ طبعاً يقولون: لا؛ لأنه هذه هيئة لا يستطيعون أنهم يُشَرِّعوا
بعقولهم.
نحن نقول: مع هذا الأصل جيبوا لنا نص أن الرسول كان يضع في هذا القيام الثاني، حتى نمشي معكم، أما والله أنتم لازم تجيبوا دليلاً أن الرسول ما كان يفعل كذا، وهذا لو سمعهم المبتدعة اتخذوه سلاحاً ماضياً ضدهم، لماذا؟ والله زيادة على الأذان، بعد الصلاة على الرسول بعد الأذان، هذه بدعة، هات نص يا أخي أن الرسول نهى عنه، أو أنهم ما فعلوا ذلك؟ ! ما في عندنا أيَّ شيء بطبيعة الحال، لكن نحن نعرف الحياة التي كان عليها الرسول، والتي يُعَبِّر عنها بعض العلماء: أنه لو وَقَع لَنُقِل؛ لأنه هذه أمور تتوافر عليها الهمم لنقلها، مؤذن يؤذن كل يوم خمس مرات في خمس صلوات، ثم تمضي هذه القرون كلها، ولا تأتي رواية أن أحدهم كان يأتي بهذه الزيادة، هذا بلا شك يعني: افتراء محض.
وهكذا نحن نقول: كل القرون مضت، ولا أحد يقول من الأئمة المجتهدين سواءً كانوا الأربعة أو الأربعين أو الأربعمائة، لا نتعصب نحن لواحد دون الآخرين، ما أحد منهم يقول: بأنه هكذا من السنة أن نفعل.
فإذاً: الخطأ ينشأ من تسليط الفهم الخاص من إنسان بعد، في تعبيرنا السوري في الرقراق يعني: في الماء الفايش بعدما ماذا؟ أتقن السباحة وما يخوض ما يستطيع أن يخوض البحار، يجي يطلع لنا بهذه الآراء والأفكار.
ومرة جاءني طالب علم أعرفه، تَخَرَّج من الجامعة الإسلامية وهو تونسي الأصل، وكان في دمشق وتَعَرَّف عليَّ، وأنا الذي زَكّيته يومئذٍ فقبلوه طالباً في الجامعة، واستمر وتخرج الرجل، فأُرْسِل للدعوة إلى بلجيكا، زارني أظن منذ سنة أو سنتين في البيت صلينا المغرب، وهو باعتباره مسافر ومعه شخص جاء معه من بلجيكا أصله مغربي، لما صلى فإذا به يرفع أُصبعه بين السجدتين يرفع رأسه من السجدة الأولى، وهو يحرك أصبعه بين السجدتين.
كنت أنا قبل ما أشاهد هذه المشاهدة، أتي بهذا المثال أيضاً أقوله، يمكن أنت سمعته أكيد فإذا فوجئت وقع أمامي، بعدما سَلَّم ناقشته، قال: في حديث، قلنا له:
وين الحديث؟ قال: في مسند الإمام أحمد قلنا له: صحيح؟ قال: نعم. قلت له: يا حبيب هذا الحديث يُسَمّى عند علماء الحديث بالحديث الشاذ، وهو من أقسام الحديث الضعيف؛ لأنه نحن لما نُحَرِّك في التشهد عمدتنا حديث وائل بن حجر؟ قال:«نظرت إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جلس في التشهد وضع اليسرى على ركبته اليسرى واليمنى على ركبته اليمنى، وقبض أصابعه، وحَلَّق بالوسطى والإبهام ورفع سبابته، فرأيته يُحَرِّك ويدعو بها» .
هذا الحديث له طُرُق، هذه الطرق تلتقي عند شخص واحد هو عاصم بن كُلَيْب، وهو عن أبيه وهو عن وائل بن حجر ثلاثة أشخاص، تعددت الطرق تحته، كل الطرق تروي الحديث كما ذكرنا لكم إشارة في التشهد.
طريق واحدة شذت في «مسند الإمام أحمد» وفي «معجم الطبراني» وفي «مصنف عبد الرزاق» ومن طريقه تَلَقَّاه هؤلاء العلماء عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ذكر صفة الصلاة، فلما رفع رأسه من السجدة الأولى أشار بأصبعيه، ولما ذكر التشهد ما في إشارة.
هذا حديث شاذ حديث خطأ، ممكن نُسَمِّيه أيضاً أو نعتبره مثالاً بالحديث المقلوب؛ لأنه انقلب عليه الإشارة من التشهد إلى ما بين السجدتين.
هذا كله به قلت أنا آنفاً كلمة تَذْكُرونها قلنا: إنه لازم يُحيط بقدر الاستطاعة بالسنة التي كان عليها الرسول عليه السلام وآثار السلف الصالح، بشرط ماذا؟ تمييز الصحيح من الضعيف، وإلا وقع في البدعة من حيث لا يريد ولا يشعر.
وهذا هو المثال هذا عمل بالحديث، وموجود في مسند الإمام أحمد، لكن هذا حديث شاذ، من أين له أن يعرف هذا الحديث الشاذ كل طالب علم؟ هذا أمر مستحيل.
لذلك أنا أَعْتَبِر من الحِكَم البالغة ما يرويه بعض الصوفية خطأً حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» يروونه حديثاً لكن ليس بحديث، لكنه هو من الحكمة في مكان.